تناقلت العديد من الأوساط فكرة إدخال النساء إلى الملاعب في شكل حملات توعوية من أجل القضاء على عنف الملاعب الذي أضحى سمة المشجعين حيث كانت آخر انعكاسات هذا العنف هو مقتل هداف شبيبة القبائل الكاميروني الجنسية ايبوسي وقد باتت هذه الطاهرة تؤرق المجتمع الجزائري بكل شرائحه. مروى رمضاني بعد استنفاذ كل وسائل الردع قرر المسؤولون عن الرياضة في الجزائر إسقاط التجربة الأوروبية على الميادين الجزائرية فاستعانوا بالجنس الناعم والعائلات لإضفاء سمة حضارية على مباريات كرة القدم بما يعيد إلى الملاعب روحها الرياضية ورغم التوافد الذي عرفته الملاعب للعائلات إلا أن الجزائريون ما زالوا متحفظين على تردد نسائهم على ملاعب كرة القدم. باءت جميع محاولات قوات الأمن لبسط الاستقرار في ملاعب الكرة الجزائرية بالفشل ومعها عجز عناصر مكافحة الشغب عن فرض سيطرتهم رغم حضورهم المستمر في الملاعب أثناء وبعد المباريات حيث غالبا ما تختتم التظاهرات الكروية بكوارث وفضائح أثارت مشكلات كبرى. فقررت السلطات استبدال الطريقة الكلاسيكية في التعامل مع المشاغبين والاستعاضة عنها بإدخال العائلات والنساء إلى الملاعب للحد من الظاهرة . .. جزائريون ضد "فكرة النساء في الملاعب" وفتيات يستحسن المبادرة حليم البالغ من العمر25 سنة عبر عن رأيه في الموضوع لإذاعة صوت ألمانيا بالقول "أنا ضد هذه الفكرة كيف يتم إدخال العائلات للملاعب ؟ في الملعب لا نجد سوى السب والشتم ، وأنا شخصيا أرفض رفضا قاطعا أن أسمح بأن يدخل أي من أفراد عائلتي إلى الملعب و اعتقد أن الإجراء لن يحد من العنف بل سيزيده " وفي الوقت الذي يرفض فيه حليم فكرة وجود العائلات في مدرجات التشجيع يرى كريم وهو شاب في الثلاثينات أنها فكرة جيدة قائلا "أنا مع إدخال الشباب و الشابات إلى الملاعب فالاختلاط بالمدرجات سيمنع المشاغبين من التفوه بكلمات بذيئة سيكون صعب عليهم التفوه بالشتائم كما تجري العادة ومع ذالك اقترح فصل الفتيات عن الشباب بوضع كل من الجنسين في مدرج مغاير لأن جعلهما متقاربين سيزيد الأمر سوء". قالت إحدى الفتيات وهي مشجعة لفريق اتحاد العاصمة " أنا دخلت الملعب في عديد من المرات إلا أنني في كل مرة كنت اجلس في المنصة الشرفية خوفا من أن يتم ضربي أو شتمي إلا أنني فوجئت بان الشبان هناك عاملوني بكل احترام و أنا أشجع فكرة دخول الشابات إلى الملاعب كونهن الوحيدات القادرات على تأطير الملاعب من دون عنف و توقيف المهزلة التي تحدث في كل مرة بعد نهاية كل مباراة، كما أن الشباب يحتاج إلى توعية و ليس إلى ردع أمني لأن الملعب هو مكانهم الوحيد الذي يجدون فيه بعضا من الحرية للتعبير عن أرائهم أو حتى الترفيه عن أنفسهم". على غير العادة تجمع عدد من العائلات عند مدخل ملعب مصطفى تشاكير عائلات بالبليدة ورغم أنها ليست كثيرة إلا أنها أثبتت وجودها وكانت تنتظر للدخول إلى مدرجات الملعب لتشجيع الفريق الوطني في مباراته الأخيرة وقد عبرّن عن سعادتهن كونهن يدخلن الملعب دون أي مضايقات من الشباب الذين وقفوا وقفة انبهار وهم يرون النساء من حولهم يسعين لأخذ مكان لهن بجانبهم للتشجيع. . .. خبراء: العنف في الملاعب لا يردعه الحل الأمني تحدث الخبير الرياضي "منير واصل" عن التجربة التركية والأوربية في ردع شغب الملاعب ثم انتقل للحديث عن التجربة الجزائرية مشيرا إلى أن الجزائر تأخرت كثيرا في الحل وذكرا بمقتل هداف الشبيبة القبائلية ايبوسي و التي اعتبرها بمثابة القطرة التي أفاضت الكأس من خلال حديثه "أصبحنا نخاف أن ندخل الملعب ففي عام واحد فقط حدثت كوارث في ملاعبنا، وفاة مشجعين ، و أخرها ما جرى للاعب أجنبي بشكل جد حزين لذا فإن مبادرة تأطير ( حماية) الملاعب جاءت جد متأخرة و أتمنى أن تنجح خاصة وان الجزائر حاولت فيما مضى تطبيق الإجراء بوضع العائلات في مدرج خاص و باقي المشجعين في مدرج آخر إلا أن الأمر فشل و تحولت المبادرة إلى رشق بالحجارة" وواصل يقول " حتى تنجح المبادرة يجب إدماج العائلات مع المشجعين في مدرج واحد و من هذا المنطلق ستتوقف الشتائم وأعمال الشغب في الملاعب، كما انه يجب وضع بطاقة وطنية تعرّف المشجعين المشاغبين لمنعهم من دخول الملاعب كحل رادع للظاهرة في حد ذاتها، وفيما يخص المبادرة التي انطلقت فانا أشجع الشابات ليتواجدن بكثرة و اليوم ها قد تحققت وأنا أرى أنها ستكون ناجحة و دليل ذلك تواجدهن اليوم في الملعب و لم يتم تسجيل أي حالة عنف مثلما جرت العادة". .. الشرطة ستنسحب بشكل تدريجي من الملاعب و في الوقت الذي تم إدماج الشابات لحماية الملاعب، باشرت قوى الأمن الوطني في سحب أعوانها تدريجيا من الملاعب. من جهته كشف مدير خلية الإعلام و الاتصال بمديرية الأمن الوطني "جيلالي بودالية" أن مؤسسات الأمن الوطني كانت سباقة إلى هذه المبادرة فقد دعت جميع رؤساء الأندية إلى وضع جمعيات الأحياء و الشباب لتوقيف العنف في الملاعب و بدأت العملية من خلال إدخال العائلات حيث ستسحب مؤسسات الأمن جميع عناصر مكافحة الشغب حتى لا تتم مواجهة العنف بالعنف و ستقوم فقط بالمراقبة عن طريق كاميرات و شاشات مراقبة لوضع حد أو للتدخل حين وقوع أي حالة تجاوز.