نشرت : المصدر جريدة "الشروق" الخميس 29 يونيو 2017 12:07 تحوّل موقع فايس بوك للتواصل الاجتماعي، إلى منصة للترويج لرحلات الهجرة السرية عبر القوارب الصغيرة التي تمخر عباب البحر المتوسط، انطلاقا من شواطئ ولايتي عنابة والطارف، متسلِّلة إلى أوروبا من بوابة جزيرة سردينيا الإيطالية. فبعد انتشار ظاهرة الصفحات المشيدة والمُحتفية بنجاح رحلات المغامرة ووصول "الحرّاقة" بأمان، ظهرت صفحات تروّج علنا لتنظيم الرحلات. أعلنت صفحة فايسبوكية عن سعيها لتنظيم رحلة هجرة لم تعد سرّية، انطلاقا من أحد شواطئ الولاية، مقابل 15 مليون سنتيم. وأكد القائمون على الصفحة في آخر منشور لهم، أنه ينقُصهم فقط أربعة أشخاص ليكتمل العدد ويُحدّد تاريخ الرحلة بعد عيد الفطر المبارك! مع العلم أنّهم يعرضون صورة لمحرّك جديد، وقوارب.. ويتفاوضون مع زبائنهم المُرتقبين، فيما تعْرِض صفحات أخرى فيديوهات لفتيات على متن القوارب وسط البحر مع شباب.. في صورة تُحرّض على اتباع نفس الطريق، بما أنّ الحرقة لم تعد حكرا على الذكور فقط، بل إن الفتيات يمتلكن أيضا الشجاعة والجرأة لركوب البحر وسط كل تلك المخاطر في قوارب صغيرة هشة.. قال أحد الناشطين الحقوقيين، الذي عاين أحدها، في تصريح ل "الشروق "، إنها تصبح وسط البحر كالورق المقوى، وإنّها معرّضة للغرق، لكونها تُصنّع من خشب رديء. والمثير للدهشة، أن أصحاب هذه الصفحة وغيرها، يعرضون خدماتهم التي تندرج تحت إطار تهريب البشر، دون خوف من المساءلة القانونية، أو القبض عليهم، بل إنهم يتفاوضون على السعر ويردون على استفسارات الفضوليين أو الراغبين في خوض المغامرة، لاسيّما أنّ حمى الحرقة ارتفعت في ولايتي الطارف وعنابة مع ارتفاع درجات الحرارة في هذا الصيف الملتهب، إذ لا حديث يعلو فوق حديث الهجرة، أو بعبارة أصدق الحرقة، مع العلم أنّ الأسعار تتراوح ما بين 10 و15 مليون سنتيم لكل راكب. وتلقى هذه الظاهرة التي أصبحت تستغل وسائل التواصل الحديثة للترويج، استهجانا كبيرا، بالنظر إلى التداعيات الخطيرة التي أفرزتها على المجتمع، خاصة في ولاية عنابة التي تحصي مئات المفقودين والضحايا الذين قضوا نحبهم غرقا، بينما يعيش الأولياء في الأحياء التي تعد معقلا لشبكات تنظيم هذه الرحلات مثل حي سيبوس جوانو فيل، حالة من القلق والخوف الدائم على أبنائهم خشية الانسياق خلف أوهام الحلم الأوروبي الزائف والجنة الموعودة هناك، على اعتبار أنّ حجة الجميع هي البطالة والظروف الاجتماعية الصعبة في الجزائر، متناسين الواقع الأصعب الذي ينتظرهم في أوروبا وحياة التشرد هناك بغض النظر عن مخاطر الرحلة في حد ذاتها، حيث روى لنا شاب من المدينة القديمة بلاص دارم، تفاصيل مؤثرة عما حدث له مع رفقائه قبل أيام في شهر رمضان، إذ بدأ القارب في التفكك بعد إبحاره مسافة قصيرة نسبيا، ولحسن الحظ، فإن جميع من في القارب كانوا يحسنون السباحة لكنهم عانوا من إرهاق شديد قبل العودة إلى الشاطئ.