فتاوى الشيخ لخضر الزاوي …… س1: ما حكم التهرب الضريبي وتهريب السلع عبر الحدود في ظل الأنظمة الحالية؟ ج1: فرض الضرائب يختلف حكمها بحسب الحالة الاقتصادية للبلاد، فإذا لم تكف الموارد العامة لسد الاحتياجات ومصالح المجتمع، ووضعت الدولة هذه الضرائب لسد لتلك الحاجات فالتهرب الضريبي غير جائز، لأن ما قامت به الدولة يندرج ضمن المصالح المرسلة التي يجب التقيّد بها. أما إن كانت تلك الضرائب قد وضعت دون مراعاة لما ذكرناه، فالتهرب من دفع الضرائب لا ينبني عليه إثم أخروي، أما في الدنيا فأنت خاضع لقانون تلك البلاد. ومثله يقال في تهريب السلع عبر الحدود، فإذا كانت الدولة عادلة ووفرت كل التسهيلات لتبادل السلع والتجارة، لم يجز هذا العمل، وإذا كان هناك تضييق في غير محله، لم يأثم من فعل ذلك في الآخرة، ويبقى أمره في الدنيا لحكم الحاكم، مع التنبيه إلى أن تقدير الضرر في مثل هذه المسائل يرجع لأهل الخبرة من علماء الاقتصاد، وليس لأمزجة الناس، لأن الضرر المعتبر هنا هو الذي يكون عامًّا أغلبيا، وإلا فإنّ النّاهب يتضرّر من منع التهرّب الضريبي والتّهريب عبر الحدود ونحو ذلك، والمتّصف بالجشع يتضرر كذلك، وهكذا… س2: جمركي ودركي يسألان عن حكم الاستفادة من السلع المحجوزة بأثمان بخسة وعن شرائها من المزادات العلنية بعد نزعها من أصحابها؟ ج2: لا يجوز شراء تلك السلع المحجوزة لأنها من أكل أموال الناس بالباطل، فأصحاب تلك السلع ليس لهم خيار في بيع سلعهم. قال الله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: 188] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "كلّ المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"، رواه مسلم. ولا بأس أن تفرض عليه عقوبة أخرى مشروعة بسبب مخالفته القانون. س3: السائل يسأل عن ملكات الإيمان في وقتنا الحالي وحكم الاسترقاق؟ ج3: الاسترقاق في وقتنا الحالي بقي له مجال واحد فقط، بعدما أغلق الإسلام جميع منافذه عن طريق الكفارات ونحوها، وهذا المجال هو حالة الحرب مع أعداء المسلمين. والاسترقاق في الحرب مع غير المسلمين متروك لما تقتضيه المصلحة، ويمكن الالتزام بعدم اللّجوء إليه عن طريق عقد اتفاقية مع الدول الأخرى، والاتفاقيات في أمور معيّنة مشروعة لها حكم المعاهدات، ويجب الالتزام بها في حدود المسائل التي تضمّنتها، فإذا عقدت الاتفاقات مع الدول الأخرى على عدم الاسترقاق في الحروب وجب شرعا الالتزام بما تقتضيه تلك الاتفاقيات، ما دامت محترمة من قبل الآخرين. س4: ما حكم العمل في الجيش والشرطة في بلاد الكفر؟ ج4: مشاركة المسلم ودخوله في جيش دولة غير مسلمة بنية التدرب واكتساب مهارات القتال وفنونه يكون جائزاً، وقد يصل إلى درجة الوجوب، ولا يجوز للمسلم أن يعين الكفار على كفار مثلهم إذا لم يترتب على ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين. جاء في المدونة الكبرى " أرأيت لو أن قوماً من المسلمين في بلاد الشرك أو تجاراً استعان بهم صاحب تلك البلاد على قوم من المشركين ناوأوه من أهل مملكته، أو من غير أهل مملكته، أترى أن يقاتلوا معه أم لا؟ فأجاب سحنون " سمعت مالكاً يقول في الأسارى يكونون في بلاد المشركين، فيستعين بهم الملك على أن يقاتلوا معه عدوه، ويجاء بهم إلى بلد المسلمين، (قال): قال مالك " لا أرى أن يقاتلوا". على هذا، ولا يحل لهم أن يسفكوا دماءهم على مثل ذلك، قال مالك: وإنما يقاتل الناس ليدخلوا في الإسلام من الشرك، فأما أن يقاتلوا الكفار ليدخلوهم من الكفر إلى الكفر ويسفكوا دماءهم في ذلك، فهذا مما لا ينبغي للمسلم أن يسفك دمه عليه. وأجاز بعض الفقهاء (من أمثال محمد رشيد رضا) للمسلم أن يقاتل مع الكفار ضد المشركين بشرط أن يترتب على هذا مصلحة للمسلمين ولا يترتب أي ضرر أو محظور، وأن يقاتل المسلمون تحت رايتهم، ويخضعون في الحرب لقيادتهم وأن لا يكون في ذلك تقوية للكفار على المسلمين، وعلى المسلمين أن يقصدوا بهذه الحرب تحقيق المصلحة للمسلمين فقط، وإعلاء كلمة الله والقيام بغرض الجهاد، دون أن يقصدوا لذلك تقوية جانب الكفار، أو موالاتهم، أو إعلاء كلمة الكفر. ولا يجوز للمسلم أن يقاتل مع الكفار إخوانه المسلمين في أي حال بل هو من أكبر الكبائر وأفظع الجرائم. ولا يجوز للمسلمين في الجيش غير الإسلامي أن يشاركوا في الحرب ضد المسلمين، وعليهم إن أجبروا على ذلك أن يحاولوا أن يفلتوا بأي وسيلة من الوسائل من المشاركة في هذه الحرب حتى ولو دفعوا المال إلى الكفار بدل المشاركة وهذا جائز.
من عيون البصائر : وإنّ الدّين الّذي يطوي المناهل بلا سائق ولا حاد، ويقتحم المجاهل بلا دليل ولا هاد، وينتشر بين أقوام عاكفين على أصنامهم، أو مغرورين بأوهامهم، لا يمدّه ركاز، ولا يسنده عكّاز لَحَقِيقٌ أن يُخْشَى منه، وأن تمتلئ من رهبته قلوبُ ذئابِ البشريّةِ رُعبًا.