سواء كانت لذيذة أو ذهبية اللون أو مالحة جدا، ففي بلجيكا تظل البطاطس المقلية أكلة وطنية يتم التعامل معها بالجدية المطلوبة. فالبلجيكيون الذين يشددون على أن نشأة البطاطس المقلية بالزيت لأول مرة كانت في بلدهم، خصصوا لها بالفعل المتحف الوحيد في العالم. ويحاولون منذ مدة الذهاب أبعد من ذلك في تمجيد هذا الطبق الوطني، عبر المطالبة بتسجيله كتراث ثقافي غير مادي لدى منظمة اليونيسكو. وقد أطلقت الفدرالية الوطنية لأصحاب محلات بيع البطاطس المقلية هذه المبادرة عبر تقديم أول ملف اعتراف إلى الحكومات المحلية التي استجابت إحداها، وهي منطقة الفلاندر، بتسجيلها الطبق الشهير في قائمة التراث غير المادي للإنسانية منذ نحو عام. وينتظر أن تقوم الحكومات المحلية الأخرى باتخاذ قرار مماثل، لأن "تقديم طلب لمنظمة اليونيسكو يجب أن يتم بعد اعتراف البلد كله بهذه الأكلة كجزء من التراث غير المادي للإنسانية". الفيدرالية الوطنية لمحال بيع البطاطس تحاول تسجيلها ضمن التراث العالمي(الجزيرة) دعم المواطنين ويؤكد هانز دوماير -من الفدرالية الوطنية لأصحاب محلات بيع البطاطس المقلية- في حديثه للجزيرة نت أن "الهدف سيتحقق قريبا"، فوفقا لوزير الزراعة رينيه كولين فإن المناطق المتبقية -وهي والوني وبروكسل والمجموعة الألمانية- على استعداد لاتخاذ قرار الاعتراف. وبالتوازي مع التحركات الرسمية، سعت الفدرالية الوطنية لأصحاب محلات بيع البطاطس المقلية هذا العام للحصول على دعم المواطنين البلجيكيين. وقد تم إطلاق عريضة بمناسبة أسبوع البطاطس المقلية، جمعت آلاف التواقيع لدعم طلب الاعتراف بهذه الأكلة باعتبارها جزءا من تراث الإنسانية. ويقول رئيس الفدرالية الوطنية لأصحاب محلات بين البطاطس المقلية برنارد لوفيفر للجزيرة نت "يجب علينا أن نضمن دعم جميع محبي هذه الأكلة في بلدنا وهم الأغلبية، فنحن جميعا ننتمي لثقافة البطاطس المقلية". طوابير طويلة أمام أشهر محل لبيع البطاطس المقلية في بروكسل (الجزيرة) أينما توجهت وعبّر جميع من التقتهم الجزيرة نت من مواطنين وأجانب من جنسيات مختلفة عن حبهم لهذه الأكلة، فالإيطالي أنجيلو يشدد على أن "العيش في بلجيكا يحولك إلى ملتهم للبطاطس المقلية لأنك تجد محلات بيعها أينما توجهت". أما المغربي مصطفى فيؤكد أن "تخصيص يوم في الأسبوع لتناول هذه الأكلة مع العائلة أصبح عادة لا يمكن تغييرها لتفادي غضب الصغار". وإذا تمكن البلجيكيون من إقناع اليونيسكو بضم البطاطس المقلية إلى التراث غير المادي للإنسانية فستضاف إلى مجموعة من الوجبات الأخرى الموجودة على هذه اللائحة الدولية والتي تضم أكلات فرنسية. ووفقا للفدرالية الوطنية لأصحاب محلات بيع البطاطس المقلية، فإن بلجيكا تضم خمسة آلاف من محال بيع هذه الأكلة، التي يذهب إليها أكثر من 90٪ من البلجيكيين مرة واحدة على الأقل في العام. وفي منطقة والوني جنوبي بلجيكا فقط، تستخدم محال بيع البطاطس المقلية نحو 130 ألف كيلوغرام من البطاطس. وتدعي بلجيكا أنها المنتج الأول في العالم للبطاطس المقلية، ففي عام 2011 تم تحويل 3.2 مليار كيلوغرام من البطاطس إلى بطاطس مقلية، وفقا لاتحاد الصناعات الغذائية. ويذكر الخبير في شؤون التغذية باتريك دو كوستير للجزيرة نت أنه "في عام 1850 بدأت البطاطس المقلية تشتهر في بلجيكا، بعد أن جعل مواطنون البطاطس بديلا عن السمك المقلي، الذي لم يعد متاحا حينها بسبب تجمد المياه، ولا يوجد تأكيد قاطع لمثل هذه الرواية، ولكن يوجد شبه اتفاق عليها". وأضاف، "المهم أنه بعد ذلك العام بدأت البطاطس المقلية بالانتشار في الاحتفالات الشعبية، وعرفت قبولا واسعا". وتمتلك بلجيكا نحو أربعين نوعا من أنواع البطاطس، ويحمل كل واحد منها اسما وتطهى بطريقة مختلفة.