شكّل حضور الروائي واسيني الأعرج حراكا ثقافيا بمشاركته في فعاليات الدورة الخامسة لجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي وخاض في قضايا تتعلق بالفن الروائي في العالم العربي. وتحدث واسيني عن المرويات الكبرى في التاريخ العربي، حيث أوضح أن "ألف ليلة وليلة" ضمّ مرويات غير عربية، ولكن العبقرية العربية استطاعت أن تجمع الحكايات وتكوّن منها كيانا مستقلا. وأضاف أن النص العربي لا يزال يحتاج إلى تراكم لأن "ألف ليلة وليلة" تأسست على تراكم ثقافي سيري وقصصي وحكائي وفلسفي كبير حتى استقرت في شكلها السردي. وحول تأثر الرواية العربية بالأدب الحديث واقترانها بالتقاليد الأوروبية، يرى صاحب "طوق الياسمين" أن الرواية العربية مرتبطة بعصر النهضة، ويبدو ذلك ممثلا في رواية "زينب"، وهو النص النموذجي المعبر عن نشأة السرد العربي الروائي. ويذهب واسيني إلى أن علاقة الرواية العربية مع الغرب بدأت مطلع القرن العشرين، وفتحت أعيننا على نموذج قصصي وروائي عالمي، وفي الوقت نفسه قطعت الصلة بيننا وبين الأشكال السردية العربية القديمة التي بدأت في القرن العاشر الميلادي وأنتجت نصوصا عالية القيمة. وأضاف أنه لا توجد كتابة أدبية خارج ميراث الإنسانية، مشيرا إلى أن السؤال الذي ينبغي أن يُطرح هو كيفية جعل المادة التراثية جزءا من النظام الروائي العربي. وعن روايته "نوار اللوز"، قال واسيني إنه استعاد ميراث السيرة وطريقة روايتها، وهكذا أخذ سيرة بني هلال وبنى عليها قصته، في حين أنه استعاد في روايته "الليلة السابعة بعد الألف" منطق "ألف ليلة وليلة" الداخلي، وكيف أن شهرزاد تروي حكاية ومن داخل الحكاية تنبثق حكاية أخرى. وحول عدم تأثره بالرواية الفرنسية وعلاقة ذلك بالاستعمار الذي عانت منه الجزائر، قال واسيني إنه فقد والده في الثورة الجزائرية سنة 1959، ورغم ذلك هو لا يحقد، بل يفرق بين الفرنسي والمستعمر الذي كان له مشروع "مستغل وإجرامي". وذهب الأعرج إلى أن الرواية الفرنسية فيها جفاف لا يناسبه في الكتابة، وأن اللغة العربية طبيعتها غنائية شعرية وتميل للتفاصيل، بينما تذهب الكتابة بالفرنسية مباشرة نحو الهدف. وعن مشاركته في الدورة الخامسة لجائزة الطيب صالح، أوضح واسيني أنه سعيد بهذه المشاركة لأنها سمحت له بلقاء مثقفين سودانيين وعرب، معتبرا أن هذه الجائزة تعيد إلى الواجهة شخصية كبيرة سودانية وعربية وإنسانية هي الطيب صالح.