عبد الرحمان بطاش إعلامي مخضرم من "لوسوار دالجيري"ناهزت تجربته الإعلامية الربع قرن، تخصص في تغطية الحراك الاجتماعي والنقابي في سنوات التسعينات ،قبل أن يتميز في التنشيط التلفزيوني ل "نقطة خلاف" و"قضية نقاش" عبر قناة "النهار "في السنوات الأخيرة، التجربة التي اعتبرها مكملة لمشواره الإعلامي في الصحافة المكتوبة كما قال في حديثه ل"الحوار". حاورته:سامية حميش _ 25 سنة منذ بداية مشوارك الصحفي في عدة جرائد، تقلدت خلالها عدة مسؤوليات. كيف تقيم مشوارك الإعلامي اليوم؟ الخلاصة الأولى التي خرجت بها من خلال تجربتي الإعلامية التي دامت 25 سنة هو معرفتي لأشخاص لم أكن لأتعرف عليهم لولا امتهاني للصحافة، فقد اكتشفت الوجه الحقيقي للحياة بفضل هذه المهنة، لقد تخليت عن دراستي بالمدرسة الوطنية للإدارة بعد سنة من الالتحاق بها في سنة 1985 من أجل الالتحاق بمعهد العلوم السياسية والعلاقات الدولية ببن عكنون، حيث درست "التنظيم السياسي والإداري"وبعد انقضاء سنوات الجامعة الأربعة، التحقت مباشرة بيومية "آلجيري سبور"الناطقة بالفرنسة وكان ذلك في سنة 1990.ومنذ ذلك الحين وأنا صحفي وفخور بذلك ولن أندم أبدا على اختياري لهذه المهنة.
– اشتهرت في كتاباتك بتناول قضايا الجبهة الاجتماعية والنقابية في جريدة "لوسوار دالجيري" لماذا اخترت هذا المجال بالذات ؟
بالفعل،كتبت كثيرا عن الجبهة الاجتماعية والنقابية، لقد رافقت موجة الاحتجاجات منذ أن كنت طالبا في الجامعة وحتى بعد امتهاني للصحافة،تخصصت وناضلت في هذا المجال غداة الانفتاح الديموقراطي في الجزائر، حيث كانت الجبهة الاجتماعية في أوج الغليان، كنا نعيش يوميا إضرابات واحتجاجات ونغطي مسيرات وتجمعات، لقد تميزت تلك الفترة بالحراك الاجتماعي وأتذكر أنني أمضيت وقتي في مرافقة احتجاجات العمال رفقة زميلي سليمان حميش من جريدة"الخبر"لقد تخصصنا في كل ما يتعلق بالحراك الاجتماعي، وحينما نتحكم في الجبهة الاجتماعية هذا يعني أننا نفهم كل ما يجري في دواليب السياسة والاقتصاد في نفس الوقت.
_ هل تؤمن بالتخصص في الإعلام؟ الصحفي الحقيقي يجب أن يكتب في كل المواضيع، تماما كالسباح الماهر الذي يحترف كل أوضاع السباحة قبل أن يتخصص في إحداها أو حتى في أكثر من واحدة، هكذا هو الصحفي،وأنا قبل أن أجد نفسي متخصصا في الحراك الاجتماعي، كتبت في كل الأقسام، في الرياضة والثقافة والدولي وحتى في القسم المحلي..حقيقة بعد الممارسة نجد أنفسنا نختار تخصصا ما أكثر من البقية وهو ماحدث معي، لكن هذا لا يعني أنني غير مطالب بأعمال أخرى وتغطيات لأقسام أخرى خارج هذا التخصص. لكن إجابتي عن سؤالكم هي نعم، من الأحسن أن يكون الصحفي متخصصا في مجال ما. __تقوم بتنشيط حصة تلفزيونية في قناة خاصة.كيف تقيم هذه التجربة وماذا أضافت لرصيدك مقارنة بالصحافة المكتوبة؟
تجربتي في التلفزيون كانت رائعة ولن أعرف كيف أسدي الشكر لصديقي ومدير قناة" النهار" أنيس رحماني على إتاحتي فرصة تنشيط حصتين تلفزيونيتين "نقطة خلاف" و"قضية نقاش" طيلة ثلاث سنوات ونصف السنة، لقد كانت تجربة رائعة بعد 20 سنة كاملة في الصحافة المكتوبة، هذه التجربة كانت مكملة لتجربتي الإعلامية.
_ _تجربة طويلة في الصحافة، هل تفكر في الانتقال الى عالم الكتابة والتأليف؟ تطرحين علي سؤالا جوهريا، بعد سنوات من الممارسة الإعلامية، أتمنى أن أطلق تجربتي الخاصة، لست أدري ماهي إلى حد الآن، لكنني أبحث عن فكرة لتحقيق مشروعي الخاص.أتمنى تجسيد هذه الأمنية وأنا أستعد لدخول سن الخمسين.
_كيف تقيم المشهد الإعلامي في الجزائر؟ سأجيبك بطريقة بسيطة، لا نستطيع أن نتخيل أن يستيقظ الجزائريون يوما ما ولا يجدون غير جريدتين إحداها بالفرنسية والأخرى بالعربية، وعبر هذه الإجابة أود أن أقول أن حرية التعبير بالجزائر هي حق مكتسب ولا يمكن التراجع عنها، بل يجب تدعيمها، لكن كيف يمكن ذلك؟ الأمر بسيط.. بالاحترافية والصرامة وبالعودة إلى أبجديات الممارسة الإعلامية الصحيحة.
__تسجل تقارير المنظمات وجود تضييق على الصحفيين،هل تراجع سقف الحريات في الجزائر برأيك؟ لا أعتقد بأن هناك تراجع في سقف حرية التعبير بالجزائر، بل بالعكس أعتقد بأن زملاء المهنة يبالغون في المسألة في أحيان كثيرة.
__كيف تنظر الى الأداء المهني للجيل الجديد من الصحفيين؟ الجيل الجديد من الصحفيين لم يعاني كما عانى جيلنا، ربما سهولة الممارسة الصحفية هي التي تدفعه في أحيان كثيرة للوقوع في الأخطاء المهنية، مهنة الصحفي هي إعلام ونشر الخبر وليس إصدار الأحكام أو التعليق.بعض الصحفيين الشباب انحرفوا كثيرا عن المعلومة الصحفية التي يبني بها أي عمل صحفي، وبدونها يفقد المجال الإعلامي معناه الحقيقي.كما ابتعدوا عن الموضوعية وحولوا أنفسهم إلى طرف وقاضي يصدر الأحكام.
__لو عاد الزمان إلى الوراء، هل كنت ستختار مهنة الصحافة مرة أخرى هذا السؤال الذي أطرحه على نفسي كثيرا، ولو أنني أكملت دراستي في المدرسة الوطنية للإدارة، سؤال لا أجد له جوابا لكنني سأقول أن مهنة الصحافة هي أجمل مهنة في العالم. …………………………………………………………………………………………………………………………………