"هجرة الشباب الجزائري نحو أوروبا: الواقع والتداعيات"، عنوان الملتقى الذي نظمه مخبر دراسات وتحليل السياسات العامة في الجزائر بجامعة الجزائر 3، أمس ناقش خلاله الدكاترة المشاركون بأوراقهم البحثية ظاهرة الهجرة غير الشرعية التي باتت تنخر جسد دول عالم الثالث خاصة منطقة شمال إفريقيا. وفي كلمته الافتتاحية أكد الدكتور رضا مزوي رئيس مخبر الدراسات وتحليل السياسات العامة في الجزائر، أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية مرتبطة أساسا بعدة عوامل، سوء الأوضاع الاجتماعية والتردي الاقتصادي، والظرف الأمني، مما يستدعي إيجاد ميكانيزمات جديدة للتحكم في الظاهرة، خاصة أنها أخذت أبعادا خطيرة على سلامة الأمن الاستراتيجي. من جهته، تطرق الدكتور رضوان بوهيدل في مداخلته حول "جيو سياسة الهجرة غير الشرعية في شمال افريقيا منذ سقوط نظام القدافي" إلى دراسة الواقع ما بعد 2011، وتحولت الظاهرة إلى صناعة تهدد الأمن الدولي من خلال إدماجها مع الجريمة المنظمة والإرهاب، وهي تنشط في إطار ما يسمى بالمنطقة الرمادية التي خرجت عن منطق تحكم الدولة، مشيرا إلى أن جغرافية الهجرة غير الشرعية تسلك نفس المسلك الذي تتبعه شبكة الجريمة المنظمة بالمنطقة التي هي تحت سيطرة الإرهابيين، فخلق شبه اندماج عضوي للتهديدات وانتشار السلاح، الفقر والأمراض فأضحت الهجرة غير الشرعية خطرا عابرا للأوطان، وحول آثار هذا النوع من الهجرة على الجزائر قال بوهيدل إن الجزائر التي تعد كقوة إقليمية من حيث الخبرة، جعلها أقل حدة مقارنة بباقي دول شمال إفريقيا، وبخصوص الدول المصدرة للإرهاب كشف المتحدث ذاته عن تنظيمات متخصصة تقوم بوضع مخططاتها عبر الدول الإفرقية التي تعرف وضعا اقتصاديا واجتماعيا مزريا وتقوم برصد الشباب الراغب في الهجرة لتحسين وضعه بمبالغ مالية كشرط لنقلهم إلى الدول التي تسهل لهم الولوج إلى العالم الأوروبي. وعلى صعيد مماثل تناولت الدكتورة سميرة قمري، في محاضرتها النظرة الشرعية في هجرة الشباب إلى أوروبا، حاولت من خلالها ربط ظاهرة الهجرة غير الشرعية بالجانب الشرعي لهذه القضية التي استفحلت في أوساط الشباب الجزائري، مشيرة في معرض حديثها إلى العواقب المترتبة على الهجرة، بحكم عدم جوازها من الناحية الشرعية لما لها من آثار وخيمة على عقيدة المهاجر، كونهم مجبرين على العمل داخل فضاءات محرمة بالنص القطعي مثل الحانات والمتاجرة بالبشر، وبيع قوارب الموت، بالإضافة إلى وجود نصوص واضحة تؤكد عدم جواز للمسلم الإقامة بين ظهراني المشركين، ضف إلى ذلك ما يسببه المهاجر غير الشرعي من أحزان وحرق قلب والديه وهو ما يدخل في خانة عقوق الوالدين، موضحة أن السعادة الحقيقية ليست في تحصيل المنافع الدنيوية بقدر ماهو البحث عن الراحة، وهذه الأخيرة يقذفها الله إلى قلب المؤمن، وأن الغنى غنى النفس. وفي السياق، قال الدكتور عبد الوهاب عمروش، رئيس الجلسة العلمية للملتقى إن ظاهرة الهجرة غير الشرعية هي ظاهرة مركبة من عدة أبعاد اقتصادية واجتماعية، ودينية، داعيا إلى ضرورة محاربتها عن طريق خلق مناصب الشغل للشباب وتسهيل عملية إقامة المشاريع ومرافقتها حتى لا يضطر أصحابها للهجرة بطرق ملتوية، وإنشاء فضاءات للترفيه كالملاعب الجوارية في غياب المتنفس وفي ظل نظرة ما يتلقاه من صورة عن الضفة الشمالية وسهولة الحياة ومظاهر الشباب والثقافة…مشيرا إلى المشاكل الناتجة عن هذه الظاهرة على مستوى الأسرة والشخص المهاجر شخصيا. نصيرة سيد علي