رحلت الفنانة المسرحية القديرة صونيا أول أمس عن عمر ناهز 65 سنة إثر مرض عضال، كرست حياتها للفن وظلت وفية للخشبة التي اعتلتها وسنها لم يتجاوز17سنة، متحدية العادات والتقاليد. المخرج المسرحي محمد شرشال: كنت أتمنى أن أزورك لكنني احترمت رغبتك قال المخرج المسرحي محمد شرشال عن رحيل صونيا: ثائرة المسرح الجزائري في ذمة الله ..وداعا صونيا..كنت أتمنى أن أزورك في مرضك الذي طال، إلا أنني احترمت رغبتك في الابتعاد عن الأنظار لكي يحتفظ محبوك والأصدقاء بصورة المرأة القوية والممثلة الملتزمة الصامدة..اخترت أن تبقي جميلة فكان لك ذلك حتى في موتك.. كنت أحاول أن أرفض كونك تتعذبين وتقاومين لوحدك ذاك المرض الخبيث، كنت امن نفسي برؤيتك حين تشفين، لقد أبلغتني ابنتك سامية أنك نويت دعوتنا كلنا لبيتك لنحتفل بشفائك. كم أنت قوية يا صونيا حتى في موتك، حتى في طريقة مغادرتك لعالمنا الرخيص البائس..حين سمعت خبر وفاتك سيدتي أحسست بشيء يتمزق داخل أحشائي، لقد أحسست باليتم كله وبالحزن كله. وداعا صونيا الممثلة التي أحببنا وصفقنا لها، وداعا صونيا مديرة معهد برج الكيفان التي كانت لا تنام من أجل أن يكون طلبتها في أحسن حال. وداعا مديرة مسرح سكيكدةوعنابة والتي كان الكل يحبها لشهامتها، انضباطها، حرفيتها وحسن تسييرها وداعا صديقتي، سنحتفظ لك دائما بالصورة الجميلة التي أردت لأننا لم نر لك يوما صورة بشعة ومؤلمة، ستظلين إلى أن نلحق بك تلك المرأة القوية، صونيا التي نحب.. إلى رحمة الله التي وسعت كل شيء، لك الجنة والخلد ولابنتك وزوجها وحفيدتك وكل عائلتك ومحبيك جميل الصبر والسلوان..أنا حزين جدا لأجلك صونيا.
الكاتب محمد صاري: أحتفظ بذكريات جميلة معها حين كانت في مسرح عنابة وكتب المترجم محمد ساري عن علاقته بالفنانة الراحلة صونيا "كانت لي فرصة التعامل معها حينما كانت مديرة المسرح الجهوي لعنابة، حيث طلبت مني ترجمة مسرحية "Mimosas d'Algérie" من الفرنسية إلى العربية الدارجة، أنجزت الترجمة وتمّ إخراج المسرحية وعرضها في مسرح عنابة. كما تمّت دعوتي لحضور العرض. أتذكر الاستقبال الحار والدردشة التي تناولناها حول المسرحية ولغتها العامية القريبة من الفصحى والخالية من الشوائب الهجينة، ذكرى جميلة أحتفظ بها. وبهذه المناسبة الأليمة، أقدم تعازيّ الخالصة لعائلتها الصغيرة والفنية الكبيرة، وأطلب من الله أن يتغمّدها برحمته الواسعة ويدخلها فسيح جنانه ويلهم ذويها الصبر والسلوان".
______________________ السيناريست فاطمة بلحاج: وجع رحيلك عظيم صونيا، وجع رحيلك عظيم وأثقل من أن يتحمله بكاء، وكل ما تحتاجينه اليوم الدعاء، اللهم ارحمها واغفر لها واجعل مثواها الفردوس الأعلى.
سمير مفتاح: كانت سيدة الجميع لا تعليق، سيبقى التاريخ شاهدا عن امرأة حين غادر الرجال الوطن في عز أزمته، كانت سيدة الجميع وبقيت في الوطن، للحديث بقية، رحمك الله يا سيدة النساء بكل صدق.
المخرج كريم موساوي: كان لي شرف التعامل معها تلقيت بحزن كبير وفاة الممثلة القديرة صونيا، كان لي شرف عظيم أن أحظى بمشاركتها في فيلمي "في انتظار السنونوات".
الهيئة العربية للمسرح: ستبقى تجربتك مثالا يقتدى به وذكرت الهيئة العربية للمسرح في منشور على موقعها الرسمي أن صونيا كان من المفترض أن تكون صاحبة رسالة اليوم العربي للمسرح في 10 يناير 2019، ولكن الرحيل كان أسرع "ستفتقدك منصة اليوم العربي للمسرح..ستبقى تجربتك مثالا يقتدى به لمن أراد مسرحا لا ينفصل عن الاشتباك مع واقعه من أجل صنع مستقبله". _________________________ وزير الثقافة ينعي صونيا: كانت ملتزمة بالقضايا التحررية نعى وزير الثقافة عز الدين ميهوبي الممثلة صونيا في رسالة وجهها لعائلتها وللأسرة الفنية جاء فيها: هذه الفنانة التي ظلت متألقة خلال كل مسيرتها الفنية، وهبت حياتها للفن وللإبداع ولخدمة الثقافة والفن. فنانة عرفت بالتزامها العميق وبكل ما هو يخدم الإنسان ويرتقي بالذوق، ظلت تحظى دائما باحترام وتقدير الأوساط الثقافية والفنية، اختارت بعد ان ألم بها المرض أن تبتعد عن الاضواء محافظة على تلك المكانة التي كانت حققتها في المجال الفني والثقافي والاعلامي. وكانت الراحلة المرحومة صونيا تمتلك شخصيةً ثقافية، فنية قوية، كانت مناضلة من أجل قضية المرأة، مدافعة عن حقوقها وملتزمة بالقضايا التحررية.
_________________________ أكثر من 50 عرضا مسرحيا..العيطة حضرية والحواس سكينة مكيو ..دخلت المسرح مبكرا وكسرت قيود المجتمع سكينة مكيو وهو الاسم الحقيقي للفنانة التي ولدت بالميلية ولاية جيجل وتخرجت من معهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان دفعة 1973، عيّنت مديرة لنفس المعهد، ومنه عيّنت على رأس المسرح الجهوي لولاية سكيكدة...كانت دائما بين الممثلات المسرحيات البارزات في الوسط الفني الجزائري قبل انتقالها إلى الإخراج وترأسها للمسرح الجهوي لسكيكدة. حملت هموم المجتمع فوق خشبات المسارح الجزائرية وفي الخارج، إلى جانب حضورها في الأفلام والمسلسلات الجزائرية.خريجة معهد الدراما ببرج الكيفان، وقد دخلت ميدان التمثيل في سن مبكر لا يتعدى ال 17 سنة، وواجهت جملة من الصعوبات واعتراض الأهل على ذلك بحكم واقع المجتمع آنذاك، غير أنها كسّرت ذلك القيد والتحقت بالمعهد رفقة أربع ممثلات أخريات. وفي تلك المرحلة كان المسرح يفتقر للعنصر النسوي بحكم عادات وتقاليد المجتمع الجزائري، عكس ما أصبح عليه في الوقت الحاضر شاركت في عمل جماعي إلى جانب كل من محمد فلاق وحميد رماص بعنوان لنعبر للعالم الذي عبرنا وهي مسرحية عن انحراف الشباب، وقد مثلت صونيا في هذه المسرحية وعمرها لا يتجاوز ال 20 سنة، لتجمع في رصيدها الفني العديد من المسرحيات الجماعية والفردية التي تفوق ال 50 عرضا من بينها مسرحية حضرية والحواس، وهو عمل جماعي لمصطفى عياد، يعالج ظروف المأساة التي عاشها الجزائري، في شرح للوضع الذي ساد الجزائر في تلك السنوات التي ضربت كل شيء ولم يخرج منها المسرح سليما، حيث فقد الكثير من عمالقة الخشبة، وهي تعتبر بأن هذا العمل هو في خانة الأعمال النادرة بحكم نصه وطريقة المعالجة التي تم بها من قبل الممثلين الذين وظفوا خبرتهم في المسرحية بالكثير من الشجاعة، لتبقى هذه المسرحية من بين العروض المهمة إلى جانب الصرخة. عملت صونيا كممثلة إلى جانب كل من المرحومين عزالدين مجوبي وعلولة، كما عملت مع سيد أحمد أقومي، وامحمد بن قطاف وزياني الشريف عياد، وعملت كمخرجة مسرحية، وقد كانت لها محاولة في الإخراج السينمائي لكنها لم تدم طويلا، وعادت إلى المسرح لما عُينت مديرة لمعهد التكوين لبرج الكيفان، لتترأس المسرح الجهوي لولاية سكيكدة ثم عنابة قبل تقاعدها.