كشفت دراسة أنجزت من قبل مركز البحوث للدراسات الأنثروبولوجية بالجزائر ونشرت على موقع إلكتروني أن أكثر من 27 بالمائة من طالبات الجامعة تتعرضن للتحرش الجنسي على يد أساتذتهن، وأن 33 بالمائة تتعرضن للتحرش المعنوي مقابل 44 بالمائة، بينما قدرت نسبة العنف اللفظي بالجامعة ب44 بالمائة مقابل 13 بالمائة هي نسبة العنف الجسدي. وإن كانت نسبة 27 بالمائة مؤسفة نظراً لمكانة الأستاذ الجامعي المفترض أنه رمز التخلق والسمو ومثل أعلى في السلوك، ونظراً لخصوصية ما يسمى الحرم الجامعي إلا أنها نسبة لا تفاجئ كل من يدخل الجامعة الجزائرية أو يعمل بها، نظرا لما آلت إليه الأوضاع داخل هذا الحرم الذي بات خلال السنوات الأخيرة وكراً لعدد من الممارسات المشينة على رأسها التحرش الجنسي بالطالبات من قبل الأساتذة ومساومتهن إما النجاح بالتنازل ... أو رفض العرض '' الدنيء '' مع الرسوب. ويكثر الحديث بلا حرج بين الطلبة والطالبات عن هذه الظاهرة المتفشية كثيراً بالجامعات الجزائرية، بل ويعلم الطلبة تحديداً من هم الأساتذة الممارسون لهذه السلوكيات المنحرفة، وتدرك الطالبات أن طريقاً أقصر يعرضه هؤلاء الأساتذة لتخطي صعوبات السنة الدراسية والنجاح، وإن كانت هناك فئة من الطالبات استجابت لهذه المساومات ورضخت لتلك المطالب، فإن هناك من الطالبات من لا تنتظر العرض بل تبادر بعرض نفسها وتغري الأستاذ ليضاعف علاماتها فيمكنها من النجاح السهل إذا ما مكنته من نفسها، لكن المشكل يظهر عويصاً ويطرح بحدة لدى باقي الطالبات اللواتي يعني الشرف بالنسبة لهن كل شيء، بل ولا شي يمر قبله حتى لو كان المستقبل والشهادة الجامعية، إلا أن ذلك لا يمنع الطالبة من أن تمر بمرحلة حرجة جداً، بل وتدخل في دوامة وصراع نفسي كبير لتقاوم تلك الإغراءات وتقرر في الأخير التنازل عن سنة من عمرها لتحافظ على شرفها ومبادئها. هذا وكان رشيد حراوبية وزير التعليم العالي والبحث العلمي بالجزائر قد صرح خلال الأسبوع الأول من شهر ديسمبر 2008 أن ''لجنة صياغة الميثاق الجامعي تهدف إلى الشفافية وحماية الحرم الجامعي وصونه من جميع مظاهر العنف، إضافة إلى جعل الأخلاقيات والآداب الجامعية حجر الزاوية لصون القيم الأخلاقية وتعزيز النزاهة المهنية''، جاءت هذه التصريحات على هامش تنصيب لجان العمل الأربعة المشتركة بين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والشركاء الاجتماعيين والمهنيين بمقر الوزارة، والتي سلطت الضوء واهتمت بطبيعة العلاقة بين الأساتذة والطلبة والإداريين بالجامعة الجزائرية، وهي العلاقات التي تتطلب المزيد من التركيز والاهتمام نظراً للكثير من الانحرافات التي عرفتها منذ سنوات في ظل تراكمات لمشاكل كثيرة، أضحت فيها علامات النجاح سلعة تعرض للبيع من قبل بعض الإداريين، كما أضحت فيها أجساد طالبات الجامعة بضاعة مستهدفة أو معروضة للمقايضة.