ليس من باب الصدفة أو الاعتباط تركيز القلم على خط بعض التصرفات المشينة، أو التنبيه إلى خطورة بعض الظواهر الاجتماعية التي تدور في فلك فكر ''التمرحض''، لأن الأمر على وقوعه وقعا قذرا في النفس، واستهجانه من قبل الكثيرين، مبدأ الأمر ومنتهاه، أوليس ''الخطّابة'' وهم يهمون بانتقاء شريكة حياة لابنهم يتعمدون زيارة ذلك المكان غير المقدس في بيت ''المخلوقة'' الذي يكون فيه الإنسان في منتهى الصراحة مع نفسه، لمعرفة أخلاق وسلوك، بل وشخصية المرشحة لتكون زوجة لابنهم، وهذا ليس استنقاصا من مهام المرأة ودورها في الحياة، وإنما تلك هي ثقافتنا وذلك هو موروثنا شئنا أم أبينا. المهم الإنسان على نقصانه ''كلّ'' متكامل، يأكل الطعام ويمشي في الأسواق على حد التعبير القرآني، لأنه وبباسطة بدو بوسعادة للأكل أسبابه ومنهجه ونتائجه، كما أنه للمشي في الأسواق أسبابه ومنهجه ونتائجه، ولمن أراد الاختصار، فما عليه إلا الإدراك أن المبدأ والمنتهى، والرقي والانحطاط، والعلم والجهل، والصعود والنزول باباه ''الأكل'' و''المشي''، وليعذرني أصحاب ''اللحية'' لتطفلي على علوم احتكروها منذ قرون. ومن باب الأكل والمشي يتنافس اليوم في الجزائر ثلة من رجالها على منصب كرسي عرش البلاد، بينهم امرأة يمكن لها أن تصدقنا أو تكذبنا في حكاية ''الخطابة'' باعتبارها شأنا نسويا داخليا، له الأثر كل الأثر طردا في حسن تسيير البلاد من عدمه، فحسن تسيير البيت، والمؤسسة والحزب دليل على قدرة كامنة على حسن آخر في تسيير بلاد بطول وعرض الجزائر، ونفسية الجزائريين. والمطلوب من المرشحين الستة في هذه الأيام تنظيم جولة جماعية في أسواق البلاد، ليروا بأنفسهم ضمن ثقافتي ''الأكل'' و''المشي'' كيف أن ''البطاطا'' نبتت لها الشوارب، وكيف أن ''الطماطيش'' ''ولاّت قاورية''، وكيف أن ''الفلفل'' الذي كان يلهب كل مسار دخله في جسم الإنسان، أصبح إضافة إلى ما سبق ''ينطح''، وكيف أن ثمن السمك أصبح يضاهي ثمن القرش، رغم رابطة الأخوة من الرضاع التي تربطه مع كثير من الجزائريين الذين حاولوا قطع البحر الأبيض المتوسط سباحة، متفوقين بذلك على الفاتح الإسلامي الكبير طارق بن زياد الذي وقف عاجزا عن ''حرق'' المحيط الأطلسي بقولته المشهورة مخاطبا فيها بلاد ''بوش'' والعم سام ''لو كنت أعلم أن هناك أرضا وراء هذا البحر ما (...)''. فجميل ما يحمله الكثير منهم من برامج عرضوها ويعرضونها الآن في الحملة الانتخابية على المواطنين، لكن لهيب أسعار الخضروات في الفترة الأخيرة يجعلنا ندعوهم إلى التفكير في كل ما من شأنه تحقيق أمننا الغذائي، الوحيد الذي بإمكانه حلق شوارب ''البطاطا''، وكسر ''قرون'' الفلفل، وإنزال السردين من مرتبة ''القرشية'' إلى ''السمكية''، ونتمنى أن يكون هذا الارتفاع مؤقتا حاله كحال ''كذبة'' أو ''سمكة'' أفريل التي تحولت إلى قرش التهم الأخضر واليابس من جيوب المواطنين.