لا يختلف اثنان على أن الجزائر تحتوي على تراث ثقافي بالغ الأهمية، تراث مختلف الأشكال، كنوز مادية وغير مادية تحتويها كل منطقة من مناطق الجزائر، مواقع ومعالم أثرية وتاريخية إضافة إلى تراث ثقافي منقول تمثله تلك العادات والتقاليد … في الموضوع يجمع المختصون والمعنيون على إمكانية أن يصبح التراث ركيزة من ركائز التنمية المستدامة التي أصبحت حديث الخاص والعام في ظل العولمة، ولأن يصبح كذلك تقول الدكتورة فايزة رياش، أستاذة علم الآثار وحماية التراث بجامعة الجزائر ومديرة مركز الفنون والثقافة بقصر رياس البحر في حديث خصت به جريدة "الحياة العربية". ..لابد أولا من حفظه قالت رياش أن التراث هو مسؤولية الجميع يجب على كل القطاعات وخاصة الإعلام المساهمة في حفظه وصونه وتسويقه وتثمينه وترقيته، مثمنة المجهودات التي قامت بها الدولة الجزائرية لحماية الممتلك الثقافي عبر ترسانة قانونية هامة لحماية الممتلكات الثقافية المادية وغير المادية، قائلة أن هذه الترسانة القانونية تساهم بشكل كبير في حماية الممتلكات الثقافية، مشيرة لقانون 98-04 الخاص بحماية التراث، والمراسيم التنفيذية الكثيرة، إضافة إلى وضع خلايا مختصة لحماية هذا التراث كما نوهت بمجهودات الجمارك عبر الحدود لوقف التعدي على الممتلكات الثقافية. من أهم المساعي التي قامت بها وزارة الثقافة والفنون تقول فايزةرياش، هي تلك المهام التي أسندت للديوان الوطني لتسيير واستغلال الممتلكات الثقافية، ثم القانون الجديد الذي يسمح للمتاحف بكراء المساحات واستغلال الفضاءات الخاصة بالمواقع الأثرية، لتصبح بذلك مثل هذه الفضاءات مصدر هام لخلق أمولا معتبرة. ..العولمة خادمة للتراث ومن أجل تحسين الأداء السياحي لهذه المواقع، دعت رياش لضرورة استعمال اللغة الإنجليزية لحسن استقبال الوفود الأجنبية، واستغلال التكنولوجيات الحديثة واستغلال فضاء الانترنيت من خلال زيارات افتراضية لهذه المواقع من أجل جلب السياح نحوها، كما هو مهم جدا تضيف محدثتنا مرافقة الإعلام لكل النشاطات التي تقوم بها المؤسسات الثقافية. ..للفن دور في صونه وتسويقه طرق مختلفة نادى بها الكثير من المهتمين بالحفاظ وتثمين التراث الثقافي الجزائري العريق، وكان للفن دور أساسي في حمايته وتسويقه، على غرار مجالات الحرف اليدوية، الرسم والنحت والزخرفة، ناهيك عن الدور الكبير للمسرح والسينما والموسيقى تعريفا بعناصره وأشكاله، وما يتَّصل به من إيضاحات تلعب دوراً مؤثراً في نشر الوعي التراثي بين المشاهدين، وتعزِّز مكانة التراث اجتماعياً… ..روائع تَرافَق فيها إيقاع العزف العالمي بإيقاع المخيلة الشعبية يرى مدير المعهد الوطني العالي للموسيقى عبد القادر بوعزاره متحدثا ل"الحياة العربية" أن التراث الموسيقي الجزائري أصبح فنا عالميا بفضل تدوينه وتقديمه بالشكل الأكاديمي الذي تعتمده مختلف الأركسترات والفرق الموسيقية الدولية على الركح، مستطردا "نجتهد لتوظيف كل ما هو تراث عبر الموسيقى لإعطائه طابعا عالميا، لابد من تدوين الموسيقى الشفوية وتلقينها للطالب الذي هو بأمسّ الحاجة اليوم لتراثه وتدوين مختلف الطبوع الجزائرية لإعطاء الجزائري فرصة الاستمتاع بموسيقاه بطريقة أكاديمية ولعزفها بطريقة عالمية، هذه مهمة المعهد من أجل صنع تراثا عالميا". هنا أشار بوعزارة إلى تجربة الفنان الراحل شريف خدام رفقة الأوركسترا السيمفونية الوطنية التي سمحت لمختلف الفنانين الجزائريين بأدائها على الصعيد الدولي رفقة أوركسترات عالمية وهو ما ساهم في إيصال الفن الجزائري بمختلف طبوعه إلى العالمية.. كما هو الأمر بالنسبة لرائعة "حيزية"، "يما قوراية"، "صوت الأوراس"، "الهقار"، "قصور الجزائر" وقطع أخرى خلدت كلوحات فنية تعزف بأكبر القاعات والأوركسترات العالمية ، من قبل موسيقيين وعازفين جزائريين حرصوا على تدوين تراثنا في صفحات تاريخية والسفر بالثقافة الجزائرية نحو العالمية لتبقى راسخة في ذاكرة الإنسان عندما ينسى كل شيء.