العالم الضيق بدأ يتسع شيئاً فشيئاً أمام أطفالنا من خلال شبكة الانترنت التي أوجدت عالما آخر صفته أنه افتراضي.. ومع حلول العطلة الصيفية يجد الكثير من الصغار متسعا من الوقت لاستخدام الانترنت سواء في المنزل أو في نوادي الأنترنت ..صحيح أن لهذه التقنية الاتصالية فوائد تثقيفية، لكن يبقى عنصر السلامة وسط هذه البيئة المتداخلة أمرا غير مضمون ويتطلب رقابة أبوية صارمة حتى لا يقع الصغار في المواقع الإباحية أو غرف الدردشة. ليست الحكمة في الساعات الطويلة التي يقضيها الطفل على الأنترنت، وإنما في جودة ما يطالعه..وهنا ينبغي على الأولياء أن يكونوا يقظين لأن الأنترنت ليست كلها بردا وسلاما على الأطفال،لاسيما في الأوساط الحضرية،حيث تكثر مقاهي الأنترنت التي يسهل على الصغار الوصول إليها واستخدام شبكة الانترنت بكل حرية. صحيح أن للإنترنت دورا كبيرا في الترفيه عن الأطفال واستثمار أوقات عطلتهم الصيفية في زيادة المعارف، لكن المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الكبار عامة والصغار بصفة خاصة، تجعل ترك الحرية للأطفال في استخدام هذه الوسيلة أمرا غير مقبول، إذ لابد من الدور الأبوي التربوي والتوجيهي الذي من شأنه أن يقنع الأطفال بأن التعليمات التي تقضي بتحديد استعمالهم للانترنت وجدت للمحافظة على سلامتهم وليس من اجل الحد من حريتهم. إن الخطر يتأتى من سمة التخفي والسرية التي يتميز بها الانترنت، ذلك أن كثيرا من الأطفال في سن المراهقة وما قبل المراهقة يشاركون في غرف الدردشة ''المثيرة'' بالنسبة إليهم. وهم لا يتوانون عن المحادثة مع أشخاص قد يكونون ''منحرفين'' أو ''مجرمين'' ويثيرون معهم محادثات قد تبلغ التواعد معهم وغير ذلك جراء الثقة بهم .كما أن الاتصال المباشر بين طفلك وشخص آخر على الشبكة قد تؤدي إلى كشف طفلك لمعلومات قد تعرّضه أو أسرته إلى خطر شخصي. ومن جهة أخرى يكمن الخطر في ما يتعرض له الأطفال على الانترنت، سواء عن قصد (كدخول مواقع لا ترغب في إطلاعهم عليها) أو عن غير قصد. ومن الأمور التي تتطلب من الآباء التأمل هي ملاحظتهم الاضطراب أو السرية التي يظهرها الطفل عندما تفاجئونه، وهو يستخدم الانترنت أو أنه يعمد إلى غلق الشاشة إذا ما اقتربوا منه فجأة أو أي سلوك يدل على أن الطفل لا يريد أن يشاهدوا ما يوجد على الشاشة. جهل الآباء خطر على الأبناء وفي هذا الشأن يوضح الدكتور مصطفى خياطي رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث من خلال كتابه''جرائم المعلوماتية والأطفال في الجزائر'' أن التطور الملحوظ في استخدام شبكة الأنترنت يطرح مسألة مخاطر جرائم المعلوماتية على الأطفال كانشغال طارئ،لاسيما وأن الجزائر مصنفة ضمن أكثر الدول عرضة لانحراف الأطفال في العالم. وأظهر تحقيق أجرته الهيئة المذكورة ان نصف العينة،شملت 300 طفل،صدموا جراء صور خليعة..وأن بعض أطفال العينة يستخدمون الانترنت في منازلهم في حين يلجأ البعض الآخر إلى الأصدقاء أو إلى نوادي الأنترنت.كما تبين من خلال التحقيق أن الأطفال في الأسر الجزائرية يستخدمون هذه الوسيلة التكنولوجية دون التعرض للمراقبة جراء جهل بعض الآباء للمخاطر التي قد تنجم عنها. تهيئة جو دائم للحوار وفي هذا الصدد ينبه الخبراء على ضرورة ان ينتبه الآباء إلى هذه المسألة ليقوموا بدورهم التربوي والرقابي،لاسيما في هذه الفترة التي يستغل فيها العديد من الأطفال أوقات فراغهم بالاطلاع على بعض المواقع الالكترونية. والبداية تكون بتهيئة جو دائم للحوار والثقة المتبادلة مع الأبناء، ورفع مستوى وعيهم حول المخاطر التي يمكن أن تلحق بهم بسبب بعض المحتويات غير اللائقة. والتأكد من مدى تفهمهم للهدف الكامن وراء حمايتهم من الاستعمالات السلبية للإنترنت. ويقول الخبراء أن هناك الكثير من الأساليب التي تهيئ لحماية الأطفال من التعرض للمواقع الإباحية وغيرها من المواقع غير المناسبة على الانترنت.ومن هذه الأساليب التعرّف على البرامج التي تتيح رقابة أبوية على الأنترنت واستخدامها لمنع برامج ومواقع معينة.. وينبغي أيضا تأكد الأولياء من معرفتهم للمواقع التي يدخلها أطفالهم والوقت الذين يقضونه فيها. ومن قواعد الأمان المقترحة في هذا الإطار: ؟ وضع جهاز الكمبيوتر في مكان ظاهر مع توجيه الشاشة إلى الباب حتى تتم المراقبة بسهولة. ؟ وضع كلمة السر لمنع استعمال الانترنت عندما ينوي الأولياء الخروج. ؟ يجب استخدام بعض برامج الحماية والتأمين التي تمنع الدخول على المواقع الإباحية والمواقع المشكوك في مصدرها. ؟ يستحسن استخدام أحد برامج الكشف عن ملفات التجسس وكذلك الحماية من التجسس والهاكرز عن طريق وضع جدار ناري يمنع دخول المتطفلين. ؟ شجعوا أطفالكم على استشارتكم عند كل عملية تحميل. ؟ تأكدوا من رفع سلك التوصيل بالإنترنت بعد الانتهاء من استخدامها أو أغلقوا الجهاز. ويجب على صعيد آخر توعية الأطفال بأهمية عدم ذكر أي معلومات شخصية أو أسمائهم الحقيقية أو أرقام هواتفهم وعناوينهم أو حتى عنوان البريد الإلكتروني لأي أحد على الشبكة دون علم الأولياء.إضافة إلى إقناعهم بعدم فتح رسالة إلكترونية من مصدر مجهول لان المتسللين يستخدمون رسائل البريد الالكتروني لإرسال ملفات التجسس على الضحايا. على الآباء أن يفكروا وهم يوضحون لأطفالهم هذه القواعد في الضعف الطبيعي للطفل إزاء الكبار الذين يتمتعون بخبرة ومعرفة وقدرة في الإقناع للتأثير على الطفل. ولذلك فإن شرح هذه القواعد للأطفال أمر سهل من حيث المفهوم،ولكنه قد يكون صعبا جدا عند التطبيق. لذا يجب ايجاد طرق تبني الثقة بين الأولياء وبين أطفالهم ليحدثوهم عن كل ما يقلقهم. وفي المقابل ينصح الخبراء الآباء باستغلال عطلة الأطفال الصيفية في تشجيعهم على الاستفادة من ايجابيات الإنترنت،وذلك من خلال الحصول على الأخبار والمعلومات المفيدة. إلى جانب العمل على توجيههم للقيام ببعض الأبحاث التي من شانها أن ترفع من مستوى وعيهم،وكذا بعض الأعمال السكرتارية..لكن دون إغفال الجانب الترفيهي،حيث يجب مساعدة الأطفال على اختيار ألعاب تضيف عليه معلومات ومهارات وتسليه في آن واحد.