الحرب في سوريا ستطول! هكذا قرر كيري، وهكذا هدد الأسد، أمس، في ندوته الصحفية التي رد فيها على تصريحات الأسد في حواره مع قناة “الميادين”، قائلا له إن “الحرب في بلادك لن تتوقف إلا برحيلك”!؟ هذا يعني أن “جنيف 2”، التي كان يهلل لها الجميع، ورأوا فيها محطة سلام قادرة على حل المشكل السوري، بعدما تفادى نظام الأسد ضربة أمريكية في سبتمبر الفارط، لن تكون لها في تشرين (نوفمبر) ولا في غير تشرين، فكل من الأسد والمعارضة لا يريدان الذهاب إلى جنيف. الأسد استبعد أن يعقد “جنيف 2”، في التاريخ المعلق عنه، ورفض أي شروط مسبقة لمشاركة النظام فيها، والجربا قال لن تحضر المعارضة إلى جنيف ما لم يكن الهدف هو إسقاط الأسد، لأن المعارضة ستفقد من مصداقيتها، حسب الجربا. والأسد الذي حقق نظامه تقدما على الأرض في حربه ضد الإرهاب أو المعارضة، مثلما يحلو لكل طرف تسميتها، لمّح في حواره أمس، إلى أنه لن يرحل، بل وسيتقدم للرئاسيات مرة أخرى في 2014، ولن يكون جزءا من الحل، بل الحل كله، عكس ما تطالب به المعارضة التي تشترط ذهابه قبل أي حوار، وعكس ما تطالب به أمريكا، التي قال وزير خارجيتها، أمس، إنه على الأسد قراءة مقررات “جنيف 1”، التي تنص على تشكيل حكومة انتقالية من الطرفين مهما كان المتفوق على الأرض. فالأمور زادت تعقيدا في سوريا، والحل صار أبعد، وليست هناك قوة دولية قادرة على التدخل لإسقاط بشار، مثلما فعلت في ليبيا، ليس لأن الوضع الكارثي في ليبيا جعل المجتمع الدولي يراجع حساباته، بل لأن نظام بشار قوي ويتمتع بدعم دولي روسي إيراني، إضافة إلى حزب الله، وأيضا لأنه نظام قوي وزادت في قوته المعارضة التي بيّنت أنها أسوأ من النظام، والدليل المجازر التي اقترفتها في حق المدنيين، والتصفيات الجسدية لرموز النظام، والعلويين، دون محاكمة، ما جعل الرأي العام الدولي يغير موقفه من المعارضة التي اكتسحتها القاعدة والجماعات الجهادية. فقبل التفكير في الإطاحة برئيس، بغض النظر عن الأسلوب الذي جاء به إلى الحكم، أو عما يمثله في الواقع، لابد أن يكون هناك بديل، والبديل غير متوفر في المعارضة السورية، وليس من مصلحة المجتمع الدولي أن يدعم جماعات إرهابية لإيصالها إلى الحكم، في الوقت الذي تحارب هذه الجماعات في مالي وفي أفغانستان وفي العراق، وحتى في ليبيا. فالقضية ليست قضية حكم فقد الشرعية مثلما يوصف النظام السوري، وإنما قضية قوة، والنظام السوري مدعم من قوى إقليمية ودولية سمحت له بالصمود، أمام عدوان متعدد الجنسيات، ولا شك أنه سيصمد لسنوات أخرى، بعد أن بدأ الملل والانشقاق يتسرب لصفوف المعارضة ونال منها التعب، ولم تكن تتصور أن الحرب ستطول بعدما خذلها “الناتو” ولم يتدخل للإطاحة بنظام بشار وتنصيب رئيس من المعارضة محله، مثلما فعلت فرنسا في ليبيا، ليستعد السوريون في مخيمات اللاجئين لشتاء تقول التوقعات إنه سيكون الأكثر برودة منذ مائة سنة. فبشار ما زال مستمرا في حكم سوريا لسنوات أخرى.