كانت لنا جولة في معقل الجماهير الاسبانية في “فان زون" ليلة الإثنين وصبيحة الثلاثاء وهو المكان الذي يتجمع فيه عادة أنصار المنتخبات المشاركة في الأورو على أن تتخذ جماهير كل منتخب جناحا معينا من هذا الشارع، وأول ما شدنا في معقل أنصار “المتادور" في مدينة “دونسك" أين لعبت إسبانيا الدور ربع النهائي وستلعب نصف النهائي أيضا.. هو الحضور المكثف لأنصار برشلونة من خلال الأعلام الصغيرة، الأوشحة والقمصان التي كانوا يرتدونها، إذ بدا لنا بأن جماهير البارصا التي تنقلت إلى أوكرانيا أكثر من جماهير بقية النوادي الإسبانية بما في ذلك أنصار ريال مدريد. تفاهم وهدوء لكن رائحة الخلاف المدريدي – الكتالوني موجودة كان أول ما حاولنا التركيز عليه خلال هذه الجولة التي قمنا بها هو قياس درجة الوئام والتضامن في مثل هذه المناسبات بين أنصار برشلونة وريال مدريد، والحقيقة التي وصلنا إليها لم تكن مفاجئة كثيرا بالنسبة لنا إذ اشتممنا رائحة الخلاف بين المعسكرين المدريدي والكتالوني منذ البداية، فلم نجد أي تجمع فيه أنصار البارصا والريال سويا بل وجدنا مدريديين مع أنصار فرق أخرى وكذلك الأمر بالنسبة ل الكتالونيين، لكن في جو ساده التفاهم والهدوء وحتى ترديد الأغاني الممجدة للمنتخب الإسباني ولاعبي المتادور سواء البرشلونيين منهم أو المدريديين تكون مشتركة وبصوت واحد وهي خالية من أي حساسية، لكن لا يوجد كتالوني يجالس مدريديا والعكس صحيح. الكتالونيون في الموعد ووجود بيبي يزيدهم هيجانا أما المفاجأة التي كانت بانتظارنا هي الحضور المكثف لأنصار البارصا، لأنه كانت لنا خلفية بأن الكتالونيين لا يشجعون المنتخب الاسباني بصفة عامة بسبب عدائهم التاريخي للملك وكل ما يرمز للحكومة الإسبانية، غير أن ما وقفنا عليه في “دونسك" جعلنا ندرك بأن شعار “كتالونيا ليست إسبانية"، أصبح من الماضي لأن هذا الجيل الذهبي ل«لاروخا" عرف كيف يوحد بين كل الإسبان على اختلاف مقاطعاتهم وتوجهاتهم السياسية، حيث أصبحت إسبانيا متحدة أكثر من أي وقت مضى منذ أورو 2008 قبل أن يزداد هذا التماسك بمناسبة كأس العالم 2010، وحتى الخلافات التي وقعت في الموسمين الأخيرين بين البارصا والريال لم تكن لتؤثر على وحدة الشعب الإسباني من جديد. مناصر برشلوني: “نحن هنا من أجل إسبانيا وليس من أجل سباعي البارصا" وفي أثناء هذه الجولة صادفنا مناصر كتالونيا يتكلم القليل من الإنجليزية والفرنسية فحاولنا أن نعرف منه سبب الحضور الكتالوني المكثف مقارنة بنظيره المدريدي فأجاب قائلا: “قد يتصور الكثيرون بأن حضور الكتالونيين كان من أجل لاعبي برشلونة السبعة، لكني أؤكد لكم بأن أغلبنا موجود هنا من أجل إسبانيا وكلنا نأمل بأن يرفع كاسياس كأس أوروبا للمرة الثانية"، وحول توقعاته لمواجهة إسبانيا – البرتغال رد علينا قائلا: “هدفنا القادم هو بيبي وليس ريال مدريد ويجب أن نفوز عليه هذه المرة، سنحاول أن نجعله يعيش نفس الحجيم الذي عاشه في كامب نو مؤخرا لأنه لاعب عنيف ويستفز الجميع، لا شك بأنكم لاحظتم كيف داس على قدم مدللنا ميسي". كريستيانو يقسم جماهير مدريد ويحدث فتنة أما جماهير ريال مدريد التي سجلت حضورها بأعداد لا بأس بها في دونسك، فإنها ستجد نفسها بين نارين خلال مواجهة البرتغال لأن كريستيانو رونالدو معشوقهم وصانع أفراحهم سيكون في الجهة المقابلة إلى جانب بيبي وكوينتراو، وهو ما جعل الكثيرين يتعاطفون معه ويقابلون أنصار البارصا بالتصفيرات لما يبدأ الكتالان في شتم كريستيانو وبيبي، وهو ما كاد أن يتسبب في فتنة بين المعسكرين لولا أن أغلبهم أناس كبار عقلاء، لاسيما وأن أغلب المدريديين أبدوا ولاءهم للوطن قبل كل شيء ولم يتدخلوا عندما كان أنصار البارصا يشتمون رونالدو لكن دون أن يشاركونهم في ذلك. مناصر مدريدي: “الكتالان يريدون تفادينا دائما لكننا كعائلة واحدة هنا" ومن مكان تجمعات أنصار برشلونة إلى نظرائهم من أنصار ريال مدريد، صادفنا أمين وهو جزائري مقيم في العاصمة الإسبانية منذ نعومة أظافره حسب ما رواه لنا، وقد سألناه عن سبب عدم جلوسهم مع الكتالان فرد قائلا: “الكتالان يريدون تفادي كل ما هو مدريدي دائما، هكذا هي طبيعتهم ولا يمكننا إجبارهم على مجالستنا، لكننا كعائلة واحدة هنا دون أي مشاكل أو حساسيات، فجميعنا يشجع المنتخب الإسباني وسنكون كرجل واحد يوم المباراة"، وعن مواجهتهم الخاصة لمدللهم كريستيانو فقد قال: “مصلحة الوطن فوق كل اعتبار ورونالدو نشجعه لما يرتد قميص الملكي فقط، لكن إذا فازوا علينا فما علينا إلا أن نهنئه ونتمنى فوزه بالكأس حتى يقصي ميسي نهائيا من سباق الكرة الذهبية". أنصار فالنسيا، بيتيس، سرقسطة وحتى قادش حاضرون هذا ولم يقتصر الحضور الإسباني على ريال مدريد وبرشلونة فقط بل تعداه إلى الفرق الأخرى في صورة فالنسيا، سرقسطة، نومانسيا، سانتاندير، بيتيس وحتى من أنصار الأندية المغمورة مثل قادش وبونفيرادينا، لكن قاسمهم المشترك كان اللونين الأحمر والأصفر والجميع كان يهتف بحياة كاسياس، تشافي، إنييستا، سيلفا والآخرون دون أن تجعلك الأجواء تشعر بأن كل مناصر قادم من مدينة معينة، هذا ويرتقب وصول أعداد أخرى من الجماهير الإسبانية نهار اليوم وأغلب الظن يشير بأنها ستكون أكثر من الجماهير البرتغالية التي لم تحضر بأعداد غفيرة، بدليل أننا كنا نادرا ما نصادف مناصرا برتغاليا في شوارع “دونسك" في الأيام الأخيرة. قمصان الموسم القادم حاضرة بقوة أما الميزة الأخرى التي وقفنا عليها هي أن معظم أنصار الأندية الإسبانية كانوا يرتدون القمصان الخاصة بالموسم الجديد إضافة إلى ألبسة وأوشحة المنتخب الإسباني طبعا، وكان القميص الأكثر حضورا من جانب جماهير برشلونة هو الرقم 10 الخاص ب ميسي وبدرجة أقل إنييستا وتشافي، أما أنصار الريال فقد كان أغلبهم يرتدي قميص رونالدو رغم أنه سيكون منافسهم القادم زيادة على ألونسو وراموس، لكن اللون الأحمر الخاص ب المتادور طغى على بقية الألوان.