هل تحوّلت الجامعة إلى "ماخور"؟؟ في اليوم الوطني للطالب وبعد مرور ثلاث وخمسين سنة على أحداث دامية لطلبة حملوا رسالة ودافعوا عن قضية وطنهم، نعود لنطلّ على هموم طلبة الجزائر من جيل الاستقلال. * * لكن ليس من نافذة التحصيل العلمي، الذي بات هدفا لا يسعى إليه إلا »المغفّلون«، على حد تعبير الكثير من الطلبة، وإنما من باب الحياة اليومية التي تعيشها الطالبات وكيف أنه باسم السفر لطلب العلم، تنحرف »بنات الفاميليا« ليتخلى البعض منهن عن خمرهن بينما تتطاول الأخريات على السيجارة ليخطفنها من بين شفتي الرجال، وبين هذا وذاك كسرت ظاهرة التحرش والتحرش العكسي ما بقي من معاني الحرمة والحياء، وتتحول الظاهرة إلى حديث العام والخاص بل تحول المشهد إلى بورصة للبزنسة بالنقاط وحظوظ الانتقال من مستوى إلى آخر. * هو موضوع شائك نتناوله بقصد التحسيس بالانحراف الذي ظهر خلال السنوات الأخيرة، والتنبيه إلى ضرورة الإسراع في دراسة الظاهرة وإيجاد الحلول المناسبة وكل تأخر في ذلك ينذر بتلاشي مفهوم الحرم الجامعي الذي كان ينظر إليه في السابق نظرة تقديس. * * طالبات يتهمون أساتذة بالبزنسة في النقاط مقابل أمور أخرى * ''شونطاج النقاط'' في الجامعة .. من يتحرش بمن؟ * * طالبة سجلت ابتزاز أستاذها بالهاتف المحمول فحولها إلى مجلس التأديب * المنظمات الطلابية: عشرات الشكاوى تصلنا يوميا وعندما نرفعها للإدارة يقولون لنا أين الدليل؟ * في واحد من بين أكبر طابوهات الحياة الجامعية طفت إلى السطح ظاهرة ''شونطاج النقاط'' مقابل أمور أخرى أو بصريح العبارة ''التحرش الجنسي''، قضية لم تعد طي الكتمان بعد أن أصبح لهذا الملف مكان ضمن ما أصبح يعرف ''بميثاق أخلاقيات الجامعة'' بعض تجاوزات هذا الملف رفعت لأبواب الإدارة لينتهي الأمر بمطالبة دليل يدين الأستاذ من تهمة ''الشونطاج''. * لوقت قريب كانت عملية الشونطاج حبيسة أدراج الأحياء الجامعية فكم من طالبة جامعية ساوموها في شرفها مقابل تمكنها من الحصول على غرفة جامعية تقول إحدى طالبات كلية الحقوق ببن عكنون أنها تعرضت لمساومات في إحدى الأحياء الجامعية بعد تقدمها للحصول على غرفة جامعية لإستكمال حصولها على شهادة الكفاءة المهنية للمحاماة، أين تعرضت لمساومات أحد المسؤولين من أجل الإمضاء لها على رخصة الدخول إلى الحي الجامعي، فكانت أن فضلت المكوث عند أحد أقاربها هربا من شبح المساومة. * ''الشونطاج'' مع الوقت زحف نحو أسوار الجامعة وأصبحت الطالبات تساوم في العام الدراسي وبالنقطة الاستقصائية في امتحان الاستدراك مقابل أمور أخرى، بعض الجامعات والمعاهد تعرف بها الظاهرة انتشارا لا يحق لنا كصحفيين كتابتها دون دليل يثبت ذلك، انتقلنا إلى إحدى جامعات الجزائر العاصمة يوم الأحد الماضي أين وجدنا الطلبة ينقلون جدول إمتحانات نهاية السنة فيما وضع عنوان كبير يؤكد انطلاق الإمتحانات العادية بتاريخ 16 من أكتوبر وامتحانات الدورة العادية بتاريخ العاشر من جوان لحضتها تكلمت إحدى الطالبات ''ذاهبون ذاهبون إلى السانتاز''، اغتنمنا الفرصة وكلمناها عن وجود ظاهرة الشونطاج تتنفس قليلا وترد ''لقد أصبحت مشكلة أعرف أن صديقتي لاحقها أحد أساتذتها، فرفضت ملاحقته، فتعمد أن يمنح لها نقطة اقصائية في مادة أساسية، عندها تعمدت الإتصال به عن طريق الهاتف مخبرة بأنها موافقة على الخروج معه، وسجلت صوته على الهاتف، لتلتقي به في اليوم الموالي وعندما أخبرته بما فعلت قال لها بأنه سيحطم جميع سنواتها الدراسية وسيحيل ملفها على مجلس التأديب وسينتهي بها الأمر إلى الطرد إن هي كشفت عن التسجيل الصوتي. * * رؤساء جامعات ومسؤولون يتسترون على الظاهرة * كان يوم خميس عندما دخلنا الجامعات اختلفت آراء الطلبة حول ظاهرة الشونطاج، عندما طرحت السؤال على ''رضا'' وهو طالب في السنة رابعة علوم مالية رد بابتسامة عريضة مؤكدا أنه كان سيكون محظوظا لو كان بنتا، فهو يؤكد أنه لن ينجوا لا من امتحان الخلاصة ولا من الاستدراك لأنه شاب، وليس له ما يمنحه للأستاذ''. * حساسية الموضوع جعلت أحد الطلبة يتدخل بقوله "في السنة الثانية جامعي تحصلت أنا وزميلتي على نقطة اقصائية وكان علينا الإثنين الدخول إلى'' الدورة الإستدراكية التي تجرى في شهر سبتمبر لكنني اكتشفت أن الأستاذ ساعدها وأنقذها بنقطتين أما أنا فاضطررت للانتظار شهرين للحصول على العام الدراسي، (يتوقف للحظات)، ثم يضيف قائلا دون أن أحدثك أنت تدرين لماذا هي تحصلت على النقطتين وأنا لا''. * غالبا ما تعالج قضايا ''الشونطاج'' عن طريق المستور فتدخل الإدارة هنا يكون عن طريق المجالس التأديبية فيما يتستر بعض المسؤولين عن قضايا مهمة دون الدخول أو فتح تحقيق فيها. * * .. وطالبات يتحرشن بالأساتذة هروبا من الاستدراك * الحقيقة الأخرى التي لا يجب إغفالها هي تحرش الطالبات سواء بالأساتذة أو عمال الإدارة فكثير من الطالبات يلجأن إلى إغواء أساتذتهن وهي سلوكات منتشرة، حسب أساتذة في علم النفس والإجتماع، لعدم تقيد الجامعات الجزائرية بلباس محدد أو حتى عدم منع اللباس الفاضح والزينة المبالغ فيها تعبر سلوكات لا تليق بالحرم الجامعي، حيث تتعمد بعض الطالبات إبراز مفاتنهن أمام الأساتذة في خطوة لإجبارهم على التقرب منهن واستمالتهم لأنهن ببساطة يردن النقاط، وهي الأساليب التي صارت تلجأ إليها الطالبات من أجل إنقاذ أنفسن من لرسوب أو ''الجرجرة إلى الراتراباج''. * * في دراسة لمركز البحث في الأخلاقيات الإجتماعية والثقافية * 27 بالمئة من الطالبات تعرضن للتحرش الجنسي من قبل أساتذتهن * كشفت آخر دراسة أعدها مركز البحث في الأخلاقيات الإجتماعية والثقافية عرضت بمقر وزارة التعليم العالي وبحضور أساتذة جامعيين عن نسبة 27 بالمئة من الطالبات قلن أنهن تعرضن لتحرش جنسي داخل الحرم الجامعي، أرقام وإن كذبتها الأسرة الجامعية واصفة وجود الظاهرة ب »حالات شاذة« إلا أنها ارتكزت على عينات أكد فيها 27 بالمئة تعرضهن للتحرش الجنسي في حين تم تسجيل نسبة 44.6 بالمئة من الطالبات تعرضن للعنف اللفظي و33.2 بالمئة تعرضن للعنف المعنوي و31.8 بالمئة تعرضن للعنف الجسدي. * وبالرغم من تقليل نقابات الأساتذة الجامعيين من نسبة التحرش الجنسي على الطالبات من قبل الأساتذة، فإن بعض هذه النقابات أقر بوجوده في حين يرى البعض الآخر أنه لا يمكن تعميم ما سجل في بعض الجامعات على كل المؤسسات الجامعية بالنظر لخصوصية كل مؤسسة جامعية. * في نفس السياق، تؤكد أرقام اللجنة الوطنية للنساء العاملات التابعة للاتحاد العام للعمال الجزائريين تسجيل حالات عديدة من التحرش الجنسي غير أن الخوف وكابوس العار وثقافة المجتمع الجزائري تمنعان الضحايا من الكشف عن الفضيحة حتى لو تعلق الأمر بفقدان الوظيفة أو حتى إعادة السنة الجامعية. * * كيف ترى التنظيمات الطلابية الظاهرة؟ * أكد جميع ممثلو التنظيمات الطلابية التي اتصلت بها الشروق اليومي وجود الظاهرة داخل الحرم الجامعي، مؤكدة أن ''شونطاج النقاط والبزنسة'' يمثل أهم المطالب المرفوعة إلى ميثاق أخلاقيات الجامعية حيث طالبوا بضرورة سنّ قانون يضح حدا للظاهرة ويبين علاقة الأستاذ بالطالب والإدارة أيضا باعتبارها طرفا مهما داخل الحرم الجامعي. * وأكد اسماعين مجاهد الأمين العام للإتحاد الطلابي الحر، أن مكاتب التنظيم تستقبل شكاوي عديدة من طالبات وقعن ضحية ابتزاز ومساومة بين النقاط وأمور أخرى وأن هذا الملف تم رفعه لميثاق أخلاقيات الجامعة، مؤكدا أن الظاهرة موجودة باعتبار الحرم الجامعي جزء من المجتمع الجزائري، مؤكدا أن الشكاوى التي ترفع للإدارة من هذا النوع كثيرا ما تغلق بسبب عدم وجود دليل مادي يدين الأستاذ، إذ كثيرا هذه الظواهر ما تحدث بصورة فجائية، وطالب أمين عام الاتحاد الطلابي الحر بضرورة وضح حد لمثل هذه الظواهر، مؤكدا أن الكثير من الطالبات تتخوف من المجلس التأديبي وورود اسمها ضمن القضايا الجامعية. * من جهته، أكد أمين عام الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين بلعلام، أن وجود الظاهرة في الحرم الجامعي أدت أيضا بتنظيمه إلى رفعه كمطلب أساسي لتحديد العلاقة بين الأستاذ والطالب داخل الجرم الجامعي، معتبرا أن ظاهرة ''الشونطاج'' أصبحت تسيء إلى الجامعة، ولا بد من حل للقضاء عليها. *