برأت الغرفة الجزائية الرابعة بمجلس قضاء العاصمة الطبيبة والممرض اللذان تمت متابعتهما بتهمة الإهمال الطبي، حيث تسببا في بتر ساعد رضيع لم يتجاوز الشهرين من العمر في مستشفى باينام، حكم البراءة أسعد المتهمين لدرجة أن الطبيبة بكت بحرقة من شدة الفرح، موضحة للحضور أنها بريئة فعلا مما نسب إليها من تهم، وهو الأمر الذي تفاعل معه الحاضرون بالقاعة، وكان ممثل الحق العام قد التمس في حقهما عقوبة عامين حبسا نافذا وهو الحكم الذي قضت به محكمة الجنح الابتدائية عليهما سابقا. تعود وقائع القضية إلى سنة 2007 عندما توجه والد الرضيع الضحية في حدود الساعة العاشرة ليلا إلى مستشفى باينام حيث يعمل المتهمان لمعاينة حالته التي كانت سيئة للغاية نتيجة إصابته ببعض الأعراض المرضية منذ صغره، وبعد أن عاينت الطبيبة المداومة والمتهمة الرئيسية في هذه القضية الرضيع أمرت بحقنه بحقنة من نوع '' قاردينال '' في ساعده للتخفيف عنه، فتوجه الوالدان بطفلهما إلى الممرض (المتهم الثاني في القضية) الذي حقن الطفل بناء على وصفة الطبيبة في الوريد على مستوى ساعده، ولكن بعد لحظات قليلة بدأت المنطقة التي حقن فيها الصبي تأخذ اللون الأزرق شيئا فشيئا، واشتدت الزرقة لدرجة أن هال الأمر والدي الضحية وعادا به بأقصى سرعة إلى الطبيبة التي قامت بمعاينته في المرة الأولى، ولكنها اعتبرت الأمر بسيطا وطلبت منهما أخذ الطفل والعودة إلى المنزل مجددا، وتحت تطمينات الطبيبة عاد الوالدان أدراجهما وكلهما ثقة في الطبيبة، إلا أن حالة الطفل ازدادت سوءا خلال الساعات الأولى من صباح اليوم الموالي، فعادا به مجددا إلى المستشفى إلا أنه تم توجيهها إلى مستشفى بني مسوس ومنه إلى مستشفى مصطفى باشا أين استدعت حالته التدخل الجراحي العاجل الذي أدى إلى ضرورة بتر يده في النهاية حفاظا على حياته. دفاع الطرف المدني كان قد شدد على خطورة الوضع وعلى مسؤولية المتهمين في القضية كونهما مختصين ويعلمان جيدا الآثار الجانبية لأي دواء، وبالنسبة للدواء الذي أمرت الطبيبة بحقنه للرضيع فإنه من المعروف لدى المصالح الطبية أنه يمكن تدارك الآثار الجانبية غير المرغوب فيها بعد ست ساعات من ظهورها وإرسال الرضيع إلى المستشفى المتخصص في الشرايين، ولكن إهمال الطبيبة للأمر واستصغارها له أدى في النهاية لتلك النتيجة المؤلمة المتمثلة في بتر ساعد الصبي وهو لم يتجاوز الشهرين بعد من عمره بعد أسبوع من تلقيه لتلك الحقنة المشؤومة التي حولت حياة طفل بأكملها، لأنه سيعيش بإعاقة أبدية، كما أن هذه الحادثة قد أحدثت أجواء حزينة، فوالدا الرضيع لم يكفا طيلة المحاكمة عن البكاء خاصة الوالدة التي كانت تردد في كل مرة أن مستقبل صغيرها قد ضاع جراء هذه الحادثة، وانسحبا من المحاكمة وهما شبه منهارين، وهي نفس الحالة التي يكون فيها خلال كل جلسة وهو الأمر الذي ركز عليه الدفاع حيث أكد أن الواقعة قد غيرت مجرى حياة العائلة بأكمله، إلا أنه وبعد المداولة القانونية التي امتدت لأكثر من أسبوعين تأجل فيها النطق بالحكم النهائي عدة مرات، برأت المحكمة المتهمين مما نسب إليهما.