تزايد نشاط بارونات الحراقة في الأيام القليلة الأخيرة، وعرفت حركية عصابات الحرقة نموّا متسارعا ونشاطا غير عادي، في السرّ والعلانية، منذ عدّة أسابيع، عبر كلّ من عنابة، والطارف وحتّى سكيكدة. امتدّ نشاط بارونات الحراقة إلى غاية الشواطىء المعزولة على مستوى كلّ من تمنارت والشطّ ورأس بوقارون في سكيكدة غربا، وأخذت ظاهرة الحرقة تمتدّ وتتوسّع بشكل غريب نحو شواطىء أخرى بولاية الطارف شرقا، غير تلك التقليدية في شكل البطاح وغيرها، كما توسّعت الظاهرة بمدينة عنابة، وباتت تستقطب يوميا ناشطين ومتعاملين جدد وضحايا كثر، وتمكنّت وحدات البحرية الجزائرية على مستوى المحطة البحرية الرئيسية لحراس السواحل بمدينة عنابة، الجمعة، في توقيف 26 حراقا، تتراوح أعمارهم ما بين ال27 و28 سنة، على متن قاربين تقليدي الصنع وعلى بُعد مسافة 20 ميلا بحريا شمال منطقة رأس الحمراء. بينما تقول عديد المصادر بأنّه في الوقت ذاته التي كانت فيه وحدات البحرية تلاحق القاربين، كان قارب أخر يحمل 19 مهاجرا غير شرعي، ينحدرون من عدة ولايات شرقية يقطعون عباب البحر في حوض المتوسط قاصدين جزيرة سردينيا الايطالية، وتمكنوا من بلوغ الضفة الأخرى من المتوسط في ساعة مبكرّة من صباح أمس الجمعة، بحيث نشروا صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، والتي باتت تعجّ بمختلف الصور ومقاطع الفيديو للعشرات من الحراقة ورحلات الحرقة الناجحة، والتي يتمكّن أصحابها من بلوغ جزيرتي سردينيا وصقلية، ويعمد الكثير من الحراقة لتوثيق عملية الحرقة من مكان الانطلاقة إلى غاية موقع الوصول في مقاطع فيديو تنشر على صفحات الفايسبوك، الأمر الذي يدفع بالكثير من القوافل والجحافل من الشباب للمغامرة. فتحت هذه المقاطع المصورّة للعشرات من العمليات الناجحة في الأسابيع والأشهر الأخيرة الشهية للمئات من الشباب الذين شرعوا في التوافد على مدن عنابة والطارف وسكيكدة، تحضيرا لغزو حوض المتوسط باستعمال قوارب صيد تقليدية الصنع، أملا في الهروب من جحيم البطالة الخانقة والظروف الكارثية المزرية التي يعيشها الآلاف من الشباب بمختلف الأحياء والمدن الفقيرة عبر كثير من ولايات شرق البلاد، وتقول الكثير من المصادر بأنّه على الرغم من نجاح وحدات القوات البحرية في إفشال وإحباط نحو 20 محاولة للهجرة غير الشرعية انطلاقا من سواحل مدينتي عنابةوسكيكدة خلال الشهر الأخير. وعلى الرّغم من تعزيز هذه الأخيرة لوسائل المراقبة والملاحقة الأمنية في عرض البحر المتوسط باستعمال كاميرات المراقبة ذات التقنية العالية الجودة، وزوارق مزودة بمحركات قوية وسرعة مفرطة، إلا أنّ ذلك كلّه أدّى ببارونات الحرقة لاستعمال تقنيات المراوغة في عرض البحر، من خلال إنزال عدد كبير من قوارب الحراقة في أوقات متقاربة وعبر نقاط مختلفة، ممّا يشتّت انتباه وتركيز وحدات البحرية، ويسمح لأخرين بالوصول بينما يفشل بعضهم، وفي حال الفشل فإنّ العملية تتكرّر، لأنّ أغلب الموقوفين يتمّ تقديمهم أمام الجهات القضائيّة التّي غالبا ما تقوم بإطلاق سراحهم مقابل أحكام بالحبس غير النافذ أو غرامات مالية.
أوضاع جوية مواتية! وساهمت الأوضاع الجوية التي ميزت ربيع هذا العام في تزايد نشاط بارونات الحرقة التي باتت قواربها تصل شمال الجزائر بجنوب إيطاليا في شكل خطوط نقل بحري غير مقنّنة وغير معلنة، وسط حديث عن تحضير مكثّف مع مجيء شهر رمضان المبارك، إذ يتزايد نشاط بارونات الحراقة بشكل كبير، مستغلّين في ذلك مواقيت الإفطار والسّحور، قصد الإفلات من المراقبة على الرغم من تطبيق خطة المناوبة في عمل قوات البحرية وعناصر خفر السواحل، ويحضرّ المئات من الشباب المرشحين للحرقة نحو إيطاليا لتناول وجبة الإفطار على مستوى شواطىء واد بوقراط وعين بربر، وسيدي سالم والبطاح وحتى تمنارت والمرسى بسكيكدة، وتناول وجبة السحور في اليوم الموالي على مستوى شواطىء جزيرتي سردينيا وصقلية، ويعمد الكثير من هؤلاء لتحضير كميات كبيرة من التمر واللبن، وكذا وجبات تقليدية في شكل المسفوف بالزبيب والإقلاع مع أذان المغرب نحو حلمهم المنشود، والذي كثيرا ما ينتهي بكابوس مؤلم في عرض مياه المتوسط.