مرموري: جاهزون لرفع التحدي وكسب الرهان مهماه: إنشاء قواعد لوجيستية في المناطق الحدودية أولى الأولويات دغمان: تنمية المناطق الحدودية تضمن اقتصاد أمن هارون: الاهتمام بالولايات الحدودية سيضمن الأمن والاستقرار نصيرة سيد علي أجمعت مجموعة من الخبراء الاقتصاديين وولاة الجمهورية في تصريحهم ل”الحوار”، أن قضية التفكير في تنمية المناطق الحدودية أضحت أكثر من ضرورة، آملين أن ترتقي إلى مستوى طموحات سكان المناطق الحدودية التي يراها هؤلاء بوابة نحو آفاق اقتصادية واعدة، كما تعظم من مسألة التعاون الإفريقي من خلال فتح آفاق التعاون مع دول الجوار، وذلك في حالة ما تم ضبطها بإحكام في إطار تفعيل التعاون البيني، واضعين العناية بالإنسان في هذه المناطق الحدودية في واجهة التطوير باعتباره عاملا أساسيا للتنمية. وكان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قد سطر برنامجا خاصا لبعث التنمية في الولايات الحدودية والنهوض بهذه المناطق سيما الجنوبية منها التي تكتنز في رحمها إمكانيات طبيعية وما يميزها من الثروة البشرية القادرة على دفع عجلة التنمية بهذه المناطق الواعدة للاقتصاد الجزائري. تندوف مستعدة لاستقطاب كل المشاريع التنموية في السياق أكد والي تندوف أمومن مرموري في تصريح خص به “الحوار” أن الملتقى الوطني المنعقد مؤخرا حول المناطق الحدودية، والذي يعتبر الاهتمام بها وتنميتها أولوية وطنية، وأضاف مرموري “هذا الحدث الوطني يندرج ضمن برنامج رئيس الجمهورية الرامي إلى تنمية المناطق الحدودية”، مشيرا إلى أن ما يميز تلك المناطق هي الخصوصية وتفرد كل واحدة منها بطابع معين، مؤكدا أن ولايته ودعت عهد العزلة إلى الأبد، وولجت عصر الانفتاح من خلال جملة من المشاريع التنموية التي تم إنجازها بهذه الولاية، حيث تدعمت بمطار جهوي، فضلا عن إنجاز شبكة واسعة لمختلف الخطوط الهاتفية، مشيرا إلى أن الدولة تعمل على تشجيع جميع النشاطات الاقتصادية التي تفضي إلى النهوض بهذه المناطق، وذلك يكون حسبه من خلال استغلال بعض المميزات التفضيلية التي تختص بها كل ولاية من الولايات المعنية، منها التي تتعلق بالموارد المنجمية والمعبر الحدودي الذي يربط بين الجزائروموريتانيا، الذي اعتبره الوالي إضافة قوية الذي يعد كقناة تمر من خلالها المنتجات الجزائرية المختلفة نحو القارة السمراء. المعبر الحدودي الجزائر – موريتانيا عامل مشجع للنهوض بالتنمية ومن جملة المسائل التي تعمل على ترقية المناطق الحدودية الجاري عنها الحديث، أوضح المسؤول الأول على ولاية تندوف الحدودية أن ولايته تعد منطقة متعددة الفوائد على غرار باقي الولايات ذات الصلة، حيث تتميز الولاية بالأراضي الواسعة الصالحة لإنتاج العديد من المنتجات الفلاحية والزراعية، كما تعد منطقة رعوية بامتياز وهي معروفة بتربية الإبل ورؤوس أخرى من الماشية، وكل هذه الأمور يقول أمومن تشجعها الدولة وتساهم في بناء الاستثمارات المهيكلة مثل غار جبيلات والسكة الحديدية بين بشار وتندوف، داعيا إلى ضرورة التركيز على المواد المنجمية والمعبر الحدودي حتى نقوم بترسيخ بعض الصناعات المخصصة للتصدير نحو إفريقيا خاصة أن المتعاملين الاقتصاديين مطلوبون للمشاركة في معرض نواقشوط الدولي، لعرض السلع والمنتجات الجزائرية، خاصة وأنها مطلوبة في أفريقيا. تنمية المناطق الحدودية نحو شراكة مع جيراننا وفي هذا الإطار، يؤكد الخبير الاقتصادي الدكتور دغمان زوبير أنه كانت ولا زالت المناطق الحدودية بالجزائر تسعى إلى تحقيق النمو والتنمية من خلال الحصول على مستويات مرغوب فيها من حيث التطور الاقتصادي والتكامل الاجتماعي وما يلاحظ بالنسبة للولايات الحدودية في محاولتها التنموية التي حاولت تقليد الأفكار دون الوسائل على أنها لم تصل إلى تحقيق النتيجة المرغوب فيها وهذا راجع إلى اعتماد الاستثمار المالي كوسيلة في عملية التنمية وإهمال صناع القرار والحكومة لمدلول المعادل الاجتماعي والتراكيب الذهنية، ورغم كل الخطوات الحديثة التي قامت بها الدولة الجزائرية على هذا الصعيد، إلا أن ما تحقق لم يرتق إلى مستوى الطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي علقت عليها الجماهير الشعبية الجزائرية آمالها، وأمام توسع الفوارق الجغرافية بين المركز والهامش وتعمقها، تبقى الحاجة الملحة اليوم من أجل تطوير مشاريع التنمية وإقامة منطقة مغاربية للسياحة على شكل محطات سياحية دولية بين البلدين بين الجزائروتونس نظرا لما تزخر به تلك المناطق من موارد طبيعية وكمناطق أثرية ومائية وجبلية في تلك المناطق الحدودية بوصفها مناطق فقيرة فإن تونسوالجزائر اللتين تواجهان أزمات اقتصادية خانقة وإخفاق تنموي حقيقي بالنسبة للبلديات وعلى الحدود بين البلدين، تحتاجان إلى استراتيجية إقليمية متكاملة للتنمية، تقوم على طرح بناء سوق مشتركة بين البلدين أو أي نوع آخر من التعاون، لاسيَّما في مجال السياحة أو حرية تنقل رؤوس الأموال، وحرية إقامة المشاريع الاستثمارية الاجتماعية كالترفيهية والسياحية. الاستثمار في القطاع الزراعي والفلاحي ضرورة وفي السياق نفسه، أوضح الخبير الاقتصادي دغمان زوبير ضرورة تفعيل إدارة التنمية للمناطق الريفية الحدودية على مستوى الوطن مع ضرورة تزويدها بالمشروعات الاستثمارية ذات الطابع الاجتماعي في ظل سياسة التقشف المنتهجة حاليا من طرف الدولة وذلك من خلال التعرف على أبرز المشكلات والتحديات التي تواجه إدارة التنمية للمنطقة التي لها تأثير على عملية الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، حيث صارت قضية تنمية القطاع الزراعي والفلاحي للمناطق الحدودية من أهم القضايا المطروحة على الأجندة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والتنموية التي تشغل الحكومة الجزائرية، ومؤسسات التنمية المحلية ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء الوطن يواجهون العديد من الصعوبات والتحديات التي تعتبر حجر عثرة في طريق الإسراع من وتيرة التنمية الزراعية الريفية المستدامة، حيث أن إدارة التنمية في المناطق الريفية الحدودية إذا ما تم تفعيلها بصورة مثلى لاسيما في الزراعة والثروة الحيوانية والنباتية فإن ذلك سوف يحل العديد من مشكلات سكان المناطق الحدودية الريفية على مستوى البلاد ككل. العناية بالإنسان في المناطق الحدودية هو أهم تنمية يمكن مباشرتها على صعيد مماثل، قال الدكتور بوزيان مهماه من منظور التنمية الإقليمية المستدامة المدمِجة، بمعنى تنمية حقيقية ممتد في الزمن المستقبلي وتُدمج الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والجغرافية، وبمعنى أدق تكون تنمية ملموسة في المكان وفي الحيز الجغرافي الذي تتحرك فيه وتنشط به الساكنة من مواطنينا، فالمناطق الحدودية ينبغي النظر إليها كمواطن زاخرة بمكامن التنمية والاستثمار وتقاسم المنافع مع الجيران. هذه المناطق التي تضم (12) ولاية وهي "الطارف، سوق أهراس، تبسة، الوادي، ورقلة، إيليزي، تمنراست، أدرار، تندوف، بشار، النعامة، تلمسان" تتصف بالصفة الإستراتيجية سواء من حيث امتدادها الوطني أو بحكم تماسها مع دول الجوار، فهي تمتد على أزيد من 6000 كيلومتر تقريبا، هذه المسافة الحدودية التي نتشارك فيها مع (7) دول جوار، ومن هذا المنظور يرى مهماه أن الاهتمام بهذه الولايات ليس وليد اليوم، إنما منذ الاستقلال كانت هناك عناية خاصة بها من منظور الدولة الوطنية، لكن على مستوى تجسيد هذه الرؤية كانت الإنجازات متفاوتة من منطقة إلى أخرى حتى داخل الرقعة الجغرافية للولاية الواحدة ذاتها، ولعل بروز خطاب “تهيئة المناطق الحدودية وتنميتها أولوية وطنية” هو استحضار لمنظور “المخطط الوطني للتهيئة العمرانية SNAT آفاق 2030” هذا المخطط الذي يرتكز على عمل منسق يشمل جميع قطاعات الدولة مع مراعاة ضرورات التنمية المستديمة ومتطلبات التضامن الوطني وكذلك خصوصيات أقاليمنا الجغرافية وعوائق تنميتها. تعبئة موارد كل منطقة لنصنع منها قطبا اقتصاديا وطنيا هذا ودعا مهماه إلى ضرورة تطوير آليات فعالة لإعادة التوزيع المتوازن في الأنشطة الاقتصادية والتجارية والاجتماعية وفي التعمير، كما يستهدف ضبط المبادئ التي تحكم تنظيم الهياكل الأساسية على مستوى الإقليم وتحديد مواقعها ومنظومة الاتصالات والخدمات الجماعية ذات المنفعة الوطنية، كما يستهدف أيضا تحديد الكيفيات التي ينبغي أن تتضافر بواسطتها السياسة الشاملة ومتكاملة الجوانب من اقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية وتكوينية وحماية البيئة والسكن وتحسين إطار الحياة، مع ضمان التوزيع العادل للإنفاق المالي والتحصيل الجبائي والضريبي، كما أن هذا المخطط كان ينظر إلى محاور التنمية عبر الحدود في إطار تنمية المجموعة المغاربية، مشيرا إلى أنه حان الوقت للعودة إلى الذات بحنكة وتبصر، فتنمية مناطقنا الحدودية ينبغي أن يستهدف تحسين الإطار المعيشي لساكنة هذه المناطق، وحين يتحقق ذلك وفقا لطموحاتنا ومداركنا سينعكس إيجابا على جيراننا من خلال منظور “الإشعاع عبر الحدود”، لذلك أعتقد أنه حان الوقت للمضي في التأسيس لفكرة الأقطاب الإقليمية على مستوى مناطقنا الحدودية، من خلال تعبئة موارد كل منطقة لنصنع منها قطبا اقتصاديا وطنيا، فمثلا منطقة تندوف بإمكانها أن تكون قطباً ممتازاً للصناعات المنجمية المعدنية، وكذلك ولاية الطارف بإمكانها أن تكون قطبا سياحيا مفتوحا على الطبيعة وعلى المحميات الطبيعية، وغيرها. لذلك أعتقد بأن إنشاء قواعد لوجيستية في المناطق الحدودية هو أولوية الأولويات، مع تطوير شبكة المواصلات والاتصالات عبرها، ومنح إجراءات تفضيلية بخصوص الجباية، ونشر المنظومة المستقلة عن الشبكات المركزية بها، على غرار الأنظمة المستقلة للتغذية بالطاقات المتجددة، وكذا أنظمة الاتصالات وشبكة النت، كما أن العناية بالإنسان في هذه المناطق الحدودية هو أهم تنمية يمكن مباشرتها بغرض تحقيق فكرة الأقطاب التنموية المستدامة والمشعة على دول الجوار. واقع التنمية الحدودية ضرورة من جهته، قال الخبير الاقتصادي هارون عمر إن واقع تنمية المناطق الحدودية يبقى ضرورة في ظل التحديات التي تعيشها الجزائر خاصة وأن الواقع الجديد في عديد البلدان يؤكد التحالف الذي أصبح واقعا بين إمبراطوريات الجريمة المنظمة وبين المجموعات الإرهابية، هذه الأطراف التي تعمل على توظيف القاطنين في المناطق الحدودية بالاستفادة من فقرهم وحاجتهم للمال، وهو ما كان ولا يزال حاصلا في الدول كأمريكا والمكسيك، إن الجزائر التي تتوسط دول ملتهبة وأخرى تملك صعوبات كبيرة في ضبط حدودها تبقى حريصة على تنمية المناطق الحدودية من خلال الاستثمار فيها وترقيتها على مستوى الأفراد والاستثمارات العينية، خاصة ما تعلق بالجريمة المنظمة في المناطق الحدودية، كمسألة التهريب، يتطلب بدائل لعل أهمها ما يتعلق بمنح نمط خاص لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في هذه المناطق وتكوين أبناء المناطق تكوينا مقاولاتيا من أجل بعث روح إنشاء المشاريع الصغيرة والمتوسطة في هذه المناطق. إن الجزائر لحد الآن تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا المطلب، ويبقى الأهم يقول عمر هو بعث دراسات ميدانية في هذه المناطق لفهم حاجة الشباب فيها وهو ما يسمح بوضع برنامج خاص بكل منطقة على حدى أمر يتطلب جهدا ميدانيا عميقا يجسد الرؤية المتواجدة على مستوى صناعة القرار.