أدى الانتشار الواسع لاستعمال الإنترنت إلى استحواذها الكلي على عقول الأطفال الذين لم يعد يبعدهم عنها سوى النوم، وأصبحت مقاهي الإنترنت والبيت أكثر الأماكن التي يقضي فيها الأطفال أوقات فراغهم رغم المخاطر التي يشكلها الاستعمال السيئ للانترنت خاصة غرف الدردشة. ذكر المرصد الوطني لحقوق الطفل أن 72 بالمائة من الأطفال المستجوبين في إطار دراسة للمرصد يتجولون عبر مختلف مواقع الانترنت بدون مراقبة. وأوضحت الدراسة أن 68 بالمائة من الأطفال المستجوبين والمقدر عددهم ب 975 طفل من مختلف المستويات الدراسية (ابتدائي، متوسط وثانوي) يسمح لهم أولياؤهم بالتوجه إلى مقاهي الانترنت بمفردهم، بينما يحظى 33 بالمائة منهم بتوفر الانترنت في البيت. وحسب ذات الدراسة التي شملت أطفالا تقل أعمارهم عن 18 سنة، فإن 66 بالمائة من العيّنة لا يتوانى أولياؤهم في إعطائهم الضوء الأخضر للتوجه إلى منزل صديق من أجل الإبحار في الانترنت. هذه الحرية سهلت على 55 بالمائة من المستجوبين بالتوجه إلى الدردشة الإلكترونية، مما جعل 35 بالمائة منهم يربطون لقاءات عبر شبكة الانترنت يعترفون أنها ''سيئة''. بينما صدم 46 بالمائة من الأطفال بصور غير أخلاقية، في حين كان 30 بالمائة منهم عرضة لإغراءات كالسفر أو تلقي هدايا، لكن هؤلاء الأطفال الذين تحوز 56 بالمائة من عائلاتهم على كمبيوتر في المنزل وتملك 67 بالمائة منها خطا هاتفيا ثابتا، مدركون -على صغر سنهم- الخطر الذي يتهددهم بسبب التكنولوجيات الحديثة، لذا يطالب 80 بالمائة منهم بتوفير الحماية الضرورية لهم من الجرائم المعلوماتية. كما دعا السيد مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث إلى الإسراع بوضع إستراتيجية للتصدي للجرائم المعلوماتية، مقترحا إنشاء ديوان يختص بمكافحتها، وكذا منع بعض البرامج غير اللائقة في أجهزة الكمبيوتر التي تكون في متناول الأطفال لا سيما داخل البيوت. والملاحظ أن التكنولوجيا وتسهيلاتها قد فتحت الباب واسعا لاستعمالات متعددة من مختلف الفئات العمرية دون استثناء ففي الوقت الذي انتشرت فيه الانترنت وبلغ الإبحار فيها مستويات عالية لم يعد ممكنا كبح جماح الشباب وخاصة الأطفال الذين استهواهم اللعب بأجهزة الكمبيوتر والدخول الى الانترنت التي أصبح الحصول عليها متاحا في أغلب الأحيان وفي كثير من البيوت الجزائرية، وحتى في مقاهي الانترنت التي لا يمانع أصحابها في السماح للأطفال بالجلوس أمام أجهزة الكمبيوتر لساعات طويلة مضيعين بذلك الوقت والمال الذي كان من المفروض أن يشغلوه بأشياء أخرى. ''.. ويمضون وقتهم في الدردشة مع أشخاص من كل الأعمار '' سهلت التكنولوجيا على العديد من الأطفال الذين لم يتجاوزوا الرابعة عشر من العمر امتلاك بريد الكتروني يستقبلون فيه رسائل من مختلف أنحاء العالم، حيث أكدت الدراسة أن 55 بالمائة من الأطفال المستجوبين يملكون بريدا الكترونيا ويمضون الوقت في الدردشة الكترونية مع أشخاص من مختلف الأعمار والمستويات وحتى فيما بينهم، حيث يتبادل تلاميذ المدارس عناوينهم الالكترونية فيما بينهم ويقومون بالدردشة خلال تواجدهم بالبيت. تقول رانية تلميذة بالمتوسط إنها تمضي الوقت في البيت بالدردشة مع صديقاتها بالمدرسة ولا تجد أي اعتراض من الوالدة فهي بين الحين والآخر تأتي لرؤية ما أقوم به . وعن الأحاديث التي تدور بين الأطفال تقول رانية إنها لا تخرج عن نطاق المزاح وتبادل أخبار التلاميذ وحكاياتهم اليومية مع الأساتذة وآخر الأغاني وأحدث الألبسة والإكسسوارات، أما الدراسة فلا نتكلم فيها إلا في أوقات الامتحانات والفروض. سألنا رانية إن كانت تقوم بمحادثة أشخاص آخرين فردت بالإيجاب وأكدت أن الفتيات يقمن بالبحث في مواقع الدردشة عن عناوين لشباب من مختلف مناطق الوطن وحتى الخارج من أعمار مختلفة ويقومون بتبادلها فيما بينهم، وفي أغلب الأحيان تتم الدردشة مع شباب أكبر منا سنا وهو ما أكدته الدراسة، حيث ذكر المرصد أن 35 بالمائة من الأطفال يربطون علاقات عبر شبكة الانترنت اعترفوا أنها كانت سيئة وأن 30بالمائة منهم كانوا عرضة لإغراءات خطيرة. والملاحظ أن امتلاك العديد من البيوت الجزائرية للانترنت واستعمالها السهل ساهم في انتشارها الواسع وسط الأطفال وتلاميذ المدارس الجزائرية الذين أصبحوا يتبادلون أخبارهم عن طريق النت، دون أن يلقى هذا الأمر اعتراض العديد من أولياء التلاميذ أو يلفت انتباههم لخطورة ما يقوم به أطفالهم وما يترصدهم من أخطار، خاصة أن العديد من الأطفال يعرفون كيف يخبئون مواقع الدردشة جيدا حتى لا يكتشفها أولياؤهم.