محمد مصطفى حابس: جنيف / سويسرا "ليس من أمم الأرض وشعوبها أمة أو شعب عاش عمره جادًا من غير عبث، بل ليس منها من خلا تاريخه من فترة تردى فيها إلى درك لم ندركه نحن المسلمين بالرغم من كل ما فينا، ثم إنه ليس منها من نهضه من كبوته فكرة فيلسوف، أو منطق حكم الكبير والصغير".. يُقر هذه الحتمية شيخنا المرحوم الدكتور سعيد رمضان والد أخي هاني وطارق رمضان من سويسرا، في افتتاحية "المسلمون" منذ أزيد من نصف قرن، حيث كتب يقول: "إنما هي العاطفة المشبوبة تبعثها دائمة قلة واعية، فتطلق بها المواهب المكبلة، وتحبب بها الواجب الثقيل، وتهون بها العقبة الصعبة، وتندفع بها في غير منطق أحيانًا وليس من حركة غيّرت وجه التاريخ إلا ووراءها مغامرة أشعلتها عاطفة لم يقدرها أكثر العقلاء قدرها إلا بعد أن رأوا ثمرتها، وكفاهم الواقع -أو كفاها- شر العد والحساب !!"، مفندا بعض المزاعم المريبة بقوله: "يكذب على «المسلمين» من يزعم أنهم يتخلفون عن كل دعوة حية صادقة إلى النهوض، أقول ذلك وفي أعصابي دموع شهدتها، ووميض أعين رأيتها، وزفرات حارة سمعتها، ومعالم ثروة هائلة مبعثرة تنقلت في أنحائها"، هكذا بكل تجرب وبساطة..!!. * الموت يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات وتحت عنوان "خواطر نفس من المهجر"، يقدم شيخنا الدكتور سعيد رمضان، في "المسلمون" المجلد التاسع العدد الثالث، قطوفا من رسالة لسيد قطب، حيث كتب يقول رحمه الله: "رسالة من أمريكا بعث بها الكاتب العزيز هذه الخواطر إلى شقيقته المؤمنة المرابطة الآنسة أمينة قطب، وقد أهداها إلى (مجلة المسلمون) أخ فاضل ثقة يكتم إيمانه!، ونحن إذ ننشرها شاكرين لمهديها الكريم ما خصنا به من الفضل، نودّ لو كان لنا من سبيل إلى الأخ الكاتب – أي سيد قطب- كي نستأذنه في النشر". الرسالة طويلة ومبوبة على شكل فصول وفقرات غاية في الأهمية، إستوقفتني فيها فقرة يشرح فيها سيد قطب معاني وأغوار كلمتي "الموت والحياة"، حيث يقول شهيد الظلال لشقيقته أمينة " إن فكرة الموت ما تزال تخيل لك، فتتصورينه في كل مكان ووراء كل شيء وتحسبينه قوة طاغية تظل الحياة والأحياء، وترين الحياة بجانبه ضئيلة واجفة مذعورة. إنني أنظر اللحظة فلا أراها إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة، وما يكاد يصنع شيئًا إلا أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!..". * بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي ثم يردف قائلا "مدّ الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي!.. كل شيء إلى نماء وتدفق وازدهار.. الأمهات تحمل وتضع، الناس والحيوان سواء، الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيض المتفتح عن أحياء وحياة.. الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار.. السماء تتدفق بالمطر، والبحار تعج بالأمواج.. كل شيء ينمو على هذه الأرض ويزداد.. بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي، أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات والحياة ماضية في طريقها، حية متدفقة فوارة، لا تكاد تحس بالموت أو تراه!"…" لقد تصرخ مرة من الألم، حين ينهش الموت من جسمها نهشة، ولكن الجرح سرعان ما يندمل، وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحًا…". * الموت ينهش شيخا ضريرا في هجرته القسرية في ديار الغرب ويندفع الناس والحيوان، الطير والأسماك، الدود والحشرات، العشب والأشجار، تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء!.. والموت قابع هنالك ينهش نهشة ويمضي.. أو يتسقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات، و هاهو الموت ينهش شيخا ضريرا في هجرته القصرية بهذا الوصف وفي أرض المهجر بأمريكا، التي زارها و كتب منها وعنها سيد قطب.. إذ غيب الموت هذا الأسبوع الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية بمصر الشيخ عمر عبد الرحمن في سجن أمريكي إثر صراع طويل مع المرض، وذلك بعد أشهر من تواصل السلطات الأمريكية مع السلطات المصرية لاستكمال عقوبة السجن مدى الحياة في أرض أجداده، نظرا لتدهور صحته في السجون الأمريكية، لكن لا حياة لمن تنادي من قبل حكومة العسكر المصرية، لاعتبار أساسي أن السلطات المصرية الحالية لا ترغب في تحمل ذلك العبء الثقيل، وبغض النظر عن موافقتنا من عدمها لأسلوب الشيخ وطرحه في بعض المسائل، إلا أن الجانب الإنساني يحتم حتى على قلوب الأعداء نوعا من الليونة والتعقل والتبصر.. بل والكرامة الإنسانية لا غير، مصدقا لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}. * أمريكا القوة والحضارة لم ترحم ضعف شيبة شيخ ضرير وذكر أحد أبناء الشيخ الضرير لوسائل الإعلام، أنه قبل عشرة أيام من وفاته تلقت الأسرة مكالمة وحيدة من الشيخ عمر منذ تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة، وقال خلالها إن السلطات الأمريكية منعت عنه الأدوية وجهاز راديو كان بحوزته، تزامنا مع اتهام الجماعة الإسلامية إدارة ترامب بتعريض حياة زعيمها الروحي للخطر عبر "حملة انتقامية". وكان الشيخ عمر عبد الرحمن البالغ من العمر 79 عاما، يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولاياتالمتحدة إثر إدانته عام 1995 "بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993، الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ألف آخرين، فضلا عن التخطيط لاعتداءات أخرى، بينها مهاجمة مقر الأممالمتحدة، وهي اتهامات كان ينفيها ويفندها باستمرار الشيخ المرحوم، وعُرف الراحل بأنه "الزعيم الروحي" للجماعة الإسلامية التي حملت السلاح ضد النظام المصري في التسعينيات، وكانت إصابته بالسرطان واحتجازه مدة طويلة في حبس انفرادي دافعا لحملة تضامن دولية معه، حتى من غير المسلمين. * الشيخ مهدي عاكف بين الحياة والموت تزامن رحيل عمر عبد الرحمان، مع المرض المزمن الذي أقعد شيخ مصري آخر، هو الشيخ مهدي عاكف وهو في سجن بلده مصر وليس في الغرب، وذلك بعد الضغوطات التي يتعرض لها الشيخ مهدي عاكف وهو الشيخ المسن، الذي ناهز التسعين، وتمت مساومته للإفراج عنه بتقديم تنازلات في صورة تصريحات منذ يوم اعتقاله، إلا أنه رفض رفضاً قاطعاً وأقفل باب المناقشة في هذه الأمور، حيث قال أحد تلاميذه "ربما أراد الله لمهدي عاكف أن يختم حياته مجاهداً مناضلاً كما بدأها، وكأنها طوال عمره، إلا أنني أدعو الله أن يمد في عمره حتى يرى بعينيه مصارع الظالمين وسارقي الأوطان"، مضيفا بقوله :"أو ربما مقامك يا سيدي عند ربك – كما نحسبك- أن تموت على فراش السجن مناضلاً وليس على فراش البيت".. وقد إلتقى كاتب هذه السطور آخر مرة مع الشيخ مهدي عاكف، في أواخر عهد حكومة الرئيس محمد مرسي، في تركيا في إحدى الندوات بإسطنبول، حيث تناولنا إفطار الصباح سويا مع سيدة كانت ترافقه وتسهر على صحته أظنه ابنته، وكان يحمل هم مستقبل الأجيال في أوروبا بنفس نبرة هم أجيال العالم العربي والإسلامي .. ولا ننسى أن تاريخ نضال الشيخ مهدي عاكف يبدأ من زمان بعيد وتحديدا بعد الثورة وحدوث الصدام بين تنظيم الإخوان والرئيس عبد الناصر عام 1954، حيث تم القبض عليه وحكمت عليه المحكمة المصرية بالإعدام، فواجه الحكم باستهانة وثبات، وفي ليلة التنفيذ جاء القرار بتخفيف الحكم للمؤبد، قضى منها عشرين عاماً كاملة.. * من ضيق السجن إلى آفاق الدعوة في أوروبا.. خرج مهدي عاكف، من السجن بعد عشرين عاماً وقد تجاوز الأربعين من عمره، وكان يدعو ربه دائماً قبيل خروجه بأن يحج ويتزوج بشكل سريع ومُفاجئ، وبالفعل أنعم الله عليه بالنعمتين في عام واحد، وبعدها سافر إلى السعودية مديراً في (المنظمة العالمية لشباب العالم الإسلامي)؛ حيث جاب العالم الإسلامي في معسكرات تثقيف ونشر للدعوة الإسلامية. ويعتبر عاكف من بين مؤسسي العمل الإسلامي والدعوي المعاصر في أوروبا؛ حيث سافر إلى ألمانيا وأسس مع إخوانه مركزا إسلاميا بميونيخ يعد من أوائل المراكز الإسلامية.. وفور توليه منصب المرشد لجماعة الإخوان سَرَت في الجماعة روح جديدة- حسب بعض منتسبي هذا التيار- يذكرها بعض من عايش تلك الفترة، فخرجت مظاهرات الإصلاح في عام 2005، ونزل الإخوان للشارع بعد انقطاع دام خمسين عاماً، و جرت انتخابات ووصل 88 عضواً من الإخوان للبرلمان المصري، وعندما حوصرت غزة في عام 2006، أعلن مهدي عاكف بقوله "أننا سندافع عن غزة في الشوارع المصرية"، وأصر على تنفيذ وعده بعدم الترشح لفترة ثانية في منصب المرشد، رغم مناشدة الكثيرين له بالبقاء، وتم انتخاب الدكتور محمد بديع، بدله. واليوم رخص له النظام المصري، الخروج من السجن بعد أن أعلن عن وفاته مرات عديدة في عنابر سجون مصر، و هو حاليا "سجين" في أحد مستشفيات مصر بعد أن تعاونت عليه الأمراض في المدة الأخيرة وأقعدته تماما.. * اعتداءات وضغوط سعيا لانتزاع اعترافات مزورة بجرائم مزيفة واليوم أيضا، ومع استمرار مسلسل انتهاكات حقوق الإنسان في مصر من قبل سلطات الانقلاب العسكري، يتعرض بعض رموز العمل الإسلامي في مصر بالآلاف إلى ضغط رهيب من الاعتداءات والضغوط النفسية والجسدية في المعتقلات، سعيا لانتزاع اعترافات مزورة بجرائم مزيفة كتمهيد لتلفيق تهم تضعهم تحت طائلة أحكام ظالمة من قبل قضاء الانقلاب، منتهكين بذلك أبسط قواعد العدالة وحقوق الإنسان، لم يراع فيها لا شيبة الشيخ ولا ورع المتبتل ولاعلم العالم ولا حرمة المرأة ولا حتى رتبة مسؤول بما فيهم الرئيس والوزير.. * نأسى لك – يا مصر– أن أنزلتك الأقدار بهذه المنزلة وهنا يعجبني ما كتبه العلامة محمد البشير الإبراهيمي، منذ ما يقارب 65 سنة خلت تحديدا عام 1952 في جريدة البصائر، بقوله " نأسى لك – يا مصر- أن أنزلتك الأقدار بهذه المنزلة التي جلبت لك البلاء وجرّت عليك الشقاء. وأن حبتك هذا الجمال الذي جذب إليه خُطّاب السوء من الأقوياء الطامحين، والقوّاد الفاتحين، وأن أجرى فيك هذا الوادي العذب الذي كان فتنة الخيال البشري، فلم يقنع لمائه إلا بأن ينبطه من الجنة، فصبرًا يا مصر فهذا الذي تعانيه هو مغارم الجمال والشرف والسّلطة، سمّوك ((عروس الشرق))، فكأنما أغروا بك الخطّاب"… "وهجهجوا فيك الآساد الغلامية ووسموك ((بمنارة الشرق)) فَلَفتوا إليك الأَعْيُن الخزر، ولووا نحوك الأعناق الغلب، ولو دعوك ((لبؤة الشرق)) لأثاروا – بهذا الاسم- في النفوس معاني رهيبة، منها دقُّ الأعناق، وقصم الظهور، وتزييل الأعضاء.. مضيفا بقوله "وقديمًا سمَّوا بغداد ((دار السلام)) فجنوا عليها، وكأنما دلوا المُغيرين عليها، ولو سمّوها ((دار الحرب))، لأوحى الاسم وحده ما تنخلع منه قلوب الطامعين وتخنس له عزائمهم، وتنكسر لتصوّره الجيوش اللجبة، فغفرًا – يا مصر- فما هذه الأسماء إلا من هُيام الشعراء". * لئن كانت أزمات مصر في التاريخ كثيرة فكلها إلى انفراج عاجل ثم يطمئننا علامة الجزائر الشيخ الابراهيمي الذي عاشر وعرف عن قرب مصر وشعب مصر، مطمئنا إياها خصوصا بقوله "لئن كانت أزماتك في التاريخ كثيرة، فكلها إلى انفراج عاجل، ومن المؤلم أن تطول بك المحنة في هذه الدورة من أدوار الفلك، وأن تُبلى بخصم لئيم الخصومة والكيد، مدّهما زمنه بالقوّة والأيد، وأن يستحلّ حُرُماتك غاصب غريب لا تجمعك به نسبة لشرق، ولا يلتفّ منكما -إلى آدم- عرق بعرق، فيجعل منك أداة لكيده، وجارحةً لصيده، ومطية لصولته، وطريقًا لظلمه وظلامه.. فلو أن المسالك تشترك في الإجرام مع السالك لكان لك المعركة في كل ما حمل الإنكليز من أوزار"، محفزا ومنبها بقوله "إن الخصوم – كما علمت- لئام، فأقطعي عنهم الماء والطعام، وإن اللؤم والجبن توأمان منذ طبع الله الطباع، فحرّكي في وجوههم تلك القوى الكامنة في بنيك يرتدعوا، صمّمي وقولي للمتعاقلين الذين يعذلونك على الإقدام: (( إنّ أضيعَ شيء ما تقول العواذل))". * إنهم لم يقاتلوك بالحديد والنار يا مصر ولكنهم قاتلوك في الزمن كله ب .. مناجيا مبرزا أسباب الفساد والظلم في مصر، بقوله "الثُرى كنانتك – يا مصر، يا كنانة الله- فإن لم تجدي فيها سلاح الحديد والنار فلا تُراعي واحرصي على أن تجدي فيها السلاح الذي يفل الحديد، وهو العزائم، والمادة التي تطفئ النار، وهي اتحاد الصفوف، والمسنّ الذي يشحذ هذين، وهو العفة والصبر؛ فلعمرك – يا مصر- إنهم لم يقاتلوك بالحديد والنار إلا ساعةً من نهار، ولكنهم قاتلوك في الزمن كله بالأستاذ الذي يُفْسد الفكر، وبالكتاب الذي يزرع الشك، وبالعلم الذي يُمرض اليقين، والصحيفة التي تنشر الرذيلة، وبالفيلم الذي يزيّن الفاحشة، وبالبغيّ التي تخرب البيت، وبالحشيش الذي يهدم الصحة، وبالممثلة التي تمثّل الفجور، وبالراقصة التي تُغرى بالتخنث، وبالمهازل التي تقتل الجدّ والشهامة، وبالخمرة التي تذهب بالدين والبدن والعقل والمال، وبالشهوات التي تفسد الرجولة، وبالكماليات التي تُثقل الحياة، وبالعادات التي تناقض فطرة الله، وبالمعاني الكافرة التي تطرد المعاني المؤمنة من القلوب. * نصيحة العلامة الإبراهيمي الأمازيغي لأم دنيا العرب وأخيرا واعضا وناصحا بقوله: "فإن شئت – يا مصر- أن تُذيبي هذه الأسلحة كلها في أيدي أصحابها فما أمرك إلا واحدة، وهي أن تقولي: إنِّي مسلمة .. ثم تصومي عن هذه المطاعم كلها.. إن القوم تجّار سوء، فقاطعيهم تنتصري عليهم… وقابلي أسلحتهم كلّها بسلاح واحد، وهو التعفّف عن هذه الأسلحة كلها.. فإذا أيقنوا أنك لا حاجة لك بهم، أيقنوا أنهم لا حاجة لهم فيك، وانصرفوا.. وماذا يصنع (المُرابي) في بلدة لا يجد فيها من يتعامل معه بالربا؟"، ثم يصبّر أم الدنيا بقوله " نعمة من الله عليك – يا مصر- أن امتحنك بهذه المحنة، وأنت في مفترق الطرق، ولو تأخّرت المحنة قليلاً لخشينا أن تسلُكي أضل السبل. فرصة من فرص الدهر، هيأها لك القدر للرجوع إلى هدي محمد، ومحامد العرب، وروحانية الشرق، فإن انتهزتها محوت آية الغرب، وجعلت آية الشرق مبصرة".. ثم يواسيها في خاتمة مقاله، معبرا على أننا في الهم سواء، لأن الجزائر كانت تئن تحت استعمار فرنسي بغيض في الوقت الذي تأن فيه مصر تحت الإنكليز، بقوله:" و يا مصر، نحن وأنت سواء في طلب الحق ومطاردة غاصبة، ونحن وأنت مستبقون إلى غاية واحدة في ظلام دامس، ولكنك أصبحتِ، فيا بشراك و يا بشرانا بك، ولم نزل نحن في قطع من الليل، نرقب الفجر أن ينبلج نُوره، وما الفجر منّا ببعيد" .. * هل آن أوان بزوغ فجر جديد على مصر يا مصر، و يا عرب.. الشمس تطلع، والشمس تغرب، والأرض من حولها تدور والحياة تنبثق من هنا وهناك.. كل شيء إلى نماء.. نماء في العدد والنوع، نماء في الكم والكيف.. "لو كان الموت يصنع شيئًا لوقف مد الحياة.. ولكنه قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة.. من قوة الله الحي.. تنبثق الحياة وتنداح.."، كما يقول المرحوم سيد قطب. فهل آن أوان بزوغ فجر جديد على مصر وشعب مصر.. ندعو الله أن يبصر الجميع سلطة ومعارضة لإنهاء هذه الكوابيس التي تفسد الحرث والنسل وتأتي على الأخضر واليابس، ولن يستفيد منها في خاتمة المطاف إلا العدو للدين والوطن والأمة.. صدق الله العظيم القائل {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}، حتما التاريخ يعيد نفسه وبزوغ فجر مصر قادم لا محالة..{إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا وَنَرَاهُ قَرِيبًا}.. وما ذلك على الله بعزيز.