قالها العلامة الإبراهيمي منذ 65 سنة نأسى لك يا مصر أن أنزلتك الأقدار بهذه المنزلة بقلم: محمد مصطفى حابس الجزء الأول ليس من أمم الأرض وشعوبها أمة أو شعب عاش عمره جادًا من غير عبث بل ليس منها من خلا تاريخه من فترة تردى فيها إلى درك لم ندركه نحن المسلمون بالرغم من كل ما فينا ثم إنه ليس منها من نهضه من كبوته فكرة فيلسوف أو منطق حكم الكبير والصغير.. يُقر هذه الحتمية شيخنا المرحوم الدكتور سعيد رمضان والد أخي هاني وطارق رمضان من سويسرا في افتتاحية (المسلمون) منذ أزيد من نصف قرن حيث كتب يقول: إنما هي العاطفة المشبوبة تبعثها دائمة قلة واعية فتطلق بها المواهب المكبلة وتحبب بها الواجب الثقيل وتهون بها العقبة الصعبة وتندفع بها في غير منطق أحيانًا وليس من حركة غيرت وجه التاريخ إلا ووراءها مغامرة أشعلتها عاطفة لم يقدرها أكثر العقلاء قدرها إلا بعد أن رأوا ثمرتها وكفاهم الواقع -أو كفاها- شر العد والحساب !! مفندا بعض المزاعم المريبة بقوله: يكذب على المسلمين من يزعم أنهم يتخلفون عن كل دعوة حية صادقة إلى النهوض أقول ذلك وفي أعصابي دموع شهدتها ووميض أعين رأيتها وزفرات حارة سمعتها ومعالم ثروة هائلة مبعثرة تنقلت في أنحائها هكذا بكل تجرب وبساطة..!! الموت يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات وتحت عنوان (خواطر نفس من المهجر) يقدم شيخنا الدكتور سعيد رمضان في (المسلمون) المجلد التاسع العدد الثالث قطوف من رسالة لسيد قطب حيث كتب يقول رحمه الله: رسالة من أمريكا بعث بها الكاتب العزيز هذه الخواطر إلى شقيقته المؤمنة المرابطة الآنسة أمينة قطب وقد أهداها إلى (مجلة المسلمون) أخ فاضل ثقة يكتم إيمانه! ونحن إذ ننشرها شاكرين لمهديها الكريم ما خصنا به من الفضل نود لو كان لنا من سبيل إلى الأخ الكاتب - أي سيد قطب- كي نستأذنه في النشر. الرسالة طويلة ومبوبة على شكل فصول وفقرات غاية في الأهمية استوقفتني فيها فقرة يشرح فيها سيد قطب معاني وأغوار كلمتي (الموت والحياة) حيث يقول شهيد الظلال لشقيقته أمينة(إن فكرة الموت ما تزال تخيل لك فتتصورينه في كل مكان ووراء كل شيء وتحسبينه قوة طاغية تظل الحياة والأحياء وترين الحياة بجانبه ضئيلة واجفة مذعورة. إنني أنظر اللحظة فلا أراها إلا قوة ضئيلة حسيرة بجانب قوى الحياة الزاخرة الطافرة الغامرة وما يكاد يصنع شيئًا إلا أن يلتقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات!..) بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي ثم يردف قائلا (مدّ الحياة الزاخر هو ذا يعج من حولي!.. كل شيء إلى نماء وتدفق وازدهار.. الأمهات تحمل وتضع الناس والحيوان سواء الطيور والأسماك والحشرات تدفع بالبيض المتفتح عن أحياء وحياة.. الأرض تتفجر بالنبت المتفتح عن أزهار وثمار.. السماء تتدفق بالمطر والبحار تعج بالأمواج.. كل شيء ينمو على هذه الأرض ويزداد.. بين الحين والحين يندفع الموت فينهش نهشة ويمضي أو يقبع حتى يلتقط بعض الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات والحياة ماضية في طريقها حية متدفقة فوارة لا تكاد تحس بالموت أو تراه!... لقد تصرخ مرة من الألم حين ينهش الموت من جسمها نهشة ولكن الجرح سرعان ما يندمل وصرخة الألم سرعان ما تستحيل مراحًا...). الموت ينهش شيخا ضريرا في هجرته القسرية في ديار الغرب ويندفع الناس والحيوان الطير والأسماك الدود والحشرات العشب والأشجار تغمر وجه الأرض بالحياة والأحياء!.. والموت قابع هنالك ينهش نهشة ويمضي.. أو يتسقط الفتات الساقط من مائدة الحياة ليقتات وها هو الموت ينهش شيخا ضريرا في هجرته القصرية بهذا الوصف وفي أرض المهجر بأمريكا التي زارها و كتب منها وعنها سيد قطب.. إذ غيب الموت هذا الأسبوع الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية بمصر الشيخ عمر عبد الرحمن في سجن أميركي إثر صراع طويل مع المرض وذلك بعد أشهر من تواصل السلطات الأمريكية مع السلطات المصرية لاستكمال عقوبة السجن مدى الحياة في أرض أجداده نظرا لتدهور صحته في السجون الامريكية لكن لا حياة لمن تنادي من طرف حكومة العسكر المصرية لاعتبار أساسي أن السلطات المصرية الحالية لا ترغب في تحمل ذلك العبء الثقيل و بغض النظر عن موافقتنا من عدمها لأسلوب الشيخ وطرحه في بعض المسائل إلا أن الجانب الإنساني يحتم حتى على قلوب الأعداء نوعا من الليونة والتعقل والتبصر.. بل والكرامة الإنسانية لا غير مصدقا لقوله تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَم وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرّ وَالْبَحْر وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَات وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِير مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}. أمريكا القوة والحضارة لم ترحم ضعف شيبة شيخ ضرير وذكر أحد أبناء الشيخ الضرير لوسائل الإعلام أنه قبل عشرة أيام من وفاته تلقت الأسرة مكالمة وحيدة من الشيخ عمر منذ تولي الرئيس دونالد ترامب الرئاسة وقال خلالها إن السلطات الأمريكية منعت عنه الأدوية وجهاز راديو كان بحوزته تزامنا مع اتهام الجماعة الإسلامية إدارة ترامب بتعريض حياة زعيمها الروحي للخطر عبر حملة انتقامية. وكان الشيخ عمر عبد الرحمن البالغ من العمر 79 عاما يقضي عقوبة السجن مدى الحياة في الولاياتالمتحدة إثر إدانته عام 1995 بالتورط في تفجير مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993 الذي أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من ألف آخرين فضلا عن التخطيط لاعتداءات أخرى بينها مهاجمة مقر الأممالمتحدة وهي اتهامات كان ينفيها ويفندها باستمرار الشيخ المرحوم وعُرف الراحل بأنه الزعيم الروحي للجماعة الإسلامية التي حملت السلاح ضد النظام المصري في التسعينيات وكانت إصابته بالسرطان واحتجازه مدة طويلة في حبس انفرادي دافعا لحملة تضامن دولية معه حتى من غير المسلمين. يتبع..