كان لنا لقاء مع وسط ميدان الإنتير أليساندرو مازولا، الذي تحصّل على عدة ألقاب مع فريقه الدائم الإنتير، حيث جمعنا به حديث شيق في المنطقة المخصصة للصحفيين، حيث قاسمناه وجبة المعكرونة التي كان يتناولها، وبابتسامة قبل الإجابة على أسئلتنا بصدر رحب. “في إيطاليا نمنع الأطفال ذوي 12 سنة من المراوغة ولهذا لم يعد لدينا موهوبون” “لا، إيطاليا ليست عنصرية، لكني لا أعرف لماذا لا يوجد لاعبون سود في المنتخب” ما رأيك في مستوى الدورة خلال الأدوار الأولى؟ لست راضيا عن المستوى المقدّم في المواجهات الأولى من المنافسة حيث لم نشاهد مستوى كرويا كبيرا وكل الفرق كانت متقاربة من الجانب التكتيكي والبدني حيث شاهدنا حضورا بدنيا للاعبين، لكن من حيث الجانب الفني ماعدا البرازيل والأرجنتين لم نشاهد مستوى كبيرا وهو ما يجعلني متحسّرا في بداية الدورة. وماذا عن إيطاليا؟ ليس هناك ما تشاهده في المنتخب الإيطالي، بالعكس ألمانيا قدمت مردودا فنيا مقبولا وممتعا حيث لم يسبق لي أن شاهدت هذه الطريقة في اللعب في المنتخب الألماني ماعدا جيل 74 إلى 82 الذي كان ممتازا فنيا أيضا. في عهد ليتبارسكي مثلا؟ نعم، لم يسبق أن شاهدنا منتخبا ممتعا فنيا مثل المنتخب الذي شارك في تلك الدورة التي عرفت تألق الألمان في كل الجوانب. ما هي العوامل التي ساعدت الألمان على تغيير طريقة لعبهم التي أصبحت فنية أكثر؟ أظن أن إدماج لاعبين قادمين من المهجر هو الذي سمح لهم بتحسين هذا الجانبن ويجب أن لا تفهمني خطأ لأنني أتحدث بالفرنسية رغم أنني لا أحسن التخاطب بها. لا أنت تحسن الحديث بالفرنسية واصل .. أريد القول إن هؤلاء اللاعبين ألمان بشكل مفروغ منه وهم مولودون في هذا البلد لكنهم من أصول إفريقية ويجب أن تفهمني جيدا حتى لا يقع إلتباس في كلامي. لكن هناك عدة لاعبين من أصول تركية في المنتخب الألماني، ما قولك؟ صحيح، أنا أتحدث عن الفنيات الإفريقية التي ساعدت على تحسين الجانب الفني لهذا المنتخب، لقد احتك اللاعبون الشبان بالأفارقة في الفئات الشبانية وهو ما أصابهم بهذه العدوى حيث أخذوا أفضل ما عند الأفارقة الذين يعتبرون الأفضل فنيا مقارنة بالأوروبيين وما عليك إلا متابعة من يصنع الفرجة في الأندية الأوروبية. هل يمكن القول إن المدرب ليبي هو الذي رفض ضم لاعبين من أصول إفريقية على غرار بالوتيلي وكان ذلك سبب نقص اللعب الفني عند منتخب إيطاليا؟ لا، بالوتيلي لا يزال شابا ولا يمكنه لعب المونديال في هذا السن، لكن كان على ليبي أن يستقدم لاعبا مثل كاسانو الذي يملك الخبرة والفنيات اللازمة وهناك أيضا توتي الذي يملك الفنيات اللازمة لكنه يعاني من نقص في الجانب البدني. لنتحدّث عن اللاعبين الأفارقة السيّد مازولا، لماذا لا يوجد لاعبون في المنتخب الإيطالي ؟ صراحة لا أعرف لماذا. بالرّغم من أنّ هناك عدّة لاعبين سود ينشطون في الفئات الشبّانية، غير أنّهم لم يتمكنوا من التوصل إلى المستوي العالي. أنّه شيء غير مفهوم بالنّسبة إليّ. ألا يتعلق الأمر بقضية عنصرية ؟ لا لا، أبدا. الإيطاليون ليسوا عنصريين، الأمر بعيد تماما عن العنصرية. غير أنّي لا أعرف لماذا لا يوجد لاعبون سود ضمن المنتخب الإيطالي. ما الشيء الذي لم يمش في المنتخب الإيطالي بطل العالم والذي خرج من المونديال من الدّور الأوّل؟ أعتقد أوّلا أن تحضير المنتخب كان سيّئا. لاحظت أيضا نقصا على المستوى الفني والبدني. لم أتقبل أن يكون منتخب نيوزلندا أفضل منّا بدنيا. اللاعبون الايطاليون لم يقدّموا شيئا في هذه المباراة، لقد كان المنتخب النيوزلندي أفضل منهم بكثير من النّاحية البدنية. ألا ترى أنّ المدرّب “ليبي” يتحمّل بدوره مسؤولية الإقصاء ؟ تعلم أنّه إذا لم تكن تملك لاعبين في المستوى، حتى وإن كنت مدرّبا كبيرا لا يمكنك الذّهاب بعيدا أبدا في كأس العالم، وهذا ما حدث مع المنتخب الإيطالي لأنّ اللاعب هو الذي يحدث الفارق فوق أرضية الميدان، المشكل ليس تكتيكي، بل متعلّق بنقص كفاءة اللاعبين . هل هو مجرد عطب أصاب الكرة الإيطالية أم مرض عصف بها ؟ تعلم أنّه في إيطاليا 47 بالمائة من اللاعبين الذين يلعبون في “الكالتشو” كل يوم أحد أجانب. في الانتير على سبيل المثال لا يوجد أيّ لاعب إيطالي الجنسية. لا يوجد أي لاعب إيطالي في المنتخب ينشط في البطولات الأجنبية ؟ هذا صحيح، أعتقد أن الايطاليين مخطئون في وجهة النّظر هذه. يشترون من الخارج لاعبين ليسوا في المستوى بأثمان باهظة، في وقت أنّه في إيطاليا يوجد لاعبون في المستوى لم يحصلوا على فرصتهم. ألا تعتقد أنّ الهدف هو ربح المال فقط على حساب نوعية اللّعب ؟ طغت الجوانب الاقتصادية على كرة القدم الإيطالية والنتيجة إقصاء المنتخب الإيطالي من الدّور الأوّل، من الضروري تغيير هذه الأمور إن أراد الايطاليون استرجاع مكانتهم الحقيقية في الكرة العالمية. كيف تعلّق على جيرانكم الفرنسيين الذين خرجوا من المونديال مثلكم من الباب الضيّق ؟ الكرة الفرنسية أنجبت عدّة لاعبين موهوبين، حتى أنّ هناك عدّة لاعبين ممتازين لم يتم اختيارهم للعب المونديال على غرار بن زيمة، ناصري أو بن عرفة. إنّه المدرّب الذي لم يصطحبهم. هناك ظروف تحتّم على المدرّب تغيير فريقه وعدم الاحتفاظ بلاعبين كبار في السّن. يجب أن تكون لديك الشجاعة لتقول للقدامى شكرا على كلّ ما قدّمتموه على مدار عدّة سنوات والآن حان الوقت لنقول لكم إلى اللقاء. من الواجب عدم التعامل بالمشاعر في أمور مثل هذه. كان عليه تجديد منتخبه، أليس كذلك ؟ بالتأكيد، هذا ما كان يجب حتى بعد الفوز بكأس العالم، كان يجب استعمال لاعبين حيويين، كان يجب تحضير لاعبين شبان على مدار أربع سنوات للعب كأس العالم.. لكن في بعض الأحيان هناك لاعبون يشكّلون الاستثناء والذين يتعيّن الاحتفاظ بهم لتأطير الشبان. المنتخب الإيطالي على سبيل المثال توّج بكأس العالم 1982 بلاعبين ذوي خبرة مثل زوف، كابريني، كونتي وغيرهم، لكن هذا لا يتحقّق لك دائما. المشكل حاليا في المنتخب الايطالي يكمن في الفئات الشبّانية. كيف هذا؟ لما تحضرون إلى حصة تدريبية أو لقاء خاص بالفئات الشبانية تسمعون عادة المدرب يصرخ في وجه اللاعبين “لا أريد المراوغات”. المدربون المكوّنون في إيطاليا يفضّلون دائما الجانب التكتيكي على المراوغات وهذا أمر يعتمدون عليه حتى واللاعب لم يتعد عمره 12 سنة. من المستحيل اللعب تحت قيادة هؤلاء المكوّنين وأنا أتساءل كيف لهذا اللاعب الصغير في السن أن يتألق مقارنة باللاعبين الذين هم في سنه؟ وكيف سيكون لنا لاعبون في صورة توتي في المستقبل إذا كوّنا اللاعبين فقط من الناحية التكتيكية ولم نعلّمهم الجانب الفني بالصورة اللازمة. من هم اللاعبين الذين ترى مستواهم الفني كبيرا في إيطاليا؟ لا يوجد كثيرون وأذكر توتي، ديل بيرو، كاسانو وبدرجة أقل دي ناتالي. هل ترون هذا الأمر منطقيا؟ شخصيا لا أراه كذلك، وعلى كل حال لم يعد هناك لاعبون مراوغون في “الكالتشو” وللأسف الشديد لم يعد هناك سحر في طريقة لعب اللاعبين وهذا ما تجدني نادما عليه أكثر اليوم. نحن في إيطاليا أصبحنا نهتم ونركز أكثر على الجانب البدني وحسب رأيي هذه ليست كرة القدم الحقيقية. هل لديك أبناء يمارسون كرة القدم؟ لا، لديّ بنتين وولدين لكن لا أحد منهم يمارس كرة القدم، لديّ أيضا 7 أحفاد ولا أحد منهم يلعب الكرة. كيف بدا لك المنتخب الجزائري في هذا المونديال؟ بالنسبة لي الجزائر تملك منتخبا جيدا. كيف هذا؟ لأنه منتخب عرف كيف يمزج بين الكرة الأوروبية والإفريقية. هو منتخب حافظ على الصرامة التكتيكية المتواجدة في أوروبا كما أن لاعبيه أقوياء من الناحية الفنية وأيضا البدنية، وهذا ما أعجبني أكثر في لاعبي المنتخب الجزائري. ويجب الإشارة أيضا إلى أنهم كانوا أيضا منضبطين من الناحية التكتيكية. من هم اللاعبين الذين تركوا لديك إنطباعا حسنا؟ لا أتذكر جيدا اللاعبين، لكن في المقابل حارس المرمى كان رائعا وأنا أتكلم هنا عن الحارس الذي لعب اللقاءين الأخيرين (يقصد مبولحي). هل تعتقد أنه قادر على كسب مكانة في البطولة الإيطالية للدرجة الأولى؟ لم لا؟ بطبيعة الحال هو قادر على اللعب في إيطاليا وأقول إنه قادر على فعل ذلك بسهولة لأنه حارس ممتاز ويملك كل المواصفات للعب في إيطاليا أو في ناد أوروبي كبير. يجب أن لا تنسوا أنه في إيطاليا 65 % من حراس المرمى أجانب وهذا على الرغم من أنه 30 سنة قبل الآن كانت إيطاليا تعتبر بلد حراس المرمى ... هذه كارثة أليس كذلك؟ هل هو قادر على اللعب في الإنتير مثلا؟ لا، هناك يوجد خوليو سيزار حارس المنتخب البرازيلي. مبولحي ليس بمقدوره اللعب في الإنتير لكن بإمكانه أن يجد مكانا في روما أو فيورنتينا مثلا. هناك أندية كبيرة أخرى ستتشرّف حتما بأن يكون في صفوفها، وأنا ليس لدي شك في أنه قادر على اللعب في ناد إيطالي كبير لكن ليس الإنتير. لعبت كثيرا لفائدة الإنتير، ما الذي جعل مورينيو ينجح في ظرف قصير فيما فشل فيه مدربون كثيرون تعاقبوا على تدريب هذا النادي؟ بالنسبة لي مورينيو مدرب كبير وهو الأحسن في العالم في الوقت الراهن وقوته تكمن في قدرته على العمل على ذهنيات لاعبيه. أنا متأسف جدا لأنه غادر الإنتير لكنه أراد تغيير الأجواء من أجل رفع تحديات جديدة بعد أن فاز بكل شيء مع الإنتير وهذا أمر جيد له وللإنتير أيضا. مورينهو الوحيد الذي تمكن من جعل مهاجميه يعودون كلهم للدفاع وهذا أمر لم يكن من السهل القيام به مع لاعبين مثل إيتو. إنه مدرب قادر على دخول عقول لاعبيه وهذا ما يجعله مختلفا عن بقية المدربين، إلى جانب ذلك فهو يدرّب لاعبيه بالكرة ولا يعتبرهم آلات مثلما هو الحال مع بقية المدربين في إيطاليا. ماذا يمكن لنا أن نتمنى لك في المستقبل ماعدا الصحة الجيدة؟ أتمنى أن أصبح مناجير ناد كبير، ربما ليس في الإنتير لكن في مكان آخر.