يحل غد الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بالجزائر وهو الذي زارها قبل أشهر فقط تحت عباءة المترشح لقصر الإليزيه، هذه الزيارة الأخيرة أكيد ستلقي بظلالها على كل الساعات والدقائق التي سيقضيها بالجزائر، خاصة أن الأخير قدم وعودا وردية حينما التقى الوزير الأسبق عبد المالك سلال تقضي بضرورة الاعتراف بكل الجرائم البشعة التي قامت بها فرنسا الاستعمارية على مدار سنوات احتلالها للجزائر، وما يزيد من حساسية الزيارة التمسك الصريح والمعلن من السلطات الجزائرية بملف الذاكرة الذي اعتبره وزير المجاهدين خطا أحمر لا يمكن التنازل عنه بأي سبب من الأسباب. في السياق، أعرب وزير المجاهدين الطيب زيتوني عن أمله في أن تساهم زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للجزائر في تسوية الملفات العالقة الخاصة بالذاكرة بين البلدين التي تعد –حسبه- شرطا أساسيا في نسج الثقة، مضيفا أن العلاقات بين البلدين لن ترقى ولن تكون طبيعية إلا بتقديم الاعتذار والتعويض والاعتراف بالجرائم من قبل فرنسا وهو مطلب شرعي يجب الاستجابة إليه على حد تعبيره. من جانبه وصفت باريس الزيارة التي من المقرر أن يجريها الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون إلى الجزائر ب "الهامة"، سيما وأنها تأتي عشية اجتماع اللجنة الحكومية المشتركة رفيعة المستوى بباريس. وتعد هذه الزيارة الثانية للرئيس ماكرون إلى الجزائر في ظرف سنة بعد تلك التي أجراها في فيفري المنصرم بصفته مترشحا للرئاسيات الفرنسية، والتي وصف خلالها الاستعمار ب "جريمة ضد الإنسانية". وتمت الإشارة بقصر الإليزي إلى أن الأمر يتعلق ب "مشهد فرنسي-جزائري سيجري خلال هذا الأسبوع" مع التأكيد على "عمق وكثافة العلاقات بين فرنساوالجزائر المرجحة للتطور بشكل أكبر". كما تم التوضيح أن فرنسا "تأمل في مرافقة الجزائر في رؤيتها الإستراتيجية للتنمية". وتم التوضيح أنه من المرتقب أن يتطرق الرئيس الفرنسي الذي سيرافقه وزير أوروبا ووزير الشؤون الخارجية، جان ايف لودريان ووزير العمل والحسابات العمومية، جيرار دارمانين، بالإضافة إلى عدد من المنتخبين والفنانين والكتاب وأصحاب المؤسسات الناشئة إلى "التعاون والقضايا الإقليمية ومسألة الذاكرة"، مع التأكيد أن ضيف الجزائر "يتطلع للتأكيد على دعم العديد من المشاريع بين البلدين في ظل رؤية متجددة ومتقاسمة للتعاون". وأشار قصر الاليزي إلى أن هذه الزيارة "ستتبع لاحقا بزيارة دولة تتطلب تحضيرا لكن دون تحديد تاريخ وذلك بالنظر للمكانة الهامة التي تحظى بها الجزائر".وتمت الإضافة أن "الجزائر تحتل مكانة هامة بصفتها جسرا في المتوسط وإفريقيا وتعد بلدا مجاورا هاما نأمل في تعزيز علاقاتنا معه بالنظر لمكانتها الاستثنائية" مع الإشارة إلى أن الرئيس ماكرون "أراد القيام بهذه الزيارة بسرعة للتأكيد على أهمية هذا البلد". وكان ايمانويل ماكرون قد أوضح في فبراير المنصرم أن الشراكة الفرنسية-الجزائرية "لا يمكن أن تتحقق إلا بشرط "أن تقوم على حلول مشتركة وعمليات تعاون ميدانية حول مشاريع ملموسة"، معتبرا أن "الوقت قد حان اليوم لإدراج تاريخنا في إطار عقد جماعي جديد". وأوضح قصر الاليزي أنه علاوة على البعد الاقتصادي الذي سيتم التطرق إليه خلال هذه الزيارة سيتضمن جدول الأعمال ملفات مسار السلام في مالي وتأمين منطقة الساحل، مشيرا إلى أن التعاون بين فرنساوالجزائر يجب أن "يشهد تقدما أهم". كما تم التأكيد أن "الجزائر تملك تجربة في مجال مكافحة الإرهاب، سيما فيما يخص فروع الإرهاب ومكافحة الراديكالية التي تهم فرنسا"، مع إبراز "نوعية الشراكة في هذا المجال". في رسالة تهنئة بعث بها إلى نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون في 14 يوليو المنصرم بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني، جدد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة التأكيد على "تمام استعداده" و"حرصه التام" على العمل بمعيته على مواصلة دعم التعاون بين البلدين والارتقاء به إلى مستوى البعد الإنساني المتميز وكذا الشراكة الاستثنائية التي قررت الجزائروفرنسا معا إقامتها فيما بينهما". في رده أشاد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ب"النظرة والالتزام الحاسم" لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة من أجل "تطوير الشراكة الاستثنائية" التي تربط الجزائروفرنسا. وأكد "لم يسبق عبر التاريخ أن بلغت العلاقات بين بلدينا مثل هذا المستوى من الامتياز و الكثافة". نورالدين علواش