احتضن مدرج ''مالك نبي'' مؤخرا- بمحلقة بوزريعة لجامعة الجزائر جلسة أكاديمية لمناقشة الباحث ابن عمر الحاج موسى في رسالة الدكتوراه تحت عنوان ''القضايا الوطنية والعربية الإسلامية من منظور أعلام ميزاب، من 1902-1962م''. لم يمنع الجو البارد يومها حضور العديد من زملاء ورفقاء وطلبة وحتى أسرة الأستاذ الباحث، حيث كانوا في الموعد، غير أن حرارة المناقشة وجدة الموضوع أضفت بدفئها على سير مراحل جلسة المناقشة العلمية التي دامت قرابة الأربع ساعات ونصف. تطابقت آراء أعضاء اللجنة المناقشة في أن محاولة الإقدام على عمل أكاديمي كهذا يعتبر نجاحا، خاصة أن الموضوع مترامي الأطراف في رقعة جغرافية واسعة، تشمل كل الدوائر الجغرافية؛ الوطنية والمغاربية ثم العربية فالإسلامية. وفي السياق ذاته أيضا، اعترف الأساتذة -أعضاء لجنة المناقشة- أن الرسالة التي قدمها الباحث تعتبر موسوعية في محتواها، اقتربت إلى الجمع والتصنيف ووصف القضايا التي كانت تشغل رأي المثقفين والفاعلين، واهتمت بها أقلامهم الصحفية، وكتاباتهم ومؤلفاتهم، وبالتالي مهّد الباحث لدراسات ستستفيد من رسالته في تحليل وتدقيق ونقد تفاعلات هؤلاء الأعلام مع تلك المستجدات والقضايا، وفي تجلية مواقفهم وخلفياتها، وأساليب تعاملهم معها. اعتمد الباحث على جمع العديد من الوثائق من رسائل شخصية ورسمية، وتقارير سرية، ومحاضر جلسات.. استغرق منه الكثير من الوقت والجهد، داخل البلاد وخارجها، وحتى في أرجاء الوطن الفسيح. خلص الباحث من خلال رسالته إلى أن مواقف هؤلاء الأعلام في مختلف تلك القضايا والشؤون كانت تنطلق من منطلق واحد، وهو الدفاع عن ثوابت الأمة الإسلامية، والذود عن المصالح الوطنية، والسعي لتحصيل المكاسب بالطرق السلمية السياسية حينا، والثورة والسلاح والانتفاضة أحيانا. كما توقف الباحث في معرض ملخصه عن رسالته عند التنظيمات والاتصالات التي كانت بين قيادة الثورة وأعلام الميزابيين لتنظيم العمل الثوري وتنسقه، وتوقف أيضا عند دورهم في قضية فصل الصحراء عن الشمال، التي أراد المستعمر أن يطوق بها نجاحات الثورة التي دفعت بموعد الاستقلال إلى البزوغ. وتوجت الجلسة الأكاديمية بقراءة توصيات اللجنة المناقشة، التي قلدت الباحث درجة الدكتوراه في التاريخ الحديث والمعاصر بتقدير مشرف جدا، وأعلنت بذلك ميلاد عالم جزائري ينتظر منه الوطن والأمة العربية والإسلامية بل البشرية عموما الكثير في ميدانه الحضاري، كما سبق لأسلافه الذين اعتنى بدراسة تراثهم والتنقيب في مؤلفاتهم، وتتبع أفكارهم.