* لالماص: القانون الجزائري يعرقل سير الدورة الاقتصادية * رزيق: الربا في التعاملات الاقتصادية يقوض استقطاب أموال المواطن * بوجمعة: الأموال المجدة تشكل 50% من احتياطي الصرف في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية تبحث حكومة تبون عن سبل تنويع اقتصادها، وخلق ثروة مالية لتطوير الاقتصاد الوطني، وبعث النشاط التجاري، بغية توفير مناصب شغل لحفظ كرامة المواطن، ومن جهة أخرى نجد هذا الأخير في الكثير من الأحيان يرفض ضخ أمواله الخاصة في القنوات الرسمية للبلد، فيا ترى ما سبب هذا الفعل؟ وما أخطاره على بنية الاقتصاد الوطني؟ وما أنجع الحلول التي من الممكن أن تعالج هذه القضية؟.. في حديث مع "الحوار" يجيبنا الخبراء الاقتصاديون إسماعيل لالماص وكمال رزيق ونبيل بوجمعة عن هذه الأسئلة وأخرى، تقرأونها في هذا الحوار.
* البيئة الحاضنة سبب عزوف المواطن عن ضخ أمواله في القنوات الرسمية كشف الخبير الاقتصادي اسماعيل لالماص ل "الحوار" أن سبب ترهل الكتلة النقدية في الجزائر أو تجميد الأموال في جيب المواطن، يعود إلى غياب عنصر أساسي في العملية الاقتصادية المتمثلة في الثقة، لهذا المواطن الجزائري لا يضع أمواله الخاصة في البنوك أو في المجال الرسمي، يضيف الخبير الاقتصادي لالماص يجب التشجيع على عملية الاستيراد بهذه الأموال وترك أموال البترول للأمور الإستراتيجية، مثل الكماليات كالموز والمايوناز فمن غير المعقول أن نستوردها بأموال النفط، يمكن أن تتم عملية إدراج هاته الأخيرة في الاقتصاد الوطني انطلاقا من تحويلها إلى عملية الاستيراد، وفتح المجال للمواطن للمشاركة في بناء المنظومة الاقتصادية. وفي نفس السياق، أوضح محدثنا أن العملية لا تتأتى إلا بتوفير بيئة عمل مناسبة تجذب المواطن للفعل الاقتصادي، وتوفر له بيئة حاضنة ومناخا سليما للعمل، وكذا خلق بنوك أكثر احترافية لها إستراتيجية عمل تقودها كفاءات مختصة تخدم الاقتصاد الوطني، خصوصا أن الأموال المجمدة بلغت ما يقارب 40 مليار دولار، وهو عبارة عن رقم ضخم بالنسبة لأموال لا تسير من طرف جهات رسمية في البلد. ومن جهة أخرى، يقول أن القانون الجزائري لا يسمح للمواطن باستيراد حاجياته الخاصة بنفسه، بل يحتم عليه التوجه إلى قنوات رسمية مثبطة للعمل المبرم، رغم أن هذا الفعل يسمح بإدماج الأموال المجمدة ولو بطريقة غير مباشرة في سير الدورة الاقتصادية للبلد، ويوفر مناصب شغل ويحيي ديناميكية العمل الاقتصادي.
* 50 مليار دولار يكتنزها الجزائريون.. في ظل الأزمة وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي كمال رزيق أن الأموال المجمدة تقدر بحوالي 50 مليار دولار، وهي أموال غير مستعملة، أو مكتنزة من طرف المواطن الجزائري، حيث يعود سبب عدم سيولتها في البيت الاقتصادي إلى غياب الثقة كعنصر أساسي، فالمواطن لا يثق في نظامه المصرفي أو نظامه المالي، مضيفا في نفس المنهج قد تكون عملية تهرب من دفع الضرائب أو خلل في تسيير النظام المالي في الجزائر الذي يعتمد بالدرجة الأولى على الربا في التعامل المصرفي وهو ما يبعد المواطن عن الدورة الاقتصادية الرسمية. وفي نفس السياق يضيف محدثنا في اتصال هاتفي ل "الحوار" عدم صيرورة المنظومة المصرفية مع متطلبات المواطن الجزائري، ومشكلة السيولة المالية التي تطفو إلى السطح من فترة إلى أخرى تسهل في عزل المواطن عن اقتصاد بلده، ومنه أيضا غياب ثقافة "شاك أو الصك" فالمواطن اليوم لا يزال يتعامل بالطرق التقليدية في نقل الأموال والمتاجرة بها، وتجذر "الشكارة" في التعاملات التجارية.. كلها عراقيل تسهم في اكتناز المواطن الجزائري لأمواله. ومن نفس المنطلق، يشدد الخبير الاقتصادي رزيق أنه آن الأوان لحكومة "تبون" إعادة النظر في المنظومة الاقتصادية، وذلك بقيام نظام مصرفي إسلامي يتوافق مع متطلبات المجتمع الجزائري، الذي قد يحتوي على رصيد الأموال المجمدة، وأيضا ترسيخ ثقافة التعامل بالصك المصرفي ووضع عقوبات صارمة ضد كل من يقدم صكا بدون رصيد، لضمان الشفافية في التعامل وطمأنة المواطن في عملية تبادل الحاجيات، فالأمر غريب، نحن في 2017 لا تزال منظومتنا المالية متخلفة، فمن الواجب إصلاحها لضمان اقتصاد منتج، وفي السياق يجب على الحكومة أن تتخذ قرارات شجاعة فيما يخص الضريبة شعارها "عفا الله عما سلف" يجب أن تعفو عن المواطنين، وكذا الضريبة التي تثقل كاهل المواطن وتمنعه من مزاولة نشاطه في القنوات الاقتصادية الرسمية، ومنه تتخذ معهم الإجراءات المتعامل بها في البنوك بشكل عادي، فقد جربنا التصريح الطوعي المقدر ب 7% المتخذ من طرف حكومة سلال، للأسف لم يؤت أكله، مشددا على أن هذه الإجراءات يمكن أن تستقطب المواطن وتدفعه إلى ضخ أمواله في القنوات الرسمية، وكما أن هذا الفعل يسمح بتقوية بنية العملة النقدية وتوفير سيولة مالية تمكن البنوك من تفعيل القروض بصفة دورية، وبالتالي الكل رابح: النظام المصرفي، الأشخاص، والدينار الجزائري، فقط المشكل يظل في السؤال المطروح.. من يطبق هذه السياسة؟، وهل له الإرادة لذلك؟، فالمنتفع من الوضع الحالي لا يريد تغيير سير النظام المصرفي في الجزائر.. هنا بيت القصيد.
* الأموال المجمدة سيولة خصبة لتمويل الإرهاب من جهة أخرى، أوضح الخبير الاقتصادي نبيل بوجمعة خطورة الأموال المجمدة أو غير المنظوية تحت قناة رسمية، في كونها سيولة خصبة لتمويل الإرهاب وكل الأنشطة غير الشرعية مثل التهريب وترويج المخدرات وما جاورها، ووجودها في الجزائر ما هو إلا دليلا على تخلف النظام المالي وغياب الثقة في سير البيت الاقتصادي، وهذا ما يرهن قوت المجتمع الجزائري، نتيجة لغياب الاقتصاد النقدي وفوضى التسيير، وعليه -يضيف محدثنا- أنه لا توجد لدينا سلطة تتكفل بمعالجة الخلل الجاري في المنظومة الاقتصادية، كما أنها تقدر بملايير الدولارات، ولحد الساعة لا يوجد مكتب دراسة قد حدد هذه الأخيرة بطريقة منهجية، إلا أنه حسب تقارير رسمية حددت ب 40 مليار دولار أي 50% من احتياطي الصرف و30% من الناتج الوطني الخام، وهذا ما يمثل ضربة موجعة للعمود الفقري للاقتصاد الوطني، نظرا لعدة أسباب منها ضعف مناخ الأعمال بسبب البيروقراطية التي تثبط سير الدورة الاقتصادية في البلد، فمثلا لو تريد استرجاع أموالك من البنك فستواجه صعوبات إدارية خانقة، وكنا قد قدمنا حلولا في هذا المجال، وهو التوجه نحو الاقتصاد المالي الإسلامي الذي يقدم الأريحية للمواطن الجزائري، وللأسف الحكومة الجزائرية تتبع برامج البنك العالمي وصندوق النقد الدولي التي بدورها تعرقل تطور الاقتصاد الوطني، يضيف الخبير، فمنذ 1962 إلى يومنا هذا لا نزال نجتر مخططات مستوردة تتعارض مع مقومات المجتمع الجزائري، وفي نفس السياق يقول بوجمعة قد كان هناك برلماني جزائري في جنيف بسويسرا في خضم اجتماع أممي، أين تحدث عن رصيد ضخم من الأموال المجمدة في الخارج، تفوق مرتين الديون التي كانت تثقل كاهل الدولة الجزائرية في فترة التسعينيات التي حددت ب 33.5 مليار دولار، يعني 60 مليار دولار من الأموال المكدسة، وفي المدة الأخيرة كان قد أعلن أوباما عن سبل مكافحة هذه الأموال المجهولة النسب حيث تم إخطار فرنسا وسويسرا لحلحلة هذا المشكل، ومن جهة أخرى نجد أكبر دول العالم تستثمر في الاقتصاد الإسلامي مثلا فرنسا التي أدخلت ما يقارب 150 مليار دولار كأرباح من القطاع السياحي، والجزائر تفتح نوافذ فقط ، ولا تعطي أي انتباه لمثل هكذا بنوك، أما أهم شق هنا لحل هذه القضية بصفة نهائية فهو التوجه نحو الرقمنة أو الاقتصاد الرقمي كنشاط مهم في دفع عجلة التطور المصرفي وتسريع وتيرة النمو، حيث تصبح العملة إلكترونية غير قابلة للتكديس، زيادة على أن ورقة 200 دج نصرف عليها 37 دج لتصنيعها، وكلها خسائر تكبد الخزينة العمومية خسائر ضخمة. هشام شاوشي