عقوق الوالدين الذي ظهر وانتشر بكل الأشكال والأنواع ليدل على انحراف خطير في المجتمع عن شريعة الله التي جعلت رضا الله في رضا الوالدين كما جاء في الحديث رضا الرب في رضا الوالد والأم التي تحمل الابن في أحشائها تسعة أشهر والتي جعلت الجنة تحت أقدامها قال تعالى "وقل ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا". فالكل مدين لوالديه بكل التقدير والعرفان لما قدموه له في الحياة فهم أصل الوجود في هذه الدنيا وهم من سهروا على راحة ابنائهم دون ملل وانتظار فالوالدين هم المعنى الحقيقي للحب والعطاء ،و يا للآسف هنالك أباء و أمهات ابتلاهما الله بابن عاق ناكر للجميل حول بذلك حياتهم إلى كرب. .. دار العجزة.. الوجهة بدون نقاش ففي مجتمعنا اليوم أصبحت ظاهرة منتشرة بكثرة وكأنها صيحة من صيحات الموضة خاصة الوجهة التي يجدونها الحل الأنسب والأسهل في حل مشكلتهم ألا وهي دار العجزة حيث يجدون فيها الراحة و الأمان في زمن خانهم فيه أقرب الناس لهم، فهو مكان يستنكره الجميع لكنه واقع وحقيقة ناس ماتت ضمائرهم غير مبالين بجزائهم والسخط الذي يحل عليهم من عند الله ونسيانا لحقهما لما فيه من احتقار لأصالة الإنسان مع حث الشرع على برهما. فهذه الأخيرة وجدت الجو المناسب في بيتهم الثاني رغم نقص الدفء العائلي الذي يحتاجه الجميع و يجدون هناك من يطعمهم و يسهر على راحتهم. .. التنشئة غير السوية تؤدي إلى العقوق من بين الأسباب التي تؤدي إلى عقوق الوالدين والحقد عليهم وأخذ صورة سيئة خاصة عند مرحلة الطفولة التنشئة الأسرية غير السوية منذ الصغر مع استخدام العنف في التربية والتمييز بين الأولاد فهذا الذي يولد الحقد والكراهية في نفسية الطفل مما يؤثر سلبا على شخصيته، كذلك تعدد الزوجات وعدم العدل خاصة في الميراث الذي أصبح وباءا خطيرا ينخر في أجسام الناس، لنذهب إلى مشكل آخر وهو العنف الأسري وبالخصوص العنف ضد المرأة فضرب الأم أمام أولادها أمر رهيب لا يستعطون تحمله. .. عقوق الوالدين.. من أعظم الذنوب من بين الكبائر التي نهانا عنها الله سبحانه و تعالى ولعن صاحبها عقوق الوالدين فهي أعظم الذنوب لقوله صلى الله عليه و سلم "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين"، كما قال أيضا ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والديوث و الرجله. و كذلك من العقوق أن يتسبب الإنسان في الشتم لوالديه على سبيل المزاح وماذا عن الضرب بيده أو قدمه أو حذائه حتى أننا نصادف حالات كثيرة تتسبب في القتل أو جروح خطيرة من طرف أبنائهم خالي عيشة صاحبة ال 67 عاما القاطنة مع ابنها وبناتها الثلاث زوجها توفي منذ 10 سنوات وهم يتخبطون في فقر شديد وهي تعمل عاملة نظافة في إحدى العمارات تسرد لنا معاناتها اليومية مع ابنها العاق صاحب ال 26 عاما، وهو مدمن على تعاطي المخدرات وشرب الكحول فإذا استيقظ ولم يجد المال يشبعها ضربا مبرحا وعلامات الضرب بادية على جسمها هي وبناتها الثلاث الذي يريد تشويه سمعتهم المهم يأتون له بالمال ولا يدري من أين وإلا ستكون حرب دامية مما يضطر تدخل الجيران لمساعدتهم، وفي عديد من المرات يطردهما من المنزل الذي هو الشيء الوحيد الذي تركه لها زوجها يأويها مع أولادها ويهددها في كل مرة ببيعه ما يجبرها على أن تعطيه المال. وفي نفس الوقت وهي تحكي دموعها لم تتوقف قائلة بأنها لا تستطيع أن تودع شكوى ضده لدى مصالح الأمن لأنه فلذة كبدها ولديها ولد واحد وهي تردد في كل مرة "ربي يهديه". إلى حالة أخرى عمي أحمد الذي أصبح مقعدا نهارا وطريح الفراش ليلا صاحب ال 87 عاما هو على هذه الحالة منذ حوالي 7 سنوات يعاني من تهميش وسب وشتم من طرف ابنه الكبير الذي فعل المستحيل من أجله ليصبح رجلا. و أعطاه كل ماله و فضّله على إخوته لتنقلب الآية ويصبح عدوا له لا يزوره حتى وهم تحت سقف واحد بذلك يفضل عمي أحمد البقاء لوحده كي لا يسمع ما لا يرضيه مؤكدا لنا في قوله بأنه سيذهب إلى دار العجزة بنفسه قبل أن يأخذه ابنه و يكمل ما تبقى له من أيام من عمره وعيناه تتغرغران بالدموع قائلا لنا "هو كذلك لديه أولاد وسيأتي دوره". .. حكم العقوق في الإسلام أوصى الإسلام بالوالدين خيرا وحرم عقوقهما ورفع مكانتهما فمن يعق والديه ولا يبرهما فسيرى من الويلات الكثير في حياته من لعنة الله وغضبه عزوجل ويخرج من رحمة الله وجعل عقوق الوالدين من أبشع الجرائم التي يرتكبها الإنسان في حق والديه فله عقاب شديد عند الله تعالى و يعتبر من أشد المحرمات لما له أثار سلبية، والعكس صحيح الذي يبر بوالديه له أجر عظيم وكبير جدا و يكون من أحب الناس عنده و بالتالي ستنتشر سمعته الطيبة والعطرة بين الناس.