أثار تمثال أنجز احتفاء بالشهيد الرمز الجزائري العربي بن مهيدي غضب المواطنين، وطالبوا بإزالته فورا، لأنهم رأوا فيه إهانة لأحد رموز ثورتهم التحريرية. وضع التمثال الإسمنتي بإحدى ساحات مدينة عين مليلة احتفاء بالذكرى ال 59 لاستشهاد العربي بن مهيدي، هذا المجسم عدّه الجزائريون يشبه كل شيء إلا بطلهم العربي بن مهيدي، وتفاعل معلقون مع ما أسموه بالفضيحة، وأنشأ بعضهم صفحات في موقع بعنوان "كلنا بن مهيدي". وكانت حادثة المجسم مناسبة للتذكير بتاريخ هذا الشهيد، الذي قال في حقه الجنرال الفرنسي مارسيل بيجار "لو أن لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم". وغرّد عادل راقدي في "تشويه رمز الجزائر المجاهد العربي بن مهيدي بوضع تمثال في ولايته، الفضائح والمهازل لم تنته". بينما غرّد فقيه بن عبد الله قائلا "السلطة تصرف المليارات لإنجاز الخزي والعار. لا تمثال عبد الحميد بن باديس ولا تمثال العربي بن مهيدي". ردود الفعل لم تتوقف عند المستوى الافتراضي، بل تحولت إلى ممارسات ميدانية، حيث أقدمت مجموعة من الشباب على تغطية التمثال بالعلم الجزائري، وأمهلوا السلطات المحلية ساعات قليلة لإزاحته، وإلا فإنهم سيتكفلون بذلك، وبالفعل تدخلت السلطات المحلية وقامت بإزالة التمثال. ردود غاضبة وهذه ليست سابقة من نوعها، فقد شهدت احتفالية تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية عام 2015 "إهانة" بحق رائد الحركة الإصلاحية بالجزائر، الشيخ عبد الحميد بن باديس، حيث نصب تمثال له رأى الجزائريون أنه لا يشبهه في شيء. وقد خلّف تمثال بن باديس ردود فعل غاضبة جدا، وتدخلت عائلته، ما دفع السلطات لإزالته. وتطرح مثل هذه الحوادث الكثير من الأسئلة بشأن من يقف وراء هذه "الإهانات"، وهل هي مقصودة أم لا؟ ولماذا لا تعاقب السلطة المتورطين فيها؟ ويقول رئيس حزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبش، إن الإساءة للرموز من خلال التماثيل "الرديئة" لم تقتصر على رموز التاريخ الحديث فقط، بل مست رموز الجزائر في الأزمنة الغابرة، على غرار القادة الأمازيغ ماسينيسا ويوغرطا وغيرهما. وشدد على غياب دلائل تثبت أن هذه الإهانات مقصودة، إلا أنه يجزم أنها ناتجة عن عدم المبالاة بهذه الشخصيات، بدليل أن هذه المجسمات "تفتقد أي لمسة فنية، وتصنع من مادة الإسمنت والحديد فقط، رغم أن المخصصات المالية التي ترصد لها ضخمة". ثقافة "اللصوصية" وتشير بعض التقارير المحلية إلى أن تمثال العربي بن مهيدي كلف خزينة الحكومة ملياري سنتيم، ما يعادل أكثر من مئتي ألف دولار. ويبرر النحات بوكرش محمد بروز نصب التماثيل الرديئة بالقول: إن مجال النحت بات يمارسه من هبّ ودب في دول العالم الثالث. وقال للجزيرة نت إن الكثير من ممارسي النحت تستدرجهم مكاتب دراسات بناء محلية مقابل أجور رخيصة، لأنهم لا يمتلكون أدنى خبرة أو تجربة، حسب تعبيره. وطالب بمراقبة المختصين على مثل هذه الأعمال، وتمكينهم من إعطاء رأيهم والقيام بالتعديل ومنح الموافقة النهائية لأي تمثال قبل نصبه في الساحات العامة. وتحدث بروز عما سماه "ثقافة اللصوصية والنهب المتفشية في معظم المؤسسات، التي باتت تشوه الإنسان وليس فقط منحوتات الرموز الثورية". ياسين بودهان-الجزائر