فتح تصريح وزير الشؤون الدينية محمد عيسى فيما يخص إعداد مشروع قانون تجريم التكفير الباب واسعا للبحث عن المقصود الحقيقي من هذا التوجه الجديد خاصة بعد الجدل الذي أثارته الكلمة الشهرية لمناظر السلفية بالجزائر الشيخ فاركوس. في هذا الصدد اعتبر عدد من الحقوقيين ورجال الدين أن اقتراح وزارة الشؤون الدينية لقانون يجرم الخطابات التكفيرية يعد إيجابيا، حيث اعتبر الحقوقيون الذين تحدثت معهم "الحوار" أن هذا القانون سيردع كل من يحاول التشكيك في الانتماء الديني للأشخاص، مقترحين سجن كل من يستعمل الخطابات التكفيرية. ومن جانب آخر يرى هؤلاء أنه يتوجب أن لا يتنافى هذا القانون مع الحقوق الدستورية للمواطن، أما رجال الدين فيرون أن الخطاب التكفيري أو الطائفي أخطر من الخطاب الداعي للقتل، وبالتالي فتجريمه سيسمح بحماية أمننا الديني. في السياق قال المحامي والناشط الحقوقي بوجمعة غشير، إن سن قانون لتجريم التكفير وخطابات الكراهية سيحد من مهاجمة الأشخاص والتشكيك في انتمائهم إلى الدين الإسلامي، كما أنه سيحمي الأشخاص ويعلّمهم كيفية النقاش دون اللجوء إلى تكفير بعضهم البعض. وصرح غشير أمس في اتصال بيومية "الحوار" أن مقترح سن مواد تجرم التكفير في قانون العقوبات كان مطلبنا منذ سنوات، فانتشاره في العديد من التيارات ووصوله إلى المجال السياسي حتى أصبحت بعض الأحزاب تتراشق بينها وتصل إلى حد التكفير يحتم علينا الإسراع في سن قوانين تجرم التكفير وخطابات العنصرية والكراهية". ويرى ذات المتحدث أن "كيفية أو صيغة هذا القانون من اختصاص المشرع، لكن من ناحية أخرى يمكن اقتراح هيئات متخصصة من أجل متابعة الخطابات وتسجيل كل من تكون منها تكفيرية واتخاذ الإجراءات المناسبة ضدها". وعن العقوبات التي يقترح أنها ستكون ضد الخطابات التكفيرية، يرى غشير أن "كل جمعية أو منظمة أو هيئة تتبنى خطابا تكفيريا يجب أن تحل أما عن الأشخاص وفي حال توجيههم أي خطاب عنصري أو تمييزي فيتوجب أن يسجنوا". ومن جهته يرى رئيس لجنة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي والشؤون الدينية بالمجلس الشعبي الوطني صافي العربي أن المجلس سينظر في مقترحات وزارة الشؤون الدينية بخصوص سن قانون لتجريم خطابات الكراهية ويفصل فيها في وقتها. وأضاف العربي في اتصال بيومية "الحوار"، أمس أن "المجلس سيّد في اتخاذ القرار حول مقترحات وضع مواد تجرم الخطاب التكفيري وخطابات الكراهية عند تقديمها من طرف وزارة الشؤون الدينية وسيفصل فيها بعد الدراسة"، وواصل في السياق نفسه قائلا "الدستور هو الضامن للحقوق والحريات فإذا كانت هذه المواد تمس بالحقوق والحريات فسوف يقوم برفضها". واعتبر ذات المسوؤل أن "المجتمع الجزائري بطبعه وسطي يتبنى المذهب المالكي، وبالتالي أرى أنه لا يحتاج إلى هذا القانون، فالتّكفير مجرّم أخلاقيا وقد حاربنا الفكر التطرفي بكل الوسائل حتى قبل التفكير في سن هذا القانون". ومن جهته يرى إمام مسجد القدس بحيدرة بالعاصمة جلول قسول، أن حامل الخطاب التكفيري أخطر من حامل السلاح ، وبالتالي فتجريمه سيحافظ على الأمن الديني لبلدنا. وأوضح قسول في حديث ل"الحوار"، أمس، أن "من يستعمل خطابات الكراهية والتمييز وحتى الخطابات التكفيرية التي تسعى إلى تفريق المجتمع يجب أن يتابع قضائيا، فمن واجبنا جميعا الدفاع على وحدتنا الدينية من كل ما يسعى إلى المساس بها". ولكن وحسب ذات المتحدث "فالقانون وحده لا يكفي، لأننا نحتاج إلى تضافر وتضامن الجميع من أئمة ومسؤولين وحتى المجتمع يجب أن تتم توعيته ويتفطن لمثل هذه الممارسات ويرفضها حتى يتم القضاء عليها". عبد الرّؤوف.ح