نورالدين ختال يعتبر تراجع قيمة الدينار الجزائري أمام الدولار إلى مستوى قياسي، ليصبح الدولار الواحد مساويا لأكثر من 100 دينار في السوق المالية، ويصل إلى حوالي 144 دينار في السوق السوداء. تراجع الدينار الجزائري لم تشهده الجزائر منذ استقلال سنة 1962، ويأتي انهيار سعر صرف الدينار ليقلص من حظوظ نجاح الحكومة في عملية تقليص فاتورة الواردات وخروجها من أزمة انهيار أسعار النفط، على رغم أن أكثر من 50 % من المواد المستوردة يتم اقتناؤها بالأورو من دول الاتحاد الأوروبي. بشير مصطفى: هناك خفض لقيمة الدينار وليس انخفاض أوضح الخبير الاقتصادي والوزير المنتدب السابق للاستشراف والإحصاء "بشير مصيطفى" في اتصال مع "الحوار" أن تراجع الدينار يعد تاريخيا. ما هي حقيقة انخفاض الدينار الجزائري مقابل الدولار الأمريكي؟ أولا في الجزائر ليس هناك انخفاض الدينار بل تخفيض الدينار، لأن الأول يكون في العملات المتداولة في الأسواق النقدية الدولية، لكن في الجزائر العملة خاضعة لقرارات إدارية لهذا نحن أمام خفض لقيمة الدينار الجزائري، وهذا الذي وقع حيث خفض بنك الجزائر قيمة الدينار في عام بنسبة 11 % وفي عامين بنسبة30 %، وهذه عملية مقصودة، أهدافها تعويض السياسة المالية، كل دولة لها سياسة نقدية وسياسة مالية، يمكن للحكومة أن تتدخل إما في السياسة النقدية أو السياسة المالية أو الاثنين معا، بالنسبة لنا حاولنا بسياسة المالية لم نوفق، لا الجباية النفطية ولا الجباية العادية ولا الجمارك، استطاعت أن تحدث توازن في الميزانية لهذا لجئنا الآن إلى السياسة النقدية التي نجد فيها أمرين "سعر الصرف" و"سعر العملة"، إذا خفضنا سعر العملة من أجل رفع الجباية النفطية، لما يكون لدينا دينار ضعيف أمام دولار قوي نبيع به النفط إذاً المقابل يكون كبيرا، وهل سيكون لها تأثير في المستقبل؟ نحن نتبع سياسة الدينار الضعيف الذي اتبعته أمريكا سنة 2008، لما كانت أزمة مالية وشح سيولة قامت بخفض قيمة العملة "الدولار الضعيف" بعدما تحسنت الأوضاع في أمريكا رجعوا إلى "الدولار القوي" والتأثيرات نوعان، الأول على ميزانية الدولة يزيد حجم الدعم لدينا كثير من الاستيراد بالعملة الصعبة، والجزائر أمس طلبت 300 ألف طن من الحبوب التي هي مدعمة، إذا الفرق الذي ينتج عن ضعف الدينار تتحمله الخزينة. هل سيؤثر هذا الخفض على قيمة الواردات التي بلغت 60 مليار دولار؟ الدينار ضعيف هذا يرفع قيمة الواردات، لهذا إذا بقى حكم الواردات نفسه، لكن الحكومة تراهن على أن قيمة الدينار الضعيف ستقلل من حجم الواردات، لأن معامل الجزائر لا يستورد. هل تغير وزير التجارة عمارة بن يونس له علاقة بموضوع الواردات؟ مسألة الاستيراد لا علاقة لها بوزارة التجارة بل بسبب الاقتصاد الجزائري غير المنتج، والطلب الداخلي أكثر من المعروض، فتلجأ الدولة إلى العرض الخارجي الذي تلجئ له الدولة، حتى لو تغير الوزير فإن الواردات ستبقى، دون أن ننسى أن استجابة الاقتصاد ليست سريعة في كل الدول، ولكن الدولة تراهن على خفض الدينار حتى تكبح من شهية المستوردين لأن منتجهم الذي له منافس وطني يصبح أغلى. هل حصل أن وصلت قيمة الدينار لهذا الحد؟ خلال سنتين انخفض بنسبة 30 %، وهذا لم يحصل في تاريخ الجزائر أن وصلت قيمة هذا الحد أي 102 دينار مقابل دولار وحد، وهذا التخفيض مقصود من الدولة وممكن ترفع القيمة مرة أخرى. الخبير المالي نبيل جمعة: الجزائر خفضت الدينار للضغط على الواردات. أكد الخبير مالي "نبيل جمعة" في اتصال مع "الحوار" أن الجزائر خفضت قيمة الدينار لعوامل داخلية ولا علاقة لهذا الخفض مع التغيرات المالية سواء قيمة الأورو أو الدولار. ما تعليقك الأول على انخفاض الدينار الجزائري؟ هذا الانخفاض ليس عاديا ولا يخضع لعوامل اقتصادية أو مالية مضبوطة، سعر الصرف الأورو لما يتراجع في البورصات الدولية وفي الجزائر يترفع، بينما عرف في الجزائر سواء في السوق الرسمية أو الموازية ارتفاعا متواصلا، وهذا دعم فرضية لجوء الجزائر إلى خفض قيمة الدينار، فلا علاقة لتقلبات السوق بالانخفاض. إذا خفض الدينار مصدره بنك الجزائر؟ نعم، يقوم بالتخفيض بصورة تدريجية لضمان أهداف معينة، في الوقت الحالي تعمل البلدان الصناعية على تخفيض قيمة العملة للحفاظ على موقعها كونها دولة مصدر، والترويج لسلعتها، كما قامت بها الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فإن الجزائر اختارت تخفيض قيمة صرف الدينار كحل أخير للضغط على الواردات والتقليل من الاستهلاك. هل هناك تأثير على الواردات؟ السوق لما يأخذ العادة الواردات لا تنخفض. رفع الحضر على إيران هل سيزيد الضغط على الحكومة الجزائر مع انخفاض فاتورة النفط؟ أمريكا تريد الضغط على روسيا وليس على الجزائر، حتى تخرج من أوكرانيا ضغطت عليها بالبترول لهذا روسيا الآن تعاني ولا تستطيع أن تكمل بهذه الوتيرة إلى غاية نهاية السنة، ودليل ذلك أن الطلب على البترول أكبر من العرض، وهذه حالة جيو-استراتيجية السياسية جعلت أمريكا تضغط على روسيا بالأسعار، لهذا يجب أن ترد الجزائر الاعتبار لقيمة العملة الوطنية، نحن لدينا احتياط ومخزونات داخل الجزائر.