نوه مؤتمر القيادة المسؤولة بدور المملكة العربية السعودية المحوري في حفظ الوئام والسلام العالمي، مؤكدا أهمية مركزية المملكة وثقلها العالمي بوصفها القائد للعالم الإسلامي. ودعا المؤتمر الذي اختتم أعماله أمس بمقر الأممالمتحدة بحضور كبار القيادات الدينية من مختلف أتباع الأديان وعدد من كبار المفكرين والسياسيين والحقوقيين الحكوميين والأهليين حول العالم وعدد من منسوبي الأممالمتحدة، إلى مواجهة خطاب الكراهية حول العالم وحل القضايا العالقة بمنطق السلام العادل والشامل. وقال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي رئيس الهيئة العالمية للعلماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى في كلمة رئيسة في المؤتمر//: إن القائد المسؤول هو المحور الرئيس نحو كل هدف، وأن عَالَم اليوم يواجه كثير من التحديات، وأن أهم ما يُمكن الحصول عليه ليس المعدن النفيس بل الإنسان النفيس الذي تتكامل فيه عناصر القيادة المسؤولة فهو المعدن الحقيقي، فكم نهضت دول واستقرت أحوال بكفاءة القادة وكم حصل العكس لانعدام تلك الكفاءة أو ضعفها أو عدم قيامها بمسؤوليتها.// وأضاف: هناك قيادة تتعلق بالسياسة، ومسؤوليتُها الأخذ بها إلى بر الأمان، وأنه من المهم أن تكون القيادة مُلْهِمَة للآخرين تُشِع عليهم بطاقتها الإيجابية، والتجارب القيادية سواء كانت سياسية أو دينية أو غيرَها تُعطينا الدروسَ والعظاتِ على أن الطريق الصحيح هو طريق العدالة والقيم، مهما اختلفنا في تفاصيلها بحسب تنوعنا الديني والثقافي، لكننا في نهاية المطاف نتفق على المرتكز الذي يجمع بيننا وهي المشتركات التي تمثل قواعد إنسانية رئيسة وتُشَكِّل إطار قانوننا الطبيعي وقد تحدثنا في أكثر من مناسبة بأن 10% من تلك المشتركات كافية لإحلال الوئام والسلام في عالمنا. وأكد الشيخ الدكتور أن القيادة المسؤولة تعني القوة والأمانة، ومن الأمانة عدم ممارسة أي أسلوب من أساليب النفعية على حساب القيم الإنسانية المشتركة، مشيرا إلى أن القيادة المسؤولة تعني الانفتاح على الآخرين ومواجهة التحديات بثقة وتفاؤل والسعيَ دوماً لإيجاد الحلول بأقل التكاليف وأقل المخاطر، والقيادة المسؤولة تستعرض التجارب وتستدعي عظات التاريخ وتستفيد من ذلك كله، القيادة المسؤولة تدرك أن ما لم يُكتسب بالرصيد الحقيقي فإنه يظل وهماً وزيفاً تَسقط أقنعته مع الوقت فضلاً عن ارتداده السلبي، والقيادة المسؤولة فعّالة تجاه البرامج والمبادرات تقيس أداءها باستمرار وتَعْلم أن ما تُقدمه للمستقبل يساوي في الأهمية ما تقدمه للحاضر وربما كان المستقبل في بعض أحواله أكثر أهمية، وهي تصنع الوئام بين الجميع وتُدرك أن الحوار وروح الفريق الواحد وتحديد الأهداف والأولويات عنصر مهم في النجاح، وتدرك أن سلام عالمها هو أهم ركائز سلامها الذاتي وتدرك أن الوصول إلى هذا السلام يعني النظرة الشمولية والعمل المستدام، وأن رهانات المستقبل تشملها عدة محاور من بينها التعليم، ومن هنا نؤكد على أن صناعة المعلم تُمثل نقطة الارتكاز الرئيسة، كما تُدرك أن التاريخ المضيء لا يُخَلّد إلا الأعمال النبيلة وأن ما سواها إما أن يطويه التاريخ وإما أن يسجله في صفحاته المظلمة. وتحدث الشيخ العيسى عن القيادة الدينية التي تتحمل مسؤولية كبيرة تجاه أهم ما يتطلبه عَالَمُ اليوم في وئامه وسلامه، ومن ذلك مواجهة خطاب الكراهية وكافةِ نظريات التطرف الديني أو الإثني المفضي للعنف أو الإرهاب مع تعزيز المناعة الفكرية لدى الجميع وخاصة الشباب عبر مراكز التأثير الروحي التي يتمتع بها القادة الدينيون، وذلك أن الفكر المتطرف والإرهاب المتصل بالجانب الديني لم يقم على قوة عسكرية ولا كيان سياسي، وإنما على تدين أخذ بخيار الأيديولوجيا المتطرفة، وهنا نُفرق بكل وضوح بين الدين والتدين، وبناء عليه نقول بأنه ليس هناك دين في أصله متطرف ولكن لا يخلو دين من وجود متطرفين ينتسبون إليه. وأكد الدكتور أن على القادة الدينيين وضعَ برامجَ عملية معلنة لمواجهة تلك المخاطر والتهديدات في المجتمعات التابعة لها روحياً، كما عليها من جانب آخر أن تتضامن مع غيرها في تنفيذ مهام تشمل مشتركات الجميع، وأن تحترم وجود أتباع الأديان كافة في جميع مشاريعها الإنسانية. وأشار إلى أن احترام وجود الأديان وأتباعها عنصر مهم في سلامها وتعايشها وأن التكتلات الدينية والمذهبية والثقافية بعزلتها السلبية وبمحاولة فرضها لأفكارها وثقافتها ورفض حق غيرها في الوجود تعد إقصاء يُصَنّف ضمن دائرة الكراهية والطائفية والمعاداة، وأن مثل هذه الأفكار السلبية أوجدت التطرف بكافة أنواعه ومن ذلك تيار اليمين المتطرف في بعض الدول. ولفت معاليه إلى إن كل حالة من حالات التطرف الديني أو الفكري أو السياسي تُمثل تهديداً لسلام عالمنا أياً كانت درجة ذلك التهديد فالتطرف المثير لوئام الدولة الوطنية، أو العابرُ للحدود يحمل في جنباته شراً يتزايد مع الوقت من خلال تأثيره على العواطف المجردة عن الوعي أو من خلال مواجهته السلبية بواسطة التطرف المضاد. وقال الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي: إن جميع الأسوياء يُدركون أن خطاب التطرف له نهاية مؤلمة سواءٌ كان مدفوعاً بتشدد ديني أو كراهية ضد الآخرين لأسباب دينية أو إثنية أو لمصالح سياسية، وأن مكاسبه السريعة إنما هي مكاسب خادعة وأن التاريخ يُعلمنا بأن السجال السلبي سواء كان دينياً أو فكرياً أو إثنياً أو سياسياً أو غيرَ ذلك هو بذرة شر ترتد على الجميع بالخسارة، وفي كثير من الأحيان بالفواجع المؤلمة، وهل تَعْتقد الأفكار الإرهابية وهي تقوم مثلاً بعمليات انتقام متبادل أن أياً منها سيكون رابحاً ومنتصراً. وأضاف: نعلم جميعاً أن الإنسان يُقاد بفكر يحمله، يَمُرّ بدرجات من الوعي أو درجات من التخلف، ولكن مسؤولية مَنْ صناعة هذا الوعي؟، ومسؤولية مَنْ وجود هذا التخلف، ولو سَألْنَا كلَّ متطرف أو إرهابي من صاغك فِكراً ومشاعِرَ لأخبرك بالجواب، والسؤال الأهم هو ماذا نفعل بالجواب، ومن الحكمة أن نقول: لا يَتَمدد الشر إلا في غياب الخير، ولا الظلم إلا في غياب العدل، ولا التخلف إلا في غياب المعرفة، ولا النفعية السلبية على حساب المصالح العامة إلا في غياب القيم بقانونها الفاعل، ولا يُخْترَق سُور وئامنا الإنساني إلا عندما يخلو من الحراسة. انشراي عمدك مولود