اهتدى بعض أصحاب المطاعم والشوايين والجزارين وبائعي الدجاج، إلى سبيل جديد لتحقيق الربح السريع والحصول على موارد إضافية جديدة يغطون بها نفقاتهم. فبعدما كان مصير فضلات تجارتهم مكبات النفايات والمزابل يقتات منها أحيانا المجانين والمتشردون، أوجدوا لها طريقا جديدا ببيعها لمربي الحيوانات الأليفة من كلاب وقطط. ظهر على الساحة نوع جديد من التجارة الموازية، إن صح وصفها كذلك، باعتبارها نشاطا ثانويا اشتقه هؤلاء التجار من نشاطهم الرئيسي، فهو غير مصرح به من الناحية القانونية، إلا أن التجار يعولون عليه في مضاعفة وتضخيم هوامش الربح بطريقة جادة ويتنافسون عليه لكسب أكبر عدد ممكن من الزبائن. أصحاب الحيوانات منزعجون عبر العديد من مربي الحيوانات الأليفة وخاصة الكلاب والقطط، عن استيائهم من الخرجة الجديدة التي خرج بها الجزارون وأصحاب المطاعم، واعتبروها جشعا وطمعا من طرفهم. فقد اعتاد مربو الكلاب خاصة من سكان العاصمة القيام بجولة يومية بين المطاعم باتفاق مسبق مع أصحابها يحصلون بموجبه على بقايا الطعام وفضلات المطبخ، وعلى القطع غير الصالحة للبيع والاستهلاك البشري من اللحوم والعظام، فهم بذلك يضمنون وجبة مجانية يوميا لحيواناتهم، خاصة وأن الأطعمة المعلبة الخاصة بالحيوانات باهظة الثمن حتى تلك المصنعة داخل الوطن. رفيق أحد الشباب ممن يحبون تربية الكلاب، قال إنه اعتاد على جمع بقايا الطعام من بعض المطاعم بساحة أول ماي مجانا، حيث كان أصحاب المحالات يرحبون به وبغيره ممن يأتون لنفس الغرض، لأنهم يجنبونهم مسؤولية تأنيب الضمير برمي بقايا الطعام في مكبات النفايات، فيقدمون لكل واحد من هؤلاء الشباب في كل مرة كميات أكبر من تلك التي يحتاجونها فقط من أجل التخلص منها، وكذلك هو حال الجزارين، حيث يحتفظون ببعض القطع الهشة التي لا تصلح للبيع ويقسمونها بالتساوي على عدد الشباب الذين اعتادوا على جمعها نهاية كل نهار. لكن دوام الحال من المحال، كما قال رفيق، فلقد انقلبت الأمور وصار هؤلاء التجار يرفضون تزويدنا بها مجانا كما في السابق، ويعرضون علينا بدل ذلك شراءها مقابل مبلغ 100دج للكيلوغرام بالنسبة لأشلاء اللحوم والعظام، وب 50 دينارا لبقايا الطعام خاصة الشوربة منها والمرق التي نستخدمها في تبليل الخبز للجراء الصغيرة. وأضاف، اهتدى هؤلاء التجار إلى هذه الطريقة بعدما علموا أن هناك منا من يتاجر بالكلاب أي يقوم ببيع الجراء بأسعار لا بأس بها وأن هناك من الشباب من تمكن من شراء سيارة بعد الاستثمار لمواسم عدة في بيع الجراء والكلاب. التجار: بهذه الطريقة نساهم في حماية البيئة أكد هشام جزار بساحة أول ماي لدى استفسارنا إياه عن الموضوع، أنه كان في السابق يقدم بعض قطع اللحم والعظام لهؤلاء الشباب يوميا مجانا، إلا أنه وجد أن هناك منهم من يعتمد على تربية الكلاب وبيعها كطريقة للكسب على الهامش فلم لا نكسب نحن معهم أيضا فنحن أولى بالربح في هذه الحالة. من جهته قال حسينو عامل بأحد المطاعم الشعبية بنفس الحي إن صاحب المطعم أعطى توصياته الصارمة في هذه النقطة تحديدا ومنعنا من تقديم بقايا الطعام مجانا، وأنه على كل من يرغب في الحصول عليها أن يدفع مقابل ذلك 50 دينارا لكل كيلوغرام، حيث نقوم بوضعها في علب بهذا الحجم ونقوم بإفراغها بعد ذلك في أكياس بلاستيكية، وبهذا نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد فنحصل على دخل إضافي لأن صاحب المحل رفع من أجورنا بعدما بتنا نطبق هذه الطريقة، ونتخلص من تأنيب الضمير فلا نضطر إلى رمي الأكل في مكب النفايات، لأن الكمية جميعها تنفد والقليل الذي يتبقى نقدمه للمشردين الذين يبيتون في الشارع.