الحديث عن وضعية الأطفال في الجزائر ذو شجون، فالجزائر التي تحصي في صفوف مواطنيها 9 ملايين و600 ألف طفل أي ما يعادل 30 بالمائة من المجموع السكاني، تفتقر إلى إستراتيجية واضحة في مجال حماية حقوق الأطفال، لأن مسؤولية هذه الشريحة المهمة من المجتمع تتقاذفها عدة وزارات، مما دفع برئيس الجمهورية في سنة 2006 إلى تكليف وزير العدل حافظ الأختام بإعداد قانون خاص بالطفولة. حيث أنشأ لجنة خاصة تتكون من مختلف القطاعات الوزارية أعدت تقريرا خاصا بتعديلات التشريع المتعلق بحماية الطفولة، والذي يهدف إلى خلق ميكانيزمات جديدة تكفل حقوق الأطفال المحرومين من الأسر أو المعرضين لخطر معنوي، كما استحدث لأول مرة يوم وطني للطفل. إن اعتبار الفاتح من جوان اليوم الوحيد الذي تطرح فيه قضايا الطفل بجدية يعد غير كافٍ للاهتمام بقضايا الأطفال على المستوى الوطني، وما أكثرها، بدءا من تفشي ظاهرة التشغيل العشوائي وسوء الاستغلال، حيث تحصي الجزائر رسميا وجود 300 ألف طفل في سوق العمل، في حين ترجح منظمة اليونيسيف وجود أكثر من مليون طفل عامل ببلادنا ينشطون في مجالات شتى منها بيع السجائر، المخدرات وحتى الدعارة. وهذا ما يقود حتما إلى تفشي ظاهرة أخرى تعصف بمستقبل أطفالنا ألا وهي التسرب المدرسي، إذ يهجر مقاعد الدراسة سنويا أكثر من 500 ألف طفل بسبب الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشون فيها. أما من حيث الرعاية الصحية فتشير الإحصاءات إلى أن 30 ألف مولود جديد يتوفى سنويا بالجزائر أي ما يمثل 45 حالة من بين كل ألف مولود، في حين يعاني أكثر من 30 بالمائة منهم من سوء التغذية. وضعية الأطفال في الجزائر، حسب الأخصائيين، تحتاج إلى إستراتيجية واضحة المعالم لحماية شريحة الأطفال التي تقدر بثلثي السكان، خاصة مع بروز ظواهر جديدة طفت مؤخرا على سطح المجتمع كإدمان الأطفال على الانترنت وغرف الدردشة الإلكترونية وما يترتب عنها من أخطار، وكتفشي ظاهرة الاعتداءات الجنسية على الأطفال والاختطاف والاحتجاز، ناهيك عن انتشار الإدمان في أوساط الأطفال وحتى الانتحار..... ظواهر كانت كفيلة بأن تدفع الأخصائيين إلى دق ناقوس الخطر والالتفات بجدية إلى مشاكل جيل الغد، وإلقاء الضوء على أوضاع الطفولة ببلادنا ونحن نحتفل بعيد الطفولة المصادف للفاتح جوان من كل سنة.