في ظل مقاطعة الجزائريين للمعدن النفس بات الإقبال على حلي الفضة، "البلاكيور"، البرونز و"الفونتيزي" مرتفعا بشكل كبير في الجزائر، وأصبحت المحلات التي تبيع هذا النوع من السّلع تعرف اكتظاظا طول اليوم، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى بساطة أسعارها مقارنة بالذهب، فضلا عن جمال موديلاتها المرصعة بالأحجار الملونة التي تسحر الأعين.
تعرف الحلي الفضية هذه الأيام رواجا كبيرا في أوساط الفتيات والنساء الباحثات عن الموضة والتغيير، خصوصا أن أسعار المجوهرات الذهبية لا تعتبر في المتناول، فأبسط طاقم من الذهب الخالص لا يقل عن 25 مليون سنتيم، بينما لا يتعدى طاقم الفضة المليوني سنتيم، كما أن موديلات الحلي الفضية تعتبر الأكثر رواجا هذه الأيام، وخصوصا تلك القادمة من تركيا والشبيهة بمجوهرات حريم السلطان، فإن الطلب عليها مرتفع جدا في السوق من قبل النساء والفتيات في جميع الأعمار، فهي تتوفر على العديد من الموديلات الجذابة والساحرة، سواء البسيطة والكلاسيكية أو تلك المرصعة بالأحجار الملونة بألوان زاهية والتي تعطيها روح الأصالة وتجعلها تبدو من المجوهرات العتيقة. وخلال جولتنا بمحلات بيع الفضة، أكدت لنا زبونة كانت بصدد اقتناء خاتم من الفضة بالأبيار أنها مولعة بهذه المجوهرات، وكانت ترغب في اقتناء هذا الخاتم منذ فترة، وترددت في ذلك لأنها وجدت ثمنه مبالغا فيه، حيث بلغ 6500 دينار بالرغم من أنه خفيف الوزن، فقد أصبحت الأثمان متعلقة بالموديل أيضا، فالقطع الشبيهة بمجوهرات حريم السلطان والتي كانت ترتديها بطلات ذلك المسلسل على غرار هيام والسلطانة الأم تعتبر الأغلى ثمنا لأنها مطلوبة بشكل كبير. ثم أرانا التاجر مجموعة من الطواقم المرصعة الجميلة التي رأينا مثلها لدى بطلات المسلسل التركي الشهير "حريم السلطان" وقال إنها الأكثر طلبا رغم غلاء أسعارها التي تقارب أسعار الذهب. ويتراوح سعرها ما بين 6 آلاف دج إلى 25 ألف دج، مضيفا أنها لقيت إقبالا كبيرا في موسم الأعراس، خاصة من طرف المقبلات على الزواج، لكنه حذر في نفس الوقت من الحلي المقلدة التي تملأ السوق وتباع على أنها من البرونز، موضحا أن المجوهرات التركية القديمة كانت مصنوعة من خليط من الفضة والبرونز. أما البعض فيصنعونها من قشرة لا معدن أصلي لها في الأسواق على طاولات بالأطنان.
* خواتم الفضة للخطبة والزواج بديل مثالي
لم يقتصر اعتماد مجوهرات الفضة على الباحثات عن الموضة أو الراغبات في التغيير، بل إن اعتمادها تعدى ذلك بكثير، فثمنها المقبول مقارنة بالذهب جعل منها بديلا مثاليا لخواتم الخطبة والزواج الذهبية، خصوصا إذا كانت من الفضة الحرة ومطلية بالذهب الأبيض، حيث صار العديد من المقبلين على الزواج يقتنون هذا النوع من الخواتم كون مظهرها البراق لا يختلف أبدا عن الذهب الأبيض، حيث أكد لنا سفيان وهو شاب متزوج حديثا أن عروسه هي التي طلبت منه أن يقتني لها خواتم الخطبة والزواج من الفضة بدلا من الذهب لعلمها بتعسر حالته المادية وحتى تنقص عليه بعضا من الأعباء المادية.
* "البلاكيور" المنفذ الوحيد من حرّ الذهب
تلجأ الكثير من المقبلات على الزواج لاقتناء حلي "البلاكيور" و"الفونتيزي" عوضا عن الذهب الأصلي الذي بات ثمنه في غير المتناول، وتحاشيا لنظرة المجتمع الذي لا يرحم ولا يتفهم الظروف المادية للعروس التي تترصدها الأعين بصفة خاصة ليلة الزفاف وحتى سنوات بعدها، فتقول صريا وهي امرأة متزوجة منذ سنة "تعرضت للكثير من المتاعب خلال تجهيزي للعرس، ويبقى حلي الذهب من أكثر المقتنيات غلاء وفي غير المتناول، كما انه ضروري للتصديرة، وبالأخص في الأزياء التقليدية التي كان علي ارتداؤها، ولحفظ ماء وجهي وتفادي الظهور بمظهر يقل عن البقية، قررت اقتناء حلي "البلاكيور" ذي الجودة العالية الذي لا يمكن تمييزه عن الذهب، كما أنه مضمون لمدة عشر سنوات، ويبقى ثمنه يقل بأضعاف عن الذهب الأصلي، فاشتريت طاقما كاملا من الموديلات الحديثة، بالإضافة إلى بعض الأساور والمحزمة التي ارتديتها مع جبة "الفرقاني"، فضلا عن كرافاش بولحية، وذلك لأن هذا النوع من الحلي ضروري ليس فقط لليلة زفافي، وإنما حتى في حضوري لأعراس أخرى تخص الأقارب والأحباب، حيث تبقى الأعين تترصد المتزوجة حديثا لسنوات بعد عرسها، فإذا لم ترتد مجددا الأزياء التي ارتدتها ليلية العرس والحلي الذي ارتدته، يدرك الجميع أنه ليس ملكا لها، وإنما استعارته أو قامت بكرائه من المحلات.
* تراجع أسهم الذهب في البورصة لم يعد له بريقه
تراجعت بورصة الذهب كثيرا خلال الأعوام الماضية، فالمعدن النفيس لم يعد يغري الناس، إلى درجة أن انخفاض أسعاره والتي تعلن عنها أخبار البورصة لم تعد تغير في الإقبال عليه الشيء الكثير، إلى درجة أن محلات الذهب تعاني من الكساد ويشتكي أصحابها من شبه إحجام تام على اقتنائه، حتى مع طريقة التّقسيط الممل التي لجأ إليها أغلب الصائغين.. في حين انتعشت تجارة الفضة بشكل غير مسبوق بسبب المستوردة منها وليست المحلية. فالموديلات التقليدية لبعض المناطق على غرار تيزي وزو التي تطرحها الجزائر تلقى إقبالا محدودا لا يخرج من المحلية، في حين تلاقي الفضة المستوردة إجماعا من كافة الشرائح والمناطق والأعمار، مما دفع ببعض التجار إلى تصنيع موديلات مستوردة محليا على غرار أحد التجار بتلمسان، والذي أقدم على تصنيع حلي حريم السلطان بنفسه وتسويقها بعد أن لمس ولع نساء المنطقة بها. وفي انتظار أن تتراجع أسعار الذهب بشكل يستوعبه المواطن الجزائري وهذا مستبعد طبعا لأنه خاضع لبورصة عالمية تتحكم فيه. يبقى عزوف الجزائريين عنه أمرا واقعا ويبقى المستفيد الأول هو تجار الفضة والإكسسوارات الأخرى التي تساير الموضة والتي حلت محل الذهب في كل المناسبات حتى في الزواج.