إلتقينا الدولي التونسي السابق طارق دياب في جنوب إفريقيا الذي يعمل محللا في القناة القطرية “الجزيرة الرياضية“ ويوجد منذ انطلاق كأس العالم في بلاد نيلسون مانديلا، وطلبنا إجراء حوار معه فاستقبلنا ببصدر رحب بصفتك لاعبا دوليا تونسيا سابق ومحللا في قناة “الجزيرة الرياضية“ وتابعت أطوار هذا المونديال، هل يمكنك أن تقيم لنا مستوى كأس العالم لحد الآن؟ يجب أن لا نكذب على أنفسنا و نقول أن المستوى رفيع في كأس العالم الحالية و عليه فإن المستوى على العموم متوسط و لم يصل إلى المستوى الذي كنا ننتظره و كما نشاهد فإن اللاعبين الذين يعتبرون من النجوم لم يفعلوا الكثير أين وجدوا صعوبات عديدة في فرض أنفسهم، و حتى أن المدربين المعروفين على الساحة العالمية لم يتمكنوا من الذهاب بعيدا على غرار كابيلو في إنجلترا و ليبي في إيطاليا الذي خرج من الدور الأول و هذا ما يجعلنا نطرح عدة تساؤلات، فمثلا هل النجم هو الذي يحدد مصير منتخب بلاده، أو مصير النجم مرتبط بالمنتخب، فكما تابعنا لحد الآن فإن “كريستيانو“ عانى كثيرا مع البرتغال، و”ربيري“ مع فرنسا دون أن ننسى الفضيحة التي أحدثها منتخب “الديكة“ في كأس العالم الحالية، وهو الذي كان مرشحا للذهاب بعيدا بحكم أنه نائب بطل العالم في النسخة السابقة، وأريد أن أضيف شيئا آخر. ما هو؟ من جهة أخرى نجد أن مدربين مغمورين ليس لديهم أي تاريخ في مجال التدريب مثل “مارادونا“ الذي ضحكنا عليه قبل المونديال بحكم أنه وجد صعوبات عديدة من أجل الوصول بمنتخب بلاده إلى النهائيات، وكذلك المدرب البرازيلي “دونڤا” الذي انتقده البرازيليون كثيرا نظرا لطريقته في اللعب والمدرب “لوف” في منتخب “المانشافت“ الذي يقدم مع منتخب بلاده الكثير بعد أن كان مساعدا ل كلينسمان، وكما نرى ها هم يصلون إلى أدوار متقدمة في كأس العالم. إذن نفهم من كلامك أن اسم المدرب ليس مهما بقدر أمور أخرى نعم بالتأكيد أصبحنا نسمع بمدربين يتقاضون رواتب خيالية لكنهم في الواقع لا يتمكنون من تقديم أي شيء، ولا تحقق المنتخبات تحت إشرافهم أي شيء مثلما يحدث مع كابيلو، وما يمكنني قوله في هذا الجانب أن المنتخبات ليست بحاجة إلى مدربين ونجوم كبار، بل إلى مدرب يفهم اللاعبين ويخلق جوا من الارتياح داخل المجموعة ويحسن توظيفهم على الميدان، والأمثلة موجودة أمامنا في كأس العالم الحالية و التي ذكرتها لكم من قبل. أثير جدل كبير عن التحكيم في هذا المونديال، فما قولك في هذه النقطة؟ صحيح أن التحكيم كان كارثيا في الكثير من المناسبات، حيث أضر بعدة منتخبات في هذا المونديال والجدل الذي أثير في هذا الجانب لم يكن من العدم، فمثلا في مباراة إنجلترا أمام ألمانيا لو تم احتساب الهدف الثاني لإنجلترا الذي يعتبر شرعيا، لتغيرت مجريات اللقاء ولتمكنت إنجلترا من تحقيق الفوز لأنها عادت من بعيد في المباراة، وحتى في لقاء المكسيك أمام الأرجنتين رأينا جميعا أن هدف “تيفيز“ غير صحيح لأن اللاعب كان في وضعية تسلل واضحة، وعليه فإن الأخطاء التحكيمية ليست وليدة اليوم حتى في المنافسات الكبيرة مثل كأس العالم، وعلى “الفيفا“ أن تراجع بعض الأمور التنظيمية ليس فقط على مستوى التحكيم بل حتى في عدد المنتخبات المشاركة في المونديال. هل تعني أن “الفيفا“ مطالبة بإنقاص عدد المنتخبات المشاركة مثلا؟ نعم، وهو ما أراه مناسبا لأن المنافسة تدوم 30 يوم وهذا كثير على المشاهد الذي سيشعر بالملل مع مرور الأيام، خاصة أن المستوى ليس رفيعا لأنه لا يعقل أن نشاهد منتخبات تلعب بخطط دفاعية محضة ومن أجل تفادي تلقي الأهداف، وهو ما يتنافى مع كرة القدم التي يحبها الجميع. كيف تقيم المشاركة الإفريقية في كأس العالم بخروج 5 منتخبات من أصل 6 في الدور الأول؟ هي خيبة أمل كبيرة بالنسبة للعالم بأسره، وبالأخص الأفارقة الذين كانوا ينتظرون بروز هذه المنتخبات في هذا المونديال الذي يجري لأول مرة في القارة السمراء، لكن لم يحدث ما كنا نتوقع وكل منتخب لديه أسبابه الخاصة. وما قولك عن الوجه الذي ظهرت به غانا؟ غانا بمثابة الاستثناء بالنسبة للمنتخبات الإفريقية، فما وجودها في ربع النهائي إلا دليل على أن هذا المنتخب لا يستهان به ولديه إمكانات كبيرة، رغم أن الغانيين يملكون مدربا مغمورا وأبقى النجوم على كرسي الاحتياط على غرار “مونتاري” و“آبيا”. ولماذا لم تتأهل الجزائر وكوت ديفوار إلى الدور الثاني؟ فيما يخص المنتخب الجزائري فكما شاهدنا افتقد إلى الحلول الهجومية، ولم يتمكن من تسجيل أي هدف في المباريات الثلاث التي لعبها، وأعتقد أن المدرب هو الذي لم يحسن إيجاد الحلول التي كانت متوفرة أمامه، أما عن المنتخب الإيفواري فكان ينقصه الانضباط خاصة في مباراة البرتغال التي كان قادرا على الفوز فيها، ولو فعلها حينها لتأهل إلى الدور الثاني رغم هزيمته أمام البرازيل. هل تعتقد أن المدرب سعدان لم يوظف جيدا اللاعبين، أم أننا لا نملك مهاجمين قادرين على صنع الفارق؟ بالتعداد الموجود لدى المنتخب الجزائري فإن سعدان كان قادرا على إيجاد عدة حلول بوجود غزال، جبور وصايفي بالإضافة إلى زياني ومطمور والشاب الذي يلعب في “سوشو“ (يقصد بودبوز) ولو أجاد توظيفهم، لكنه للأسف لم يحسن ذلك ودفع الثمن غاليا بالخروج من المونديال دون أي هدف في الرصيد، لكن هذا لا يعني أن المشاركة الجزائرية لم تكن في المستوى، لأن الجزائريين أظهروا جاهزية وصلابة كبيرتين في الهجوم وحتى في وسط الميدان لكنه لما يخرج إلى الهجوم يجد صعوبات ونشعر أنه خائف من تلقي أهداف، وهو ما حدث في لقاء الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث كان الأمريكان قادرين على الوصول في عدة مناسبات إلى شباككم لو لا الحارس الذي أنقذ الكثير. هل هذه هي كرة القدم الجزائرية التي تعرفها أنت بصفتك لاعبا دوليا تونسيا سابقا؟ بالتأكيد ليست هي كرة القدم التي نعرفها جميعا، فالمنتخب الجزائري كان دائما لديه طريقته الخاصة في اللعب والاعتماد أكثر على اللعب الهجومي والفنيات العالية للاعبيه، وللأسف لا نشاهد ذلك في الوقت الراهن، وأنا وغيري من المشاهدين لا يحبون متابعة المباريات التي يكون فيها الجانب الدفاعي مسيطرا على اللقاء والاندفاع البدني، فحتى هذه المنتخبات لا تلقى الإجماع ولا تكسب محبين خارج بلادها ولا تذهب بعيدا، على غرار سويسرا، إيطاليا، سلوفينيا، وبالعكس للمنتخبات التي تعتمد على الفنيات والمهارات الفردية مثل الأرجنتين، إسبانيا وحتى ألمانيا التي صار لاعبوها يقدمون لقطات فنية عالية. لماذا لدينا نحن العرب عقدة الدور الأول، والافتخار أكثر بالمشاركة بدل الذهاب بعيدا في كأس العالم؟ هذا ما نتأسف عليه كثيرا، فلا يوجد طموح للذهاب إلى أدوار متقدمة، صحيح أن الجزائر قدمت مباراة كبيرة أمام إنجلترا لكن ذلك لا يعتبر إنجازا لأنكم كنتم قادرين على مباغتة الإنجليز وتحقيق الفوز، وعليه فإن كرة القدم تحب من يلعب الهجوم وكما نرى فإن الغانيين يلعبون دون عقدة أمام كل المنتخبات، ويفكرون في الذهاب إلى أبعد ما يمكن في هذا المونديال (الحوار أجري يوم الخميس). الحديث في الجزائر يدور عن بقاء سعدان أو تعويضه بغيره، ما قولك في هذه النقطة؟ أنا أحب وأحترم كثيرا الشيخ سعدان حيث قام بعمل كبير، لكنه لم يحضر جيدا للمنافسة لأن كأس العالم ليست مثل كأس إفريقيا، وكما قلنا من قبل فإن “الخضر“ قدموا مباراة في المستوى أمام إنجلترا، لكن عيب كبير أن منتخبا كبيرا مثل الجزائر لم يسجل الأهداف في مرمى سلوفينيا وأمريكا، وعليه يجب الاعتماد مستقبلا على اللعب الهجومي، سعدان لعب كأنه في كأس إفريقيا وخسر الكثير. هل ترجح أن يكون المدرب المستقبلي ل”الخضر“ محليا أو أجبنيا؟ إلى حد الآن لا يزال المدرب سعدان على رأس العارضة الفنية، لكن في حال تمت تنحيته فعلى ما أعتقد أنه ليس المهم اسم المدرب بقدر الظروف التي تتوفر لديه وعلى الجميع من أندية محلية، لاعبين وصحافة مساعدة هذا المدرب، فعيبنا نحن العرب لا نقبل الهزيمة في أول ظهور والعكس فإننا نطمع كثيرا في حال تحقيق فوز واحد فقط، وعليه فما أراه مناسبا هو العمل على المدى البعيد والإقتداء بنظرائنا في أمريكا اللاتينية وأوروبا، ولا نذهب بعيدا فمنتخب غانا منح كل الصلاحيات لمدربه المحلي وها هو يقدم نتائج شبه خيالية. في الجزائر نجد أن هناك من اللاعبين القدامى من جيل الثمانينيات يريدون تسلم المشعل والعمل على رأس المنتخب مثل ماجر، فهل ترى أنه قادر على هذه المهمة في حال أسندت إليه المهمة؟ لماذا لا نشجعه، يجب أن لا نصغر حجمه، فمن غير المعقول أن تمنح الفرصة ل ماجر لكي يشرف على العارضة الفنية للمنتخب الجزائري، وبعدها تتم إزاحته في أول تعثر فهذا من شأنه أن يؤثر في المنتخب واستقراره، كما أنه يؤثر في ماجر الذي لديه إمكانات ويريد إبرازها في التدريب مثل “مارادونا”، “دونڤا”، وحتى “لوف خواكيم” مدرب ألمانيا. لماذا لا نرى في تونس لاعبين قدامى يشرفون على المنتخب التونسي؟ الذهنية مختلفة في تونس، فالمشرفون على كرة القدم في البلاد لا يولون أهمية كبيرة للاعبين القدامى ويفضلون المدرب الأجنبي على المحلي الذي يعتبرونه دائما صغيرا، فكما نرى في إنجلترا “كابيلو“ مدرب كبير لكنه لم يقم بأي شيء في المونديال لأسباب خارجة عن الجانب الفني. لعبت كثيرا أمام المنتخب الجزائري سابقا، ما هي الذكريات التي تحتفظ بها؟ لقد لعبت كثيرا أمام المنتخب الجزائري لأن القرعة كانت توقعنا مع الجزائر كثيرا، سواء في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم أو أمم إفريقيا بالإضافة إلى اللعب معا في نهائيات كأس إفريقيا وألعاب البحر الأبيض المتوسط، وأتذكر جيدا زميلي عتوڤة الذي كان يهوى اللعب على أعصاب الجزائريين لأنهم يستفزون بسهولة وهذا معروف عن الجزائري، وفي إحدى المرات قام عتوڤة بالاحترازات على دحلب الذي استقدمته حينها الجزائر و هو الذي كان مغتربا في فرنسا، حيث وصفه عتوڤة بفرنسي الجنسية رغم أنه كان يدرك جيدا أنه جزائري محض وكان يريد استفزازه فقط (يضحك). هل ترى بأن الأمور قد تصل بين الجزائروتونس مثلما وصلت إليه ما بين الجزائر ومصر؟ لا أبدا، فقد لعبنا في وقت سابق في أجواء سياسية مشحونة ومتوترة لكن لم تحدث أي تجاوزات، ولم تصل إلى الدرجة مثلما حدثت مؤخرا بين الجزائر ومصر وهو أمر مؤسف فنحن شعوب عربية شقيقة، وما حدث في مصر أن بعض الأطراف أرادت أن تجعلها قضية سياسية ولما خسروا في نهاية المطاف ألقوا اللوم على الجزائريين، ويستحيل أن يحدث ذلك بين التونسيينوالجزائريين لأننا إخوة ونحب بعضنا البعض كثيرا، فكما تعلم أنه حتى في أوج الإرهاب لم تغلق تونس الحدود في وجه الجزائريين والعلاقة رائعة بين الجزائريين والتوانسة، فمثلا بن شيخة محبوب جدا في تونس، وأريد إضافة شيء. تفضل.. أتمنى أن تتوطد أكثر العلاقات بين التوانسة، المغاربة والجزائريين وتفتح الحدود لنكون بلدا واحدا ونتحد فيما بيننا، لأننا قادرون على فعل أمور كثيرة وأتمنى أن يتحقق ذلك عن قريب.