كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    الكويت تجدد موقفها الثابت الداعم للشعب الفلسطيني    رئيس جنوب افريقيا يؤكد استمرار بلاده في الوقوف مع الشعب الفلسطيني    الفريق أول شنقريحة يزور حوض بناء السفن " ڨوا شيبيار ليميتد" في ثاني يوم من زيارته إلى الهند    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها    رئيس الجمهورية يتلقى مكالمة هاتفية من نظيره التشيكي    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    السيد عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    الجوية الجزائرية/الديوان الوطني للحج : اتفاقية لنقل الحجاج وفقا لآليات تنظيمية ورقمية متطورة    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    حيداوي يبرز جهود الدولة في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    المنازل الذكية تستقطب الزوّار    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    راموفيتش مدرباً لشباب بلوزداد    تعويضات للعمال المتضرّرين من التقلبات الجوية    الجيش الوطني يسترجع أسلحة وذخيرة    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    بوغالي يجدّد رفضه للائحة البرلمان الأوروبي    عطاف يُحادث فيدان    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    مع فرضية غير واقعية    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    سايحي يلتقي نقابة البيولوجيين    كرة القدم/ كأس الجزائر: تأجيل مباراة اتحاد الجزائر-نجم مقرة ليوم الاثنين 10 فبراير    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "الأميار" مطالبون بتحمل مسؤولياتهم    صب منحة رمضان في حسابات مستحقيها قبل منتصف فيفري    استعادة الأراضي غير المستغلّة وتسريع استكمال المباني غير المكتملة    تأسيس جمعيات للتنشئة السياسية لفائدة الشباب    الجزائر تحتضن مؤتمر الاتحاد الإفريقي    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    معرض لفناني برج بوعريريج بقصر الثقافة قريبا    ندوة وطنية عن المعالم والمآثر بجامعة وهران    رياض محرز يشدد على أهمية التأهل إلى كأس العالم    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"هذه تفاصيل لقائي مع الرئيس بوتفليقة.. وتبني مشروع الاندماج المغاربي ضرورة"
نشر في الحوار يوم 10 - 03 - 2017

أشار رئيس جمعية "يوغرطة للاندماج المغاربي" إسعاد مقداد في لقاء جمعه ب" الحوار"إلى الدور الكبير الذي تلعبه الدولة الجزائرية في حل الازمة الليبية بفضل سمعتها وعلاقتها الجيدة رغم" تأخرها أيام الثورات العربية"، داعيا إلى إشراك المجتمع المدني والقوى القبلية، مؤكدا ان عودة الامن للمنطقة يرتبط بتبني الأولوية المغاربية في السياسات القطرية وفي العلاقات الخارجية لكل بلد.
كما يعتبر ليبيا بلدا واعدا ثريا وقويا، يزخر بطاقات طبيعية وسياحية وله موقع جغرافي استراتيجي، لعله السبب الحقيقي لمتاعبه وكثرة المتدخلين في شأنه. أما البترول فهو حسبه سبب التهافت عليها لكنه ليس الأول. كل الدول تهمها ليبيا حتى أيران والسعودية وروسيا.
* مرّت 6 سنوات على ثورة "الياسمين" ، ما الذي تغير في تونس حسب رأيك ؟
سقوط شيئين الديكتاتور "الهارب" زين العابدين بن علي والمعارضة التي لم يكن لها مشروع لما بعد سقوط بن علي لبناء الدولة خاصة، يوم 14 جانفي 2011 وصلت المعارضة لما من أجله ناضلت وهو حرية التنظيم والتعبير والعودة من المنافي والخروج من السجون. ورغم غياب الرؤيا والمشروع استلمت المعرضة الحكم، وهو الدليل الواضح والكبير على قلة وعيها وعدم فهمها للدولة وشروط الحكم.
* هل تحققت الحرية فعلا ؟
لم تتحقق فعليا، الحرية هي قبل كل شيء حق في الحياة الكريمة. هل يكون العاطل عن العمل مثلا حرا؟ ومعنى حريته؟ أن ينام ان شاء أو يتسكع ان شاء. ما حققته الثورة أنها أسقطت الأقنعة والأوهام، أوصلت الشعب الى ان يعي ان المعارضة للمشروع السابق ليس لها بديل. كان الشيخ راشد الغنوشي يقول كلمة مشهورة جدا " انه حان الوقت للأيدي المتوضئة ان تحكم"، لكن هذه الايدي ما إن لامست السلطة حتى "أحدثت" وارتعشت على مستوى القدرة على الحكم والتسيير وحتى على المستوى الشخصي في التجرد وتقديم المصلحة العامة على الشخصية. وكان الشيخ راشد في مقدمة الفاعلين يسن السنة السيئة بتقريب العائلية. احتجت القواعد على هذه الممارسات ثم غلبت، وتهافت المتنفذون على المناصب يعبون منها دون وعي ولا حياء. سقطت المعارضة بكل ألوانها وكانت النتيجة ما نراه الان.
* هل تعتقد أن النهضة فشلت في الحكم؟
النهضة فشلت في الحكم، ووصولها للسلطة اثبت انه ليس لها مشروع سياسي، الذي يفسر بالتموضع الفكري الفلسفي لفهم الدولة أساسا، الإسلاميون ليس ولم يكن لهم مشروع سياسي أصلا. هم يفكرون لما وراء الدولة ضمن رؤيا هلامية، يخلطون بين الثقافي والسياسي. المشروع السياسي لا يمكن أسقاطه الا في حدود الدولة الواحدة كوحدة عقلانية محددة في جغرافيتها وحدوديها وأيضا من حيث ساكنتها وثرواتها ومؤسساتها السيادية التي لا تعلو عليها سيادة أيا كان مصدرها. أحسب أن الإسلاميين لم يستعدوا فكريا للموضوع. كتبت للنهضة دراسة حول ضرورة تموضعها الفكري مذكرا بالرصيد الكبير للتجارب المتنوعة التي بين أيديها، يمكنها أن تستنبط منها مشروعا تحكم به تونس وتسير بالأمة العربية كلها الى بر النجاة والبناء، منها: أدبياتها الداخلية، تجربة الاخوان المسلمين، تجربة سعيد النورسي في تركيا، تجربة جمعية العلماء المسلمين في الجزائر بقيادة ابن باديس، الثورة الإيرانية وأولوية الدولة عندها، تجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ… هي تجارب حقق بعضها نجاحات بفهم للدور الأساسي للدولة، وفشل أخرون. هذا لكن الشيخ راشد جمع بين خاصيتين سببتا فشل النهضة وهما وزنه الكبير كقيادة تنظيمية وروحية وتاريخية للنهضة وفي نفس الوقت غياب فهم الدولة لديه. كان هذا قدرها، وقدر تونس وقد أرسى مصيرها بين يديه بحكم نتيجة انتخابات سنة 2011.

* ما السبب باعتقادك ؟
كما قلت انفا غاب المشروع عند النهضة فانتصبت الذات، لمسنا عدم الوعي هذا في تصرفات الشيخ راشد صاحب الرصيد النضالي، كان من المفروض ان يضعه على الطاولة في سبيل النهضة، تثمن طاقتها وطاقات البلد فتحكم تونس كلها بكلها، وتتجنب الصفوف الأولى للحكم لأنه يؤثر سلبا في الرأي العام والمجتمع، ما بالك إذا كان اصرار من زعيم النهضة أن يفرض أقرباءه.
* كيف تكون حركة عريقة مثل النهضة ليس لها مشرع؟
النهضة لها رصيد نضالي كبير، لكن الدولة شيء يختلف، خاصة لا ننس أن الثورة جاءت مفاجئة ودون قيادة، ساهمت النهضة ولا شك فيها كما ساهم كل الشعب التونسي، لكنها ليست من قادها ولا حتى من تسبب فيها. مشكلة النهضة كانت غياب القيادة السياسية الفاهمة، ذاك ما كنت حذرت منه قيادة النهضة مجتمعة في سوسة صيف 2010 بحضور السيد حمادي الجبالي. واقترحت الإحاطة بالشيخ راشد بمجلس رئاسي، تستفيد الحركة من تجربة الشيخ وعلاقاته لكن تحمي نفسها وتونس من تفرده بالسلطة وأسرار الحركة ومالها. وهذا موثق داخل الحركة. فشلت الحركة في ذلك وها هي تموت فعلا بما كنت حذرت منه.
* كيف كانت علاقتك بالشيخ راشد؟
علاقتي بالشيخ لم تنقطع من بداية السبعينات، وقد كنت ممثلا للحركة الإسلامية في ولاية الكاف كأصغر عامل لها. استقبلت الشيخ راشد وكل قيادات الحركة الفارين من تونس في تسعينات القرن الماضي في الجزائر. قبل الثورة كانت لي تبادلات قوية فكرية مع الشيخ على المباشر وعن طريق المايل. ولما دخل من المنفى بعد 14 جانفي 2011 طلبني وكان لنا لقاء مطول وهام لتقييم وفهم ما حصل في تونس. فسرته بالفايس بوك وكان الشيخ يفسيره بدور قناة الجزيرة. أقنعته بالدور الكبير للجزائر وحتمية التواصل معها دون تأخير وأن نكون على مسافة واحدة من الجميع، نطمئنهم ونكون عامل خير وبناء للمنطقة. كلفني بمهمة الشأن المغاربي. وثمن ذلك الأمين العام للحركة السيد الجبالي.
* وهل كان ذلك بعلم السلطات الجزائرية؟
نعم بالتأكيد، تواصلت مع السيد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وكل الجهات الرسمية شفويا وكتابيا بتكليف من حركة النهضة. وبقيت في مهمتي سنتين حققنا فيهما أهم وأنجح ما فعلت النهضة في العلاقات الخارجية باعتراف الجميع. عمل بهدوء على نار خافتة، عن علم وفهم للواقع.
* هل يمكن أن تلخص لنا مهمتك؟
هي باتجاهين: نحو النظام والقوى الفاعلة الأخرى وفي مقدمتها الإسلامية منها. أما النظام فكنت مقتنعا أننا كحركة تسير بحسب التوقعات الى حكم تونس لا تنجح في مهمتها الا بعلاقة تعاون ووضوح مع نظام دولة كبيرة لها مال وأمن وتجربة ضد الإرهاب، وأيضا سليلة ثورة تحريرية هي مفخرة للعرب والانسانية. نشرح له مواقفنا وقناعاتنا وأهمها أننا لا نتدخل في شؤون الاخرين ولا نصدر ثورة، نرغب في التعاون الإيجابي والمثمر مع الجارة الكبيرة لبلادنا التي انهكتها الدكتاتورية وهمنا ومهمتنا هي اصلاح شئنها. أما وجهتنا الثانية فهي اسلاميو الجزائر، وهم أخوة لنا اشتركنا معهم في النضال ومعارضة الأنظمة، تنوعت مساربنا ووسائلنا، ثم ها هي تونس تحدث المفاجأة وتضعنا نحن النهضة في صدارة الأحداث.
جئنا في الزيارة الأولى نعزي الجزائر في فقيد الإسلام الشيخ عبد الرحمان شيبان رحمه لله رئيس جمعية العلماء المسلمين، وفتحنا بذلك باب التواصل المثمر والايجابي، نجحت في تغيير وجهة الحركة والشيخ راشد خاصة الى الجزائر وقد كان الخليج قبلته. وطبعا مع النجاح بدأ ملف الجزائر يأخذ مكان الصدارة ويستهوي الكثيرين وعلى رأسهم الشيخ راشد نفسه. قال أخيرا عن زيارتنا للجزائر أنه لن ينساها. أستقبلنا الرئيس بوتفليقة بعد الانتخابات بحفاوة بالغة، ووقعت فيها أحداث هامة، لعل أهمها الانقلاب في ذهن الشيخ راشد على وزير الخارجية المترقب والموعود بذلك وهو السيد سمير ديلو الذي كان يرافقنا في الرحلة ويقدمه الاعلام بهذه الصفة. هناك في الجزائر أحس الشيخ راشد أن الأمر استتب له، وأنه لا ينازعه أحد، يؤشر على من يريد كيفما يريد. ضغط عليّ فلم يجد مني الا الرفض "لتوزير" صهره ولم يعجبه موقفي. قلت له أن المسئولية أمانة حملنا إياها الشعب ولا يجوز لنا الفشل في المهمة. دع ما يريبك لما لا يريبك، هذا الرجل تحته خطان أحمران: هو محسوب على قطر لا تقبل به الجزائر وهو صهر لك والتوانسة كرهوا الاصهار. لم يقبل الشيخ راشد وكان مترسبا في ذهنية الماضي يحكم بعصبة الدم.
* كنت ضد تنصيب صهر الغنوشي رفيق عبد السلام وزيرا للخارجية؟
كل قواعد النهضة تفاجئوا بهذا التنصيب ورفضوه وخاصة في هذه الوزارة الثقيلة، فهو لسان الثورة والدولة وهو لم يشتغل في مجال الدبلوماسية اساسا. لم تكن قواعد النهضة ولا حتى قياداتها تعرف جيدا، كان يحسب حساباته وحده. لقد أعطاه نضال النهضة وعذاباتها احترام العالم وهو يتنقل باسمها في المحافل الدولية، يجمع المال ويوسع علاقاته باسمها.
* كيف تسترجع الثورة مسارها الصحيح؟
يجب ان يعترف الذين حكموا تونس بخطئهم، ثم يغادروا فلم يبق لهم شيء يقدموه.
* كيف تقيم الوضع الاقتصادي والاجتماعي بعد الثورة؟
تونس حكها العبث بعد الثورة. حكمها أناس لا علاقة لهم بالتسيير. والأخطر من ذلك تدخل الشيخ راشد في عمل الحكومة، كان هو من يسير الوزراء وولاءهم له وليس لرئيس الحكومة رغم أنه أمين عام النهضة ورئيسها قبل الثورة.
أعيب على النهضة تقديمها لمشروعها الانتخابي الذي يقول ان النهضة تلتزم بتوفير 600 ألف منصب شغل خلال ست سنوات، قلت للشيخ راشد ان هذا حرام علينا، هذه خدعة تضر بتونس، وكانت النتيجة ارتفاع نسبة البطالة ب 200 ألف فرد بعد 5 سنوات. والعدد يسير اليوم الى المليون عاطل عن العمل في تونس.
* ما هي التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه تونس؟
قيمة العمل لم تعد والمستثمرون رحلوا لغياب الاستقرار، مؤتمر الاستثمار الأخير الذي عولت عليه الحكومة وانفقت عليه المال انتظرت منه جلب 30 مليار دولار كاستثمارات خارجية مباشرة لم يحقق شيئا إلا بعض الاستثمارات الكبرى التي ليست لصالح الاقتصاد التونسي بالضرورة لأنها تخرج ارباحها، وليس منها للمناطق الداخلية نصيب. لم يخدم في تونس الان مشروع اجتماعي اقتصادي يأخذ بالاعتبار الوضع الاجتماعي، خاصة عدم التوازن الجهوي رغم هذا فمشكل تونس ليس اقتصادي بل سياسي لان التمثيل السياسي يساوي الصفر، فهناك انسحاب حقيقي من الشعب التونسي خاصة الشباب وتوجهه الى اهتمامات أخرى.
* والتحدي الامني الذي تعيشه تونس؟
الفضل في عدم انهيار تونس جغرافيتها، لحدودها مع البحر شمالا وشرقا كحصن منيع، والأهم وجود الجزائر كبلد كبير غربا له تجربة كبيرة في محاربة الارهاب تحميها لطول 950 كلم، وتدفع من مالها 32 دولار للجندي الواحد لليوم الواحد لان امننا من امنها والعكس، وانا على يقين أنه لو لم تكن الجزائر وراءنا لكان وضعنا أسوء من العراق، نحن لنا منفذ بسيط من ليبيا تسبب في المشاكل الكثيرة. انأ لا أحب أن نعطي لقضية الارهاب أكثر من حجمها. أريد أن أنبه إلى منابعه. يفسر المحللون أسباب الإرهاب بالفقر والتهميش وأضيف اليه عاملا أخر هو اليأس الذي تكون الطبقة السياسية مسئولة عنه.
* هل تونس مؤهلة لاستنساخ تجربة الجزائر في المصالحة؟
المصالحة تستوجب وسائل ورجالا يقومون عليها. وهذا غائب في تونس. ليس في تونس ملاذا يتكئ عليه الشعب التونسي. المنظومة العسكرية منذ الاستقلال لم تكن هي الأقوى، وليس في تونس حزب كبير مثل جبهة التحرير، ونظامها كان فرديا على العهدين بورقيبة وبن علي. كان الأمل الكبير في حركة النهضة، برصيدها النضالي وبانتشارها الواسع، لكن فشلها في الحكم بعد أن وثق فيها الشعب وجعها في صدارة القرار بمصيره، أفقد تونس أهم ضمانات الاستقرار فيها. ليس في تونس اليوم مشروعا داخلها. تنفذ فيها الخارج، والخارج لا يصنع المصالحة. تونس في خطر حقيقي.
هناك أنباء عن عودة أبواق نظام بن علي للحكم؟
احسب ان قضية بن علي انتهت والنظام السابق هو الذي يحكم لان المعارضة حكمت دون مشروع. المنظومة القديمة أعادها الشيخ راشد بمساومات شخصية، أعادت صنم بورقيبة الى شارع الثورة، أما بن علي فبواكيه قليلون.
* ألا ترى أن النهضة جنبت تونس السيناريو المصري؟
بالعكس السيناريو المصري ما كان ليكون لو لم نفشل نحن في تونس. أخطاءنا الكثيرة قتلت الربيع العربي فتهاوى بسرعة كما انتشر بسرعة. ماذا عملنا بهذا "الإنجاز"؟ لم نحقق تطلعات شعبنا وأمتنا لا بحكمنا ولا بالانسحاب منه. فلماذا نتمسك بالسلطة؟ الانسحاب أفضل بل الموت والتوبة والاعتراف والاعتذار. لم يفعل الشيخ ذلك، وكان ينال به احترام الشعب ويبقي للنهضة على شيء من الاحترام، بل راح يساوم في السر مع القدامى لضمان عدم مساءلة أقربائه ممن حكم بهم تونس فأفسدوا، كل ذلك على حساب النهضة وتحت كلمة نبيلة مثل "التوافق" الذي لم يدنس في بلد مثلما دنس في تونس.
* ما تقييمك لدور الإسلاميين في الجزائر؟
أرى أنهم ضائعون وليس لهم في خضم هذا الوضع حلا، مشروعهم الذي بدأه الشيخ محفوظ نحناح لم يتبلور، وضع الاسلاميين اليوم هو نتاج لفقدانهم للمشروع اولا، ثم ان النظام الجزائري لا يحب مرافقة المعارضة لتنموا، بل ليستخدمها. الشيخ نحناح يكون أحد القلائل الذين حلحلوا ايجابيا النظام الجزائري والحياة السياسية الجزائرية، التجربة التي وقعت في الجزائر لم تصل مداها لان النظام الجزائري صلب تحكمه دوائر مغلقة، كل المحاولات لزعزعته فشلت. الوضع السياسي في الجزائر يحكمه الانسداد، غلب الجميع نظاما ومعارضة، والاسلاميون كغيرهم لم يهتدوا أصلا الى وضع اشكال الجزائر وفهمه.
* ما هو اشكالها؟
تغيير نظامها ضمن خطة ناجحة للإصلاح يشارك فيها الجميع نظاما ومعارضة. وللجزائر رصيد كبير في محاولات التغيير، دفعت ثمنا باهظا من أجله. حرب أهلية، وانتفاضات جهوية، وعمل مسلح. أنا أدعو الجميع الى أن يضعوا رحالهم ويفكروا، فالجزائر غنية برمزيتها وتاريخها وجيواستراتيجيتها وثرواتها… الانسداد لا يمكن أن يكون قدرها. لا بد أن هناك منفذا للإصلاح لم يتفطن له الفاعلون، والعبقري العبقري من يهتدي اليه. أتمنى ان يكون الإسلاميون، مدرستي وتيار نضالي من يهتدوا ويهدون اليه.
هل تعتقد ان مشروع توحد الاحزاب الاسلامية سينجح وما النصائح التي توجه لهم ؟
الوحدة تمكنهم من اجتياز 5 بالمائة ولا يفوز الافلان بالأغلبية كالمرة الماضية، لقاؤهم له ايجابياته على المستوى الانتخابي لكن على مستوى المشروع العام للاصلاح فليس لهم بديل مجتمعين او فرادى.
* في رايك، هل ساهمت الجزائر في إنجاح الثورة؟
بالعكس، فالجزائر كانت متخوفة من انتقال حمى الربيع العربي لها ، ولمست ذلك خلال لقائنا مع بوتفليقة.
* ماذا دار بينكم ؟
الزيارة كانت كبيرة وممتازة، تضمنت الجانب الفكري حول النظام السياسي في تونس، وكان بوتفليقة يحبذ النظام الرئاسي وهو ما دفعت له دون جدوى داخل النهضة، وأيضا على قرار الجزائر الثابت من عدم التدخل الأجنبي، وخرجنا بإجماع عدم التدخل الخارجي العسكري في سوريا مثلا. أما ليبيا فقد ضاعت بين أيدينا. تقاعست الجزائر قليلا واهتممنا نحن بقضايانا الداخلية وانتخاباتنا، فلتت منا الأمور ونحن في غفلة رغم أوراق قوية لنا سواء في حركة النهضة مثل علاقاتنا القوية مع اسلاميي ليبيا أو سلطة وخبرة مثل ما للجزائر. دار بيننا حديث مطول لتشبيك هذه العلاقات والطاقات لكن على مستوى الفعل لم نواصل.
* وما سبب ذلك؟
لم يكن الشيخ راشد مقتنعا بالأولية المغاربية، كان متعجلا لتمتين العلاقات مع أمريكا والخليج، ولم يكن أصلا يريد المجيء الى الجزائر لوما حرصي الشديد الى حد الاحتجاج والازعاج. وكذلك فعلت مع كل رؤساء الحكومات بلا استثناء. أنا اليوم على قناعة تامة أنه لو ركزنا جهودنا مغاربيا لما فشل الربيع العربي ولكان كله خير علينا وعلى الجزائر التي كانت متخوفة منه.
* كيف كان موقف بوتفليقة من وصول النهضة إلى الحكم؟
لم يكن بوتفليقة رافضا للنهضة في البداية بل ابدى قبولا ورغبة في التواصل معنا وثمن تشريكنا لباقي القوى وتجبنا للعنف ضد القوى القديمة، لكن الجزائر لما رأتنا متذبذبين، نسير على غير هدى وعلى رأس دبلوماسيتنا رجل لا يعرف أصول الدبلوماسية، رئيس حكومتنا لا يزور الجزائر الا سنة بعد تنصيبه، يقدم عليها دول الخليج وغيرها، تأكدت أننا لا نصلح للسلطة فراهنت على المنظومة القديمة وراحت تضغط على الشيخ راشد الغنوشي لترك السلطة وأن لا يتركها للمرزوقي الذي كان مرفوضا جزائريا ، أما الزيارات التي جاءت بعد ذلك فلم تكن غير زيارات مجاملة وقد أخذت الجزائر منا ما تريد وهو رحيلنا.
* كيف تقيم العلاقات الاقتصادية الجزائرية التونسية؟
نسبة التبادلات لا تتجاوز 2 %، وهي دون المستوى المطلوب والتونسيون الموجودون في الجزائر أكثر من الجزائريين الموجودين في تونس، كلاهما يعيش حياة ضنكا. نحن لدينا خط تماس يصل ل950 كلم وهو رابط قوي. علاقاتنا تتلخص في التهريب رغم التكامل الكبير بيننا. علاقة قوية خارج السيادة.
* وما الحل؟
فرض السيادة على ضفتي الحدود. وهو مشروعي للمنطقة المغاربية. حلم كبير، واقعي ومقنع. سيادة مشتركة بقرار سيادي للسيادات الوطنية
* * لكن السياح الجزائريون يحجون بقوة الى تونس؟
صحيح ان الجزائريين وقفوا معنا بعد هروب باقي السياح ، ولكن كنا نود من الوزير الأول عبد المالك سلال ان يبدي استعداده لوضع قانون ينص على أن نفتح المجال التونسي الجزائري كمنطقة تبادل حر، ما يؤدي آليا توقيف الحرب في ليبيا لأنه سيعمل زخم كبير في المنطقة وينتج عليه ارتفاع الدينارين التونسي والجزائري وبالتالي تأتي الاستثمارات الأجنبية الى تونس والى الجزائر، بفعل تكاملهما، ثم تنضم موريتانيا، في مجال كبير تعداد ساكنته 60 مليون نسمة.
* وبخصوص العلاقات الامنية بين البلدين ؟
لا يكفي ، يجب ان ننزع الالغام الاقتصادية والتنموية التي تهددنا وتهدد امننا على الحدود.
* لماذا فشل الاتحاد المغاربي رغم ان عمره تجاوز28 عاما؟
لغياب الحكامة والديمقراطية في كل البلدان المغاربية.
* فيما يتمثل مشروعكم وهل ترى بأنه سيساهم في تفعيل الاتحاد المغاربي؟
فكرة نهضة الامة الإسلامية سيطرت علي منذ الصغر، أسأل عن سبب تخلفنا وكيف السبيل الى أن نعود الى سالف عهدنا في سيادة العالم. ومع مرور العمر تتراكم التجربة والفكر. تجاوزت عتبة السنين هذه السنة وأنا أبحث عن جواب. أصبحت مقتنعا بقوة أن المغرب العربي يمكن أن يتوحد، بل أن وحدته شرط لنهضة العرب والمسلمين. هو مجال جغرافي بشري اقتصادي كبير. متوسط للمعمورة المسكونة: الى شماله أوروبا العجوز الغنية، وتحته إفريقا النامية الواعدة وعلي يساره أمريكا والأطلسي وعلى يمينه الصين والهند. مغرب عربي تعداد ساكنته 100 ملين نسمة، وهو عدد كاف ووزن كافي، المساحة أيضا كبيرة تفوق ال 6 ملايين كلم مربع، بها ثروات طبيعية هامة. أما الجالية الكبيرة المتغلغلة بقوة في أوروبا خاصة فحدث ولا حرج.
الغريب ليس أن يقوم هذا المغرب العربي كمجال حي وفاعل بل الغريب أن يطول انبعاثه. كل المؤشرات تدل على قابليته للحياة بل ضرورة قيامه. وهو مشروع تاريخي ينمو ببطء على مراحل. نحن الان نعمل على انطلاقة فعلية له من المستوى المحلي على الحدود بين تونس والجزائر، املين أن نحقق نجاحات في التوأمة والتكامل والتبادل تكون مثالا يحتذى وتجربة يقع تقليدها. نقدم نصائح ودراسات عميقة وواقعية لأصحاب القرار.

هو مشروع اقتصادي فكرته الاساسية السيادة المشتركة المغاربية الواعية التي تأتي بضغط من القوى الفاعلة بكل ألوانها،الوحدة ليست مشروع سياسي قطري، هذه خمس سيادات وطنية هي التي تبني الوحدة بقرار سيادي من كل واحدة منها، بحيث مثلا الجزائر بكل ما فيها من نظام ومعارضة وجيش تدفع الى وجود تيار قوي يقول أن سلامة الجزائر في هذه الوحدة و تحتمي بجيرانها تتنازل بجزء ظاهري من سيادتها لصالح جارتها في عملية حسابية أنها تكسب في النهاية، في مجالي الامن والاقتصاد خاصة. مستحيل أن أهنأ بأمن واستقرار إذا كان جيراني يشكلون تهديدا لي. مثلا قضية المخدرات التي غزت السوق الجزائرية هذه لا تحميها الحدود والحيطان والمتاريس وانما يحميها وجود مشروع للجزائر للتقليل من زرعها في مهدها من خلال التواصل مع سيادة اخرى اخت وجارة هي المغرب.
* هل تواصلت مع مسؤولين في الجزائر؟
نعم أنا كثير التواصل على المستويين المحلي مع الولاة والوطني مع بعض الوزراء من تونس والجزائر، ضمن خطة تنطلق من الحدود لتغير وضعها ووضع البلدين.
* كيف ترى مستقبل الاتحاد المغاربي؟
مستقبل زاهر حتما لأنه من تخيل ان المغرب العربي بعد 40 أو 50 سنة سيكون دويلات هكذا هو مخطئ، فإما ان يكون مهشما مكسرا مقسما أو موحدا، لان مخاطر أخرى كثيرة ستاتي تهددنا. لا يليق أن نفعل مثل النعام نضع رؤوسنا في التراب، بل نتأسى بشهدائنا ونحلم ونصنع مستقبلنا بأيدينا وبرامجنا.
* ما هو اكبر عائق يقف امام هذا المشروع؟
والعائق الاكبر هو الفساد في اعلى الهرم في البلدان المغاربية وأيضا الاختلافات القانونية بين الدول المغاربية، فالجزائر قوانينها مغلقة وفيها بيروقراطية غريبة لأنها كانت اشتراكية، عكس تونس والمغرب منفتحين الى حد مخيف في بعض الأحيان. لذلك لا بد من توحيدها. لا بد من تحقيق اندماج أفقي جنوب المتوسط ثم نذهب جميعا موحدين للتعامل مع الشمال. تلك هي فكرة المشروع.
* لكن الجزائر تفضل غلق الحدود بسبب المخاطر؟
صحيح ولكن لابد ان تبادر هي وتكون فاعلة بين جيرانها ولا تعول على غلق الحدود، بل يجب أن تكون هي القاطرة التي تجلب المغرب العربي لانه بدونها لا معنى له، ولهذا عليها واجب ان لا تعيق التواصل الجغرافي بحكم موقعها وحجمها ورصيدها التاريخي.
* نتحدث عن ملف الأزمة الليبية، كيف ترى مستقبلها؟
سيدوم الانسداد في ليبيا بسبب عدم انزعاج الاقوياءمنه خاصة مع تدني اسعار البترول في المنطقة لكن الوضع يسير باتجاه التهدئة، فالظرف العالمي مناسب والاطراف المتصارعة تعبت والشعوب سئمت الحروب، وكل من يصعد سيعزل.
* اذن من يعيق التهدئة؟
الامارات التي تضع خطا احمر تحت الاسلاميين تساهم في التصعيد وتدعم بالمال وهي في مأمن عن متاعب ليبيا، كذلك مصر لا تتعامل معهم وهم لا يرتاحون لها، كما ان العداء كبير بين مختلف الاطراف الليبية الذين أسالوا الكثير من الدم بينهم، ولهم ولاءات خارجية. ليبيا بلد كبير وغني وواعد، في حال توقفت فيه الحرب سيكون ألف مرة أقوى من بلدان كالإمارات. لذلك يهتم بها الجميع
* ماذا عن الاجتماع الثلاثي الجزائري التونسي المصري حول الملف الليبي؟
ستفرض الرغبة الملحة لتونس ومصر للتهدئة ودفع الجزائر القوي لها، وتبقى القبلية الليبية عكس ما يروج له البعض ضامنا للسلم، أما روسيا نظرتها للوضع الليبي تختلف عن سوريا.
* الرئيس التونسي قايد السبسي كذب خبر تكليف الحكومة التونسية الغنوشي بالتوسط لدى الجزائر للقيام بدبلوماسية موازية في الجزائر لصالح مؤتمر المصالحة حول ليبيا، ما تعليقك؟
تكذيب الرئيس الباجي قايد السبسي دليل على فقدان النهضة لهيبتها واستنفاذ دور الشيخ راشد الغنوشي في المنطقة والعالم، الزيارة والاعلان كلها من دعاية النهضة وكفى.
* ألا ترى أن الجزائر الطرف القادر على التوصل لحل؟
للجزائر القدرة أن تفعل الكثير بفعل سمعتها وعلاقتها القوية مع كل الأطراف بإقناع الخليجين بترك ليبيا وشانها وتعاونها مع روسيا التي لها علاقة قوية معها، وأن تتجه للمجتمع المدني للوساطة كأن تستقبل زعماء قبائل ليبيا في الجزائر، لذا أدعوها لأن تبادر وتقحم نفسها لضمان أمنها وأمن المنطقة، فالإرهاب في نهاية حياته يمكن أن يضر يأسا، وحبذا لو تخصص الخارجية مجموعة لمثل هذه المشاريع حتى يكون عملها متواصلا وليس مناسباتيا.
* كلمة اخيرة؟
اوجه رسالة للجميع هي أن المشروع المغاربي هو الضمان وصمام الأمان للأجيال اللاحقة. هو ضمان لجزائر قوية، تأخذ وتعطي وتؤثر في محيطها القريب تتقوى به لتزن على المستوى العالمي. أليس هذا هو حلم أناس دفعوا أغلا ما لديهم في سبيل سيادة الجزائر؟ الوقت يمر وهو ثمين والطريق يبدأ من النقطة الأولى. الوحدة المغاربية لم تحقق شيئا منذ ربع قرن لأنها لم تبدأ أصلا. وتلك هي معضلة المغرب العربي.

حاورته: زهرة علي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.