حديث الحراش بقلم: أ. هشام موفق مداد أين العادات؟ على قطعة ترابية برصيف لم تنته أشغاله، أخذ الشيخ عودا ملقى هنا، وبدأ يرسم، والشاب ينظر بتركيز شديد.. أوصل العجوز بين ثلاث نقاط مشكلا مثلثا، وكتب على رأس كل زاوية حرفا: “هنا K، وهنا S والأخير A “.. — “انظر.. مسار النمو مرتبط بهذه المركبات كلها، فلا معنى لمعلومات قرأتها، ولم تحولها لمهارات في الحياة”، قال الشيخ وقد أضاف: “ولا يمكنك أن تستفيد من هذه المعلومات ما لم تضبط توجهك الذهني، وطريقتك في الحكم على الأشياء والأحداث والتجارب”.. بقي مراد صامتا يتأمل المثلث لبرهة من الزمن، قبل أن يسأل: “تقصد أن المعلومات والتوجه الذهني والمهارات متساوية الأهمية، والعادات لا أهمية لها؟”.. ضحك الشيخ وقد ترك العود بالرصيف على حافة سور ملعب المكان الجميل، واستانف مشيه باتجاه غابة الحي، قبل أن يجيبه نافضا يديه من غبار علق بها “لم أقل هذا.. ما قلته إنها متساوية الأهمية”.. قاطعه الشاب “وما محل أهمية العادات إذن؟”.. — “هل رسمت الشكل؟” – “نعم” — “ارسم الآن دائرة تصل بين كل هذه النقاط، حيث يصبح المثلث داخل الدائرة.. ترى ذلك؟” – “نعم.. ما معنى الدائرة؟” — “الدائرة هي العادات.. هي التي تحوي كل شيء.. فلا معنى لأي مهارة أو عقلية أو معلومات أو كلها، ما لم تكن لك عادات الناجحين”.. – “واااو.. ألهذه الدرجة؟”.. — “نعم.. تخيل أنك حضرت دورة في القراءة السريعة مثلا، وتحصلت على معلومات في الموضوع، ولك عقلية جميلة بأنك تريد استغلال وقتك في القراءة أكثر، وأنك تستحق أن تكون أفضل، ثم طبقت هذه المعلومات، ورفعت معدل قراءتك ل900 كلمة في الدقيقة مثلا، لكنك تفتقر لعادة القراءة اليومية، ما الذي ستستفيده من الثلاث الأول؟”.. – “آآ.. الحاج.. عفوا.. فهمت المثال.. وهو رائع.. لكن هل هو مثال حقيقي أم مجرد تقريب للمعنى؟ فهذه أول مرة أسمع بهذا النوع من القراءة وهذا الكم الكبير من عدد الكلمات”.. توقف الحاج وقد نظر للشاب “صح منك؟ لا تعرف القراءة السريعة؟ واش كنت اتدير في حياتك انت؟” قال الشيخ بنبرة مازحة ممزوجة باستغراب.. – “طيب طيب لا عليك حاجي.. خلينا في العادات.. أريد أسألك: فيم ستفيدني العادات في حياتي؟”.. — “ممتاز.. سؤال جيد.. على الأقل مسحت خيبة ظني من سؤالك السابق” عقب العجوز وقد ضحك، وضحك معه مراد.. وأضاف، وهما يلجان غابة حي المكان الجميل “تذكر الأهداف التي كتبتها؟ إن عاداتك هي التي تقربك منها”.. – “بمعنى؟” اسنفسر مراد — “بمعنى أنك حين تضع الهدف بمواصفاته، فإنك ستحتاج أن تحدد العادات اليومية التي تجعلك تقترب منه.. ومن دونها سيبقى هذا الهدف مجرد حبر على الورق”.. أجاب الشيخ.. – “تعرف الحاج.. والله أنت الآن حللت لي مشكلة كنت دائما أعاني منها، وهي السترس من تحقيق ما كنت أعتقد أنها أهداف كنت أسطرها.. فتركيزي عليها كان لها أثر سلبي جدا على نفسيتي”.. أردف مراد.. — “نعم.. هذا صحيح.. وهو خطأ كبير.. إذ الأصح أن تكتب هدفك، لكن تركيزك يكون دائما على عاداتك اليومية التي بتحقيقها أنت ستصل لا محالة للهدف، وتكون مشاعرك إيجابية أغلب الوقت، وتطرد القلق معظم اليوم”.. – “نعم.. جميل.. أريد أن تنصحني الحاج بأهم العادات التي أحتاجها كي أكون ناجحا أكثر”، طلبها مراد وقد اشار للشيخ بأن يجلسا على كرسي خشبي يراعي بينهما مسافة 1 متر الوقائية.. — “سؤال رائع، ومحفز لي على أن أعطيك أكثر” تفاعل العجوز مع طلب الشاب، وهو يهم يجلس، قبل أن يتابع: “هناك العديد من العادات، كالانضباط الذاتي، والاستمرارية، والصبر، وغيرها.. لكن هناك سبع عادات إن أنت تمسكت بها كنت من الناجحين المؤثرين في العالم”.. يتبع