ح/سامية الغلاء الفاحش يسرق من العائلات الجزائرية فرحة العيد دقت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان ناقوس الخطر حول لجوء العائلات الجزائرية لاقتناء كسوة العيد لأبنائها من محلات "الفريب" مع ما يحمله ذلك من ذل ومهانة وانتقاص لفرحة العيد، حيث وجهت الرابطة أصابع الاتهام إلى الحكومة التي لم تستطع فرض هيمنتها على السوق بسبب انتهاجها إملاءات صندوق النقد الدولي. أفاد تقرير لهواري قدور الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن القدرة الشرائية للمواطن الجزائري البسيط قد تدنت إلى أدنى مستوياتها إلى درجة أفسدت فرحة العيد، بعدما سجلت ملابس الأطفال زيادة كبيرة قدرت نسبتها ما بين 30 إلى 40 بالمائة، واضطرت الكثيرين منهم إلى الاستدانة أو اللجوء إلى ملابس "الشيفون" في مناسبة دينية كعيد الفطر المبارك. وجاء في ذات التقرير أن "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان "تجولت في أسواق الشلف عين الدفلى خنشلةتبسة- العاصمة بليدة ورصدت أسعار ملابس البسطاء التي تبدأ من 3000 وأقصاها 7000 دج، وسجلت إقبال الأسر على البضائع المعروضة حتى على الأرصفة المنتشرة في الشوارع الرئيسية وذلك لشراء ملابس العيد. وأشار ذات المصدر إلى أن المنتج الصيني، رغم أنه لا يدوم كثيرا ونوعية رديئة، ولكن حسب أقوالهم هو الأنسب بالنسبة للأطفال حيث أن جسم الطفل ينمو سريعا ولذا يقبل المواطنون على شراء قطعة بنحو 4000 دج فقط لا تمكث لديه أكثر من 6 أشهر. تقول حليمة إنها جاءت لشراء ملابس جديدة لأولادها الثلاثة ولم تتمكن من ذلك بسبب زيادة الأسعار بشكل غير مسبوق، قائلة "أحاول أن أوفر لهم أقل القليل حتى أدخل عليهم الفرحة". محلات "الشيفون" ملاذ العائلات الفقيرة لكسوة أبنائها ثياب من كل الأشكال تعج بها محلات الألبسة.. وزحمة مرور، مشهد بات يتكرر كل عام مع قرب الأعياد، ولكن اليوم ومع الازدياد الملحوظ في أسعار الملابس الجديدة وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، اضطر البعض إلى تحويل الوجهة إلى أسواق (البالة رغم أن القانون منعها منذ 04 سنوات) لأنها تبقى أرحم من أسعار الثياب الجديدة على حد اعتقادهم.. هذا الأمر دفع المواطنين ذوي الدخل المحدود إلى اللجوء لأسواق الملابس المستخدمة التي تدخل من جميع أنحاء العالم إلى بلادنا بعد أن يكون قد انتهى عمرها الافتراضي لتجد من ينعشها في الأسواق مرة أخرى وبأسعار مرضية وجذابة للمستهلك خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة الذي يسارع للشراء دون وضع أدنى اعتبار للأضرار الصحية والأمراض التي يمكن أن تنقلها هذه الملابس المستخدمة وبأسعارها المنخفضة. قفزت أسعار الملابس الجاهزة مع اقتراب عيد الفطر المبارك بنسب تتراوح ما بين 30 و40 بالمائة، بالرغم من حالة الركود وضعف القوة الشرائية، وأصحاب المحلات يلقون بالاتهامات على المنتجات الصينية، أما المستهلكون الذين أثقلتهم الأعباء بسبب تقارب الأعياد والمناسبات فيكتفون بالفرجة. ويؤكد هواري قدور الأمين الوطني المكلف بالملفات المختصة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، بأن نسبة الأجر المتوسط الشهري في الجزائر يبقى الأضعف بالمقارنة مع الدول العربية، بصرف النظر عن أجور الموظفين المرتفعة في دول الخليج العربي، إذ تحتل الجزائر في هذا المجال المراتب المتأخرة بالمقارنة مع الدول الجارة على غرار تونس والمغرب، من منطلق أنها ظلت غير قادرة على الرفع من القدرة الشرائية لشريحة واسعة من الموظفين لسببين رئيسين يتعلقان بارتفاع أسعار مختلف السلع واسعة الاستهلاك من جهة، وتراجع قيمة الدينار بالمقارنة مع العملات العالمية الأخرى من جهة مقابلة. العائلات الفقيرة لا تحتفل بالعيد ناشدت عدة أسر فقيرة المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية مساعدتها بسبب أوضاعها المعيشية المتردية وافتقارها لشروط العيش الكريم، فمع قرب حلول عيد الفطر المبارك، تبحث العوائل الفقيرة عن مصادر تحصل من خلالها على دعم يمكنها من الاحتفال بالعيد وشراء احتياجاتها من الملابس التي تليق بهذه المناسبة. وقال "طيب. ق"، وهو رب أسرة تتكون من زوجة وأربعة أولاد وبنت صغيرة، إن أوضاعه المعيشية صعبة للغاية مما لا يسمح له بشراء ملابس العيد لأطفاله وزوجته وناشد المحسنين مساعدته في هذه المناسبة الدينية. أما سليمة، فقد جاهدت لمنع دموعها خلال حديثها للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان حيث قالت إن أطفالها الأربعة لن يفرحوا يوم العيد لأنها لا تملك مالا لاقتناء ملابس العيد خصوصا وأنها مصابة بمرض في القلب لا تستطيع العمل بسببه ولا تملك حتى ثمن شراء الأدوية. وفي ذات السياق اشتكى أولياء الأمور من عدم قدرتهم على تلك المصاريف فرغم أنها خاصة بالأطفال إلا أن ثمنها أكبر والسبب يرجع على حد قول التجار إلى ارتفاع أسعارها بسوق الجملة بالإضافة إلى النقص الكبير في السلع التي تستهوي الزبائن. وبشأن نفس الموضوع عبر أحد المواطنين من بلدية عين الدفلى عن تذمره من الارتفاع الجنوني للأسعار، مشيرا إلى الفرق الشاسع بين الأسعار التي عرضت هذه السنة وبين تلك التي عرضت العام الماضي، مضيفا أنه أب لخمسة أطفال ولكن ما باليد حيلة" فالإمكانيات المادية لا تسمح له بأن يقتني لهم ملابس فاخرة، غلاء فاحش، ومن جهته أكد أحد باعة ملابس العيد أن الغلاء الفاحش الذي تشهده هذه السنة ناتج عن تحكم المستوردين في السوق مما يجعلهم إما يرفعون في سعرها أو يخفضونها حسب أسلوب العرض والطلب، مضيفا أن دور الباعة بالتجزئة يقتصر على إيصال السلعة للزبون كما يبذلون قصارى جهدهم من أجل بيعها بسعر أدنى. وأضاف أن هناك اختلافا نسبيا بين الأسعار هذه السنة مقارنة بالعام الماضي، مشيرا إلى أن الملابس ذات النوعية الراقية تصل دوما إلى الزبون بسعر مرتفع، حيث يمكن أن يبلغ ثمنها في سوق الجملة مابين 5000-7000دج بالنسبة للأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم مابين 3-6سنوات، مما لا يسمح باقتنائها من قبل الجميع ولا سيما منهم ذوي الدخل المحدود خاصة إذا ما بيعت في المحلات بسعر كبير، ناهيك عن الأسعار بالنسبة لألبسة الأطفال الذين تتعدى أعمارهم السنة والتي تكون مرتفعة أيضا. صراع الجيوب في ظل الواقع المر تواجه الفئات متوسطة الدخل براتب واحد ومصروفين الأول طوال رمضان خاصة مع الأيام الأولى التي أطاحت فيها أسعار المواد الغذائية بجيوب المواطنين، ويتعلق الثاني بملابس العيد. ويتدخل في الحديث محمد .ج قائلا إن الأسعار نار في نار لافتا إلى أن أصحاب المحلات يبالغون كثيرا في أسعار ملابس الأطفال، لافتا إلى أنه فضل الذهاب للمحلات الشعبية التي تبيع بأسعار متوازنة لأن رب الأسرة لا يستطيع شراء ملابس العيد بأكثر من 4000 دج. من جهته، قال علي .ك – عامل في بلدية الشلف إن أسعار ملابس العيد ارتفعت خاصة ملابس الأطفال مؤكداً أنه عندما لاحظ ارتفاع الأسعار قرر الفرجة فقط على الفاترينات والمحلات، وأضاف أن بدلة الأطفال تباع بسعر 5000دج والفستان البناتي بين 4000 و6000 دج والسروال 2500 دج. واشتكى جمال – مدرس – من ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة خلال شهر رمضان وقبل عيد الفطر وبداية الموسم الدراسي كذلك متهما أصحاب المحلات باستغلال حاجة أسرهم لشراء الملابس للأطفال ويضعون هوامش ربح مرتفعة بدعوى تعويض خسائرهم. أما جمال.ر – فتعمد شراء ملابس العيد لأبنائه في الأيام الأولى من شهر رمضان خوفا من ارتفاع الأسعار قبيل عيد الفطر المبارك، وأوضح أنه اشترى طقما واحدا لابنته البالغة من العمر 5 سنوات بسعر 6000 دج عبارة عن سروال وقميص وحذاء وبدلة لابنه الذي لم يتجاوز عمره سنتين بسعر 4000 دج. وتؤكد حياة .م أن الظروف المادية الصعبة تحول دون شراء ملابس جديدة للعيد، مشيرة إلى تزامن المواسم والمناسبات وتقاربها حيث شهر رمضان ثم عيد الفطر وبداية الموسم الدراسي مما يسبب أعباء شديدة على الأسرة. في الوقت الذي اعترف فيه حمزة .خ صاحب محل ملابس في وسط مدينة البليدة بارتفاع أسعار بعض الملابس، واشتكى من غزو الملابس الصينية، وأشار إلى أن المحلات تواجه مشكلة كبيرة حيث أنه في حالة عدم تصريف كميات الملابس الموجودة لديها حاليا سيتعرضون لخسائر ضخمة وأنهم ينتظرون الأيام القليلة قبل العيد لتحقيق مبيعات أكبر. وتوقع جيلالي. ك أن يزداد الإقبال على شراء ملابس العيد خلال اليومين الأخيرين من رمضان، مؤكدا أن الانتعاش نسبي ومقصور حتى الآن على محلات بيع ملابس الأطفال لحرصهم على شراء ملابس العيد، بينما ملابس النساء والرجال لا تحظى بنفس الإقبال لأن الغالبية العظمى من الأسر أحجمت عن شراء ملابس للكبار منذ فترة طويلة واقتصر استهلاكها على شراء ملابس الأطفال ويعد شهر رمضان المبارك وأيام عيد الفطر بمثابة الموسم الذي ينتظره التجار لتحقيق الأرباح وتعويض الخسائر التي لحقت بهم. الحكومة مطالبة بمتابعة الحركة التجارية والأسعار وعليه يطالب الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها تجاه المواطن الفقير الذي أنهكه ارتفاع الأسعار وخاصة منذ بدء الشهر الفضيل، فلم نر من هذه الحكومة ولا الحكومات السابقة تحكما في الأسعار، وحسب المختصين فإن الحكومة ليس باستطاعتها مراقبة السوق، وذلك راجع إلى أن السلطة الجزائرية تنتهج إملاءات صندوق النقد الدولي، حيث وقعت الجزائر في منتصف التسعينيات على وثيقة مع الصندوق الدولي تضمنت حرية التجارة وما يصطلح على تسميته ب"السوق الحرة"، وفي هذا الشأن نزل أعضاء المكاتب الولائية للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان لمتابعة الحركة التجارية وأسعار ملابس العيد للأطفال، وبما في الجزائر يوجد أكثر من مليون و800 ألف عائلة معوزة هذه إحصائيات رسمية لسنة 2015 من طرف وزارة التضامن.