الأخبار تقول إن الروس أصبحوا أكثر تفهما وأكثر واقعية وهم حاليا بصدد بلورة موقف مشترك مع الأمريكان لمرحلة ما بعد الأسد. الترتيبات تقول إن بعض الوجوه من النظام سوف تكون جنبا إلى جنب مع المعارضة في الحكم، طبعا نحن لانعرف من هي المعارضة التي ترضى عنها أمريكا وتسلمها السلطة في الشقيقة سوريا، كما نجهل الوجوه التي ستظل في الحكم التي ترضى عنها روسيا، ربما تلك التي لم تشارك، إنما كانت تتفرج على البراميل وهي تقتل أطفال ونساء سوريا. بشار الأسد حسب الأخبار سوف يرحل عن الحكم وهو ما أكده وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي استعمل مفردات دبلوماسية مرنة حيث اقترح أن تكون الجزائر هي من" تستقبل " بشار الأسد. مفردة "تستقبل" دبلوماسية بامتياز لأنها تبدو محايدة، لكن نحن الذين لا نمارس السياسة قد لا تعجبنا هذه العبارات الباردة لأن بشار الأسد ليس قادما في رحلة سياحة واستجمام فهو قادم إلينا بصفة أخرى قد نختلف في توصيفها. نعم الجزائر كانت تستقبل، لكن كانت تستقبل الأحرار والمناضلين والشرفاء والكثير لا يعرف أن المناضل الكبير "مانديلا" تدرب على القتال وحمل السلاح هنا في الجزائر أثناء الثورة الجزائرية على يد المجاهدين الجزائريين الذين علموه أبجديات الكفاح والشرف. وبعد الاستقلال ظلت الجزائر وفية لثورتها وقيمها النضالية فكانت تستقبل المناضلين والمدافعين عن شعوبهم وعن الحرية والكرامة الإنسانية من العالم العربي ومن إفريقيا ومن آسيا ومن امريكا اللاتينية. لقد كانت الجزائر تسمى قبلة الثوار ومكة الأحرار وكان مقهى اللوتس الملاصق للجامعة الذي كان يجمع المثقفين والمناضلين ما جعل الكاتب الطاهر بن عيشة أطال الله في عمره يرد على أحد السائلين الذي كان يستفسر عن أحد المناضلين من إفريقيا الذي استقبلته الجزائر ومنحته حق اللجوء السياسي فقال له الطاهر بن عيشة "ما تتقلقش غدوة الصباح يكون في اللوتس وتعرف كل شيء"، مقهي اللوتس أغلق أبوابه وغير مهنته وأصبح محلا لبيع البدلات وربطات العنق وأجود أنواع الألبسة الداخلية الرجالية. كنت دائما أقول إن مقهى اللوتس جزء من تراث الجزائر الثقافي والسياسي والنضالي وما كان ينبغي تغيير وظيفته، لكن يبدو أن من غير له مهنته ووظيفته كان صاحب نظرة مستقبلية عميقة وثاقبة.