فشل ذريع لشوارزنيغر وجورج ويا ونجاح باهر لروماريو وأردوغان لطالما قال الكثيرون أن الرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة، سواء تعلق ذلك بالشعبية أو النفوذ أو حتى الرفاهية المادية من جهة، أو خدمة مصالح شخصية وعامة باستغلال الشهرة التي غالبا ما كانت أقوى وذات صيت لدى الرياضيين مقارنة بالسياسيين، وأمام هذه المعطيات يتجلى بوضوح تقاطع النفوذ والشهرة والغنى لدى الكثير ممن تخطوا الأمرين معا، وسنحاول في هذا الإطار ذكر بعض الأمثلة عن مشاهير الرياضة في العالم الذين استغلوا الشهرة ومحبة الناس لهم كرياضيين ليتحولوا إلى مجال السياسة وفي مناصب عليا ومؤثرة. ============= أردوغان استغل كرة القدم للوصول إلى السلطة يعتبر رئيس وزراء تركيا الحالي رجب طيب أردوغان من رجال السياسة المشهورين في العالم العربي والإسلامي، حيث يحظى بشعبية جارفة خاصة لدى الشباب المنبهر من مواقفه السياسة المشرفة، لكن بداية هذا الرجل كانت مع كرة القدم التي كانت وراء منحه فرصة دخول عالم السياسة، إذ كان أردوغان لاعبا في فريق بلدية إسطنبول الذي ينشط حاليا في الدرجة الأولى التركية وكان ذلك في نهاية الستينات وبداية السبعينات، ولأن الأندية التركية لم تكن محترفة آنذاك فقد كان لا بد لهذا الشاب أن يبحث عن عمل، وهو ما توفر له عن طريق إدارة النادي التي وظفته في بلدية أسطنبول لتبدأ الرحلة مع السياسة. أصبح موظفا في البلدية وترك كرة القدم بسبب السياسة ومع مرور الوقت بدأ أردوغان في الانجذاب إلى السياسة خاصة وأنه كان يرى الأمور على حقيقتها في موقعه كموظف في البلدية، ليقرر اقتحام هذا المجال بانضمامه إلى حزب "السلامة الوطنية" المعتدل عام 1973، فتدرج في كل المسؤوليات حتى وصل إلى منصب الأمين العام للحزب سنة 1977، لكن الجيش التركي تدخل ومنع الأحزاب السياسية من الممارسة بداية من سنة 1980، ومع هذا تمكن أردوغان من العودة للساحة من جديد عن طريق حزب سياسي جديد أسسه هو شخصيا سنة 1983 وأطلق عليه تسمية حزب "الرفاه". أردوغان : "بسبب كرة القدم أصبحت سياسيا ناضجا" ولم يخف أردوغان الحديث عن هذه الحقائق في تاريخه مع الرياضة والسياسة، حيث اعترف أن كرة القدم مهدت له الطريق ليكون سياسيا ناجحا، وقال: "كنت ألعب كرة القدم بشكل هاو ولحين اختياري في منتخب شباب إسطنبول، ثم انتقلت بعد ذلك إلى فريق بلدية إسطنبول، وبفضل ذلك صرت موظفا في البلدية واستطعت اقتحام المجال الذي أعمل فيه الآن"، وأضاف: "كرة القدم علمتني أشياء كثيرة منها التفكير الجماعي والتعاون والعمل بروح الفريق، إن استطعتم العمل بروح الفريق عندها بإمكانكم الوصول للنجاح، وهو ما كان دائما في مخيلتي في مجال عملي السياسي". ========================= شوارزنيغر من بطل كمال الأجسام إلى حاكم ولاية كاليفورنيا ربما سيستغرب البعض حديثنا عن النجم السينمائي الشهير "أرنولد شوارزنيغر" في معرض تطرقنا لمشاهير الرياضة، لكن هذا الرجل الأمريكي الشهير كان قبل ذلك بطل العالم في رياضة كمال الأجسام، حيث حاز على أول ألقابه سنة 1965 وهو لم يبلغ بعد 19 سنة من عمره، لينطلق في رحلته مع هذه الرياضة المحبوبة جدا في الجزائر، حتى أصبح بطل العالم عام 1968 بل وحافظ على هذا اللقب في سبع سنوات متتالية، قبل أن يتفرغ بعدها لتأليف كتب عديدة عن هذه الرياضة موازاة مع ممارسته لها سنوات طويلة حتى سنة 1990، أين قرر دخول المعترك السياسي في واحد من أكبر الأحزاب السياسية في أمريكا. جورج بوش الأب استغل شهرته وضمه للحزب الجمهوري بعدما أصبح شوارزنيغر يفكر جديا في دخول عالم السياسة تقرب منه العديد من السياسيين في أمريكا، لا لشيء سوى لاستغلال شهرته الواسعة محليا ودوليا سواءً عن طريق الرياضة أو الفن، لكن بطل العالم في كمال الأجسام اختار أكبر حزب في البلاد (الحزب الجمهوري) والذي كان يترأسه حينها جورج بوش الأب، ليصبح شوارزنيغر أحد الأعضاء البارزين في الحزب رفقة جورج بوش الابن، قبل أن يدخل إلى عالم التسيير بعد أن منحه الرئيس الأمريكي (جورج بوش الأب) عام 1991 رئاسة مجلس اللياقة البدنية والرياضة في وزارة الرياضة الأمريكية. لقبه ب"كونان" الجمهوري وجهزه لمناصب عليا في البلاد وكان جورج بوش الأب يثق كثيرا في شوارزنيغر حيث كان يصطحبه في كل سفرياته وخطاباته المحلية، وقال في إحدى المرات أنه يعتبره "كونان" الحزب الجمهوري، لدرجة ذكائه وتحليه ببرودة أعصاب أمام مشاكل التسيير في الإدارة الأمريكية، لكن الشعب الأمريكي الذي عرف شوارزنيغر بطلا في الرياضة ظل يتساءل عن السر وراء المدح الشديد الذي يسمعونه عن بطلهم في كل مرة، قبل أن يكتشفوا أنه سيكون مرشحا لأحد المناصب الكبيرة في البلاد، وهو ما تم فعلا خاصة وأن شوارزنيغر كان يحظى بحب الناس في كل مكان بأمريكا. حكم كاليفورنيا لمدة 3 سنوات قبل أن يخرج بفضيحة أخلاقية وفي عام 2003 ومع وصول جورج بوش الابن لرئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، عاد شوارزنيغر للواجهة من الباب الواسع ودخل غمار الانتخابات على حكم مقاطعة كاليفورنيا عن الحزب الجمهوري، وتمكن من تحقيق نجاح باهر مستغلا الشهرة التي تميز بها لدى الأمريكيين، لكن التجربة لم تستمر سوى 3 سنوات من 2003 حتى صيف 2006 حين اضطر البطل العالمي في كمال الأجسام للاستقالة، بعد تورطه في قضية أخلاقية مدوية كان هو بطلها مع إحدى الفتيات التي أنجبت منه طفلا بطريقة غير شرعيه رغم أنه متزوج وأب لعدة أبناء. =============================== روماريو من دموع الاعتزال إلى البرلمان البرازيلي يعتبر النجم البرازيلي "روماريو دي سوزا فاريا" من أساطير كرة القدم البرازيلية على كثرتهم، حيث يعتبر الوحيد بعد الجوهرة السوداء بيلي الذي تمكن من تسجيل أكثر من 1000 هدف في مشواره الكروي، ورغم أنه اعتزل سنة 2009 فقط بدموعه الشهيرة، خاصة بعد أن رفض المدرب وزميله السابق دونغا اصطحابه لمونديال 2010 ولو كعضو شرفي، إلا أن روماريو تحول بسرعة إلى ميدان السياسة وبطريقة مفاجئة جدا مازالت تصنع الحدث في البرازيل إلى يومنا هذا، خصوصا وأنه شديد النقد حاليا للحكومة البرازيلية في كل المجالات سواءً الرياضية منها أو الاجتماعية والاقتصادية. الحزب الاشتراكي راهن على نجوميته ورشحه للبرلمان وكانت سنة 2010 نقطة تحول حقيقية للنجم العالمي حيث سارع إليه مسؤولين في الحزب الاشتراكي البرازيلي والذي يعتبر من أقوى الأحزاب في البرازيل، واقترحوا عليه الترشح عن قائمتهم للبرلمان في الانتخابات التي جرت في نفس السنة، وهو ما وافق عليه مهاجم "السيليساو" السابق، ليحقق نجاحا غير مسبوق بحصوله على 180 ألف صوت في ولاية ريو دي جانيرو، على اعتبار أنه يحظى بحب وثقة شديدتين لدى الشعب البرازيلي الذي لم يتمكن من التفريق بين روماريو السياسي والرياضي، لكنه فضل منح صوته لروماريو الذي أصبح عضوا بارزا في الكونغرس البرازيلي. أحدث بلبلة كبيرة وشهرته كادت أن تؤدي إلى أزمة سياسية في البرازيل وكانت بداية روماريو مع السياسة بدون مقدمات حيث وبمجرد أن وطأت قدماه مبنى البرلمان، حتى انطلق في انتقاد الحكومة البرازيلية علنا خاصة في المجال الاجتماعي والاقتصادي، ولأنه نجم فوق العادة نجح في لفت انتباه الشعب البرازيلي الذي سانده، وخرج في إحدى المرات في مسيرات كبيرة شارك فيها بنفسه تنديدا بخطة الحكومة الاقتصادية، وهو ما أدخل البلاد في أزمة كبيرة كادت أن تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، لولا تراجع روماريو ودعوته لمنح فرصة جديدة للحكومة لتصحيح خططها، لكن وبعد سنتين من القضية لم يتحسن شيء ومازال روماريو ينتقد كل شيء سواءً في الرياضة أو في القطاعات الأخرى. روماريو : "تخلصنا من تيكسيرا وعلينا فتح سجون جديدة" وفي هذا الإطار علق روماريو عن استقالة رئيس الاتحادية البرازيلية تيكسيرا مؤخرا بالقول: "لقد نجحنا في التخلص منه، علينا الاحتفال لأننا تخلصنا من ورم سرطاني أصاب الكرة البرازيلية منذ 23 عاما"، وهدد روماريو بمحاربة الفساد في البرازيل والذي انتشر في مشاريع مونديال 2014 قائلا: " كل الأمور متأخرة عن موعدها وفي بعض الأعمال يصل التأخر إلى نسبة 80 بالمئة، نفقات هذه البطولة ستزيد عن 55 مليار دولار، عندما يأتي موعد العمل النشط لإنقاذ الموقف سيسرق الجميع مبالغ طائلة، سيكون علينا فتح سجون جديدة من أجل استضافة بعض النزلاء". =================== بيبيتو اختار الحزب الخاطئ ففشل في الانتخابات زميل روماريو ورفيق دربه بيبيتو سار على نفس الطريق وانضم إلى الحزب العمالي الديمقراطي وترشح للانتخابات بغية الفوز بمقعد في البرلمان، لكنه لم يوفق في ذلك بسبب الحزب الذي اختاره حسب المراقبين في البرازيل، حيث لا يملك هذا الحزب شعبية كبيرة كما أنه لا يهتم سوى بفئة بسيطة من العمال، لكن بيبيتو لم يتوقف عن ممارسة السياسة ووعد بالعودة بقوة سنة 2014 التي ستعرف انتخابات برلمانية جديدة، علما أن روماريو نفسه اقترح بيبيتو ليكون في لجنة تنظيم مونديال 2014 وهو ما تم فعلا. تورام فضح الحزب اليساري في فرنسا وفضل النشاط الجمعوي وفي مثال آخر على تولي النجوم الرياضيين لأمور السياسة والتسيير الإدارية في السلطة، يظهر المدافع الفرنسي القوي ليليا تورام بطل أوروبا والعالم والذي يعتبر من أشد المدافعين عن حقوق الأقليات والإنسان وفاز بعدة جوائز تقديريه، وقد كان له العديد من المواقف المثيرة للجدل آخرها انتقاده لزميله لوران بلان مدرب منتخب فرنسا في قضية تخفيض نسبة اللاعبين الشبان من أصول غير فرنسية في المدارس الكروية، كما حاول الحزب اليساري في فرنسا استمالته لكن هذا الأخير فضح الأمر ورفض ذلك جملة وتفصيلا كاشفا أن الأمر يتعلق فقط بمحاولة استغلاله. شهرة جورج ويا لم تكن كافية ليرأس ليبيريا سنة 2005 من منا لا يتذكر ما فعله النجم الليبيري الأسطورة وأفضل لاعب في أوروبا والعالم في عام 1995، عندما كان لاعبا لعديد الأندية الأوروبية الكبيرة أبرزها ميلان الإيطالي، لكن وبعد نهاية مسيرته الكروية أصبح رمزا سياسيا وإنسانيا في بلاده، ليترشح لرئاسة ليبيريا عام 2005 لكنه لم ينجح وخسر الانتخابات بفارق بسيط عن منافسه ليتحول بعدها إلى عضو في مجلس الشعب الذي تم انتخابه فيه منذ نهاية الحرب الأهلية عام 2004، وكان ويا قد قال وقتها أنه راهن على شهرته في البلاد، لكن خوف الناس من محدودية قدراته الإدارية والعلمية جعلهم يفضلون منافسه، معربا عن تقبله لنتائج الانتخابات. بيلاردو فاز بكأس العالم ثم أسس حزبا سياسيا في الأرجنتين ومن الأمثلة البارزة في تحول الرياضيين المشهورين للعمل السياسي، كارلوس بيلاردو مدرب منتخب الأرجنتين الفائز ببطولة العالم عام 1986 ووصيف بطولة عام 1990، حيث يعتبر هذا المدرب طبييا وفي نفس الوقت إعلاميا بارزا في الأرجنتين قبل أن يؤسس حزبا شبابيا يشارك بفاعلية في الحياة السياسية الأرجنتينية لكنه يعاني من مشاكل كبيرة في التمويل، ورغم ذلك فهو يملك شعبية كبير (أي الحزب) لسبب واحد وهو أن رئيسه كان وراء آخر لقب عالمي لمنتخب "التانغو" ويحظى باحترام الناس لهذا الأمر. ========================= الرئيس الإيفواري حث دروغبا على اقتحام السياسة بعد الحرب الأهلية الطاحنة التي جرت في كوديفوار العام الماضي كان لنجوم الكرة في هذا البلد رأي في القضية لكنه لم يكن مؤثرا، حتى تحل المشكلة عن طريق التدخلات الأجنبية بقيادة فرنسا، وبعد تولي الرئيس الجديد الحسن واتارا قيادة البلاد قام بمناشدة لاعب تشيلزي ديديي دروغبا بمساعدته على لم شمل الشعب الإيفواري، على اعتبار أن دروغبا محبوب جدا في كوديفوار ويحظى بثقة الشعب والجماهير، وهو ما تم بعد ذلك حين زار لاعب "البلوز" بلده وقام بإلقاء خطاب سياسي من القصر الرئاسي في أبوجا، في محاولة للم شمل الشعب الذي انقسم إلى شطرين. شعبيته جعلته يفكر في دخول عالم السياسة بعد الاعتزال وحسب وسائل الإعلام الإيفوارية والفرنسية فإن ديديي دروغبا يفكر جديا في خوض تجربة في المجال السياسي بعد اعتزاله كرة القدم، حيث يرى لاعب تشيلزي أن شعبيته قد تسمح له بالفوز بأي انتخابات يخوضها في بلاده، وسبق للدولي الايفواري أن صرح قائلا: "على الشعب في بلدنا أن يعي أنه لا حياة إلا بالسلم، ونحن جميعا علينا أن نقوم بتقوية الاقتصاد المحلي لنخرج من أزمتنا"، وتابع: "يجب أن نتحد ونترك الخلافات جانبا"، وهذا في إشارة إلى ضرورة التفاف الشعب حول الرئيس الحسن واتارا. وللعرب تجاربهم أيضا عزيز درواز تجربة جزائرية رائدة، شوبير حاول وفشل، بلومي يجرّب وطارق ذياب يرفع المشعل رغم أن معظم تجارب الرياضيين العرب مع السياسة كانت فاشلة ومصحوبة بكثير من المشاكل الشخصية والعامة، إلا أن هذا لم يمنع الكثير من الوجوه إلى الولوج إلى عالم السياسة، وكان أهمهم وزير الشباب والرياضة الجزائري السابق عزيز درواز الذي كان مدربا في كرة اليد، وأيضا العداءة حسيبة بولمرقة التي حاولت اقتحام البرلمان، في حين لدى مصر العديد من التجارب ربما يبقى أكثرها جدلا تجربة الحارس السابق للمنتخب المصري شوبير في البرلمان، وصولا إلى تجربة النجم التونسي السابق طارق ذياب الذي يشغل حاليا منصب وزير الشباب والرياضة في تونس. درواز صنع الاستثناء كأول رياضي جزائري يصل للوزارة يعتبر الوزير الجزائري الأسبق عزيز درواز أفضل وأبرز مدرب في تاريخ كرة اليد الجزائرية، كيف لا وهو الذي قاد "الخضر" إلى التتويج بلقب كأس إفريقيا 5 مرات متتالية سنوات (1981، 1983، 1985، 1987، 1989)، فضلا عن كونه صاحب نظرية الدفاع المتقدم في كرة اليد قبل أن يستحدث عقوبة الدقيقتين المشهور في هذه الرياضة، هذه النجاحات الكبيرة والمتتالية لعزيز درواز جعلته يصل إلى مناصب عليا في المجال السياسي، حيث تم تعيينه كوزير للشباب والرياضة في الجزائر من سنة 1997 حتى 1999، قبل أن يضطر للمغادرة بفعل ضغوط وتصرفات من المحيط الرياضي الذي كثيرا ما عرقل مشاريع الوزير الجزائري. تعرض لضغوطات شديدة من زملائه الرياضيين ورغم الظرف الحساس الذي تولى فيه عزيز درواز المسؤولية كوزير للشباب والرياضة في الجزائر، إلا أنه حاول بشهادة العارفين تصليح الأمور في هيئته بعدما وصلت الرياضة الجزائرية إلى الحضيض، لكنه اصطدم بعراقيل وضغوطات شديدة من المحيط الرياضي، وفي تعليقه على ذلك أكد درواز في حوار مثير له مع "الهداف الدولي" (نُشر سابقا)، أن الرياضيين هم من كانوا وراء تلك الانتقادات الشديدة بل وكانوا أشرس المعارضين له، وهو ما دفعه للتساؤل عن سبب اقتصار المعارضة على الرياضيين فقط دون غيرهم من ألوان الطيف السياسي في الجزائر. درواز : "لهذه الأسباب يستطيع قدامى اللاعبين النجاح في السياسة" وفي إمكانية نجاح اللاعبين والرياضيين السابقين في المجال السياسي، أكد الوزير السابق عزيز درواز أن الأمر يتعلق أساسا بالإخلاص في العمل والتعلق بالوطن، وقال درواز: "إذا تولى بعض اللاعبين أو الرياضيين القدامى مسؤولية سياسية في الدولة، فعليهم أن يعملوا بنفس الطريقة التي كانوا يعملون بها في نواديهم، وذلك بوضع حب الوطن والإخلاص من أجل رفع رايته سبيلهم الوحيد"، ويقول المدرب الوطني الأسبق أن هذا العامل مهم جدا من أجل النجاح في الميدان السياسي لأنه لا يختلف كثيرا عن الميدان الرياضي في جوانب تشريف الوطن والعمل من أجل تقدمه للأفضل. "أنا مع دخول الرياضيين لدهاليز السياسية لكن بشروط" كما أكد عزيز درواز أنه يدعم فكرة اقتحام السياسية من طرف مشاهير الرياضة في الجزائر، معتبرا أن النجاح سيكون حليفهم إذا توفرت شروط أهمها الإلمام بالثقافة السياسية بالخصوص، والثقافة العامة حول المجتمع الجزائري وتطلعاته وغيرها من متطلبات المهمة، وقال درواز: "في الحقيقة الخبرة الميدانية كلاعب أو مدرب لن تكون كافية لمسك زمام الأمور في منصب سياسي مرموق في الإدارة الجزائرية، بل يجب أن يكون الرياضي ملم بالثقافة السياسية في البلد من كل الجوانب، إضافة إلى إطلاعه على التحديات الآنية وهي أمور ستكون نافعة جدا لكل من أراد خدمة بلاده في مجال السياسة والإدارة". ================= بلومي يترشح لدخول البرلمان المقبل ويراهن على مساعدة الرياضيين اسم آخر من أعلام كرة القدم الجزائرية قرر دخول عالم السياسة من أوسع الأبواب، ويتعلق الأمر بالنجم السابق لخضر بلومي الذي ترشح للانتخابات التشريعية القادمة من أجل دخول مبنى البرلمان، حيث لا يختلف اثنان في الجزائر على أن هذا اللاعب الكبير يحظى بمحبة الشعب الجزائري، وهو ما شجعه للتحول إلى السياسة بإلحاح أيضا من المواطنين في ولاية معسكر مثلما أكده لنا بلومي، ويرى البعض أن شهرة لاعب مولودية وهران السابق ستكون كفيلة بترجيح الكفة في الانتخابات، خاصة وأنه معروف بوطنيته واحتكاكه بالشعب الجزائري في كل الولايات. بلومي : "ترشحت بصفتي مواطن جزائري ولا أسعى لاستغلال شهرتي" وفي حديثه "للهداف الدولي" على قضيتنا المتعلقة باستغلال النجوم الرياضيين لشهرتهم لتحقيق مآرب سياسية، نفى لخضر بلومي النجم السابق "للخضر" ما يردده البعض عن استغلال اللاعبين القدامى لشهرتهم من أجل النجاح في الانتخابات، حيث أكد أنه لم يكن ليترشح لولا إلحاح سكان معسكر، وقال: "ترشحت من أجل خدمة وطني وولايتي ولم أفكر أبدا في استغلال شهرتي لتحقيق أي شيء أخر"، وتابع: "الناس تعرف بلومي لأني أحتك معهم يوميا وأعتبر نفسي مواطنا فقط أراد أن يخدم بلده، لا احتاج النفوذ الذي يتحدثون عنه لأني مرتاح حاليا ولا شيء ينقصني في حياتي اليومية". "لا أحتاج لشهادات عليا لأني أملك خبرة طويلة في الميدان" وفي رده عن سؤال تعلق بتأثير التحصيل الأكاديمي والعلمي على مسيرة أي سياسي، أكد بلومي أن الخبرة الكبيرة التي اكتسبها في الميدان تجعله غير محتاج لشهادات عليا، معتبرا أن الاحتكاك بالناس ومعرفة مشاغلهم أهم شيء في مهنته الجديدة، وقال: "صحيح أني رياضي ولاعب سابق لكني لا أعتقد أن ممارسة السياسة تتطلب شهادة عليا أو تحصيلا أكاديميا في هذا المجال، أنا ترشحت لأهداف معينة أهمها خدمة مصالح البلاد والعباد سواءً في الحياة الاجتماعية أو الرياضية، وتجربتي الطويلة مع المسيرين في حقبة الثمانيات تجعلني متأكد من قدرتي على النجاح رغم أن هذا الأمر يبقى مرتبطا بالعمل الجماعي". عصاد وبولمرقة.. قصتان مختلفتان في عالم السياسة لاعب آخر من الجيل الذهبي لكرة القدم الجزائرية حاول أن يقتحم مجال السياسة مبكرا، ويتعلق الأمر بمخترع "الغراف" صالح عصاد والذي كان قد انخرط في حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظور حاليا، كان قاب قوسين من تولي المسؤولية في بلدية القبة قبل أن يحدث ما هو معروف للجميع، من ناحيتها البطلة العالمية حسيبة بولمرقة والتي كانت ومازلت محبوبة لدى الجزائريين، حاولت دخول مبنى البرلمان قبل سنوات لكنها فشلت في مسعاها، وهذا لم يمنعها من أن تكون فاعلة جدا في النشاط الجمعوي خاصة وأنها معروفة بانتقاداتها اللاذعة للمسؤولين، مثلما فعلت بعد المشاركة السيئة للبعثة الجزائرية في دورة الألعاب العربية الأخيرة في قطر. ============================== الثورة التونسية أعادت تجربة درواز مع طارق ذياب يعتبر طارق ذياب من أشهر وأبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم التونسية، حيث كان لاعبا سابقا في الترجي الرياضي التونسي وسبق له وأن فاز بالكرة الذهبية الإفريقية سنة 1977، ورغم أنه صانع ألعاب من العيار الثقيل إلا أن طابعه المتمرد والغير قابل للمساومة أو الرضوخ جعله يمر بعدة عراقيل في مشواره، حيث تم إقصاؤه من المنتخب التونسي بعد أن عبر عن رأيه في إحدى القضايا الداخلية، ليقرر التوقف نهائيا عن ممارسة الكرة سنة 1990 ويتحول للعمل في قناة أرتي كمحلل رياضي ثم منها إلى الجزيرة الرياضية أين عمل لمدة 7 سنوات كمحلل قبل أن يغادرها في ديسمبر 2011. التحق بحركة النهضة وطرد من الترجي بعد رفضه مصافحة الوزير وكان أسطورة الكرة التونسية قد انضم إلى حركة النهضة الإسلامية في تونس والتي كانت تعاني من القمع في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، لكن طارق ذياب لم ينس كرة القدم وخاض تجربة التسيير في النوادي، حيث كان رئيسا لنادي جمعية أريانة قبل أن يصبح نائب الرئيس في النادي التونسي الكبير الترجي، لكن ولأنه معتاد على التمرد رفض ذياب مصافحة وزير الشباب والرياضة التونسي سنة 2008 خلال تسليم الكأس للترجي، وهو ما جعله يضطر للاستقالة بعد تعرضه لضغط شديد من إدارة الترجي التي أرغمته على ذلك. أطراف اتهمته باستغلال شهرته بعد الثورة وكان خبر تعيينه وزيرا للرياضة في تونس بمثابة المفاجأة حتى للتونسيين أنفسهم، حيث ومباشرة بعد التعيين انتقد عدد كبير من الرياضيين في تونس حركة النهضة التي قالوا أنها اختارت طارق ذياب لشغل هذا المنصب انطلاقا من شهرته ومحبة الناس له في تونس وليس من منطلق أنه مسير كفئ، لكن ورغم هذا تمكن طارق من تحمل الضغوط وانطلق في مهمته الجديدة كوزير للرياضة، بل وأصبح أكثر الوزراء الذين يلقون الاهتمام في تونس والوطن العربي، لا لشيء سوى لاكتشاف قدرة الرياضيين واللاعبين القدامى على تقديم الإضافة في المجال السياسي مثلما فعلوا في المجال الرياضي. ذياب : "النهضة لم تستغل شهرتي الرياضية وأنا فخور بها" وبعد تعيين طارق ذياب كوزير للرياضة في تونس خرج صانع الألعاب السابق ليؤكد لجميع المشككين أنه قادر على تولي المسؤولية رغم أنه مجرد لاعب سابق، كما فند قول بعض النقاد الذين اتهموا حزب النهضة الفائز في الانتخابات باستغلال شهرة ذياب ومحبة الناس إليه لكسب حقيبة وزارية جديدة، وقال: "أنا كنت دائما أصرح أني من أعضاء حركة النهضة وبالتالي هذا معروف ولا دخل له بالشهرة ولا بالاستغلال"، وتابع: "سأحاول محاربة الفساد وأنا متفائل جدا بقدرتي على ذلك، ولا أعتبر أن التسيير أمر بعيد عن الرياضيين السابقين". نادر السيد يخوض تجربة مماثلة لدرواز وذياب بعد الثورة المصرية وفي مصر التي شهدت بدورها ثورة شعبية أطاحت بالنظام السابق، برز اسم نادر السيد الحارس السابق للأهلي المصري والمنتخب الوطني كمرشح قوي في الانتخابات البرلمانية التي جرت في هذا البلد مؤخرا، حيث كان نادر قد ترشح على رأس قائمة حزب الوسط وأشارت كل التقارير إلى أن شعبيته الجارفة في مصر كحارس كبير وأسطوري ستفيده في مجاله السياسي، لكنه وفجأة فضل الانسحاب محتجا على ممارسات قال أنها غير شرعية في محافظة "الجيزة" التي ترشح فيها، لتنتهي على الأقل حاليا قصته مع المجال السياسي. شوبير سبقه للبرلمان، تحالف مع مبارك والمصريين طالبوا بمحاكمته وقبل نادر السيد كانت لمصر تجربة مماثلة من حارس أخر كبير للمنتخب المصري هو أحمد شوبير، والذي فاز بمقعد في البرلمان عام 2005 عن الحزب الوطني الذي كان يرأسه نجل الرئيس الأسبق حسني مبارك (جمال)، وكان هذا الأخير قد استغل شهرة شوبير وجلبه للحزب بل ورشحه على قائمته في محافظة "طنطا"، ليفوز الحارس السابق بمقعد غادره مكرها عام 2010 بعد أن تخلى عنه المصريون، الذين طالبوا بعد الثورة بمحاكمته على ما اقترفه من تزوير وألاعيب الحزب الوطني الذي كان يحكم في مصر. شوبير:"وصلت للبرلمان بالتزوير وأردت فقط خدمة مصالحي".. وبعد الثورة في مصر وقف الحارس السابق وقفة تاريخية أمام المصريين، حين اعترف في لقاء تلفزيوني بوصوله للبرلمان عن طريق التزوير، وقال: "نعم لقد وصلت للبرلمان بعدما حدث تزوير كبير أمامي، لقد أضافوا 5 آلاف صوت لصالحي في محافظة طنطا"، وأضاف: "أنا إعلامي ورياضي ولم تكن تهمني السياسة ولا أدري ماذا حصل، أردت فقط الحصول على ختم الحزب الوطني والبرلمان لأقضي مشاغلي بسهولة، هذا كل ما في الأمر"، وقد أحدثت هذه التصريحات ثورة عارمة في الأوساط الإعلامية المصرية التي طالبت بدورها بمحاكمة شوبير. أطراف تدعو الرياضيين لعدم تشويه سمعتهم في الحقل السياسي ومع الجدل الذي أحدثه كل هؤلاء الرياضيين سواءً عالميا أو عربيا ووطنيا، أكد بعض المراقبين أن الشعوب التي تحب نجوم الكرة والرياضة بصفة عامة، لا تريد أن ترى هؤلاء اللاعبين يخوضون في السياسة لسبب واحد وبسيط يتمثل أساسا في صعوبة الحقل السياسي، خاصة وأن الأمر متعلق بتسيير دولة ومصالح والتحكم في موارد شعب وتسييرها، وهو ما يفشل فيه العديد من الشخصيات المحنكة فما بالك بالرياضيين –على حد تعبيره-، وهو رأي يتطابق أساسا مع شخصيات رياضية هامة فشلت في هذا المجال في صورة بيلي البرازيلي. 76 بالمائة من قراء "الهداف الدولي" يعارضون الفكرة في استفتاء نظمته صفحة "الهداف الدولي" على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، عارض أكثر من 76 بالمائة من المصوتين فكرة تحول الرياضيين واللاعبين القدامى للمجال السياسي، لسبب يبدو أن الجميع اتفقوا عليه وهو ضرورة احتفاظ هؤلاء النجوم بصورتهم الرائعة وسمعتهم الطيبة في الشارع الجزائري، في حين ساند الفكرة فقط ما نسبته 4 بالمائة من مجموع الأصوات، أما النسبة الباقية فقد أكدت أن الأمر سيان بالنسبة لها واختارت الإجابة بعبارة "لا يهم". من إعداد: نسيم صديقي.