حفاوة الإستقبال التي حظي بها كل الوافدين على مطار جنيف كانت شبيهة بالحفاوة التي خصوا بها لدى وصولهم إلى مركز “كرانس مونتانا”، لأنّ الأعداد الغفيرة من الأنصار الذين عسكروا أمام فندق “ڤولف أند بالاس” كان يخصون أي لاعب بإستقبال حار على غرار ظهير “ليتشي” الأيسر جمال مصباح ومدافع وفاق سطيف عبد القادر العيفاوي اللذين حلا أمس بالمركز وحظيا باستقبال الأبطال لدى وصولهما. مصباح ذُهل وبقي يتفرّج فقط وإذا كان العيفاوي قد تعوّد نسبيا على هذه المظاهر بما أنه صار من أقدم العناصر، إلا أن مصباح بقي مذهولا لما شاهده وهو الذي كان يعتقد أن وصوله سيكون في هدوء دون أن يحدث ضجة أو يصنع حدثا وسط الأنصار أو رفاقه اللاعبين، ومفاجأته الأولى كانت لدى وصوله إلى جنيف وانتظاره من طرف جمع كبير من الأنصار أما مفاجأته الثانية كانت في انتظاره أمام المركز عندما وجد تلك الأعداد الغفيرة محتشدة أمام باب الفندق. أدهشوه ب “وان، تو، ثري فيفا لالجيري” وبقي مصباح لفترة من الزمن مذهولا ويتفرّج على ما صنعه الأنصار الذين راحوا يرددون أهازيج كان يكتفي بسماعها في التلفزيون فإذا به هذه المرة يسمعها على المباشر وعلى مقربة منه، واستمتع ب “وان، تو، ثري فيفا لالجيري” قبل إلتحاقه بالفندق لملاقاة رفاقه الجدد. مناصر تحدث معه بالإيطالية وقبلها كان الأنصار قد حققوا رغبتهم بالإقتراب من مصباح وإلتقاط صور للذكرى، وهي الرغبة التي حققها الوافد الجديد للجميع، كما أن أحد الأنصار أشعره وكأنه لا زال في إيطاليا عندما حدثه بالإيطالية (أكيد أن المناصر قدم من إيطاليا خصيصا من أجل المنتخب)، فما كان على مصباح إلا أن أجاب هذا المناصر باللغة ذاتها. شعبية العيفاوي أكبر من شعبيته في الجزائر وكانت الفرصة مواتية للمدافع العيفاوي كي يكتشف شعبيته الكبيرة في أوروبا، وهي الشعبية التي بدت لنا أكبر من الشعبية التي يحظى بها في أرض الوطن، حيث إلتف حوله الأنصار وكأنه وافد جديد وإلتقطوا معه كما هائلا من الصور التذكارية بل وهتفوا باسمه، وهو أمر من شأنه أن يشجع اللاعب الذي يطمح للتأكيد على إستحقاقه مكانة ضمن قائمة سعدان في المونديال. مصباح فور وصوله مطار جنيف:” لم أكن أنتظر هذا الإستقبال” فور وصول مصباح إلى مطار جنيف صباح أمس، قادما من ايطاليا، كان مبعوث “الهدّاف” هناك في انتظار وصول لاعبي المنتخب الوطني. وقد أكد مصباح أنه اندهش من الاستقبال الذي حظي به في جنيف. وكشف أنه سعيد للغاية لما شاهده ومتحمس كثيرا للتواجد مع المجموعة:” صراحة لم أكن أنتظر أن أستقبل بهذه الطريقة وأنا سعيد جدا بما شاهدته من حفاوة استقبال، صراحة أشعر بأشياء بداخلي تبعث في حماسا شديدا”. “لم أتحدث مع سعدان عن المنصب الذي سألعب فيه ويُمكنني شغل الرواق الايسر بالكامل” وعن سؤال عما إذا كان يعرف المنصب الذي سيلعب فيه والذي من أجله استقدمه سعدان، بما أنه لاعب متعدد المناصب، أجاب مصباح أنه لم يتحدّث مع سعدان في هذا الأمر، لكنه يعرف أن المدرب الوطني استقدمه بسبب ما يصنعه في فريقه “ليتشي” هذا الموسم، وهو ينشط في الرواق الأيسر. وقال:” صراحة لم أتحدّث مع سعدان عن المنصب الذي استدعاني من أجله، لكني أعرف أنه استدعاني نظرا لما أقدمه مع فريقي ليتشي هذا الموسم، وأنا أنشط هناك في الرواق الأيسر وأشغله من الدفاع الى الهجوم”. مصباح يُصرّح لحظة وصوله إلى المركز: “زياني أول من تحدثت معه وسأتحدث مع المدرب لاحقا” كان لنا حديث مع مصباح المدافع الأيسر للنادي الإيطالي “ليتشي” لحظة وصوله إلى جنيف، حيث أجرينا معه حوارا حول شعوره وهو يتأهب لإجراء أول تربص له مع المنتخب، كما كان لنا حديث آخر معه لحظة وصوله إلى المركز ب “كرانس مونتانا” أعرب لنا فيه عن السعادة الشديدة التي تغمره وهو يتقمص لأول مرة القميص الوطني، ليضيف قائلا: “وجدت كل الترحاب منذ وصولي حيث تحدثت مع زياني منذ قليل، كما أني إكتفيت بإلقاء التحية على المدرب الوطني على أن أحدثه في الساعات القليلة القادمة”، واستطرد قائلا: “منذ فترة طويلة وأنا أحلم بالتواجد مع المنتخب وها قد حققت رغبتي وحلمي، وبخصوص وضعية فريقي الذي لم يضمن الصعود بعد لدي الثقة في رفاقي كي ينجحوا في تحقيق هذا الهدف المنشود منذ إنطلاق الموسم، وأنا آسف على عدم مشاركتي معهم في المباريات الهامة التي تنتظرنا لأني لم أكن قادرا على تأخير إلتحاقي بالمنتخب ولو لثانية واحدة بعدما تم إستدعائي”. مبعوث “الهدّاف” إلى إيطاليا: أ. العكروت تم توديعه على طريقة الكبار... مصباح يُغادر “ليتشي“ بعبارة “In Bocca al lupo ai Mondiali كما كان متوقعا، كانت المباراة التي خاضها جمال مصباح أول أمس أمام نادي “سيزينا“ الأخيرة له معه ناديه “ليتشي“ هذا الموسم قبل أن يلتحق بتربص المنتخب الوطني المتواجد حاليا في تربص في سويسرا تحضيرا لكأس العالم المقبلة. وما لفت انتباهنا هي الطريقة الفريدة والمحترفة التي اعتمد عليها سكان مدينة “ليتشي“ لتوديع بطلهم، حيث تمنى الجميع له حظا موفقا واعتبروا تواجد لاعب من ناديهم في منتخب وطني يستعدّ لخوض غمار منافسة من حجم “المونديال“ يعني الكثير بالنسبة لهم. وغادر مصباح مدينة “ليتشي“ والكل يتمنى له حظا موفقا مع الجزائر في كأس العالم المقبلة بعبارة In bocca al lupo ai mondiali والتي تعني بالعربية “حظا موفقا في المونديال”. أهالي “ليتشي“ يحبّونه كثيرا ويصفونه ب ‘'''Un bravo regazzo ومما لا شك فيه، فإن مصباح خلّف وراءه انطباعا حسنا منذ أن وطأت قدماه هذه مدينة “ليتشي”، حيث أثنى كلّ اللاعبين على الأخلاق الحميدة التي يتمتع بها ابن قسنطينة، إذ لم يسبق له أن تسبّب في أي نوع من المشاكل، كما كان يقضي مختلف وقته بين التدريبات بين المنزل والملعب، الأمر الذي جعله يكبر كثيرا في نظرهم ويحظى بمعاملة جد خاصة من طرف الكثير منهم، ووصل الحد إلى استثنائه من الغضب في حال أيّ نتيجة سلبية يسجلها فريقه، ما يدلّ أكثر من أي وقت مضى على أن مصباح أضحى من بين الركائز الهامة في فريقه، ولا يتردّد الأنصار في القول إنه صديق جيد لأنصار “ليتشي“ (un bravo regazzo) باللغة الإيطالية، بالنظر إلى الأخلاق العالية التي يتميّز بها. مباراة “شيزينا“ كانت فرصة لأنصار “ليتشي“ لأجل توديعه وعلى ضوء هذا، قرّر أنصار “ليتشي“ تخصيص استقبال بطولي للاعبنا في لقاء أول أمس أمام نادي “شيزينا“، حيث كانوا يدركون أن ظهور مصباح كان الأخير مع فريقهم هذا الموسم، قبل أن يشدّ الرحال إلى جنيف. ووجد أنصار “الجيالو روسي” الفرصة لترديد شعارات ممجّدة ل مصباح في آخر لقاء، الأمر الذي كان بمثابة الفرصة من أجل أن يقدّم ابن قسنطينة كل ما لديه ليكون في مستوى تطلعات كل هؤلاء، بما أنه كان على موعد مع التنقل إلى جنيف بعد ذلك. الجمهور اهتزّ بعد أن ظهر إسم مصباح على الشاشة العملاقة أما اللقطة التي دلت على أن المكانة التي يحظى بها مصباح عند جماهير “ليتشي“، هي وقوف الجميع كرجل واحد عندما ظهرت صورة مصباح على الشاشة العملاقة للملعب، وردّدوا في وقت واحد رفقة المعلّق اسم ابن قسنطينة، الأمر الذي كان يدل على أن الجميع يعترف بالدور الكبير الذي كان لمصباح ومساهمته الفعلية في بقاء الفريق متصدّرا للبطولة منذ بدايتها. للتذكير، عرف الملعب حضورا جماهيريا قياسيا لأنصار ليتشي (ما يتجاوز ال40 ألف)، الذين كانوا يستعدون لإقامة الأفراح بعد أن ضمن فريقهم الصعود إلى القسم الأول، إلا أن الاحتفالات تأجلت إلى إشعار لاحق. مصباح: “هزيمتنا كانت ضربة موجعة” ونشط مصباح ندوة صحفية بعد أن تم إختياره من إدارة الفريق لتمثيل اللاعبين رفقة المدرب “دي كانيو“، حيث أعرب عن أسفه الشديد بعد الخسارة أمام “شيزينا“، واستهل كلامه بالتعبير عن أسفه للأنصار، وأوضح في هذا الشأن:”صراحة، لم نتوقع الخسارة، فبعد أن كنا متقدّمين في النتيجة بهدف دون رد، لم أعرف ما الذي أصابنا في الدقائق الأخيرة التي انهزمنا فيها، وصدقوني أني لا أجد الكلمات المناسبة للتعبير عن أسفي إلا أن أقول إن هزيمتنا كانت ضربة موجعة لنا ومن كل الجوانب. على العموم سألتحق بتربص منتخب بلدي وكلي ثقة في أن زملائي قادرون على ضمان الصعود فيما بقي من جولات”. “دي كانيو“ لم يستغرب إستدعاءه ل”الخضر” وفي الندوة ذاتها، تمنى المدرب “دي كانيو“ حظا موفقا للاعبه مصباح في “المونديال“ القادم، حيث اقترب منا بعد أن عرف أننا جزائريون، ومازحنا مبتسما بالقول إنه لا يجب أن نهتمّ بمصباح فقط، بل يجب تسليط الضوء على فريقه أيضا والنتائج التي يحققها، قبل أن يعود للحديث عن مصباح، حيث أشار إلى أنه لم يستغرب أن يكون في المنتخب الوطني بالنظر لكلّ ما قدمه في الوقت الراهن، كما أصر ّ على نقطة مهمة وهي أن مستوى مصباح سيعرف تطوّرا أكثر من الذي هو عليه الآن، شريطة أن يواصل على نفس النسق الذي يُعرف به حاليا، ما يدل على الثقة المتبادلة بين اللاعب ومدربه. الإعلاميون تمنّوا له حظا موفقا وبعد نهاية الندوة الصحفية، أثنى الصحفيون الإيطاليون كثيرا على اللاعب جمال مصباح واصفين إيّاه بصاحب الإمكانات الكبيرة والأخلاق العالية، وهي شهادة أتت لتُضاف إلى الكمّ الهائل من عبارات الثناء والتقدير التي عبّر من خلالها أنصار نادي “ليتشي“ عن إعجابهم الشديد بابن قسنطينة، قبل أن يتمنى جميع الإعلاميين حظا موفقا لمصباح مع المنتخب الجزائري في “المونديال“ القادم، الأمر الذي استحسنه مصباح كثيرا ورفع معنوياته بشكل كبير بالرغم من الهزيمة التي مني بها فريقه على ميدانه. إلتحق ب جنيف إنطلاقا من “برينديزي“ وبعد أن أخذ قسطا من الراحة واطمأن على الأهل وخاصة ابنته الوحيدة، التحق مصباح بمطار مدينة “برينديزي“ التي تبعد بحوالي 40 كلم عن “ليتشي“، حيث امتطى الطائرة المتوجهة إلى جنيف بعد أن ودّع أقاربه، ويكون قد حلّ بجنيف السويسرية على الساعة الواحدة وثلاثين دقيقة على أكثر تقدير. وسيندمج مصباح مع زملائه في المنتخب الوطني في أقرب فرصة ممكنة، خاصة أنه الحلم الذي طالما راوده منذ مدة طويلة. مصباح: “لا أصدّق أني سأحمل القميص الوطني وسأكون عند حسن ظن سعدان” بعد المباراة التي جمعت نادي “ليتشي” بفريق “شيزينا”، وبعد الندوة الصحفية، اقتربنا من مصباح لأخذ انطباعاته عن الهزيمة بالإضافة إلى التحاقه بالمنتخب الوطني الذي صنع الحدث في الآونة الأخيرة، كل ذلك في هذا الحوار القصير... يبدو أنك متأثر بالهزيمة التي مني بها فريقكم أمام “شيزينا“. وكيف تريدني أن لا أكون كذلك؟ خاصة وأن كل شيء كان يسير على أحسن ما يرام قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب. لكن تأثرك يبدو أكثر من زملائك. هذا صحيح، لأنها كانت آخر مباراة لي مع الفريق قبل أن التحق بالمنتخب الوطني في تربص سويسرا بعد ساعات من الآن (الحوار أجري بعد اللقاء)، وكنت أتمنى لو احتفلنا بالصعود اليوم قبل الغد وخاصة مع الحضور القياسي لأنصارنا، لكن خيبة الأمل كانت كبيرة، على العموم زملائي قادرون على فعلها في الجولتين الأخيرتين لأن نقطة واحدة تكفينا لضمان الصعود. وبماذا تفسر هذه الخسارة؟ هذه هي كرة القدم ولا يمكن أن ننسبها إلى اعتبارات أخرى، فأحيانا تعطيك دون حساب وفي أحيان أخرى تقسو عليك مثل جلاّد لا يرحم، لكن صعودنا أصبح شبه مؤكد طالما أنه تنقصنا نقطة واحدة لضمانه كما صرحت به سابقا وأنا متأكد بأن زملائي قادرون على الحصول عليها في المبارتين القادمتين، لكن الذي تأسفت عليه كما صرحت به سابقا، هو أن ملعبنا يمتلئ لأول مرة بتلك الأعداد الغفيرة، كما أن الجمهور كان يعلم بأنها آخر مباراة بالنسبة لي... لا أدري ما حصل لنا في نهاية المطاف. كيف ذلك؟ كل شيء كان يسير بشكل طبيعي قبل 8 دقائق عن نهاية اللقاء، حيث مررنا بلحظات استرخاء كلّفتنا هدفين قاتلين لم نستطع بعدها الاستفاقة من حجم الصدمة، وهو ما يفسر عجزنا عن الوصول إلى شباك المنافس لمعادلة النتيجة. ألم تكن محرجا بعد أن تم اختيارك ممثلا للاعبين في الندوة الصحفية؟ لم أكن محرجا على الإطلاق، واختياري ربما يعود إلى أنها المباراة الأخيرة لي في الموسم مع “ليتشي” قبل أن ألتحق بالمنتخب الوطني في تربص سويسرا، حيث نبت عن زملائي وقدمت تفسيرات عن أسباب الهزيمة أمام “شيزينا”. وما هو برنامجك الآن؟ سآخذ قسطا من الراحة، وفي صباح الغد (يقصد أمس) سأسلّم على الأهل وأتنقل إلى مطار “برانديزي” لأستقل الطائرة وأتنقل إلى جنيف بعدها، تريدون الصراحة، لا أستطيع أن أصدق بأني سأحمل الألوان الوطنية، حيث سأعمل جاهدا لأكون عند حسن ظن سعدان خلال التربص القادم بسويسرا.