يبدو أن الكلام الذي قاله زلاتان إبراهيموفيتش عندما أمضى في باريس سان جرمان بصفة رسمية شهر أوت المنصرم عن أنه "حقق حلمه" بالإنضمام إلى النادي الفرنسي .. وأنه إتخذ قرار مغادرة ميلان "عن قناعة وبإرادته الحرة" كان مجرد كلام للإستهلاك فقط، فمنذ ذلك الحين والتقارير الصحفية تكشف مرارا وتكرارا أنه كان يجاهد من أجل البقاء في ملعب سان سيرو وإدارة الرئيس سيلفيو برليسكوني هي من تخلت عنه لأسباب مالية قاهرة، وهي الفرضية التي تأكدت بنسبة كبيرة على هامش تصريحات اللاعب السويدي أول أمس خلال مؤتمر صحفي عقده في ضواحي عاصمة بلاده "ستوكهولم" قبل أيام من لعبه لمبارتين مع المنتخب في إطار تصفيات كأس العالم 2014. قال بالحرف الواحد: "إذا أرادوني مجددا في ميلان فأنا هنا" وجاء في تصريح نجم الإنتير الأسبق لصحافة بلاده يوم أول أمس بالحرف الواحد: "ميلان فريق رائع، الناس هناك يحبونني كثيرا وكنت في غاية الإرتياح هناك، كنت أحس بنفسي وكأنني في بيتي"، وتابع: "إذا ما أرادوني مجددا في ميلان فأنا هنا (صحف أخرى ترجمت كلامه: إذا أرادوني فهم يعرفون أين يجدونني"، وهو كلام يؤكد ندم إبرا على مغادرته ل سان سيرو وذلك رغم وضعيته الرائعة في البياسجي على الصعيد الرياضي وكذلك من حيث الأجرة السنوية بما أنه يتقاضى 14.5 مليون أورو سنويا حسب التقارير مقابل 9 مليون فقط كان يتقاضاها في إقليم لامبارديا. غاتوزو، إينزاغي وبقية أعضاء ميلان أكدوا مرارا أنه رحل ضد إرادته وتأتي هذه الخرجة الإعلامية المفاجئة من اللاعب البالغ من العمر 31 سنة لتؤكد صحة أقوال مختلف لاعبي وإداريي ميلان بخصوص أنه رحل عن النادي ضد إرادته بعدما جاهد للبقاء فيه، ولم يذهب ل البياسجي سوى لكونه النادي الوحيد الذي أصر على ضمه رفقة زميله تياغو سيلفا ومقابل مبلغ مالي كبير، وللمعلومة فإن فيليبو إينزاغي وجينارو غاتوزو لاعبي الروسونيري في الموسم الماضي واللذان يملكان علاقات كبيرة مع إبرا أكدا في تصريحات صحفية سابقة رواية ذهاب صديقهم ل البياسجي مُكرها، وهو نفس الكلام الذي قاله أدريانو غالياني نائب رئيس النادي، حيث جاء في كلامه قبل فترة أن زلاتان كان يجاهد من أجل البقاء لكن أموال القطريين هي من صنعت الفارق. كلامه تزامن مع سخطه على رفقائه بعد كلاسيكو "لوام" وشكواه لأنشيلوتي والشيء الآخر الذي يمكن الإشارة إليه أيضا في هذه القضية، هو أن كلام زلاتان هذا أتى بعد أيام قليلة عن حادثة كلاسيكو مرسيليا، حيث أكدت الصحف الفرنسية أن اللاعب غضب كثيرا من أداء زملائه اللاعبين خاصة خافيير باستوري، ولم يفهم كيف أن رفقاءه كان أغلبهم خارج الإطار ولم يتمكنوا من قهر "لوام" الذي يفوقونه على جميع الأصعدة، وأضافت "لوباريزيان" في عددها ليوم أمس أن إبرا ومن شدة غضبه ذهب للإجتماع ب كارلو أنشيلوتي مدرب الفريق بعد الكلاسيكو وعبر له عن عدم رضاه تجاه زملائه الذين خيبوا ظنه كثيرا وأثبتوا وفق تفكيره أنهم ليسوا أهلا لرفع التحدي في المواعيد الكبرى. إدارة النادي الباريسي لم تتقبل خرجته وإتصلت به مباشرة ومن جهة أخرى، فإن حالة طوارئ شديدة حدثت في مقر النادي الباريسي ليلة أول أمس في أعقاب تصريحات هداف البطولة الفرنسية بتسعة أهداف من ثمان مباريات، والدليل تصريح ليوناردو المدير الرياضي لوكالة الأنباء الفرنسية أنه إتصل باللاعب المتواجد في السويد من أجل الإستفسار عن خرجته هذه، وهو دليل قاطع على أن كلامه عن رغبته في العودة إلى ميلان أثار حفيظة المشرفين على الفريق. لا تتسامح مع أيَ كان وما حدث ل لوغانو أفضل مثال ومخطئ من يظن أن أعضاء إدارة ل البياسجي سيمرون مرور الكرام على خرجة إبرا هذه، فقد برهنوا منذ مجيئهم إلى النادي في صيف العام الماضي أنهم جادون فعلا في مشروعهم الرياضي، وصرح ناصر الخليفي رفقة "ليو" مرارا وتكرارا بأن "من لا يكون مركزا ومندمجا 100 بالمئة في المشروع الرياضي للنادي الباريسي فلا مكان له في الفريق"، ومن ضحايا هذا الأمر هناك دييغو لوغانو المدافع الأوروغوياني الذي لم يقدم ولو ربع المستوى المأمول منه عند مجيئه، وزاد الطين بلة منذ تصريحه قبل أسابيع بأنه فضل البقاء في البياسجي لهذا الموسم لأسباب مالية بالدرجة الأولى، فمنذ ذلك الحين تم إبعاده من الفريق الأساسي والإحتياطي وصار يكتفي بالتدرب فقط في إنتظار رحيله شهر جانفي القادم. شخصيته صعبة وشخصية القطريين أصعب وللإشارة، فإن كل من يتابع هذا اللاعب منذ بداياته الكروية يعرف أن مزاجه متقلب، ففي برشلونة مثلا سجل بداية ممتازة في الأشهر الست الأولى قبل أن تنقلب الأمور رأسا على عقب بعد خلافه مع غوارديولا ويصر بعدها على الرحيل، وإضافة لذلك فإن إبرا معروف بأنه قاس في التعامل مع زملائه فوق الملعب وكثيرا ما يتلاسن معهم إذا لم يمرروا له الكرات التي يريدها، وكلها أمور إنعكست على مشواره الكروي، وفي المقابل فإن الملاك القطريين يملكون شخصية أصعب منه ومزاجا أكثر تقلبا وإزاحتهم للمدرب أونطوان كومبواري وهو في الرتبة الأولى شهر ديسمبر من العام الماضي أبسط مثال. حتى لافيتزي وسيلفا لم يقولا كلاما كهذا رغم تحسرهما على الماضي والجدير بالذكر هو أن إبرا ليس الوحيد الذي عبر عن ولائه لفريقه السابق من بين النجوم الجدد ل البياسجي، فقد سبقه كذلك كل من إيزكييل لافيتزي وتياغو سيلفا، حيث لا يفوت الأول فرصة شكر أنصار نابولي كلما أتيحت له الفرصة وذلك شيء منطقي بما أنه قضى أجمل مواسمه في الجنوب الإيطالي، أما الثاني فكان واضحا أن مجيئه ل باريس كان ضد إرادته بما أنه صرح قبل إمضائه بأيام أنه يحلم بتكرار سيناريو باريزي والبقاء مع الروسونيري لغاية الإعتزال، لكن الشيء الزائد بخصوص زلاتان هو أنه عبر صراحة عن إستعداده للعودة وتخطى الحدود كثيرا. هذه الحادثة قد تكون بداية لقبضة حديدية بينه وبين "البياسجي" وبالنظر إلى مسيرة زلاتان في الملاعب، يمكن القول أن هذه الحادثة هي الأولى فقط ومازالت هناك عدة خرجات غريبة منه، وهو أمر لن يعجب الملاك القطريين بكل تأكيد وسيجدون أنفسهم في قبضة حديدية مع واحد من أفضل المهاجمين في العالم، وفي هذا الصدد تعود للأذهان تصريحات جوناثان زيبينا لاعب تولوز حاليا وزميل إبرا في اليوفي ما بين 2004 و2006، حيث صرح بعد إمضاء السويدي في "البياسجي" مباشرة أن زميله السابق "سيمل البطولة الفرنسية بعد فترة" بما أنه متعود على مستوى أرفع بكثير، وربما هذا هو الشيء الذي بصدد الحدوث حاليا، في إنتظار مزيد من الوضوح خلال الأشهر القليلة القادمة. فوزي ب.