بالرغم من مواكبته للسنوات الأولى من الكفاح المسلح إبان الثورة التحريرية، إلا أن اسمه سطع في حكم الرئيس السابق الشاذلي بن جديد كأحد الوجوه الوزارية والقيادية في الحزب العتيد ويرتبط اسمه بجبهة التحرير الوطني، درَّس بالمدرسة الوطنية للإدارة ويشغل اليوم منصب عضو الهيئة التنفيذية للأفلان، عبد الرحمن بلعياط، '' الحوار '' التقته وبالرغم من أنه خصص أغلب المقابلة لإعطاء رأيه حول المسار العالق في قضية الصحراء الغربية، الموقف الفرنسي منها وأشياء أخرى إلا أنه أعطى رأيه في بعض المسائل المتعلقة بسير عمل الجبهة حاليا: الحوار: معالي الوزير الأسبق وعضو الهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني عبد الرحمن بلعياط، تعيش القضية الصحراوية مرحلة حاسمة منذ أشهر قليلة تباينت بين إيجاد الحل والعودة للحرب، كيف تنظرون إلى التطورات بصفتكم شاهدا على مراحل عديدة من مسلسل القضية العالق منذ أكثر من 3 عقود؟ عبد الرحمان بلعياط: في الحقيقة قضية الصحراء الغربية مرتبطة ارتباطا وثيقا بحق تقرير المصير الذي يمنحه القانون الدولي ولوائح ومقررات الأممالمتحدة واللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار، وهذا الحق الذي واكب أغلب محطات الكفاح العادل في القرن العشرين وما يزال متبنى من طرف الأممالمتحدة . ومن الضروري إضافة أن هذا الحق قد طبق وبدون استثناء، فقد جرى تطبيقه علينا وعلى كل العرب وبلدان المغرب العربي وكل الشعوب التي أبدت رغبتها في الحرية عبر كفاحها العادل ومن المؤكد أيضا أن نشدد على أن هذا الحق سالف الذكر، ألا وهو حق الشعوب في تقرير مصيرها لا يمكن أن يغيب أو أن يطمس أو يلغى بسبب مشاعر الأخوة والجيرة مع أشقائنا في المغرب الأقصى، ولهذا فنحن نقول إن حق تقرير المصير لا يسقط بالتقادم، والأكيد أيضا أننا لا نكن العداوة لأولئك الذين يتنكرون لحق تقرير المصير وإنما نعيد ونكرر دائما أن الشعوب والأمم التي تود تقرير المصير لن تنال هذا الحق بالتمني لأن الحقوق بنظرنا لا تنال إلا غلابا ولا تؤخذ بالتمني، ورغم أن حراك الواقع يثبت وجود شعب صحراوي مكافح منذ أزيد من قرن ضد الاستعمار الإسباني والاحتلال المغربي ولديه اليوم اعترافات من طرف عشرات الدول، يبقى في المقابل الطرف الآخر وهو نظام المملكة المغربية الذي يماطل ويؤخر ويدير الظهر إلى كل طموحات الشعب الصحراوي وشعوب المغرب العربي، وهنا ندعوهم للاستفاقة والعودة للحق وللقرارات الشرعية الدولية، كما أننا نرجو أن يصاحب أصحاب الذكاء والبصيرة الإخوة في المغرب وينتهي الأمر بآفاق واعدة للجميع. ونود القول أننا نكرر للأشقاء في المملكة المغربية أن الجزائر بشعبها وبتنظيماتها ولا أي شخص يمكنه أن يدير ظهره لهذا الشعب الذي يعيش نصفه مشردا في أماكن اللجوء هنا وهناك ويقبع نصفه الآخر تحت وطأة التعذيب اليومي. معالي الوزير، ما رأيكم في الاتهامات المغربية للجزائر التي تحاول الزج بها كطرف يحاول الهيمنة على المنطقة والاستفادة من ريوع اقتصادية؟ المغاربة يعرفون جيدا من نحن ومن أين أتينا، والكل في بلدان العالم تقريبا يعرف العقلية الجزائرية وكيف يقف ضد '' الحقرة '' ولو ضد القوي، هم يعرفون ثورتنا على ماذا قامت، وهم يعرفون أن الكثير من الدول دعمتنا، هم يعرفون أيضا الفلسفة السياسية التي قامت عليها الدولة الجزائرية في دعمها لحق الشعوب في تقرير مصيرها، وكيف دفعنا فاتورة زادت عن عشرات الملايين من الشهداء عبر 132 سنة من الاستعمار، نحن لا '' نقبل الحقرة '' عليهم أن يفهموا هذا، ونحن على مر السنين وكما ترى ندفع فاتورات باهضة نتيجة الاستماتة في الدفاع عن فلسطينالمحتلة، تيمور الشرقية، أنغولا، جنوب إفريقيا، وقد رأيتم الزعيم والرمز التاريخي ل '' الأينسي '' (حزب المؤتمر الوطني) الجنوب إفريقي نيلسون مانديلا كيف ألح أن تكون أول زيارة له للجزائر بعد أكثر من عقود على سجنه من طرف نظام الابرتايد، والكل يعلم كيف عاش بيننا فرانز فانون، وكيف كان '' تشي غيفارا '' وكل الأحرار يقدرون الجزائر على مواقفها الثابتة وكيف تآمر البعض علينا في سنوات الأزمة، وأود التركيز في رسالة للإخوة في المملكة المغربية أننا لم ولن نقبل أبدا أن تكون سبتة ومليلة أرضا إسبانية تهيمن عليها القوات الملكية الإسبانية، ونعيد القول للمرة المليون إن سبتة ومليلة أرض مغربية يجب أن ينتهي بها الاحتلال، في ذات السياق نقول إن جبل طارق هو أرض إسبانية تابعة للجزيرة الإيبرية ونتساءل ما حق بريطانيا هناك، والظاهر طبعا أن هذا تجسيد لموازين القوة، وهذه الأخيرة غير ثابتة وتختلف عن حقوق البشر والأمم، والأكيد أننا نملك مبادئ، أما الدول العظمى فتحكمها هذه الموازين الخفية في غالبها، يبقى القول إننا من الناحية الأخلاقية والسياسية والدبلوماسية، ليس لدينا أي حرج في مواصلة الدفاع عن مبادئنا، سيما وأن حق الشعوب هو الذي سينتصر في الأخير. عايشتم أيام الثورة، حكم الملك الراحل محمد الخامس وعايشتم كل مرحلة حكم الملك الحسن الثاني، البعض كان يقول أن هذا الأخير هو من افتعل المشكلة وأنه لو بقي حيا لحلت المعضلة، ما رأيكم؟ في اعتقادي الشخصي، أنه صحيح بأن للشخصيات دور مهم في حياة الأمم في جانب تأثير '' الكاريزمة '' ويمكن أن يتواصل مع الشخصيات الأخرى، وهذا يؤدي للقول إن الشخصيات التي تخلفها يمكن أن تكون وليدة عصرها، والمؤكد أيضا أن المسؤولية لا يمكن أن نتذرع بأن ما قبلنا قد كرسها، إذاً المسؤولية تقع اليوم على المسؤولين الحاليين في المغرب الأقصى وبدرجة أقوى على الملك محمد السادس وإذا كان رجل عصره لا بد وأن يفهم أنه لا مناص من منح الصحراويين حقوقهم. يربط الكثير المسلسل العالق في مسار قضية حل القضية الصحراوية بالموقف الفرنسي الموالي للمملكة المغربية وبلا هوادة، هل ترى تغيّرا منتظرا مع الرئيس ساركوزي الذي كسر الكثير من الطابوهات؟ في اعتقادي أن فرنسا الرسمية، ومنذ أكثر من 50 سنة لها سياسة في مسار واحد وعندما اندلعت قضية الصحراء الغربية لا الرئيس بومبيدو ولا الرئيس جيسكارديستان ولا الرئيس جاك شيراك ولا حتى الرئيس الحالي يقومون بانتهاج سياسة واقعية بمفهومها الإيجابي، وأعتقد أن ما أطال إيجاد حل لقضية الصحراء الغربية هي الضغوط التي تأتينا من الدول القوية في المنطقة، وفي اعتقادي كذلك أنه من المؤسف أن السياسة الخارجية الفرنسية قد فقدت كل المبادئ التي تغنت بها الثورة الفرنسية عام 1789 من حرية وعدالة وإخاء وغيرها وإعلان مبدأ حقوق الإنسان. لكن رغم هذا كله فالحقيقة لا بد أن تفرض نفسها عبر الشعب الصحراوي المكافح وقيادته ويجب التوضيح أن هذا الكفاح ليس مقتصرا على البندقية رغم أهميتها، لكن يمكن أن يؤخذ ويعزز بوجهه السياسي والدبلوماسي وأن الله تعالى لن يخيب هذا الشعب مهما طال الزمن وفرضت السياسات وفي ثورتنا أحسن دليل. معالي الوزير عبر معايشتكم لهذا النزاع الممثل لآخر قضية تصفية استعمار في إفريقيا، على ماذا تأسفون؟ ما يؤسفني حقا، هو تلك العشرات من السنين التي لم ينصع فيها المغرب الرسمي لمقررات الشرعية الدولية، وإلا فلك أن تتصور بناء صرح مغاربي من المحيط الأطلسي والحدود السنغالية إلى حدود المشرق العربي والسودان نجتمع فيه كلنا بما فيها الدولة الصحراوية المستقلة، والأكيد أيضا أننا نتفاوض اليوم بكلمة واحدة مع الآخرين من موقع قوة في مشاريع مهمة مثل المطروحة حاليا والتي ستنعكس وبلا شك على الأجيال القادمة. ننتقل معكم لو سمحتم للنقاش الدائر في الأفلان، لماذا عبرتم في العديد من المرات عن رفضكم لتسمية المجلس الوطني والهيئة التنفيذية؟ في الحقيقة ومنذ المؤتمر الثامن الجامع، عبرت عن رفضي لهذه التسميات، ودعوة الإخوة المشرفين في قيادة الحزب للرجوع إلى التسميات القديمة وهي اللجنة المركزية كأهم هيئة بين مؤتمرين والمكتب السياسي، وكما تعلم فتركيبة المجلس الوطني تحتوي اليوم على أكثر من 500 عضو يستعصي في غالب الأحيان جمعهم في لقاءات طارئة وحتى في دورة عادية نشعر أنه من الزائد عن اللزوم وجود أكثر من 500 عضو، عكس ما كان متواجدا في اللجنة المركزية التي كانت تضم من 250 إلى 270 عضو، وفي اعتقادي أننا نتمنى العودة للصيغة القديمة في المستقبل القريب. ألا تعتقدون أن تحديث البرنامج وفق الطرق الديمقراطية جاء لتطوير آليات عمل الحزب، والرد على أولئك الذين يتهمونكم بالتسيير الاشتراكي والعمل وفق برامج المنظومة القديمة؟ هذا ليس صحيحا، مشروعنا هو المشروع المستمد من بيان أول نوفمبر، هو المشروع الذي حرر البلاد... وهو المشروع الذي درس أولئك الذين ينتقدوننا، فهل ينكر الأباء فضل الجبهة في تدريس أبناء الفلاحين والمعوزين والكل يعترف اليوم مع أزمة العولمة أن التسيير الاشتراكي منح الطب المجاني وشيد المدارس وبنى المستشفيات ومنح الطلاب المنح، هل ينكرون أننا ساعدنا حتى الدول الفقيرة، واليوم حقيقة قدراتنا وإمكانيات الدولة أصبحت قليلة، لكن هذا لا يجب أن يكون دافعا للشباب للحرق والتكسير للمتلكات العامة إذا لم توفر لي الدولة مسكنا أو عملا، وصحيح أن هناك نقائص قد لا نتفق وكما عبرت لك فأنا لا أتفق أحيانا في بيت الجبهة على أشياء وأتفق مع أخرى، لكن هذا لم يدفعني لحمل حقائبي والمعارضة من الخارج وتكسير الممتلكات التي بنيناها وأشرفنا عليها. - مشروع الأفلان ما يزال صالحا لمئات السنين لأنه الوحيد الذي يراعي المطالب الاجتماعية وهو بحاجة للإثراء فقط أما رسائلي للآخرين، فأود القول هل ينكرون بأنهم عجزوا عن تقديم البديل للمشروع الوطني!! الجبهة بنت المنشآت ودرست الأجيال ووو.... وهم ماذا فعلوا... '' الجبهة '' أثبتت التداول على المنصب وهم ألم يتداولوا إلا بعد موت الزعيم، وأود أن أفهم أكثر ماذا جاءت به هذه المشاريع الأخرى هل هو كلام فقط؟ هل هي سنوات الدم والحرق والتعدي على الحريات؟! علينا الخروج سوية في جولة لنعرف ماذا حقق مشروع جبهة التحرير الوطني في أرض الواقع وإلا فلا داعي للوقاحة السياسية...