عاد منتصف نهار أمس ثلاثي التحكيم الجزائري: بيشاري - مكنوس- بن عروس بالإضافة إلى الحكم الرابع حواسنية إلى أرض الوطن، بعد تجربة قاسية ومريرة عاشوها بمناسبة إدارتهم لمباراة الإياب من الدور السادس عشر من رابطة أبطال إفريقيا بين الزمالك المصري والإفريقي التونسي بملعب القاهرة، وهذا بعد أن اجتاح الآلاف من أنصار النادي المحلي أرضية الميدان وتوجّهوا إلى الحكام الجزائريين، في محاولة للاعتداء عليهم، وهي ما كانت لحظات خوف ورعب حقيقية، كما كشف هؤلاء للصحفيين الذين كانوا في استقبالهم أمس في مطار “هواري بومدين“. ورفض الحكم الرئيسي محمد بيشاري الإدلاء بحوار للصحافة الجزائرية بدعوى واجب التحفظ، واكتفى بالقول: “الحمد لله على سلامتنا، وهذا هو المهمّ“، بدعوى واجب التحفظ الذي تلزمه به “الكنفدرالية“ الإفريقية لكرة القدم، كما اكتفى بالتأكيد هو وبقية زملائه أن ما عاشوه في ملعب القاهرة سهرة السبت لم يروه في حياتهم من قبل. بيشاري يُؤكد أن حسام حسن دافع عنه، لكنه بعد أن تأكد من صحّة قراره وبعد أن ألححنا عليه بالحديث وبالسؤال حول دور المدرب حسام حسن في إثارة جمهور الزمالك على طاقم التحكيم الجزائري، ردّ الحكم بيشاري بأن حسام حسن كان له موقف مشرّف بعد اجتياح الجمهور وتوقيف المباراة، عندما سارع يركض نحوه في محاولة للدفاع عنه وحمايته، لكن الحكم الدولي شدّد على أن ذلك لم يتمّ حتى بعد أن تحقق الهداف السابق للمنتخب المصري من عدم شرعية الهدف الذي ألغاه مساعده بن عروس قبل ذلك بلحظات، والتي كانت الشرارة التي اندلعت لأجلها أعمال الشغب تلك “صحيح أن حسام حسن دافع عنا بعد توقيف المباراة، لكن هذا لم يتمّ حتى بعد أن تأكّد من صحة قرار مساعدي الذي ألغى هدفا لفريقه بداعي التسلل”، يقول بشاري الذي يدين لرجال الأمن المصريين ببقائه بعيدا من الاعتداءات التي طالت الحكم الرابع حواسنية، الذي رفض بالمقابل الحديث عمّا دار بينه وبين إبراهيم حسن بعد نهاية المرحلة الأولى، والذي بدا وكأنه قام بتهديده. ... ويُؤكد أنه أدار المباراة بنزاهة بشهادة وسائل الإعلام المصرية ووصف بيشاري لحظات اجتياح ميدان ملعب القاهرة من طرف الآلاف من أنصار الزمالك المتعصّبين ب “الصعبة والثقيلة جدا“، حيث شعر بالفعل أن حياته في خطر، وقال إن الحال استمرّ خلال توجّهه تحت حراسة أمنية مشدّدة إلى غرف تغيير الملابس أين قضى قرابة ساعة محتجزا هناك، قبل أن يعود إلى مقرّ إقامته في أحد الفنادق القريبة من المطار. وأكد محدّثنا أنه وجد صعوبة حقيقية في النوم وهو يسترجع تلك اللحظات العصيبة التي مرّ بها، ليستدرك ويقول إن المهم بالنسبة له أنه أدّى مباراة جيّدة وبنزاهة بشهادة وسائل الإعلام المصرية التي تابع برامجها تلك الليلة، والتي بالمناسبة حاولت الحصول على تصريحاته بعد المباراة، لكنه رفض القيام بأيّ مداخلة لديها. حواسنية يكشف أنه تلقى ضربات في الوجه وإذا كان بيشاري أكد أنه نجا من بطش “بلطجية” مشجّعي الزمالك رفقة مساعديه بن عروس ومكنوس، بفضل التدخل السريع لقوات الأمن ولو أنهم وجدوا صعوبات كبيرة في الالتحاق بغرف حفظ الملابس، حتى أن مكنوش حسبما علمناه ارتدى لباس الحماية المدنية من أجل الهروب من المتعصّبين، فإن الأمر المقابل اختلف بالنسبة للحكم الرابع فاروق حواسنية، الذي تلقى ضربات ولكمات في أنحاء مختلفة وبالخصوص على مستوى الوجه، قبل أن يحيط به رجال الأمن ويقوموا بحمايته إلى غاية غرف تغيير الملابس. وقد أكد حواسنية أن الوصول إلى نفق الملعب كان مهمّة في غاية التعقيد، وأن الأمور اختلطت أكثر عند الوصول إليه، بعد أن اندفعت أعداد غفيرة من المتعصّبين نحوه واختلط الحابل بالنابل. بن عروس خاف على حياته، لكنه لم يندم على قراره من جهته، وصف الحكم المساعد بن عروس التجربة التي عاشها في القاهرة بالقاسية جدا، حيث قال: “لقد خفت على حياتي وأنا أشاهد الآلاف من الأنصار يقتحمون الميدان، مشهد لم أره في حياتي، ومشهد مُخيف بالفعل، لكني لست نادما على قراري برفض هدف الزمالك لأنه جاء فعلا من وضعية تسلّل. الضغط كان شديدا، لكني لم أتأثر به”. كما أكد بن عروس أن عائلته سارعت للإتصال به للإطمئنان بعد أن تابعت المباراة على المباشر وكانت متخوّفة للغاية على مصيره، بعد المشاهد المُخيفة التي بثتها مختلف القنوات التي نقلت المباراة”. وتابع: “عائلتي سارعت إلى الاتصال بي مادام أن الجميع كان يشاهد المباراة على المباشر، باستثناء والدتي التي ترفض دائما متابعة المباريات التي أكون طرفا فيها، وطمأنتها على سلامتي”. وشدّد بن عروس أنه يبقى يحافظ على معنويات عالية وهو الذي يستعدّ للمشاركة في نهائيات أمم إفريقيا لأقلّ من 20 سنة المقرّرة في جنوب إفريقيا الشهر الجاري. عودية، مشرارة والسفارة اطمأنوا على حكامنا، وروراوة طلب عدم صبّ الزيت على النار وقد أشاد بن عروس بالدعم المعنوي الذي لقيه وزملاؤه من الرئيس محمد روراوة، الذي اتصل بالحكام الجزائريين وعمل على رفع معنوياتهم، والشيء نفسه بالنسبة لنائبه محمد مشرارة الذي اتصل بدوره، دون أن ينسى الجزائري أمين عودية لاعب الزمالك الذي زارهم في غرف الملابس. ورفض بيشاري الخوض في أيّ شيء يخصّ الإجراءات التي قام بها بعد المباراة وتقريره في الأحداث، وهو الأمر الذي يبدو أنه تمّ بقرارات فوقية من رئيس “الفاف” روراوة شخصيا، الذي تقول مصادرنا أنه أكد على الحكام الجزائريين بالتحفظ تماما وعدم التصريح ليس بسبب واجب التحفظ الذي تلزمه بهم “الكاف“، وإنما حتى لا تصبّ الزيت على النّار في علاقات مصرية – جزائرية تبقى هشّة للغاية.