سينما المقاومة ساهمت بناء الذاكرة والحفاظ عليهادعا وزير الثقافة والفنون زهير بللو إلى إعطاء دفعة وروحا جديدة للصناعة السينمائية لتتناسب مع حجم التحديات، وأن الجزائر سعتْ الى إيلاء قطاع السينما أولوية كبرى قصد النهوض بهذا المجال الحيوي بتوجيهات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون. لدى اشرافه على افتتاح الملتقى الدولي "السينما والذاكرة، أكد وزير الثقافة أن رئيس الجمهورية أمر بتشجيع كل المواهب والطاقات السينمائية في الجزائر، إلى جانب استقطاب الكفاءات من أبناء الجالية الوطنية في الخارج، مع إسداء توجيهات لتمويل الأعمال السينمائية إلى غاية 70 بالمائة من طرف الدولة عن طريق القروض البنكية، ومساعدة المختصّين على بناء استوديوهات تصوير، وتشييد مدن سينمائية وهو ما "سنلتزم بتجسيده على أرض الواقع لتدارك التأخر الذي عرفته السينما بعد أن كانت تعيش سنواتها الذهبية سابقا وتحصلت على جوائز عالمية وحظيت باحترام من كبريات المؤسسات السنيمائية في العالم، "، وأكد بللو على ضرورة العمل على دعم إنشاء مؤسسات للإنتاج السينمائي والمؤسسات القائمة، وإثراء المنظومة القانونية في مجال السمعي البصري والعمل على الحفاظ على الأفلام الكثيرة المنتَجة بترميمها، لتبقى السينما في خدمة الذاكرة الجماعية للأمة بما يعطي دفعا كبيرا للقطاع السينمائي بالجزائر. واعتبر الوزير أن الملتقى العلمي يتناول موضوعا على قدر كبير من الأهمية، نظرا لارتباطه بذاكرتنا، وأن السينما لعبت منذ ميلادها، في أواخر القرن التاسع عشر، دورًا بارزا في تشكيل الذاكرة والهوية الجماعية، بعد أن أضحى الحدث التاريخي حدثا معاصرا من خلال نفْخ الحياة في ثناياه بعدسات الكاميرا، وإعادة تمثيل مشاهده، عبر أفلام ترسخ لأحداث تاريخية ماضية متشعّبة في مضامينها، ومتباينة في مجالاتها ومختلفة في أنواعها فمن الدراما الاجتماعية إلى الدراما التاريخية التي ترصد ملاحم المعارك والحروب الكبرى، إلى الدراما التي ترصد مسار الشخصيات التاريخية والنضالية، إلى الأفلام الوثائقية وغيرها، ولا تخلوهذه الأنواع على جدتها من الفرجة والتسلية والكوميديا الساخرة مما يجذب المشاهد ويستدعي انتباهه واهتمامه. وختم الوزير يؤكد أن "سينما المقاومة لها الفضل الكبير، والأثر العميق في بناء الذاكرة والحفاظ عليها، وهي في حاجة ماسّة الى التثمين والترويج لأنّها تمثّل رصيدا وثائقيا في خدمة الوطن والمجتمع، وهي شاهدٌ عيانٌ على دعم القضايا العادلة في كل مكان في العالم، "يكفي أن نستذكر ما قام به روّاد السينما الثورية في دعم قضايا التحرر وإبراز صور التضامن العالمي مع القضايا العادلة وفي مقدّمتها قضية الشعب الفلسطيني والشعب الصحراوي، وإننا نعتبر أن الوطن مدين للرشاش والبندقية التي حررته بالأمس، وهو مدين أيضا للقلم، والريشة، والكاميرا التي شاركت بدورها في حرب التحرير، وهي اليوم تشارك بفعالية في أمن وطننا الثقافي والفكري" يشار أن مراسيم إفتتاح فعاليات الملتقى الدولي "السينما والذاكرة"، حضرها كل من رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم بوغالي ، ووزير المجاهدين وذوي الحقوق لعيد ربيقة ونور الدين بن براهم رئيس المرصد الوطني للمجتمع المدني، الى جانب نواب البرلمان بغرفتيه، وضيوف الجزائر المشاركين في الندوة إلى جانب نخبة من الباحثين الجزائريين المختصين في مجالات السينما والتاريخ. وعرف الافتتاح تنظيم معرض يبرز بعض الافلام السينمائية الثورية والتاريخية وبعض اجهزة وآلات التصوير المستعملة ابان الثورة، إلى جانب عرض شريط وثائقي حول تاريخ السينما الجزائرية وكذا تقديم مقاطع موسيقية لأبرز الأفلام التاريخية الجزائرية من أداء الجوق السيمفوني لأوبرا الجزائر. كما تم تنظيم محاضرة علمية من إلقاء الأستاذ أحمد بجاوي، تأتي ضمن نشاطات الملتقى الدولي الذي يهدف إلى مناقشة دور السينما في دعم المقاومة وقضايا التحرر، وتوثيق علاقتها بالذاكرة الجماعية للشعوب، وتم خلال ذات اليوم تكريم مجموعة من الأسماء الجزائرية البارزة في مجال السينما الثورية وكذا رواد الفيلم الثوري، وهم كل من المخرجين الراحلين عمار العسكري، الطاهر حناش وبن عمر بختي، إلى جانب تكريم خاص للمخرجين أحمد راشدي ورشيد بوشارب، وكذا الممثلة نادية طالبي، كما شمل التكريم عدد من السينمائيين الأجانب من أصدقاء الثورة التحريرية الذين دعموا بكاميراتهم وبمختلف وسائلهم الإبداعية نضال الشعب الجزائري وهم كل من المصور الصربي ستيبان لابيدوفيتش (يوغسلافيا سابقا)، المخرج الفرنسي روني فوتيه، المخرج الإيطالي جيلوبونتيكورفو، والمخرج الكوبي ميلتون ألبيرتودياز كانتر، ممن كانت أعمالهم السينمائية شاهدة على عدالة القضية الجزائرية ورسالتها التحررية إلى العالم. الملتقى المنظم في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى (70) لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة (1954-2024)، يتواصل على مدار ثلاثة أيام، سيتناول المشاركون عبر ست جلسات قضايا تتمحور أساسا حول دور السينما في بناء الوعي التحرري، وتجربة السينما الجزائرية أثناء وبعد الثورة، وإشكاليات تثمين وترويج الفيلم المقاوم، ومستقبل السينما في ظل التحولات الراهنة، كما ستبرز المداخلات دور السينما في تعزيز صور التضامن العالمي والدفاع عن الحقوق الإنسانية.