المعنى في بطن الشاعر وحده الناقد ''يحمّل'' النص ما لا يطيق..وحده الناقد ''المتحامل'' على بصيرةٍ يصرُّ على هذا ''التحميل'' من خلال التأويل بنظّارات الرائي وعدسات روح العصر الملبّسة تلبيسا اصطناعيّا.. لو أن البردوني يقرضني بيته المشهور قرضا حسنا لمدة شهرين أسكن فيه ..فأستبدل صنعاء بالنظريّة، و متاهات النص بطلاء براق يحسب الناقد أنه هو، ثم أغمض عينيّ لحظة لكي أعطي فرصة للدارسين لعلهم يضبطوا الرؤية الملوّنة للكون عند شاعر مُبصرٍ بغير ما يبصرون .. كيف تنحاز سيمياء التمويه البصري عن بعدٍ لانشغالاتها التنظيرية، فتؤلف بلا استئذان ما يصبح نظّارة سوداء للمبصرين، و تضع بدون حدود و دون التأكد من تحذيرات الاستعمال، أوليّات التفكير المستورد من أقبية الانهماك الغربي في النظر إلى الأشياء من زاوية تكاد تكون هي نفسها منذ أن كان الغرب مدوّنة استهلاكية قابلة للقضم الفوضويّ من طرف مفكري الثلث الأقرب إلى السقوط في ترتيب بطولات العالم للمرئيات.. آه يا بشار يا ابن برد..أيها الرّائي المتقدم بلا عينين مأكسدتين باستراتيجية الأشعة تحت الحمراء،و العتبات المحوّطة بتعاويذ العم سام وأسرار ''الدّانفشي كود''..أما آن لك أن تعود لقيادة المبصرين (من الشعراء طبعا)لا يلْوون على شيء سوى على ما يمكن أن يكون بالنسبة إليهم صورةً مركبة الأبعاد لا تستطيع العدسة التنظيرية أن تصف بلاغتها الموسومة بنور القلب.. المعنى في بطن الشاعر.. و قد يصعد المعنى إلى الرأس متخفيًّا في كيمياء فيروسيّة لم تعرفها المقولة الصمّاء، و لم يصطدم بها حامض ''الأستيل سليسيليك''و هو يطارد بعضاً من صداعٍ ناتجٍ عن تدوير زائد على اللزوم لنغمةلم تنلْ رضا الشعراء في ليلة شبيهة بليلة امرئ القيس و هو يحاول أن يفصل بين الحقيقة و المجاز في دهاليز المعركة الفرويدية القاتلة بينه و بين أبيه.. لو أن الوقت كان يكفي لإعادة قراءة ما أدركه البردوني قبل غيره في المقولة الخاطئة التي مؤداها أن الذات قد تُقسِّم نفسها تحت جنح الظلام، و أقبية الغفلة، و أحذية الساسة المتمدرسين عن بعد في ''جامعة باتريس لوممبا''، المقتنعين (وفقا للمنهج الماديّ التجريبي) بأن الخلية الواحدة آيلة لا محالةَ إلى الانقسام تحت وطأة النشيد الأممي، فيصبح الوطن وطنين، والشجن شجنين، واليمن يمنين.. آه لو أن الحكم (النقدي) آل إلى الشعراء..هل كانوا سينتهون جميعا إلى ما انتهى إليه المعتمد بن عباد؟ الناقد لا يراك... الناقد يريد أن يُريك ما لا ترى..وكفى بحكمه شهيدا على عمق ما تكتب و سطحية ما لا تعي.. و لا مهرب من الإحالة: - عليك بالكتابة، و عليه ب''القراءة''، - عليك بالنص، و عليه بالتأويل.. لا تضف كلمة الخبز في دهشة نوّار اللوز الهارب ذات نسيمٍ ربيعيٍّ متقلّبٍ شيءٌ من''تُوَيجاتٍ'' تساهمُ في إضفاء الحساسية المفرطة على إغماءة المتسوّقين في أروقة الحداثة ، المشرفين على توزيع غبار الكاكاو و بعضٍ من السكر والزيت على مبدعي العالم الثالث الفقراء إلى أنفسهم.. - لا تضِفْ كلمة ''الخبز'' حتى لا تُذكِّر المهووسين بما قاله محمود درويش في قصيدةٍ مغنّاة تكاد تشبه الترجمة الخائنة للنشيد العالمي للعمال المذكور في الفقرة السابقة.. - آه يا بشار ..يا ابن برد ..كيف يمكن أن ترى بلا عينين، و ''تناضل'' بلا عنوان في إيصال المبصر إلى مقصده، و الناقد إلى مبتغاه..؟ - (أعمى يقود بصيرا..) تقول لي..أليس كذلك.. كيف يمكن للخبز أن يكون رمزا للجوع، و للظلمة أن يكون رمزا للنور.. و للشعر(أقصدهما معا) الموءودة الغجري أن يكون رمزا للثورة التجديدية المتكوّرة في دهاليز عصر الانكشار الإبداعي؟ و متى كان النضال رمزا لضياع الوطن؟ هل كان البردوني يمدح أم كان يهجو عندما قال من ضمن ما قال : (يمانيون في المنفى==ومنفيّون في اليمنِ جنوبيّون في صنعا== جنوبيّون في عدنِ..)؟ لعلّه كان يمزح ..أو لعلّه ، وهو العمودي المحنّك، كان يؤسس لغرض جديد في الشعر لم يسبقه إليه أحد من قبل..كيف يمكن أن تكون منفيًّا في وطنك..لا غريبا كما يقول أبو حيّان التوحيدي.. لكي تكون مواطنا حداثيا.. (و لا تحتاج بعدها إلى وطن تشعر فيه بالاختناق، و قصائد تشعر فيها بالغربة)..ثمة علامات لابد أن تهتدي بها..تتلبسها و تتلبّسُك.. لا تخرج عنها و لا تحيد.. تُدخلك في فقه التأويل المعاصر المبني على رؤية الشيخ (غدامير بن ...) للحادثة النصيّة، جزئية كانت أو كلية، وهي تتوغل في نفسية القائل توغلا لم ينتبه إليه أحد.. ها أنت إذن فيلسوف.. تتبوّأ مقعدك من النص.. و تحاول أن تقترب من ''عرشه''.. بما تمكّنتَ منه من خطابات متحركة كزئبقٍ مائلٍ إلى فرضيات تأويلية تكاد تَحُول من كثرة الاستعمال في مخابر التنظير.. -هل أنت مجازف فعلا..؟ -و هل النص بناء متجانس لا يلوي على شيء سوى على تفكيك لطيف لوحداته المندسة في مخادع المعنى..؟ إذا أجبت بنعم.. فستكون قد اخْترتَ الطريق الأقصر للوصول إلى فاكهة النص، وعصارة الأعاصير..ومرحبا بك في عالمنا..عالم القارة السابعة..حيث يصبح المكان زجاجةً عنكبوتية متحركة العينين، متصلة بخيطٍ يرى من على بعد ''ثلاثة أيام''.. كل يوم مقداره وجعُ الحروف المصكوكة على لوحةٍ كيبوردية'' واقعة تحت بطش الأصابع المهووسة بتلقّي الأوامر من منطقة عليا من الجسد المتهرئ في زمن الكتابة بغير حبرٍ، و لا ورقٍ، و لا دواة.. - هل (أتتك الأخبار يا متنبّي) بأن المرء بإمكانه أن يُعرَف و يموت بغير ما ذكرْتَ في بيتك المشهور؟و أن زرقاء اليمامة لم تعد ترى أكثر ممّا يراه الرائي في (اليوتوب)و هو يسترق النظر خلسة عبر منافذ (الويب-كام) إلى العالم السفليّ للوطن المصلوب بين الدهاليز المظلمة لمملكة الشعراء و التشكيلات الضوئية للمفرقعات ليلة استقلال إمارات ملوك الطوائف عن شعوبها؟ هل تستطيع القصيدة أن توحّد بين من فرّقهم الهواء؟ وهل بإمكان التحدّث إلى فَرَس اللغة الجموح أن يُعيد الفتى العربي من منفاه الاختياري ذي المنزلة الربيعية الدائمة، إلى الوطن المُصَبَّر في علبة كبريت قابلة للانتقام من وهمِ حملٍ كاذب لا زال يُشكّل لها مغصًا مستديماً في البُطين الأيمن للقلب؟ لماذا أغنيك أغنية الحبّ العربية المعروفة و قد فُقِئَتْ عيناها المكحلتان بالثّمد الحزين في ليلة زفاف دموية..؟ لو أن الغابة لم تتحرك أصلا في ذلك اليوم الذي اقتُلعتْ فيه أشجارُ عينيها المغروسةُ في القلب من طرف قائد سكوتلنديٍّ ''لم تلده أمّه''..و لو أن ''ماكبث'' لم يصدّق نبوءة السّاحرات أصلا.. -"لا تكن ممن يدفعهم الأمل و يمنعهم الخوف". هكذا كانت تقول امرأة القائد وهي تحاول أن تقنع زوجها بالوصول إلى سدّة الوطن كما يصل الشّعراء المبصرون في ليلة صيف حالمة إلى سدّة البياض الأزورديّ من أجل الحصول على منصب شاغر في موقعِ مَجْدٍ افتراضي.. يومٌ آخرُ من أيام العرب الشعرية.. كانت تكابده ''حذامِ'' و هي تحذّرُ من نوم قومها المستأنسين بيقظة القطا في صحراء الروح المنسية في مواقع التدليل على صحة القاعدة النحوية .. هل تتسع مساحة الوطن لجرحٍ نحويٍّ آخر يصبحُ شاهدَ إثباتٍ على صحة المعنى و خطإ التفوّه بما لا يمكن أن يقال؟ يداك لم توكت .. وفوك لم ينفخ بإمكانك أن تقول ما تسمع، و تتبنى ما يصلك على جناح السرعة مما يجري من حولك..أجِبْ عن الأسئلة الشائعة، و ادخِلْ بريدك الالكتروني في قائمة المرشحين للنّوم المُراقَب في مخادع المكالمات المدسوسة لمدةٍ كافيةٍ بعد انقضاء زمن الاستعمال (علّ و عسى).. و ترقّبْ بعد ذلك، وصولَ ''الدّانفنشي كود'' على عنوانك المبوّب تبويباً جينيًّا وفق الترتيب الألفبائي للحمض النووي الدّال على مكان تواجدك ليلة القبض على مشاعرك المكحّلة بجراحات زرقاء اليمامة.. ستُمكّنك ''كلمة السرّ'' من الدخول إلى عالم المعنى المُنظَّر له سلفا..و تُمكّنك من إدراج مواضيع جديدة،و التعليق على مواضيع قديمة لأصدقاء لا تعرفهم..و أنت قادر إن كنت حذقا على الظفر من أحدهم بتأشيرة الهجرة الافتراضية إلى عالم الإبداع المكتوب في زمن استهلاكه دون أن يكلّفك ذلك احتمال الغرق في قنّينة همّ و أنت تحاول الإبحار فوق جلدِ ماعزٍ مثقوبٍ للوصول إلى الضفّة الأخرى حيث يبدو باطن المعنى أكثر عُرياً و ظاهر المساحات النصيّة أكثر اخضرارا.. يداك لم تُوكِتْ.. و فوكَ لم ينفُخْ.. و لا فرق بين زمن الكاتب وزمن القارئ.. و حتى إشكالية التنظير ل''لسّارد و المسرود'' هي مجرد وهم قِرائيٍّ لا يتجرأ على إرجاع براءة الاختراع إلى عجوز عارية الصدر،ضامرة الثديين، مهضومة الحقوق أعيتْ كلود ليفي ستروس من الجري داخل المتاهة الأمازونية كالفأر الأجرب من أجل الوصول إلى قطعتيْ فِكرٍ صارتا قرينتين دالّتين على مفهوم ''الاختلاف''، إحداهما نيّئة و الأخرى طازجة، و نبّهتْ قومها منذ آلاف السنين،و مباشرَةً من عمق أدغال الفكر الإنساني -تماما كما زرقاء اليمامة - إلى أن أيّة قصة (خرافية طبعا)يجب أن تكون مرتبة ترتيباً وظائفيًّا من 1 إلى 31 وفق ما اكتشفه، بعدَ لأْيٍ ، فلاديمير بروب لاحقا،و أن أيّ خلط في الترتيب إنما هو خيانة للنص الأصلي أراد من خلالها الناقد أن حشر نفسه حشرا، و''تحميل'' النص ما يطيق، بإزاحة رواية الكاتب الأصلية و استبدالها براوية ''الراوي". منذ أن نطق لسانك ب''الفونيم الشعري'' و أنت تعرف أن النص حمّال أوجهٍ، و أن التأويل ''حمارُ النقّاد''. فلماذا الهجرة إذن؟ سيّانَ لحظةُ الولادة بين أحضان صفحة إلكترونية منشورة على العالم بأسره، و لحظةِ الموت بين أحضان امرأةٍ حلالٍ تغارُ من بطلة قصة قصيرة جدا كتبت مسارها السردي في أقصر ما يمكن أن تكون عليه اللغة و هي تتزيّن بال''ق.ق.ج'' فجاءت هكذاْ )وُلدت و ماتت( بصيغة المبني للمجهول طبعا.. مما يضفي على المسار السردي نوعا من العجائبية السحرية التي لم ينتبه إليها غارسيا ماركيز في ''أعوام عزلته'' التي لم تنته بعد، على الرغم من انتهاء المنبع الذي اكتشف من خلاله أن الواقع بإمكانه أن يكون سحريا كذلك، و أن عوالم التخييل الافتراضية بإمكانها أن تُقصّر المسافات الطويلة بين الكاتب المقتول و الناقد القاتل.. الأكيد أن بين الفعلين المبنيين للمجهول مجاهلَ امرأةٍ تترك للقارئ نسجَ احتمالات مآلاتِها اللامتناهية وفق ما تشتهيه نفسه التوّاقة إلى التشويق يتورم المعنى من شدة الاستعمال قتلتني عادة النقر على الأيقونات.. واستهوتني المشربيّات الدمشقية في الحارة القديمة ذات الأبواب الأبنوسية المنقوشة..ماذا أقول لغيري عندما يقول لي: لِمَ تقول ما لا يفهم؟ هل أستعير الإجابة الجاهزة من أبي تمام وهو يحاول أن يكون المرآة المعكوسة لقارئ متعطش للوصول إلى ''مسارب'' المعنى بدون طاقية إخفاء، ولا إذن إيديولوجي مسبق ؟ عفوا ..يا أبا تمام.. أنت مبصرٌ و لست ضريرا..و لو كانت من عند هوميروس لكانت أولى بالتوظيف في هذا السياق..و رغم ذلك.. فهي رؤية احتمال، و إمكانية تحقيق.. و استفاقة دائمة من نوم الذاهبين إلى زرابي مفروشة باللغة المنسية.. يجاهدون من أجل الوصول إلى معناك دون تقيّة ملفّقة بنفاق الكتابة، و دون قناع شفاف كأنه الحقيقة.. هل يحمل النص و هو يتماهى في مسافاته المتوارية هجرتَهُ إلى العالم الآخر من دون تأشيرة مصادق عليها من طرف جمرُكيّي التأويل، ومن دون طاقية إخفاء لوثائق الحرف المكتومة؟ يتورّم المعنى من شدة الاستعمال..وتبدو في خبايا روحه الكدمات الزرقاء و التأوّهات المتتالية في يمامة النص..نرى عذاباتها الافتراضية تقترب بلونها الأخضر، ولا تبوح بالهمّ.. هناك.. في موقعٍ ما من شرخ النظرية تحميلٌ مجّانيٌّ لآليات التأويل، وجدول''المتعاليات الفكرية''..تجعل منك فيلسوفا عصاميا خلال شهر على الأكثر، لن تكون فيه مجبرا مثلي على اقتراض بيت البردوني المشهور .. فإذا كنتَ مسجلا، وتلقيتَ في بريدك الإلكتروني كلمة السّر..اضغط على هذا الرابط.. وابدأ التحميل الآن...