إعداد: هجيرة سكناوي بعيداً عن الحسابات المعقدة، زحام الحياة وقسوتها، نظرات الرجال التي كانت تمر احتراماً وإجلالاً للأناقة على الفساتين والأزياء قبل أن تنفذ وقحة إلى معالم الجسد، لم تعد النظرات هي ذاتها اليوم، كما لم تعد الفساتين والأزياء، الألوان والتصميمات هي ذاتها الفساتين والألوان في الزمن الجميل التي ستظل مهما ابتكر صناع الموضة.. هي الحقبة الأكثر ازدهاراً لملابس المرأة على مر العصور، مزيجاً من الرقى والأناقة، الحرية التي قد تشعر بها أنثى بمجرد أن يلامس الفستان جسدها، صورتها في مرآة تؤكد لها كم هي جميلة بهذا الفستان الملون الذي ينتهي عند ركبتيها معلناً نهاية أحزانها بمجرد ارتدائه، هكذا كانت موضة زمان، وهكذا كان شعور من ارتدت فساتين هذا الزمن. أناقة ورقي لباس الزمن الجميل من العشرينيات إلى بداية الثمانينيات في العشرينيات، تم تحويل مصر إلى قطعة من أوروبا، كان حلماً للخديوي إسماعيل، انعكس على أزياء المواطنين، وعزز تلك الفكرة تأسيس محال أزياء لليهود فى مصر. ظهرت الجلابيب والفساتين والجوارب المُخصصة لنساء الطبقة العُليا، مُرفقة بارتداء الطرحة على رؤوسهن، وكانت من الحرير لإبراز أنوثة السيدات، أما الرجال، فارتدوا السترة التركية، تحتها القميص الأبيض، الصديري والبنطلون. في الثلاثينيات، اتجهت السيدات إلى ارتداء فساتين طويلة، تخفي مفاتن الجسد من الصدر والأذرع بالأكمام الطويلة أو المتوسطة، باعتبارها الأقرب إلى محيطها الثقافي والاجتماعي، واستخدمت في ذلك تصميمات جديدة منها العالمي، أما للرجال فكانت البذلة الكلاسيكية هي السائدة. في الأربعينيات، كان للخياطة دور كبير بين الأوساط النسائية، اعتمدت السيدة على رأيها، الذي كان مستمداً من أحدث الموديلات، تعرضها على هيئة رسوم أو «باترونات»، ثم تحولها إلى فساتين فى خلال أسابيع محدودة، وبرز حشو التنانير والفساتين ب«الشبك» أو «الجونلات» لتطل السيدة بمظهر حيوى جذاب يعتمد على الأقمشة المميزة من «الساتان والدانتل». الخمسينيات أكثر العقود أناقة وبساطة ورقيا، حيث ظهرت الفساتين المنفوشة والموديلات الأنثوية، وفي المقابل، مع تغير مصر سياسيا واجتماعيا بعد ثورة 1952، وحمل المرأة للسلاح والتدريب على القتال في العدوان الثلاثي، ونزولها إلى ميدان العمل جنباً إلى جنب مع الرجل، لم يعد مظهر الرقة والجاذبية يشغل البعض، ومن هنا ولد البنطلون النسائي. أما في الستينيات، فقد اتجهت الأزياء نحو الكلاسيكية، عبارة عن فساتين ملونة قصيرة تعكس جمال وأنوثة المرأة، ذات ألوان جذابة ومطبوعة، بالإضافة إلى القبعة والجوانتي وغيرهما من إكسسوارات الأناقة الشهيرة في تلك الفترة. مع بداية الثمانينيات ظهر تيّاران مختلفان، انعكسا على الأزياء، أحدهما محافظ يحارب التنانير القصيرة ويدعو إلى الزي الطويل الواسع، خاصة مع انتشار الحجاب في تلك الفترة وظهور محال متخصصة في ملابس المحجبات، والآخر منفتح يروج للملابس القصيرة الجذابة. الكاروهات كانت من علامات موضة الثمانينيات، بالإضافة إلى جلد النمر والتمساح. موضة الستينيات تطغى على ستايل النجمات اليوم طغى طابع الريترو على أناقة النجمات مؤخراً، حيث شهدنا عودة الصيحات القديمة، خصوصاً تلك العائدة إلى حقبة الستينيات، جينيفر لوبيز، إيما روبيرتس، ليا سيدوكس وغيرهن كثر.. اعتمدن هذا الطابع الأنيق والجميل الذي يظهر أنوثتهن بشكل كبير. والجدير بالذكر، أن المصممين هذا الموسم أقبلوا على هذه الصيحة الجميلة وابتكروا قصات ستينية ملفتة، على رأسهم لويس فويتون وسان لوران باي هادي سليمان وغوتشي وغيرهن.. من هنا، كان الإقبال شديداً عليها خصوصاً أنها تركت أثراً جميلاً ومميزاً. فساتين الخمسينيات تعود بالمشاهير العربيات إلى العصر الذهبي تألقت درة زروق في فستان بتصميم رائع مستوحًى من حقبة الخمسينيات باللون الأسود، بقصة مكشوفة الأكتاف ومحدّدة الخصر، مع تنورة منفوشة وصل طولها أعلى حد الكاحل، وقد أكملت اللوك بطريقة مثالية مع شنطة يد مزينة بالتطريزات الذهبية، وحذاء بكعب عالٍ باللونين الأسود والذهبي. وكما شاهدنا رحمة رياض في إطلالة لافتة عادت بنا الى حقبة الخمسينيات، حيث اختارت فستانًا مبتكرًا من الأعلى، مصنوع من قماش الساتان باللون الزهري، وتنورته مصنوعة من الدانتيل باللون الأبيض، ومزينة بالورود الملونة، وقد اختارت معه حذاءً بكعب عالٍ من الساتان باللون البنفسجي، مزيّن ببكلة من الكريستال. ومن جهتها، تألقت علا الفارس مؤخرًا، حيث اختارت فستانًا باللون الأصفر المشرق، مستوحًى من الخمسينيات، له قصة ياقة القميص من الأعلى، وتنورته منسدلة طولها يصل أسفل حدّ الركبة، وقد اختارت معه حذاءً مميّزًا بكعب عالٍ، واعتمدت تسريحة شعر ناعمة.
* المصممة عبلا أسماء ل "الحوار": أستوحي في تصاميمي من لباس الثمانينيات أكدت عبلا أسماء، مصممة الألبسة الجاهزة، أنها تستوحي في تصاميمها من لباس الزمن الجميل "كان ولا يزال لباس السيدات في الثمانينيات ملهمي الأول، وأستوحي منه في تصاميمي". واعتبرت صاحبة ماركة "عبلا" للملابس أن السيدات بالزي الكلاسيكي في الثمانينيات كانت تشع أنوثة، قائلة: " أكثر شيء كان يعجبني فيهن، أنهن تفادين لباس السروال، وكانت السيدة الكلاسيكية تفضل ارتداء التنورة المستورة تحت الركبة ب 8 أو 10 سنتمترات، وكانت تلبس القمصان الكلاسيكية بالقصات الأنثوية خاصة بالدونتيل". وتوقعت المصممة الشابة المبدعة أسماء عبلا أن عصر الشياكة سيعود "أتمنى أن تعود موضة الثمانينيات وأتوقع أنها في طريق العودة بإذن الله".
* المصمم كمال تمومي ل"الحوار": أفكر في المزج بين اللباس التقليدي واللباس في سنوات الجنون قال المصمم كمال تومي: لا يمكن أن نتحدث عن الأناقة والشياكة ولا نذكر سنوات العشرينيات الهادرة، فهو العقد الذي بدأت فيه الموضة والرقي، حيث خرجت المرأة من زمن التعقيدات إلى زمن البساطة والأزياء المريحة. وأضاف المصمم المبدع أنه يفكر في المزج بين أزياء الزمن الجميل والأزياء التقليدية، أو ما يعرف ب"سنوات الجنون"، قائلا: "خطر في مخيلتي أن أمزج بين الألبسة التقليدية واللباس في عصر الشياكة، خاصة أن موضة السبعينيات بدأت تظهر على الموضة الدارجة بشكل ملحوظ". وأشار المصمم، صاحب اللمسة الملكية، إلى أنه بصدد التحضير لإطلاق تشكيلة جديدة لسنة 2021، استوحاها من قصص الحب الجميلة، كما أكد أنه سيجسد فكرة العشرينيات الهادرة بعدها.
* المصممة لوزري مليكة ل"الحوار": لولا روائع تصاميم زمان.. لما حملنا المشعل اليوم وترى المصممة، لوزري مليكة، بأن اجتهاد المصممين في الزمن الجميل سبب إبداع المصممين اليوم، قائلة: "عالم الأزياء حافل بالإبداعات والتصاميم الرائعة والمميزة، وعالم الأزياء بحر لا ينتهي.. فمنذ القديم، وهدف المصمم بارز وواضح، ودائما هناك اجتهاد لتقديم كل ما هو جديد ورائع.. فلولا روائع تصميم الزمن الجميل واجتهاد أشهر المصممين آنذاك، لما استطعنا اليوم حمل الشعلة لنكمل مسيرتنا مع المزيد من التألق والتجديد والعصرنة". وقالت مصممة الزي التقليدي: "أما عن نفسي، فأنا أسعى جاهدة لخلق تصاميم خاصة بي، ومن توقيعي، واطمح إلى ترك بصمتي الخاصة مجتهدة دائما ومحاولة اكتشاف أجرإ القصات وأحدث التصميمات المواكبة للموضة". وأضافت: "وبما أني مصممة أزياء، فمنه ما هو خاص بي محض ومن إلهامي، ومنه ما هو مقتبس من بعض المصممين العالميين". وبما أن عالم الأزياء والتصاميم شاسع، أحرص شخصيا على الاجتهاد في تطوير تصاميمي الخاصة والتجديد لإرضاء كل الأذواق". وأكدت محدثتنا أن موضة الزمن الجميل تحظى اليوم بمكان كبير ومميز، وأصبح تناولها دارجا ومرغوبا فيه لدى مختلف الفئات والأعمار.