في زمن تشتد فيه الحاجة لدراسة التطورات الدولية الخطيرة، وفي حقبة ظهرت فيها بعض الفئات المنحرفة فكريا وسلوكيا، برز الإرهاب والعنف كمصطلحات لها انتشار كبير.. فما إن مرت دقائق على تهاوي برجي التجارة العالميين التي قلبت كيان الإنسان الغربي وأحدثت تأثيرات في توجهات حكوماته، حتى بدأت الأسئلة التي فرضتها الأحداث بالظهور، وبسبب جنسية مرتكبي تلك الأحداث، توجهت الأسئلة إلى الإسلام على وجه التحديد، وما إن أعلنت هوية الخاطفين المزعومين حتى تغيرت علاقة العالم بهذا الدين، حيث أثارت تلك الفعلة في ذلك الصباح في نيويورك كمّا هائلا من التساؤلات حول ماهية الإسلام، وعلاقة هذا الدين بالإرهاب.. وبقدر ما كان لتداعيات أحداث 11 سبتمبر من انعكاسات سلبية على الأمتين العربية والإسلامية جراء الحروب التي شنتها أمريكا تحت مطية ضرب قواعد الإرهاب سواء في العراق وأفغانستان، إلا أن تلك الأحداث دفعت بالإنسان الغربي إلى القراءة والمطالعة لسبر أغوار هذا الدين الذي كان مجهولا لديه .. وفي تقرير بعنوان: النمو السريع للإسلام في العالم الغربي، اعترفت الدول الغربية بأن أعداد الذين يعتنقون الإسلام كل عام في الغرب كبير جداً، وهو في تسارع مستمر، ففي 12 سنة تم بناء أكثر من 1200 مسجد في الولاياتالمتحدةالأمريكية بمعدل مئة مسجد سنوياً.. وفي هذا السياق دعت الدكتورة ستالا ويترنج أستاذة الدراسات الإسلامية في الجامعة الحرة بأمستردام المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي، بتكثيف الجهود في التعريف بالإسلام الصحيح وتعاليمه السمحة التي تؤكد على مبدإ ترسيخ مفهوم الأخوة الإسلامية والتسامح وتعزيز العلاقات بين الشعوب ونبذ التعصب. وأضافت أن الصورة المشوهة التي أسهمت في نشرها ''الميديا'' مهدت لوجود ظاهرة ''الإسلاموفوبيا'' التي تنتشر في كثير من البلدان كرد فعل لما بثته الثقافة المشوهة في الذهنية الغربية عن الإسلام والمسلمين.. وقبل أن تتعالى هذه الصيحات المطالبة بالفهم الحقيقي للإسلام، سبق للجزائر على لسان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة أن أكدت في عدة مناسبات بأن الدين الإسلامي دين تسامح، وأنه كان منارة السلام والاستقرار في العالم أجمع، وأوضحت أن الإسلام يوصم حالياً بأنه دين تطرف وعنف، ولذلك فإنه من الواجب على كل مسلم العمل على تغيير هذه الصورة السلبية وإبراز الطبيعة المتسامحة للدين الإسلامي. وما سعي الجزائر لبناء مسجد الجزائر الأعظم إلا في سياق إدراكها بأن قطع الطريق أمام التطرف والإرهاب يتم في المرحلة الأولى من خلال ضرورة الفهم الحقيقي لديننا الحنيف ..