لا يكف الإعلام الفرنسي عن التدخل في شؤون الجزائر الداخلية وإقحام نفسه في أمورها، ولعل ما أثبت ذلك هو الخرجة الأخيرة لمجلة "لوبوان" التي افتتحت عددها الأخير بعنوان "الجزائر الصراع الحضاري تحقيق عن أغرب بلد في العالم" وفي نص الموضوع الذي نشرته استهزاء واضح بمشروع جامع الجزائر الأعظم الذي وصفته بالخرافي والذي يهدر مالا دون أي مقابل، مما أثار حفيظة الكثير من الأوساط الجزائرية من أئمة وسياسيين واعتبروه حلقة جديدة ويائسة من مسلسل الهجوم على المقدسات الإسلامية. وفي ذات الشأن، أكد رئيس جمعية العلماء المسلمين عبد الرزاق قسوم أن مجلة le point الفرنسية لها خط افتتاحي واضح يهدف إلى مهاجمة رموز الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية، مضيفا بالقول "عندما تنتقدنا مجلة كهذه فهذا دليل واضح أننا على حق وفي الطريق الصحيح" لأن المسجد الأعظم ليس بناء للجدران وتزيينها فقط بل هو استثمار في الإنسان وفي مختلف القيم التي ينشرها الدين الحنيف منذ مجيء الرسالة المحمدية. هذا وأضاف قسوم خلال حديثه مع "الحوار" أن استدلال المجلة بضرورة بناء مستشفى عوض بناء مسجد كبير ضعيف جدا، كون الإشعاع الديني الذي سيبثه هذا الأخير هو شفاء لما هو في الصدور، مشددا على أن الوقوف وتشجيع مبادرات كإنشاء مساجد كبرى تمثل الهوية الجزائرية لا يعني إطلاقا عدم المطالبة بتحسين وضع المستشفيات الجزائرية أو بناء أخرى ذات مقاييس عالمية. وفي السياق قال ذات المتحدث إن بناء الإنسان على القيم والمبادئ والأخلاق هي أساس تطور المجتمعات والأوطان. أما المسؤول الأول على تنسيقية موظفي الشؤون الدينية جلول حجيمي، فقد أكد أن الجامع الأعظم أثار حفظية الكثير من الشخصيات والبلدان المناوئة لسياسة الجزائر، لما يحمله من قيم وبعث للهوية الجزائرية الإسلامية،خصوصا وأن الكثير من المدارس والملاحق الدينية ستنشأ بالموازاة معه، ويضيف ذات المتحدث أن موقع المسجد استراتيجي حيث كان مكانا للتبشير أيام الاستعمار الفرنسي. حجيمي قال أيضا إن بناء المسجد الأعظم يؤكد على أن الجزائر لا تمتلك مشكلا مع الإسلام الذي يعتبر دين الأغلبية من سكانه، وهو مؤشر آخر على عودة الإسلام الصحيح المبني على أسس وقواعد معتدلة. إمام مسجد الفضيل الورتيلاني أكد أيضا أن هجوم المجلة على مشروع الجامع الأعظم غير مفهوم إطلاقا، لأنه جاء بجهود وأموال جزائرية دون أي تدخل أجنبي آخر سوى بعض الكفاءات التي شاركت في بنائه. وحسب ذات المتحدث فإن الفرنسيين لم يهضموا حتى اليوم حرمانهم من صفقته، فراحوا يحاولون التشويش على المشروع بطريقة أو بأخرى. في حين اعتبر القيادي البارز في حركة البناء أحمد الدان المحاولات المستمرة من الإعلام الفرنسي وبعض النخب في الطعن في مشروع الجامع الأعظم هي محاولات يائسة لأن الجزائر ستدشن مسجدها الأعظم قريبا لذي سيكون صورة للإسلام المعتدل الحضاري العلمي المنفتح على العالم. هذا وأكد ذات المسؤول خلال حديثه ل"لحوار" أن الأحقاد الفرنسية كبيرة ومستمرة وترفض أن يتحول اسم "لافيجري" إلى محمد صلى الله عليه وسلم ويقام عليها مسجد من أعظم مساجد العالم قاطبة. ومن زاوية أخرى قال الدان إن ردة فعل الفرنسيين كانت ستصبح مختلفة لو تسلموا صفقة إنجاز الجامع الأعظم، وكان سيصبح أهم مشروع، على اعتبار أن العلاقات الفرنسية دائما مرتبطة بمحاولات تحطيم الشخصية الوطنية وابتزاز الجزائر. مولود صياد