بالنظر إلى القرارات الاقتصادية المتخذة في المجلس الوزراي الأخير حكومة جراد تدخل مرحلة الجد * جمعة: الملف المالي غائب على طاولة مجلس الوزراء * خالدي: الحديث عن محتوى بيان الوزراء سابق لأوانه * عية: يجب خلق فكر اقتصادي جديد… * سواهلية: تجريم تضخيم الفواتير خطوة إيجابية…
ثمن ثلة من الخبراء الاقتصاديين والماليين في تصريحهم ل “الحوار” مخرجات بيان مجلس الوزراء، المنعقد مؤخرا، فيما سجل البعض الآخر بعض النقاط التي سهى عنها المجلس، آملين تداركها خلال جلساته المقبلة. نصيرة سيد علي 1000 مليار دولار تكلفة إعادة بناء مؤسسات الدولة وفي السياق، ثمن الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل جمعة في تصريحه ل “الحوار”، ما جاء في بيان مجلس الوزراء الذي انعقد مؤخرا، واصفا الورشات التي سيفتحها رئيس الجمهورية بالعظيمة إذا وجد لها طريقا نحو تجسيدها ميدانيا، لأن المسألة -حسبه- تتطلب جهودا كبيرة لتحقيقها، لأنها إصلاحات عميقة كما قال، وبحاجة إلى وقت وغلاف مالي قد يصل حد 1000 مليار دولار، ومدة الإنجاز تفوق 5 سنوات أو أكثر، إلا أن الجميل في هذا البيان -يضيف جمعة- أن رئيس الجمهورية أظهر نيته في العمل والتغيير من خلال عزمه على استغلال خرجي الجامعات، والتعيينات تتم على مستوى الوزارة الأولى، عوض تركها للوزارات تعبث بها كما فعل أصحابها في السابق، حيث حولوا مبنى الوزارة حسب كل قطاع إلى أسرة تتوارث المناصب وتقسم وفق منطق المحسوبية، وإعادة للحاملين للشهادات كرامتهم والبالغ عددهم 400 ألف متخرج، وذلك من خلال إدماجهم في عالم الشغل، داعيا إلى ضرورة إحداث تغيير جذري في المنشآت والمؤسسات والوزارات. وزارة المالية والبنك المركزي مجبران على استرجاع الأموال المنهوبة وقال جمعة إن الملفات التي تم مناقشتها خلال مجلس الوزراء شملت جميع القطاعات الاقتصادية، على غرار الفلاحة، الصناعة، والسياحة وغيرها من القطاعات ذات الصلة بالشق الاقتصادي، إلا أن ما يلفت الانتباه غياب ملف المالي على طاولة مجلس الوزراء، خاصة أن البنك عصب الحياة الاقتصادية، ومحرك الأساسي لعجلة الإقلاع الاقتصادي، ويرى جمعة أنه آن الأوان لاعتماد نظام المخاطر في تمويل المشاريع الاقتصادية والابتعاد عن نظام البنكي الذي يتعامل بقاعدة الضمانات العينية الذي غرقت فيه البنوك الجزائرية، والذي يعرقل مناخ الاستثمار وعزوف الكثير من الطلبة عن عالم إنشاء الشركات، كما أن وزارة المالية والبنك المركزي هما القطبان الكفيلان بالبحث عن أساليب لاسترجاع الأموال المنهوبة. لمسنا نية صادقة من الرئيس للإقلاع الاقتصادي من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي، الدكتور هادي خالدي، في حديثه ل “الحوار” أن الحديث عن مضامين وعن نجاعة بيان مجلس الوزراء أو حتى مجرد التعليق عليه سابق لأوانه، ولن يكون ذلك -حسبه- إلا بعد المضي فيه وعرضه على البرلمان بغرفتيه، وما يمكن قوله -يضيف خالدي- سوى أننا لمسنا نية صادقة من رئيس الجمهورية للإقلاع الاقتصادي، هذا الأخير الذي عرف جمود لسنوات عديدة لغياب صاحب القرار، ويرى الرئيس الحالي يقول الوزير الأسبق لوزارة التكوين المهني ضرورة استعجال بالآليات التي تمكن من عملية تنشيط القطاعات، وما على الوزير الأول سوى الاجتهاد في إيجاد صيغ وأطر الكفيلة لتحقيق الوعود التي قطعها رئيس الجمهورية عبد الحميد تبون خلال حملته الانتخابية. بيان مجلس الوزراء تبنى قرارات جريئة وفي الإطار نفسه، قال الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سواهلية في حديثه ل “الحوار”، إن تناول بيان مجلس الوزراء قرارات مهمة وجريئة، حسب ما جاء في البيان، خاصة فيما تعلق بقضية استيراد السيارات ومراجعتها، وكذا قضية مصنع الحجار للحديد والصلب، وأكد رئيس الجمهورية على الصناعة الخفيفة والمتوسطة، منها التحويلية والغذائية والصحراوية، لما تملكه الجزائر من إمكانات لهذه الصناعات التي تلعب دورا في الحد من ظاهرة الاستيراد، ظاهرة أضرت كثيرا بالاقتصاد الوطني، والتي رفع رئيس الجمهورية سقف عقوباتها لتصل إلى حد التجريم في حالة تضخيم الفواتير، منوها للعراقيل المعروفة سابقا متمثلة في تثبيط الاستثمارات وإشكالية العقار الصناعي، مطالبا الحكومة بحل هاته الإشكالات. دعم الفلاحة والتصدير نحو الخارج ضرورة هذا، وأكد أحمد سواهلية في السياق ذاته أن إيلاء الرئيس بقطاع الفلاحة يأتي لأهميته البالغة في تنشيط الاقتصاد وتوفير السلع والمنتجات ومساهمة هذا القطاع في فاتورة الصادرات، حيث يعاني كثيرا من ممارسين في مجال الفلاحة من مشاكل التصدير إلى الخارج ويطالبون بوضع الآليات ومساعدتهم من أجل عدم تعرض منتاجاتهم للفساد وتخليصهم من البيروقراطية الإدارية خاصة وأن الجزائر تتمتع بشساعة المساحات الصالحة للزراعة ونوعيتها السهلية والسهبية والصحراوية وانتاج مختلف السلع الضرورية من خضروات وحبوب وفواكه ولحوم واسماك. حماية الإنتاج الوطني يعني المحافظة على مكتسبات البلاد إن حماية الإنتاج المحلي، يرى الدكتور أحمد سواهلية ضرورة ملحة للحفاظ على مكتسبات البلاد وذلك بوفرة الانتاج المحلي والتعريف به، مما يؤدي حتما إلى الحد من فاتورة الاستيراد وإمكانية تصدير كثير من السلع والخدمات، والتي تتطلب إنشاء مناطق للتبادل الحر مثل الاتحاد الأوروبي التي ستدخل حيز التنفيذ سبتمبر 2020 والإفريقي التي يجب أن تدخلها الجزائر لتوفر لمصديرها سوقا جيدة، وهذا كل يتأتى من خلال دعم مؤسسات الاقتصاد الجزائري الصغيرة والمتوسطة، ومرافقتها، وتمويلها لتلعب الدور المنوط بها، والتي بلغت نهاية 2017 مليون وستين ألف مؤسسة، لكن للأسف 70% منها تنشط في قطاع الاشغال العمومية، و23% في قطاع الخدمات، وتبقى 7% في باقي القطاعات من فلاحة وصناعة، رغم أهميتهما، لذا وجب على الحكومة توجيه هذه المؤسسات وتحفيزها للنشاط في هذه القطاعات المنتجة لأهم السلع والمنتجات الغذائية والصناعية. يجب خلق فكر اقتصادي جديد.. وعلى صعيد مماثل، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمان عية في تصريحه ل “الحوار” إن المسألة لا ترتبط فقط بتسطير برنامج طويل عريض، إنما ذلك يتطلب إتباعه بآليات لتطبيقه على أرض الواقع، لأن حالة الجزائر الاقتصادية في راهننا اليوم تقتضي استحداث فكر اقتصادي جديد للنهوض به بعد الكدمات والصدمات التي تعرض لها خلال السنوات الفارطة، حيث كانت تبرمج ملفات شاملة لكل القطاعات الاقتصادية، إلا أن الواقع يعكس ذلك، حيث أبرموا عقودا وصفقات تجارية مع المتعاملين الأجانب، إلا أن الجزائر بقيت سوقا لتصريف منتجات الغرب، بدل خلق نشاط وطني لتمكين الصناعيين والفلاحين وغيرهم من المنتجين التصدير نحو الخارج، وهي المسألة -يضيف عية- التي ينبغي تداركها مع الحكومة الحالية، ويمكن القول هنا إن أهم حسنة تحسب لهذه الأخيرة مبادرة وزارة التجارة لفتح خط البريد الإلكتروني للاتصال مشكل مباشر مع وزارة التجارة، في انتظار مبادرات حسنة أخرى لتطوير القطاعات الوزارية مستقبلا.