بأداء مخيب ومستوى متواضع، والكثير من نقاط التحفظ بشأن الأمور الفنية والتكتيكية، استهل “الخضر” تصفيات كأس إفريقيا، أمام منتخب متواضع، جسد الصورة التي كنا نملكها عليه على أرضية الميدان من خلال تواضع قدرات لاعبيه، لكنه استحق عموما التعادل بفضل إرادته وحرارة عناصره وإصرارهم على عدم الخسارة، في مواجهتهم منتخب مونديالي فقد الكثير من وزنه في العام الجديد، أمام آلاف من عشاقه وملايين وراء الشاشة الذين وجدوا أنفسهم مضطرين إلى قطع ثقتهم بهذا المنتخب، كيف لا وقد أخلط رفقاء زياني حساباتهم بأيديهم وأصبح مفروضا عليهم تحقيق نتيجة في المغرب سواء التعادل أو الفوز إن أرادوا التأهل إلى كأس إفريقيا. هزيمة تجعل من الضروري نسيان رواية فارق الأهداف نتيجة سهرة أول أمس، أكدت شيئا واحدا وهو أن المنتخب الجزائري بتضييعه نقطتين صار من الصعب عليه أن يتأهل كأفضل فريق ثان، خاصة أن التفكير من قبل كان في نيل كل النقاط (15 نقطة عدا مباراة المغرب) وتسجيل أقصى ما يمكن من أهداف، وهو الحساب الذي ظهر خاطئا من البداية، والمطلب الوحيد الآن هو المرتبة الأولى، خاصة أن حظوظ احتلال المنتخب الوطني مرتبة ثانية مؤهلة إلى كأس إفريقيا تقلصت كثيرا ومن أول جولة، لأنه لا يمكن إلا بتوفيق كبير لفريق يتعثر على ميدانه في اللقاء الأول أن يمر كأفضل منتخب ثان. التفكير في المرتبة الأولى ولا شيء غيرها تضييع نقطتين يحتم تفادي الخطأ في مشوار التصفيات، خاصة أن الأمور صارت معقدة واقعيا، لكنها ممكنة رياضيا وحسابيا، وإن كانت صعبة جدا بالمستوى الفني الذي أظهره اللاعبون، ولكن إن أراد زملاء ڤديورة وكانت لهم الرغبة فعلا في التأهل وإعادة الاعتبار لأنفسهم وللمنتخب الوطني الذي يسير بخطوات متسارعة إلى الوراء، فهم مطالبون بتحقيق نتيجة في الدارالبيضاء المغربية، وهي النتيجة التي ستعيد الأمور إلى نصابها، بشرط عدم تضييع نقاط جديدة لا داخل ولا خارج البليدة. “تكليحة” كهذه قد لا تحدث ل المغرب وبسببها لم تتأهل مصر إلى كأس العالم منطقيا، فإن المنتخب المغربي لن يكرر الخطأ الذي ارتكبه نظيره الجزائري بإهداره نقطتين على أرضه في مباراة سهلة جدا، ما يفرض مباغتته على أرضه والعودة بنتيجة إيجابية، لأن الخسارة أمامه ستجعل الأمور معقدة جدا، كما أن “تكليحة” كالتي وقعت للمنتخب لا تحدث كثيرا وهي التي النتيجة التي جعلت المنتخب المصري يقصى من التأهل إلى كأس العالم بعد أن تعثر في القاهرة في أول التصفيات الأخيرة في مباراة أمام زامبيا بنفس النتيجة (1-1)، وإلى غاية مباراة الجولة الرابعة التي تفصلنا عنها 10 أشهر لا ندري إن كان من حسن التوفيق أو من سوئه أن المنتخب الوطني سيستقبل نظيره المغربي أولا في الجزائر ثم يسافر إليه. المغرب منطقيا قادر على الفوز في تانزانيا وإذا كان اللاعبون صاروا بانتظار لقاء الجولة الثانية وتنقلهم إلى إفريقيا الوسطى لتصحيح الوضع الصعب الذي باتوا يوجدون فيه، فإن المغرب قد لا يفوت الفرصة في تانزانيا في تنقله القادم، لأنه بمستواه العادي والحالي ورغم تراجعه، ومستوى تانزانيا الفريق الذي لا يملك الشيء الكثير من الناحية الفنية والتقنية كما شاهدناه، فإن انتصار أسود الأطلس لن يكون مفاجأة خاصة أنهم يكونون قد درسوا طريقة لعب هذا المنتخب أمام الجزائر، وعلى ذكر ذلك فإن ما ظهر للجزائريين في مباراة أول أمس أن فريقهم لم يعاين تانزانيا ولم يدرس طريقة لعب هذا المنتخب، فرغم تواضع مستواه، وهفوات دفاعه الكثيرة، ونقص مستوى ظهيريه إلا أنه نجح في هدفه وعاد غانما. المشكل أن كثرة الصدمات “ما فيّقتش” اللاعبين من “نوم العسل” ولأجل تحقيق نتيجة في المغرب، فإنه يجب عدم استباق الأمور وتحقيق 6 نقاط قبل ذلك أمام إفريقيا الوسطى والمنتخب المغربي في الجزائر، لكن من المهم التذكير أن المنتخب الوطني الجزائري لم يعد قادرا على رد الفعل بعد كل هزيمة أو صدمة، حيث كثرت الصدمات والنتائج السلبية دون أن يثور اللاعبون وينتفضوا من “نوم العسل” الذي هم فيه “الخضر” منذ كأس العالم، لأن عدم أخذ الدرس من مباراة تانزانيا مرة أخرى، سيجعل التأهل “يهرب” مسبقا ودون انتظار لقاء المغرب. “عيب” منتخب مونديالي لم يفز في لقاء رسمي منذ أكثر من 7 أشهر المشكل الكبير أن المنتخب المونديالي الذي صار مطالبا بالتأهل في المرتبة الأولى، ولم يعد له الحق في تضييع نقاط جديدة مستقبلا، لم يحقق أي فوز في لقاء رسمي منذ مباراة كوت ديفوار في كأس إفريقيا يوم 24 جانفي الماضي (وإن كان فوزا سجل في الوقت الإضافي)، وهي فترة طويلة، وفي جملة 6 لقاءات حقق أشبال سعدان 4 هزائم وتعادلين، كما أنهم لم ينتصروا في 14 مباراة متتالية إلا 3 مرات، مع تسجيل 7 أهداف وتلقي أكثر من 20 هدفا وهي حصيلة كارثية، تتطلب مراجعة أمور كثيرة إن كانت هناك رغبة فعلية في التأهل. الجزائريون لن يُطمئنهم الفوز في إفريقيا الوسطى ولن تكون مباراة إفريقيا الوسطى هي التي تطمئن الشعب الجزائري على منتخبهم، لأن مستوى المنافس غير المصنف في قائمة “الفيفا” (يحتل مرتبة بعد ال 100) يجعل الفوز عليه ضروريا و”بلا مزية”، بالطريقة والأداء، وحتى وإن تحقق الفوز بأي نتيجة فإن هذا لن يكون مؤشرا إلى أن الأمور تحسنت باعتبار أن مستوى المنافس لا يقاس عليه، ولا يمكن أن يكون إلا جسرا للمرور عليه وتحقيق 3 نقاط. علينا أن نفهم أولا ماذا يحصل ل “الخضر” خلاصة الحديث هي أن المنتخب الجزائري إذا أراد أن لا يخذل الجزائريين ويغيب من جديد عن منافسة كأس إفريقيا التي لم يشارك فيها في دورتي 2006، و2008 فقد وضع نفسه في وضع محرج وأصبح مطالبا بالفوز أو التعادل في المغرب، لأن ذلك فقط ما من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها ويعيد ثقة الجزائريين، وإلى غاية ذلك الوقت أشهر طويلة في الانتظار علينا خلالها فهم ماذا يحصل للمنتخب الجزائري.